ابن خلدون ( 1332 م. _ 1406 م. )


غازي الصوراني
2020 / 10 / 27 - 12:59     


هو عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون أبو زيد ولي الدين الحضرمي الإشبيلي، ولد في تونس وشب فيها وتخرّج من جامعة الزيتونة، وُلِّيَ الكتابة والوساطة بين الملوك في بلاد المغرب والأندلس ثم انتقل إلى مصر حيث قلده السلطان برقوق قضاء المالكية.

يمكن اعتبار ابن خلدون علامة بارزة في تأسيس علم الاجتماع، وذلك ارتباطاً بما توصل إليه من نظريّات حول قوانين العمران ونظرية العصبية، وبناء الدولة وأطوار عَمَارِها وسقوطها. وقد سبقت بعض آراؤه ونظرياته ما توصّل إليه لاحقًا بعدّة قرون عدد من مشاهير العلماء كالعالم الفرنسي أوجست كونت.

وضع ابن خلدون عدداً من المصنفات في التاريخ والحساب والمنطق، غير أن من أشهر كتبه كتاب بعنوان: العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر"، وهو يقع في سبعة مجلدات وأولها "المقدمة" وهي المشهورة أيضا "بمقدمة ابن خلدون"، وتشغل من هذا الكتاب ثلثه، وهي عبارة عن مدخل موسع لهذا الكتاب وفيها يتحدث ابن خلدون ويؤصل لآرائه في الجغرافيا والعمران والفلك وأحوال البشر وطبائعهم والمؤثرات التي تميز بعضهم عن الآخر.

ففي مقدمته المطولة التي عرفت باسم " مقدمة ابن خلدون " تناول كثيراً من الموضوعات الهامة :-

- حقيقة التاريخ ومهمة المؤرخ .

- العوامل الطبيعية في تكوين الأمم .

- المؤسسات الاجتماعية في البدو والحضر .

- العوامل الاجتماعية في نشوء الأمم .

- العوامل العارضة في المجتمع الإنساني .

لقد حدد في هذه المقدمة، الهدف من بحثه ومنهجه، فالتاريخ عند ابن خلدون "هو في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأولى تنمق فيها الأقوال وتضرب الأمثال"، ولكنه "في باطنه نظر وتحقيق، وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو ذلك أصيل فيا لحكمة عريق".

وبالفعل، ليس الهدف بالنسبة إلى ابن خلدون تقديم جردة باحداث التاريخ على نحو ما صنع المتقدمون عليه، بل خلق التاريخ بالأدوات التي يمده بها العلم الاسلامي.

وفي الوقت الذي عارض فيه ابن خلدون أهل النظر المحض من الفلاسفة وأصحاب الكيمياء والتنجيم، تبنى المبادئ المنهجية الواقعية للعلوم الدقيقة: طلب الموضوعية، وصرامة التحليل للظاهرات الاجتماعية – السياسية.

ولسوف يتوقف ابن خلدون، في تأمله في علة أحداث الماضي وكيفيها، عند الواقعة السوسيولوجية بوصفها بنية جدلية أساسية للتاريخ، ليعيد عقد الصلة في التيارات التاريخية بين السياسة والاقتصاد والثقافة"([1]).

بالاضافة إلى ما تقدم، كان ابن خلدون يرى أنه لا حاجة لنا بقوانين المنطق الصوري (الأرسطي) لأنها " لا تتفق مع طبيعة الأشياء المحسوسة، ولذلك يجب على العالم أن يفكر فيما تؤدي إليه التجربة الحسية وألاَ يكتفي بتجاربه الفردية"؛ إن ابن خلدون يعتبر فيلسوفاً حسي النزعة لا يؤمن إلاَ بالمحسوس والتجربة، ورأى أيضاً أن المنطق طبيعي في الإنسان وأن العقل الذي وهبه الله إياه طبيعة فطرها الله فيه، فيها استعداد لعلم ما لم يكن حاصلاً .

قالوا عنه([2]):

- ابتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هي بدون شك أعظم ما توصل إليه الفكر البشري في مختلف العصور والأمم. أرنولد توينبي

- إن مؤلف ابن خلدون يمثل ظهور التاريخ كعلم، وهو أروع عنصر فيما يمكن أن يسمى بالمعجزة العربية. ايف لاكوست

- إنك تنبئنا بأن ابن خلدون في القرن الرابع عشر كان أول من اكتشف دور العوامل الاقتصادية وعلاقات الإنتاج. إن هذا النبأ قد أحدث وقعًا مثيرًا وقد اهتم به صديق الطرفين (المقصود به لينين) اهتمامًا خاصا. من رسالة بعث بها مكسيم غوركي إلى المفكر الروسي انوتشين بتاريخ 21/ايلول سبتمبر 1912.

- ترى أليس في الشرق آخرون من أمثال هذا الفيلسوف. (لينين)




([1]) جورج طرابيشي – معجم الفلاسفة – دار الطليعة – بيروت – ط1 – أيار (مايو) 1987.– ص 21

([2]) موقع ويكيبيديا – الانترنت .