الشيوعي العراقي ورحلة البحث عن منقذ -من السيد الرئيس الى السيد القائد-القسم الثالث


قاسم علي فنجان
2020 / 11 / 14 - 23:42     

((كم تمنيت أن يكون البعثي على يميني والشيوعي على يساري)) احمد حسن البكر.
نسي الحزب الشيوعي العراقي تلك المجازر الدموية، التي نفذتها زمر البعث، بمساعدة الإسلاميين وفتاواهم "الشيوعية كفر والحاد"، السجون والمعتقلات امتلأت بالأعضاء والكوادر الشيوعية، نسي الحزب الشيوعي انين وتأوهات المعتقلين جراء ممارسات التعذيب الوحشي، نسي كل تلك الالام والفواجع وذهب الى الجلادين البكر وصدام ليتحالف معهما تحت راية واحدة، في مازوخية لا تصادفها كثيرا في الحياة، لكن تجدها تتكرر عند هذا الحزب، فعبد الكريم قاسم كان قد نكل بهم بشكل شرس، وأعدم واعتقل المئات منهم، الا انهم الى اليوم يرونه في القمر، وحتى عبد السلام عارف، اعتبرت اللجنة المركزية المجتمعة في براغ 1964 اعتبرت فترة حكمه "تحولا إيجابيا"، رغم حملات القمع والتصفية والاعتقال الذي مارسه عارف بحق الشيوعيين، ومساعدته للبعثيين بعمليات القمع، اما الرفيق صدام حسين الذي فاق كل حدود الاجرام بحقهم، فكانوا يطلقون عليه لقب "كاسترو العرب"، واليوم هم يتحالفون مع احفاد واتباع صاحب الفتوى الشهيرة "الشيوعية كفر والحاد" التي اباحت قتلهم، والتي هي الى اليوم قائمة، وبالإمكان تفعيلها في أي وقت، ثم الى مجازر بشتآشان التي قام بها الاتحاد الوطني الكوردستاني، وبعد ذاك يجلسون مع جلال الطالباني ويتضاحكون فيما بينهم.
نقل تلفزيون العراق احتفالية التوقيع على ميثاق "الجبهة الوطنية"، البكر مقابل عزيز محمد، البكر يقول ((انه تحالف استراتيجي وليس تكتيكيّـاً)) وعزيز محمد يقول ((نأمل ان يتطور التحالف الى مستوى اعلى)) وجاء في بيان اعلان الجبهة ((ان انبثاق الجبهة الوطنية والقومية التقدمية يشكل نقطة بارزة ومشرفة في مسيرة العمل الجاد والمخلص والشامل لتكاتف الأحزاب والقوى الوطنية والقومية التقدمية)) حصل الشيوعيون على وزارتين بتحالفهم مع البعث، بمقابل التأكيد على الدور الرئيس للبعث في قيادة الجبهة، تعهد الحزب الشيوعي العراقي بعدم العمل في المؤسسة العسكرية، وحل التنظيم العسكري، ويتعهد البعث بعدم التعرض لقيادات الحزب.
كان الشيوعيون يتغنون بهذا التحالف، حتى انهم اقاموا مؤتمرهم الثالث 1976 بشكل علني، وقد حضر المؤتمر قيادات بارزة من حزب البعث، وفيه أطرى زكي خيري في كلمته الافتتاحية التقدم الذي حدث تحت ظل البعثيين منذ توليهم السلطة وقال ((تعميق هذه المسيرة من خلال التعاون مع حزب البعث العربي الاشتراكي، والحكومة الوطنية التقدمية، وجميع القوى الثورية لشعبنا، ولهذا السبب نحن نعيد النظر في برنامج حزبنا لجعله أكثر توافقا مع الوضع الحالي..... لا شك بأن حزب البعث العربي الاشتراكي، وبسبب سلطته السياسية في البلاد، يحتل نقطة محددة ومميزة في الجبهة)) وقد عدلوا الكثير من برنامجهم السياسي والتنظيمي، لقد الغوا الشيوعية تماما.
صفقوا للرفيق صدام حسين، رأوا فيه المنقذ والمخلص، ولديه الاستعداد لأن يتطور وعيه الى الحالة الشيوعية "كاسترو العرب"، كانت قيادات الحزب الشيوعي السوفيتي تدعم هذا الطرح، وترى في الرفيق صدام حسين تقدميا، خصوصا بعد ان قوى البعث من علاقاته مع السوفييت، وعقد صفقات السلاح معهم؛ لكن بعد ان اطمأن البعث من تدخلات السوفييت، وكأنهم اخذوا الضوء الأخضر، انقلبوا على حليفهم الشيوعي العراقي، وقد افصح الرفيق صدام حسين في حديث مع الرفيق عامر عبد الله في أواخر العام 1977 عن نوايا البعث قائلا ((على الحزب الشيوعي ان يدرك ان "الأبي"،(المفتاح الرئيسي للكهرباء في البيت) هو بيد حزب البعث، وعلى الحزب الشيوعي ان يراعي الامر، والا فأن البعث سيلجأ الى "تشذيب" كل زيادة في عضوية الحزب الشيوعي))
اشتغلت الة البعث القمعية "الوطنية التقدمية" بقيادة كاسترو العرب الرفيق المناضل صدام حسين، وعلى كل المستويات، لتشذيب العناصر الشيوعية، فقام بإعدام واحد وثلاثين شيوعيا من الضباط والمجندين في المؤسسة العسكرية، ورغم تدخل الرفيق برجينيف وطلبه تخفيف الحكم، الا ان البعث اصر على اعدامهم، وسير توابيتهم امام مقر الحزب الشيوعي، وقاموا مرة أخرى بتنفيذ وجبة ثانية من الاعدامات، وهو ما دفع الحزب الشيوعي الى اصدار تحذير "يشجع فيه أي شخص يمكنه مغادرة البلاد على ذلك" ثلاث سنوات من القمع والبطش البعثي، والاغاني التي تشجع على المازوخية والجنائزية والضياع تنتشر "حيل اسحن گليبي سحن. وغرگني بالهم والحزن. ما گولن احاه واون" و "دوريتك" و "مجروحين" و "مسافرين" وغيرها، ستكون لنا وقفة على هذا الفن.
كانت فترة مظلمة بالنسبة للشيوعي العراقي، فقد كان الرفيق صدام حسين قاسيا جدا معهم، ملأ بهم السجون والمعتقلات، اليوم هم يتحالفون مع الرفيق البلشفي مقتدى الصدر، الذي يصفونه بالتنويري، ويدافع الرفيق ومنظر الحزب العتيد جاسم الحلفي بشكل حاد جدا عن الرفيق مقتدى، ويرفض رفضا مطلقا توجيه النقد للسيد الرفيق، وبعد كل هذه التحالفات القومية والدينية يأتيك احد عطاري الفكر –فرسان الفصاحة- من المفصومين تماما ممن يريد الغاء الدين بموت الرأسمالية، وقيادة الحزب ذاتها تدافع بشكل مستميت عن رجال الدين وتدافع عن الخصخصة، وتتحالف مع القوميين، يا لبؤس هذا الحزب ومثقفيه.
وعلى شيوعية الشيوعي العراقي نلتقي..
يتبع لطفا...