لماذا العالم كله مع ترامب اليوم


مشعل يسار
2020 / 11 / 13 - 00:07     

إإذا عرجت على التعليقات تحت أي منشور، فسترى أن الكثير الكثير من الناس العاديين من جميع أنحاء العالم يكتبون كلمات دعم لترامب وإعجاب به اليوم، وويدّعون أنهم لو كانوا يعيشون في الولايات المتحدة لصوتوا لصالحه الآن. البعض يكتب: ليت لدينا رئيس مثل هذا!

لماذا أصبح رئيس أمريكا، العدوانية عموماً وغير الودية تجاه العديد من البلدان، وخاصة تجاهنا نحن العرب، فجأة محببًا إلى قلوب الناس العاديين من جميع أنحاء العالم؟

هذا لأن الناس بدأوا يستيقظون. في الواقع، حتى عام 2020، كان معظم الناس يغطون في نوم عميق واهمين أن العالَم سيكون بسيطاً ومفهوماً كما اعتادوه. كنا نعلم أن أمريكا "سيئة" وأنها عدونا. الجميع هناك، ديمقراطيين وجمهوريين، يريدون استغلالنا واستعبادنا، ويجب أن نكرههم جميعًا.
لكن الديموقراطيين يبقون "جيدين" و"يساريين" وأفضل من اليمينيين الجمهوريين، والديمقراطيين أقرب للشعب وأقل عنصرية، لأن الديمقراطية شيء جيد. ومن هم ضد الديمقراطيين هم ضد الشعب! لذلك، يفترض أن يكونوا محبوبين أكثر من أولئك المحافظين.
والليبراليون منهم هم أصدقاء الناس حقاً وفعلاً. فهم مع الحرية! وأنت، هل أنت - بشكل عام - ضد الحرية؟
لكن ما يحدث الآن لم يحدث أبدًا من قبل: رئيس أمريكا، هذا "المهرج" و"الطاغية" المفترض أن يكرهه كل ذي عقل وقلب (!)، والذي يجب أن نسخر منه، وأن ننتظر بفارغ الصبر أن ينهي فترة ولايته هذه ويغرق في غياهب النسيان، لسبب ما أصبح فجأة تجسيدًا للأمل الأخير للبشرية.

تسألون كيف ذلك؟

ليست لدي نظرة وردية إلى أي من السياسيين البرجوازيين. بل أعتقد أنه لا يوجد في سياسة الكبار أشخاص لا يوافقون على لعب لعبة النظام الذي هم فيه ومنه وله – فهم ببساطة لن يُسمح لهم هناك بغير ذاك. لذلك، كل من هناك منخرطون في آلية النظام بطريقة أو بأخرى. ومن يحاول أن "يلبّط" يقال أو يُقتل أو تصنع على شرفه ثورة مخملية تخرجه من المشهد. يُعتقد أنه كانت هناك حتى الآن حوالي 30 محاولة لاغتيال ترامب. نعم، يمكن أن تكون هناك محاولات من بعض المتعصبين أو الهواة المرضى، لكن معظمهم، بالتأكيد، من داخل المنظومة إياها، من "الحوزة".

كما لدي أوهام أقل حول المليارديرات. فهناك أكثر من سبب للاعتقاد بأن معظمهم يعانون من اضطرابات عقلية، من اعتلال نفسي. الشخص العادي لن يكسب المليارات "من خلال العمل فقط" حيث "كل شيء تفعله أيدينا بحب!" بالطبع لا. في الأعمال التجارية الكبيرة، يمشي الجميع فوق الرؤوس والجثث: هذه هي قواعد اللعبة. لا يستطيع الشخص السوي القيام بذلك. أما من يستطيع فواضح من هو.

وبالتالي، هذا الترامب وهو السياسي على الصعيد العالمي، وبالإضافة إلى هذا - الملياردير - ماذا يبقى لنا منه بعد كل ذلك؟ ربما كان السيد ترامب شخصاً معقداً نوعًا ما وليس من السهل التفاعل معه. ومع ذلك، هذا النوع من المواصفات ينطبق على أي شخص بارز يصنع التاريخ - فلا توجد قطط صغار ذات صوف ناعم وثير هناك.

لكن ما يحدث الآن ليس انتخابات إلى معهد النساء الفاضلات ولا مسابقة جمال بين الفاتنات.

الآن ليس مهماً ما يمثله المرشحون كأفراد، لأن ما يتقرر على المسرح هو أي مجموعات من الأشخاص ستكون لها السلطة الرسمية المباشرة.

يبدو لي أن هناك قوى معادية للجنس البشري تقف خلف بايدن. لن أخاطر وأقول واثقاً إن هؤلاء بشر. من يجاهر باغتيال 80% من أبناء آدم لأنهم باتوا ثقلا على كاهله، وهو الوريث الأمين لحركة "تحسين النسل" (Eugenics) النازية ليس محباً للبشر، ولا همه البيئة ولا تحسين النسل طبعاً. هو إنسان مريض بكل معنى الكلمة. هذا هو بيل غيتس، مطلق الكورونا التي تعز على قلوب الديمقراطيين وقد لبس بايدن الكمامة أمام ناخبيه في سبيل إنجاحها كعملية خاصة أشبه بخطة بربروسا مثلا في الحرب العالمية الثانية..

أما ترامب فوراءه الناس، الناس العاديون البسطاء، العاملون كعادتهم لجني رزقهم. لن نطلب منه ثورة اشتراكية في أميركا. أو ترؤسها على الصعيد العالمي.

هذا كل شئ. لذلك، فإن أبواب الاختيار ليست كثيرة والمائدة ليست دسمة، ولكن الأمر واضح. أمريكا، باعتبارها لا تزال الدولة الرئيسية، ومركز حكم العالم، لها تأثير مباشر على جميع البلدان الأخرى. ومفهوم لماذا ينصب اهتمام الجميع حرفياً على الانتخابات الأمريكية. فسيكون من الغريب التعامل مع الانتخابات الأمريكية، خاصة هذه، بطريقة غير هذه الطريقة أو إهمالها وتجاهلها بحجة أن كلا المرشحَين سيئ.

ومرة أخرى يجب علينا أن نجيب على السؤال: لماذا اجتمع الناس العاديون من جميع أنحاء العالم على تأييد دونالد ترامب؟

لأن عام 2020 جاء البشرية بعامل تهديد جديد من نوعه، هو تهديد بقائها كنوع، وضمن النموذج الذي كانت تعيش فيه منذ ظهورها كمجتمع بشري. وهذا أكثر بكثير من الاستغلال الرأسمالي الذي تحدث عنه ماركس ولينين وكل الثوريين العظام. والآن ليست المسألة منحصرة في مرض جديد، وباء جديد خطير لا بد من مواجهته وإلا الكارثة. نعم، معظم الناس لا يتألقون بذكائهم، كما نلاحظ الآن. لم يستيقظ الجميع ولم يدركوا كلهم ماذا يحصل. ولكن:

في لحظة الخطر الشديد، تقوى الحاسة السادسة عند الشخص ويضحي من الصعب خداعه.

حتى أولئك البعيدون كل البعد عن السياسة، والذين لم يفهموا تمامًا ما الذي يحدث الآن، والذين ما زالوا مدمنين على متابعة التلفزيون صندوق الكذب اليوم لأنه في أيد شريرة وما إلى ذلك، بدأوا يشتمّون رائحة شيء مقيت وخطير في الأجواء. حتى بالنسبة لهم، يبدأ كل هذا الكذب والدجل الذي يلقَّمونه على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع من كل حدب وصوب يدخل حياتهم كعقبة كأداء. حتى أنهم، ربما، عن غير وعي، يبدأون يتخيلون أن عدم فوز ترامب سيعني أنه سيكون علينا أن نحارب مدة 5 سنوات أخرى ما يسمى "وباء الفيروس التاجي"، مع كل ما يترتب عن ذلك من عواقب.

فيصبح الأمر مقلقًا حقاً!

أنا متأكد من أن الناس تتجه لهذا السبب بشكل حدسي صوب الطرف الذي يبعث الأمل بالخلاص، صوب الشيء "الصحيح" والأكثر صدقًا وإخلاصًا.
*****************************