نمط القصيدة - ثورة التجديد الشعري- مع الشاعر والصحفي مكي النزال - الحلقة السابعة والعشرون من – لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا- في بؤرة ضوء


فاطمة الفلاحي
2020 / 11 / 12 - 14:43     

يقول راينر ماريا ريلكه: " القصيدة الطويلة عبارة عن تجارب عميقة ومتنوعة وكثيرة وخبرات إنسانية واسعة تتجسد في قصيدة شعرية طويلة".

3. ما نمط قصيدتك الطويلة وفق الأغراض الشعرية التي تناولتها ؛ أهي :
قصيدة غزل عفيفة أم صريحة .
أم قصيدة مدح لمميزات شخص والإعلاء من شأنه؟

أخبر جمهورك وجمهورنا عن فحوى القصيدة.

مطلعها كما شاهدناه وسمعناه في لقائك مع قناة الرافدين تقول فيه:

بــغــتــتـنـي بـــالـــنَّــومِ قــــبــلَ الأوانِ ... تــشــتـكـي عـــارضًـــا بــــــدا لــلـعِـيـانِ
هُـــرِعَــتْ تـســـــــــــــــتـريـحُ مـــن ثــقـلِ هَـــمٍّ ... مـــســتــقــرٍّ بــجــفــنـهـا الـــوســـنــانِ
تــتـفـادى مــــا راعَــهـا مـــن قـصـيـدي ... مِــــــن بَـــديـــعٍ مُــحــسَّـنَ الإلـــســانِ
فـــيــه مــــن (بــابــلٍ) بــهــاءٌ وســحــرٌ ... وحــكــيـمُ الــمَــقـالِ مِـــــن (لُــقــمـانِ)


ثم في مقطع آخر تقول:

لــــــم أشـــــأ أن أنـــــوح أو أتــشــكّـى ... لـــيـــس مــثــلــي بــالــنّـائـح الأنّــــــانِ
لـــــي بـــــلادٌ تُـــريــدُ مِــنِّــي حُــضــورًا ... وعِــــثـــارٌ فـــــــي دربــــهـــا أثـــنــانــي
أنـــا مِــمَّـن مــشَـوا طــريـق الـتـحـدِّي ... لــيـس لـــي فـــي اسـتـعـانتي ربّـــانِ
ثـــابـــتٌ كــالـجِـبـالِ أحـــمــلُ هـــمِّــي ... مـــؤمِـــنٌ، لا مــــــراءَ فـــــي إيــمــانـي
وأرى فـــــيـــــكِ فِــــطـــنَـــةً ووفــــــــــاءً ... ومـــــــــلاذًا بـــوســـعـــهِ إســـكـــانـــي
لـيـسَ عـيْـبًا إن قُـلـتُ: أُجـهِدتُ سـعيًا ... ومــسـيـري إلــــى الــــذُّرى أضــوانــي
لـــــمْ أشـــــأْ غـــيــرَ أن أكــــونَ قــريـبًـا ... حـــــــاذرًا مــــــا يــــــدوِّنُ (الــكــاتـبـانِ)
طامِحًا أنَّ خطوَتي تتخطّى ... غاضباتِ الدُّروبِ للرِّضوانِ
هـــــل يــعــودُ الــزَّمــانُ حــيــثُ بــدأنــا ... رحــلـةَ الـعُـمـرِ فــي الـرُّبـوعِ الـحـواني؟
فــــي أعــالــي الــفُـراتِ نـنـهـلُ عــذبًـا ... مــن فــراتٍ مـرقـرقٍ فــي (الـسَّواني)
وبـــطـــيّــارتــي يُــــعَـــلَّـــقُ قــــلـــبـــي ... حـــيـــن تـــغــزو الــفــضـاءَ بـالـخِـيـطـانِ
فــــــــرَحٌ كــــــــان لا يُــــبــــاعُ بــــمــــالٍ ... بَـــــــلْ يــــعـــمُّ الـــقــلــوبَ بــالــمَـجّـانِ
ثُــــمَّ يــمـضـي الــصِّـبـا لــعـمـرٍ جــديـدٍ ... مــثـلـمـا لـــــم نُـــقِــمْ بــعـهـدِ الــلِّـبـانِ
صـــرتِ تُـخـفـينَ رائـــعَ الـشَّـعـر عـنِّـي ... بحجابٍ من الحرير اليماني
وأنا اخترتُ من عراقي عقالي ... و(شــمــاغــي) مـــطـــرَّزٌ (حـــورانــي)


ثم تلتفت بنا لغرض سامٍ آخر في القصيدة في هذا المقطع:

لا تــخــافـي عـــلــيَّ، إنِّـــــي شــهـيـدٌ ... لــــــم يَـــــذُقْ بـــعــدُ لـــــذَّةَ الأكـــفــانِ
لـــمْ يَــمُـتْ بَــعـدُ كـالَّـذيـنَ اسـتـراحـوا ... مــــن صــراخــي الــمُـحَـرِّضِ الــطَّـنّـانِ
بَــيْـدَ أَنِّــي مــا زلــتُ أُعـلـي نـشـيدي ... مُــفــعَــمًــا بــالــصَّــهـيـلِ والــعُــنــفُـوانِ
وأُغَـــنِّــي، ولـــســتُ أخـــجَــلُ أَنِّـــــي ... مُـــبــدِعٌ فـــــي مــكـيـدتـي لــلأغـانـي
بُــحَّـةُ الــصَّـوتِ لـــم تــكُـن فيَّ عَـيْـبًا ... هــي روحــي الَّـتي شـدَت أشـجاني
أطــرَبَــت نـغـمـتـي الــنُّـفـوسَ ولــكــن ... صـــدَّعَــت جُـــــلَّ صـــامــت الــجــدران
داعـــبَــتْ كـالـنَّـسـيـمِ قـــلــبَ يــتــيـمٍ ... وانـــــبــــرَت لـــلــطُّــغــاةِ كـــالــبــركــانِ
في يــــــديَّ الـــحــروفُ أســـــرابُ نـــجــمٍ ... دائـــــــرٍ بــالــضِّــيـاءِ فـــــــي الأكــــــوانِ
تتخطّى شغــاف ليلى ولبنى ... وتجاوزتُ ما هذى (القيْســانِ)
وإذا جَــــدَّ للملاحم جِدٌّ ... دبَّ فيَّ الإيحاءُ من (حسّـــــــانِ)
صحتُ بالماءِ أن يكونَ لهيبًا ... في شراعِ المُغامـــــــــــــر القُرصــــــانِ
كلُّ بحرٍ لـــــهُ ارتفاعٌ ومدٌّ ... ولبحري إذا علا مـــدّانِ


ما قاله "ريلكه" هو الأقرب للصواب ولقد أنصف القصائد المطولة إلى حد كبير، وأُضيف لذلك قدرة الشاعر اللغوية التي ينبغي أن تكون على أعلى مستوى، وكما أسلفنا ملكته الشعرية ومدى قوتها.
في قصيدة "بنت قومي" استهللتُ بالنَّسيب ولم أكُ مقلِّدًا لمجرد التقليد، لكن الشعر يفرض نفسه إضافة لرغبتي في جذب القارئ الذي يحب الغزل والوجدانيات، لكن لا يمكن تسمية القصيدة بالغزلية.
كل ما أكتبه من غزل (وليس فقط ما أنشره) هو عفيف مترفِّع عن الوصف المجّ والإفصاح الفجّ والتحرش السَّمج. وأرى أن الشعر لم يوجد ليكون واسطةً للافتراس والخدش والتجريح وإنما وجد ليبثَّ رسائل إنسانية متعددة إحداها وصف الجمال بما يليق به من جمال.
وهكذا حصل في "بنت قومي"، فمئات الأبيات من الغزل كانت منضبطة كسابقاتها، بل وكان التغزُّل بالعفَّة والوفاء حاضرًا وبارزًا ولذلك لست خجلًا من أن يسمعه من أحبهم ويحبونني وأحترمهم ويحترمونني.


أبرز التقنيات التوظيفية التي أثرت في طول القصيدة وقيمتها، كالتقنيات الإيقاعية، وتقنيات الحيل السردية، والتقنيات الرؤيوية، والتقنيات السينمائية، وتقنيات التناص، وتقنيات التشكيل البصري والتجريب.