توضيح بشأن العلاقة بين صون يات صن و الحزب الشيوعي الصيني – مقتطف 9 من - تعميقا لدحض أهمّ ترّهات حزب العمّال التونسي الخوجيّة الواردة في- الماوية معادية للشيوعية -


ناظم الماوي
2020 / 11 / 12 - 10:08     

توضيح بشأن العلاقة بين صون يات صن و الحزب الشيوعي الصيني – مقتطف 9 من " تعميقا لدحض أهمّ ترّهات حزب العمّال التونسي الخوجيّة الواردة في" الماوية معادية للشيوعية "

لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
و الروح الثوريّة للماوية المطوَّرة اليوم هي الخلاصة الجديدة للشيوعيّة – الشيوعيّة الجديدة
( عدد 38 - 39 / أفريل 2020 )
ناظم الماوي

ملاحظة : الثلاثيّة بأكملها متوفّرة للتنزيل بنسخة بى دى أف من مكتبة الحوار المتمدّن .

تعميقا لدحض أهمّ ترّهات حزب العمّال التونسي الخوجيّة الواردة في" الماوية معادية للشيوعية "
- الجزء الثاني من الكتاب الأوّل من ثلاثيّة " حفريّات في الخطّ الإيديولوجي والسياسي التحريفي و الإصلاحي لحزب العمّال[ البرجوازي] التونسي "

------------
(9)

توضيح بشأن العلاقة بين صون يات صن و الحزب الشيوعي الصيني

فى هجومهم المحموم على الماويّة ، لا يتوانى الخوجيّون عن إستعمال أيّ سلاح إنتهازيّ مهما كان فهم ماكيفاليون و الغاية عندهم تبرّر الوسيلة. و من تكتيكات الدغمائيّين التحريفيّين الخوجيّين التى صارت معروفة لدينا تكتيك تزوير التاريخ بصورة تبعث على الغثيان . فمثلا يفترى أحد الخوجيّين المفضوحين على ماو مختلقا وهما يريدنا أن نصدقه إذ هو يخرج علينا بأنّ ماو تسى تونغ يتّبع صون يات صن و يعتبره شيوعيّا و ذلك لأنّ القائد البروليتاري كان قد كتب فى 5 مارس 1945 " إنّه من الضروري و المفيد بالنسبة لنا أن نستعمل شعار سون يات سان "مراقبة رأس المال "."

( محمّد الكيلاني ، " الماوية معادية للشيوعية "، الصفحة 46)

فى ردّنا المقتضب على هذه الحماقة الخوجيّة البيّنة لن نتطرّق إلى المقصود ب" مراقبة رأس المال " فى الإقتصاد السياسي للديمقراطية الجديدة فى الصين ذلك أنّنا سنعود إليه بالتفصيل فى باب آخر، بل سنصبّ إهتمامنا على شرح تعامل الحزب الشيوعي الصيني مع صون يات صن ، دوافعه و حدوده .

1- تحالف ظرفي :

من المعلوم أنّ الشيوعيّين الصينيّين تعاطوا مع الدكتور صن يات صن خلال مرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة ، حيث كان الدكتور إلى حدود 1927 يقود الكومنتنغ . وكان تحالفهم معه قائما على أساس الإلتقاء حول أهمّ نقاط برنامجه العام حينها - مبادئ الشعب الثلاثة . و ستالين و الأمميّة الثالثة كانا على علم بذلك ، بل يدفعان الحزب الشيوعي الصيني إلى المضيّ فى التحالف مع الكومنتنغ الذى كان وفق تحاليل الأمميّة الثالثة و ستالين و كذلك تحاليل الشيوعيّين الصينيّين يمثّل حينذاك البرجوازية الوطنية. و" سيكون خطأ كبيرا أن يغادر الشيوعيّون الصينيّون حاليّا الكومنتنغ "، هذا ما قاله ستالين في " آفاق الثورة الصينية " المؤرّخ فى 30 نوفمبر 1926.

و لمّا إنقلب الكومنتنغ على التحالف و هاجم الحزب الشيوعي الصيني ، إثر وفاة الدكتور صون يات صن ، قاتله الحزب الشيوعي قتالا مسلّحا بكلّ بسالة سجّلها التاريخ . و أثناء حرب المقاومة ضد اليابان التى غزت الصين فى 1936 إتّحد الطرفان فى جبهة ليتصادما مجدّدا ، بعد هزيمة اليابان و إرتماء الكومنتنغ فى أحضان الإمبريالية الأمريكية ، منذ أواسط الأربعينات فى معارك حاسمة من أجل إفتكاك السلطة عبر البلاد بأسرها و كان الظفر للشيوعيّين و جيشهم الأحمر فى 1949. و هذا تاريخ موثّق عالميّا .

و لئن تحالف الشيوعيّون الصينيّون مع الدكتور صان يات صن فى فترة محدّدة ، فإنّهم أبدا ما إعتبروه شيوعيّا بل كانوا مختلفين معه على أكثر من صعيد . و قد تعرّض ماوتسى تونغ للمسألة فى أكثر من مناسبة فى المجلّدات الثلاثة الأولى من مؤلّفاته المختارة . و هنا سنكتفى بمقتطف من كتيّب ماو " حول الديمقراطيّة الجديدة " قمين لوحده بوضع النقاط على الحروف :

" لتفادى سوء الفهم و فتح أعين أولئك المتعنّتين ، فمن الضروري أن نبيّن بكلّ وضوح أوجه الخلاف و التماثل بين مبادئ الشعب الثلاثة و الشيوعيّة .

فحين نقارن بين مبادئ الشعب الثلاثة و الشيوعيّة نجد أنّهما تتماثلان فى بعض الأمور و تختلفان فى بعضها الآخر .

أوّلا ، يتجلّى التماثل فى المنهاج السياسي الأساسي لكلّ من المذهبين خلال مرحلة الثورة الديمقراطية البرجوازية فى الصين . إنّ القواعد السياسيّة الثلاث ، مبادئ الوطنية و الديمقراطية و رفاهية الشعب الثوريّة الواردة فى مبادئ الشعب الثلاثة التى أعاد الدكتور صن يات صن تفسيرها عام 1924، متماثلة بصورة أساسيّة مع المنهاج السياسي الشيوعي لمرحلة الثورة الديمقراطية فى الصين . و بفضل هذا التماثل و وضع مبادئ الشعب الثلاثة موضع التنفيذ قامت الجبهة المتّحدة بين المذهبين و بين الحزبين . و من الخطإ تجاهل هذا الوجه من المسألة . "

2- إختلافات جوهريّة :

و يسترسل ليسجّل الإختلافات العميقة :

" ثانيا ، أمّا أوجه الخلاف بينهما فهي :

1)- ثمّة فرق فى بعض أقسام المنهاج الخاص بمرحلة الثورة الديمقراطيّة . فالمنهاج السياسي الشيوعي الخاص بالمجرى الكامل للثورة الديمقراطية يتضمّن حصول الجماهير الشعبيّة على السلطات الكاملة ، و تحديد يوم العمل بثماني ساعات ، و تطبيق برنامج الثورة الزراعيّة الكامل ، امّا مبادئ الشعب الثلاثة فلم تتضمّن هذه النقاط . وإذا لم تكمل مبادئ الشعب الثلاثة بهذه النقاط و إذا لم تكن هناك نيّة تنفيذ هذه النقاط ، فإنّ هذه المبادئ لن تكون متماثلة مع المنهاج السياسي الشيوعي للثورة الديمقراطية إلاّ بصورة أساسيّة و لا يمكن أن نصفهما بالتماثل التام .

2)- و الفرق الآخر يتجلّى فى وجود مرحلة الثورة الإشتراكيّة و عدم وجودها . إنّ الشيوعيّة تتضمّن مرحلة الثورة الديمقراطية بل و تتضمّن فوق ذلك مرحلة الثورة الإشتراكيّة ، و بالتالي فهي تملك إلى جانب المنهاج الأدنى منهاجا أقصى أي المنهاج الخاص بتحقيق نظام الإشتراكيّة و الشيوعيّة . أمّا مبادئ الشعب الثلاثة فهي تتضمّن مرحلة الديمقراطيّة وحدها من دون مرحلة الثورة الإشتراكيّة ، فتملك منهاجا أدنى من دون منهاج أقصى ، أعنى أنّها لا تملك منهاجا من أجل إقامة نظام الإشتراكيّة و الشيوعيّة .

3)- الخلاف فى النظرة إلى العالم . فالنظرة الشيوعيّة إلى العالم هي الماديّة الديالكتيكيّة و الماديّة التاريخيّة ، بينما نظرة مبادئ الشعب الثلاثة إلى العالم هي النظرة المزعومة التى تفسّر التاريخ برفاهيّة الشعب ، وهي فى جوهرها النظرة الثنائية أو المثاليّة . إن هاتين النظرتين إلى العالم متعارضتان .

4)- الفرق بين التمتّع بروح المثابرة على الثورة و فقدانها . فإنّه تتوفّر لدي الشيوعيّين الوحدة بين النظريّة والنشاط العملي ، أي إنّ الشيوعيّين يتحلّون بروح المثابرة على الثورة . أمّا بالنسبة إلى أتباع مبادئ الشعب الثلاثة ، بإستثناء أولئك المخلصين كلّ الإخلاص للثورة و الحقيقة ، فإنّ الوحدة بين النظريّة و النشاط العملي ليست موجودة لديهم ، و أفعالهم تناقض أقوالهم ، أي أنّهم لا يتحلّون بروح المثابرة على الثورة .

تلك هي أوجه الخلاف بين المذهبين . و بسبب أوجه الخلاف هذه ، يختلف الشيوعيّون عن أتباع مبادئ الشعب الثلاثة. وممّا لا يتطرّق إليه شكّ أنّه من الخطإ كلّ الخطإ تجاهل هذا الإختلاف ، و رؤية الوحدة وحدها من دون التناقض ."

و لأنّ ديدن الدغمائيّين التحريفيّين الخوجيّين هو إنكار الواقع برمّته و إعادة إحياء كافة الأخطاء الإنتهازيّة اليمينيّة و اليسراوية التى تخطّتها الحركة الشيوعيّة الصينيّة بفضل قيادتها الماويّة ، لا يتخلّفون هذه المرّة كذلك عن تشويه الماويّة ولو بالدفاع عن الخطإ البيّن الذى نبّه إليه ماو ذاته ألا وهو خطأ التعامل المثالي الميتافيزيقي مع الواقع ب " تجاهل الإختلاف و رؤية الوحدة وحدها من دون التناقض". في الوقت الذى يشدّد فيه ماو تسى تونغ عن " أوجه الخلاف بين المذهبين " ، يقصفه الخوجيّون بالكذب المحض مدعين زورا و بهتانا أنّ ماو يعتبر صون يات صن شيوعيّا لكن كما يقول المثل الشعبي " حبل الكذب قصير "!!!

---------------------------------------------------------------