رواية صبح الأعشى


كريم محمد الجمال
2020 / 11 / 7 - 15:41     

رواية صبح الأعشى صبح الأعشى رحلتي في التأمل والاستغراق عنوان رواية جديدة للكاتب والباحث المصري كريم محمد الجمال يأتي خامساً في مجمل أعماله المتنوعة .صبح الأعشى تتشابه مع كتاب قديم بنفس الاسم لأبي العباس القلقشندي، وإن كانت الرواية تختلف مع كتاب القلقشندي تماماً من حيث كونها رواية وليست كتاباً ، ومن حيث الموضوع فالرواية فانتازيا تاريخية وليس لها علاقة بصناعة الإنشاء .

تم مناقشة الرواية في ندوة أدبية وأمسية ثقافية رائعة في الإسكندرية عاصمة الثقافة المصرية والعربية بتاريخها الطويل لتلقي بظلالها علي الحدث الثقافي بل والرواية نفسها التي تدور كثير من أحداثها في ثغر مصر الباسم كونها موطن الكاتب ومدينته ، وقد تفاعل الجمهور والحضور مع الرواية بشكل كبير بين متعاطف ومهاجم و محايد وأسالت المناقشة الدسمة مواضيع وافكار وتيارات فكرية وسياسية كثيرة ،وقام بالمناقشة اثنان من الأقلام الصاعدة الواعدة من نفس جيل الكاتب لذلك كانوا أقدر واقرب للوصول لرؤيته عن عمق وعن كثب وخرجت المناسبة بشكل لائق بعمل تاريخي محكم ، شارك الاستاذ الروائي والشاعر محمد عبد الجليل بقدر كبير من الخبرة والتجربة والجرأة التي أضافت النص الأدبي أبعادا جديدة واعطت مساحة واسعة للنقاش الهادف والبناء داخل وخارج النص في موضوعات شتي ، وأسهمت الروائية الشابة الأستاذة هبة السقا بكثير من التفاعل والآراء المهمة والملاحظات المفيدة واتفقت مع الرواية في بعض النقاط واختلفت في نقاط أخري ، وأعطت كثير من الحيوية والتفاعل للنقاش مما سهل للكاتب أن يعرض وجهة نظره ويجيب علي المطروح من الأسئلة من الجمهور ومن القراء وما طرحته الرواية من أسئلة كبري ومصيرية في منطقتنا العربية التي تموج بالتحولات والتحديات وللاستاذ محمد عبد الجليل ديوان شعر ورواية صدرت حديثا كما صدر الأستاذة هبة السقا رواية حديثة ويتوقع لها كثيرون أن تكون في مصاف الأقلام الصاعدة الشبابية النسائية .

الرواية ليست من الحجم الكبير بل جاءت في الحجم المتوسط لتشكل وجبة فكرية وثقافية وسياسية دسمة تتسم بالتركيز والتحقيق مع التحليق في الخيال المرتبط بالتراث العربي وتبعاته في الواقع المعاصر .
والتكفير .

الخط العام للرواية رفض الاستبداد والقمع باسم الدين الذي يحدث حاليا في الخليج وغيره وهو المؤسس علي الاستبداد الاول ومخالفة السنة الشريفة والأوامر الإلهية القرآنية بالشوري والعمل بها وليس توريثا وعنفا وقهرا مثلما حدث مع بني أمية حتي المستبدين الحاليين الذاهبين إلي التطبيع المجاني مع أعداء الأمة ، وتربط الرواية بين مناخ الاستبداد والقمع والقهر وبين المشروع الغربي في المنطقة ومن أجنحته التيارات التكفيرية والمتشددة .

أبرز الخطوط التاريخية والتحويلات في الأحداث داخل الرواية كان ربط استبداد بني أمية كنموذج لدولة دينية بالدولة السعودية وما بعد ذلك من تيارات متشددة حيث أسست بناءها الفكري والفقهي والتاريخي واتجهاها السياسي علي تراث الأمويين القديم.في الاستبداد والبطش بالمعارضين وتلك النقطة تحديدا أثارت اعتراض الكثير من متتبعي التراث ومن يرفعونه لدرجة من القداسة ولكن التاريخ الذي تم سرده في الرواية والذي لم يتم سرده ، والواقع الحالي من سلوكيات همجية وفظائع ارتكبها المتطرفون وما سيحدث في المستقبل من فاشيتهم البغيضة ومصادرة الحق في الحياة لهو ابلغ رد أن خط الدولة الدينية سيفشل لصالح الخط الذي تبناه الكاتب في الرواية وهو الدولة المدنية .

وتختتم الرواية فصولها بدعوة للشعوب العربية وبالأخص الشباب ألا يسير خلف تيارات مشبوهة بدعاوي دينية باطلة وبارتباطات خارجية لا تخدم مصالح أوطانهم ، في النهاية استفاق الشاب المغرر به المدفوع بفتاوي هدامة واتجاهات أصولية متشددة فكان كالاعشي لا بصرا بل بصيرة فقلبه مطموس مملوء بالكراهية ثم أشرق نور الإيمان للناس جميعا بل للكون والمخلوقات فأنار قلبه وسريرته ورأي والصبح بفؤاده في التمسك بوحدتنا وحبنا لرموز أمتنا الحقيقين من آل البيت والصالحين وكان هذا بمثابة صبح الأعشى.