الوجه السياسي المغيب للماركسيه


ليث الجادر
2020 / 11 / 8 - 21:59     

الحديث والكتابه في الاطار الفكري الماركسي له خصوصيته عن باقي الصروح الفكريه النظريه بكونه يصبح عقيما ومنفصلا عن جوهره ان لم يكن مضبوطا بايقاع سياسي واضح , والماركسيه اذ توصف بانها حماله الاوجه الثلاثه (الاقتصاد , الفلسفه , النظريه الثوريه ) فان هذه الاوجه مجتمعة تفقد ملامحها الواضحه والقويه ان لم تعمد الى توضيح ذاتها عبر الانغماس في السياسه , لكن ماهو مؤسف حقا ان نلمس تلك القطعيه التي احدثها ويحدثها المعنيون بالبحث في النتاج الفكري والنظري والتي من خلالها يتناولون تشريح ذاتي صرف ومنعزل للاطروحات الماركسيه ويديرون خلافاتهم من خلال التفسيرات والتاويلات والاستشهادات النصيه , وعبر هذا الشكل من النتاجات تمت أدلجة الفكر الماركسي بمعناها الذي نقضه هذا الفكر وليس بالمعنى الذي وصل اليه تطور مفهوم الايدلوجيا , الذي بات يعني الشموليه بنسق , بينما الايدلوجيا التي انتقدتها الماركسيه كانت تدلل على ان الفكره بذاتها تفكر ..وهذا التفريق ايضا وعلى مستوى شائع بين الماركسيين كان وعلى الدوام مفقود ! لهذا ظهر بينهم خلاف , بانكار كون الماركسيه ايدلوجيه وبين من يؤكد ايدلوجيتها , بينما هم بكليهما ينشطون باتجاه الادلجه القديمه للماركسيه , وهم وبهذا الاتجاه صاروا يعسكرون في ضفة (الكتابه من اجل الكتابه , التفكير من اجل التفكير ) ولاشيء غير مزيد من تعمق الخلافات والتشتت , وبعد ماركس وانجلز وباستثناء العملاق لينين , لم يقدم لنا الماركسيون جهدا نظريا سياسيا ذا قيمه توازي قيمه الطرح الماركسي الذي يلقي بالتفكير في لجة الاحداث السياسيه وليقشرها ويفضح ويبين مضامينها الحقيقيه , لقد تم على الدوام تناول خلاف النهج الماركسي مع الاتجاهات الاشتراكيه اللا علميه في اطار فكري ونظري بحت , بينما واقع الحال يدلنا على ان هذا الخلاف كان له مسرحا وميدان سياسي فعال على الصعيد الدولي وعلاقاته المأزومه , ففي صحيفة التريبيون الامريكيه التي عمل ماركس- انجلز مراسليين اوربيين لها ما بين عام 1852- 1857 خاضا خلالهما صراعا مع كتابات الاقتصادي والصحفي الشهير المعروف بكنية (غروسوكي ) وهو من انصار فورييه , وكان صراعا مفاهيميا سياسي بحت في الشكليه , لم يقدم فيه الطرفين تقيماتهم ومواقفهم الفكريه باسسها التجريديه الفلسفيه او الاقتصاديه , بل تنازعا الخلاف على مضمون الوحده السلافيه فيما اذا كانت موجه بعدائيه اتجاه اوربا ام انها ضروره لخلع التمدن على القاره الاسيويه المتخلفه , وهكذا فان ماركسية ماركس لم تكن ابدا لتتقبل الانفصال عن معترك الواقع وترضى ولو بادنى درجه من الانعزال عنه في لحظات التفكير , وفي حال الراهن وحيث تتربع الراسماليه على عرش اقتصاد الرفاه الذي ضاعف من تعقيدات السياسه الدوليه واستنفذ الكثير من تقليدياتها وبديهيات منطقها القديم , تبرز حاجه الدعايه الماركسيه لان تكثف من ملامحها السياسيه وان تغور بلا وجل في الكواليس السريه لها , هذه الكواليس التي طالما استنكف الماركسيون من تداول مجرياتها , ان الكتبه من هؤلاء لفيهم من الغرور والاعتزاز الاجوف بالنفس , بحيث يجعلهم عميا حمقى , امام الدور الخفي المحوري الذي تنهض به المؤوسسات وانشطة السياسه السريه , لقد وقعت حيوانات الخلد هذه في شرك السياسه السريه وتورطت بشكل ما في اداء واحده من مهامها الاعلاميه حينما , هبت لتمجد ب(الربيع العربي ) معتبرة واياه هبه جماهيريه طبقيه , مع ان الجماهيريه والطبقيه ليستا صنوين ملتحمين بمعنى الوحده , وظاهريا كانت هذه الكائنات عباره عن نصير متحمس للحريه السياسيه المتشكله بمطلب الديمقراطيه النيابيه , لقد ساهم هؤلاء سواء من كان منهم لايعي دوره او الذي أجر ضميره مسكنا للشيطان , بقسط وافر من الجهد الاعلامي المضلل , كانوا خدما جادين لتحركات السياسه السريه , ومازالوا مصرين على اداء ادوارهم في امتدادات هذا الخريف الاجدب في كل من سوريا واليمن وليبيا وتباعا في العراق ..