لا مقاومة جذرية دون شبكة مقاومات ودفاع ذاتي في المحليات على رأس مهامها: السيادة على الثروات والموارد ووسائل الإنتاج وإسقاط مسار الانتقال الديمقراطي.


بشير الحامدي
2020 / 11 / 16 - 19:21     

في 17 ديسمبر لم تبحث الجماهير عن الأحزاب لتنخرط فيها لتحقيق مهمة "يرحل بن علي" أو لترفع شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" وبقية الشعارات... وقتها كانت مسألة تحقيق هذه المهام مقترنة في أذهان الأغلبية بتأسيس انتظاماتها الأفقية الذاتية التي تحققت حتى بصورتها الجنينية غير المتينة عبر اللجان والمجالس التي ظهرت وقتها والتي بحكم عوامل عديدة لا يمكن الرجوع إليها في هذا المقال انفرط عقدها بعد مؤتمر نابل في 9 و10 أفريل 2011 وكما في 17 ديسمبر فإن الأغلبية اليوم أو جزء كبير منها فقد ثقته في الأحزاب يمينها ويسارها ولم يعد يرى فيها غير مجموعات أشبه باللوبيات تتنافس فيما بينها من أجل التموقع والسلطة ولا صلة لها بواقع الناس وبمطالبهم ولا تطرح حلولا حقيقية للقطع مع الأوضاع السائدة فكلها تسكت عن مسألة المديونية وتسكت عن مسألة المحاسبة وتسكت عم مسألة السيادة على القرار والسيادة على الموارد وتسكت عن الحلول الجذرية لمسألة التشغيل ... الأغلبية فقدت ثقتها في الأحزاب ليس لغياب برامج لهذه الأحزاب فالبرامج موجودة في المكتبات والرؤوس منذ سبارتكوس ـ بل لعدم قدرة هذه الأحزاب سواء منها التي تحكم أو الي تقول عن نفسها أنها في المعارضة على أن تعبر عن مصالح هذه الأغلبية التي صار وضعها لا يحتمل على كل المستويات...
الحركة الاحتجاجية اليوم ليست كما هي في الطور الأول من الانتقال الديمقراطي لقد حدث تطور في الأشكال وفي المحتويات والمطالب ويمكن القول أن المسألة في وعي الناس لم تعد مسألة متعلقة بالحريات بصفة عامة لقد صارت متعلقة بالخبز والسيادة أيضا وهذا هو التطور الذي حدث و أشرنا إليه وإقترن بفقدان الأغلبية الثقة في الأحزاب: أحزاب النظام و أحزاب معارضاته بكل أصنافها.
خطوة كهذه من المؤكد أنها في بدايتها وقد تستمر على حالتها الجنينية أشهرا وحتى أعواما تتقدم وتتأخر تحقق القليل القليل من مطالبها أحيانا وتقمع أحيانا أخرى ولكن ترددها هذا وأخطاؤها و إنحصاراتها الجهوية والمناطقية والقطاعية ربما لن ينتهي إلى لا شيء إنه ذلك المسار الناتج عن عدم توازن القوى المستمر منذ عشر سنوات. ستنتهي الحركة الإحتجاجية المطلبية وعبر فاعليها على تنوع منطلقاتهم ومواقعهم الطبقية ومناطقهم إلى وعي ضعفها واستخلاص النتائج من تجاربها الملموسة . ستنتهي الأغلبية وعبر تجربتها الخاصة إلى وعي ضرورة الانخراط في السياسة لمصلحتها هي المتناقضة مع سياسات السيستام وبقدرتها هي عبر تنظمها الذاتي المستقل وتوحدها على تحقيق مطالبها...
لذلك ستبقى كل الإحتجاجات المطلبية تراوح في نفس المكان وتعيد إنتاج أخطاء المحاولات السابقة إن لم تتصد لمعالجة مسألة تجاوز المناطقية ولم تصهر جهود كل المعنيين بتغيير الوضع جذريا في مشروع للمقاومة يصهر نضالات ومطالب كل قطاعات الأغلبية ـ الخدامة والبطالة والطلبة والتلامذة وربات البيوت والحرفيين والموظفين في حركة موحدة وانتظامات للمقاومة مستقلة في أحيائهم في معاملهم في قطاعاتهم في إداراتهم وحيث هم من أجل فرض حقوقهم كأغلبية على أصحاب النفوذ السياسي و الاقتصادي و الإطاحة بهم وبدولتهم دولة الانتقال الديمقراطي وبشرعيتها وقوانينها وأجهزتها ومركزيتها ومؤسساتها. وكل سياساتها.
المطروح اليوم هو أن تنتظم الأغلبية باستقلالية في الجهات وتحويل هذه الانتظاميات إلى شبكة مقاومة وإدارة ودفاع ذاتين موحدة وليس المطلوب أن ينتظم عشرات الآلاف في البداية فمجموعات صغيرة في كل قطاع وفي كل بلدة وفي كل مدينة وفي كل جهة في البداية تكون كافية للتأسيس لهذه الشبكة المقاومة ذاتية التنظيم وخطوة كهذه وفي هذه الظروف أفضل من ألف برنامج ومن ألف مبادرة وألف تحرك يعيد إنتاج نفس أعطاب التحركات السابقة.