لافساد دون مفسدين .. اذكروا اسمائهم لانهم ليسوا اشباحاً.


علي عرمش شوكت
2020 / 11 / 12 - 19:31     

الخراب الذي حل بالبلاد لم تكن مسبباته الظروف المناخية او شحة موارد اوغياب الكفاءات البشرية الوطنية، اوكارثة كونية نزلت عليه من السماء.. هذه العوامل التي ما تؤدي عادة الى الانهيار الاقتصادي الذي يتبعه التدهور الاجتماعي. وينكسر من جرائه جدار الامن، وتحل الفوضى وتنحط هيبة الدولة .. بيد ان الذي ساد في العراق اليوم من انهيار اقتصادي ماحق.لم تكن هذه العوامل القاهرة هي التي سببته، انما الفاعل الاساس هو الفساد الاداري والمالي المتكالب ذو المرجع السياسي الفاسد ايضاً. الذي اوصل بلداً غني الثروات بامتياز، الى مستعين وشبه متسوّل، وشعبه يفتقر الى الامان فاقداً لرغيف الخبز.. صحيح، انما ذكرناه ليس مجهولاً وغدا عنواناً لبلد تشب فيه حرائق تلتهم الاخضر واليابس. وما يحسب من الغرائب حقاً. هو ان الفاسدين هم الذين يعلون عن جرائمهم دون ادنى وجل او خجل، وذلك ما يميط اللثام عنها تكرار افعالهم الدنيئة السافرة، لكونها تتم امنة في ظل مواقهم المحاصصتية الرسمية. زد على ذلك صمت القبورالذي يلف البرلمان. وكذلك غياب تحرك الجهات الرسمية الاخرى.
لكن الصوت الوطني الذي فجّر حراك الشارع منذ عام 2011 ومن ثم انتفاضة تشرين 2019، سيبقى يشكل خط الصد المعول عليه لمواجهة غول الفساد والنهج السياسي الفاشل. ومع هذا يقتضي التنويه حقاً الى ضرورة استكمال جهود الذين يكشفون عن فضائح الفساد ويؤشرون بالادلة القاطعة حول مكامن تلك الجرائم ـ وهذا عمل مخلص ينبغي تقديره عالياً ـ ولكنهم يمتنعون عن ذكر اسماء الفاسدين .. فليس من المعقول ان الذين بمقدورهم الوصول الى هذا السطو المنظم وبتفاصيل الحقائق المذهلة، لا يعرفون الجناة المفسدين باسمائهم الحقيقية، وبالتالي يغدو ذلك وكأنه يبرر عدم فضح الفاسدين باسمائم وباصلهم وبانتمائهم السياسي، وبكافة الوسائل صادمة لكي تصنع لسعة جارحة يخشاها الفاسدون الاخرون.. غير ان المتصدين" للاسف " يتوقفون مكتفين بخطاهم الشجاعة، لكنها غير الشافية. التي يمكن تسميتها بـ " اضعف الايمان ". فيما يتعلق بكشف اسماء المفسدين، وكأن الفساد تصنعه اشباح غير مرئية.. واما بخصوص الذين يتم اعتقالهم كفاسدين بالجرم المشهود تكتفي السلطات بهذا الاجراء دون حجز اموالهم كأجراء احترازي، و من ثم تختفي اخبارهم او يتم اطلاق سراحهم بكفالة.. وللانصاف نشيد بقرار مفوضية الانتخابات الداعي لمنع من تطاله تهمة فساد عن الترشيح. ونتمنى عليها الا تقبل اي اعتراض لتغيير قرارها.
ان الفساد في العراق قد ارتقى الى مرتبة جبارة بامتداده الداخلي والخارجي وغدا يرتدي دروعاً سياسية اضافة الى كونه لصوصي بامتياز، وعليه تصبح مكافحته بحاجة الى قوى ضاربة قوية الايدي والايمان بمصالح الشعب. نزيهة الضمائر. لا تخشى مخاطر مافيات الفساد، وينبغي ان تواجهها بالاعتماد على القوى الوطنية المخلصة، وتحديداً من خارج اطراف طغمة المحاصصة الفاسدة. فلا يجوز ان يكلف الحرامي بحماية المال السائب على غرار ما نحن عليه في العراق. والوصول الى هذا الحد من التفشي الخطير قد صفر صبر الناس. والانفجار الكبير يلوح بالافق.