بصدد دور العماّل و الفلاّحين فى الثورة الديمقراطية الجديدة - مقتطف 6 من - تعميقا لدحض أهمّ ترّهات حزب العمّال التونسي الخوجيّة الواردة في- الماوية معادية للشيوعية - - الجزء الثاني من الكتاب الأوّل من ثلاثيّة - حفريّات في الخطّ الإيديولوجي والسياسي التحريفي و الإصلاحي لحزب العمّال [ البرجوازي ] التونسي -


ناظم الماوي
2020 / 10 / 26 - 22:48     

بصدد دور العماّل و الفلاّحين فى الثورة الديمقراطية الجديدة - مقتطف 6 من " تعميقا لدحض أهمّ ترّهات حزب العمّال التونسي الخوجيّة الواردة في" الماوية معادية للشيوعية " - الجزء الثاني من الكتاب الأوّل من ثلاثيّة " حفريّات في الخطّ الإيديولوجي والسياسي التحريفي و الإصلاحي لحزب العمّال [ البرجوازي ] التونسي "

لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
و الروح الثوريّة للماوية المطوَّرة اليوم هي الخلاصة الجديدة للشيوعيّة – الشيوعيّة الجديدة
( عدد 38 - 39 / أفريل 2020 )
ناظم الماوي

ملاحظة : الثلاثيّة بأكملها متوفّرة للتنزيل بنسخة بى دى أف من مكتبة الحوار المتمدّن .

تعميقا لدحض أهمّ ترّهات حزب العمّال التونسي الخوجيّة الواردة في" الماوية معادية للشيوعية "

------------
(6)

دحض الترّهات الخوجيّة بصدد دور العماّل و الفلاّحين فى الثورة الديمقراطية الجديدة

يحفل عرض الخوجيّين المفضوحين منهم و المتستّرين لآراء ماوتسي تونغ حول العمّال و الفلاّحين فى الثورة بمغالطات كثيرة فالقرّاء لا يجدون أنفسهم فقط إزاء جمل كاملة منتزعة من سياقها و إنّما كذلك إزاء تحوير فظّ للكلمات الأصليّة حتى يسهل فيما بعد توجيه تهم من النوع الثقيل لماو الذى يجرى تجريمه بإعتباره محرّفا للماركسية - اللينينية أمّا أنور خوجا واضع " الإمبرياليّة و الثورة " السيّء الصيت و من بعده محمّد الكيلانى و من ورائع حزب العمّال " الشيوعي " التونسي في " الماويّة معادية للشيوعيّة " وتاليا ، و أصحاب " هل يمكن إعتبار ماو تسى تونغ ماركسيّا – لينينيّا ؟ " فإنّهم يرسمون لنفسهم صورة زاهية فهم مدافعون لا يشقّ لهم غبار عن الماركسية - اللينينية و رائدون فى الذود عن نقاوتها .

1- لائحة إتّهام خوجيّة :

يقول خوجا في " الإمبريالية و الثورة "، الطبعة الفرنسيّة : " إنّ ماوتسى تونغ لا يعترف بالدور الهيمني للبروليتاريا. لينين قال إنّ فى كلّ ثورة فى المرحلة الإمبريالية وبالتالي فى الثورة الديمقراطية ، فى ثورة التحرّر الوطني المعادي للإمبرياليّة ، كما فى الثورة الإشتراكيّة يجب أن يعود الدور القيادي للبروليتاريا ، ماو بالعكس رغم حديثه عن دور البروليتاريا فإنّه قلّص فى الممارسة من هيمنتها فى الثورة و ضخّم دور الفلاّحين فقد قال ماوتسى تونغ : " النضال الحالي ضد المحتلّين اليابانيين هو فى جوهره إعطاء السلطة للفلاّحين ".

هذه النظرة البرجوازية الصغيرة عبّر عنها ماوتسى تونغ فى أطروحته العامة " محاصرة المدن إنطلاقا من الريف " . يقول ماو : " بإمكان الريف الثوري محاصرة المدن ... العمل فى الريف يجب أن يلعب الدور الرئيسي فى الحركة الثوريّة الصينيّة بينما يجب على العمل فى المدينة أن يلعب دورا ثانويا " . وأعاد ماو هذه الفكرة عندما عالج أيضا دور الفلاّحين فى السلطة فقد قال : " إنّ الأحزاب و القوى السياسيّة الأخرى يجب أن تخضع للفلاّحين و إلى مفاهيمهم " كما كتب : " سوف نرى مئات الملايين من الفلاّحين ينهضون بقوّة ،لا يقهرون كأنّهم الإعصار و لن تستطيع أيّة قوّة إيقافهم ...سوف يضعون موضع التجربة كلّ الأحزاب و المجموعات فى الثورة ، كلّ الثوريّين . فإمّا أن يقبلوا رؤاهم أو أن يرفضوها " . إذن حسب ماو يعود الدور الهيمني فى الثورة للفلاّحين لا للطبقة العاملة . كما أقرّ الأطروحة القائلة بالدور الهيمني للفلاّحين فى الثورة، كإتّجاه نحو الثورة العالميّة . هذا هو منبع النظرة المعادية للماركسيّة التى تعتبر ما يسمى العالم الثالث - الذى ينعته الأدب السياسي الصيني أيضا ب" أرياف العالم "- القوّة الرئيسيّة المحرّكة لتغيير المجتمع الحالي حسب الرؤى الصينيّة. تمثّل إذن البروليتاريا قوّة إجتماعيّة ثانويّة وهي غير قادرة على لعب الدور الذى يعطيه لها ماركس و لينين فى النضال ضد الرأسماليّة و فى إنتصار الثورة فى تحالف مع كلّ القوى المضطهَدة من قبل رأس المال . فى الثورة الصينيّة ، لعبت البرجوازية الصغيرة و المتوسّطة دورا مهيمنا و قد أثّرت هذه الشريحة الواسعة على تطوّر الصين كلّه ."

2- تفنيد الإتّهام :

هذه لائحة إتّهام خوجا لماو تسي تونغ أمّا محمّد الكيلاني فهو لم يفعل فى كتابه " الماوية معادية للشيوعية " غير نسخ خوجا بأمانة شأنه فى ذلك شأن الخوجيّين المتستّرين أصحاب " هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيا – لينينيا ؟ " حيث جاء فى "بحثهم" هذا ، بالصفحة 31 : " تجدر الإشارة إلى أنّ تركيبة الحزب الشيوعي الصيني قد غلب عليها العنصر البرجوازي الفلاحي ، و البرجوازي الصغير منذ رئاسة ماو له فى 1935 و قد أدّى هذا إلى التخلّي عن الدور القيادي للطبقة العاملة و تكريس ما سمي " بتطويق المدينة بالريف " فهمّش دور البروليتاريا النضالي و أصبحت رافدا من روافد الفلاّحين عوض أن تضطلع بالدور القيادي فى المدينة و فى الريف معا."

و مثلما أقحم خوجا لينين فى معركة تصفية الحساب مع الماويّة ، عمد الكيلاني إلى التواري خلف لينين ليوجّه ذات التهم لماوتسى تونغ فيورد حديث لينين عن المرور من ثورة فيفري الديمقراطية إلى ثورة أكتوبر الإشتراكية و التحالفات الطبقيّة التى أقامتها البروليتاريا مع الفلاّحين دون أن يجد أيّ حرج فى المماثلة بين ثورة فيفري الديمقراطية فى روسيا و ثورة الديمقراطية الجديدة فى الصين ضاربا عرض الحائط بكلّ ما قاله ستالين - الذى لا يزال الكيلانى فى كتابه المذكور أعلاه يزعم الوفاء لطروحاته و أفكاره - حول الإختلاف الجوهريّ بين الثورتين المشار إليهما فثورة فيفري فى روسيا كانت ثورة ديمقراطية من النمط القديم أمّا الثورة الصينيّة فقد كانت ثورة من النمط الجديد . يضاف إلى ذلك الإختلاف الكبير بين الصين و روسيا خلال الفترتين التاريخيّتين اللتين شهدت الثورتين المشار إليهما من حيث الطبيعة الطبقيّة للمجتمع و نمط الإنتاج و التحالفات الطبقيّة إلخ و قد وقف ستالين على هذه الفروقات الجوهريّة فى مقاله " آفاق الثورة الصينية " و لكن الكيلاني مثله مثل الخوجيّين المفضوحين و المتستّرين كدغمائيّين تحريفيّين لا يفهمون ما يقرأون من مقالات و كتب تعكس الواقع الملموس و يفرضون قوالبهم المجرّدة فرضا على الواقع متنكّرين للأسلوب اللينيني فى التحليل الملموس للواقع الملموس .

و بعد إيراده الكلمات التالية التى قالها ماو ، " إنّ النضال الحالي ضد المحتلّين اليابانيّين هو من حيث الجوهر نضال الفلاّحين و النظام السياسي للديمقراطية الجديدة فى جوهره يعنى إعطاء السلطة للفلاّحين " ( الصفحة 69 من " الماوية معادية للشيوعية " ) يستنتج الكيلاني الخوجي بكلّ غباء ما يلى ( الصفحة 69-70 ) : " هذا يعنى أنّ جوهر النضال الديمقراطي و المعادي للإمبريالية لا يخرج عن إطار التغييرات التى تقبل بها البرجوازية الوطنيّة . أمّا إذا أزيحت البورجوازيّة من القيادة و تولّتها البروليتاريا فإنّ تغييرا جوهريّا يحدث فى المدى الذى ستأخذه الثورة. و بالتالي تتحرّر من الأفق البورجوازي و تفتح الطريق لتحويلها إلى ثورة إشتراكية فى أسرع وقت ممكن ." ( أسرع وقت ممكن !!! هكذا ! فمسألة المرور من مرحلة إلى أخرى مسألة سرعة و ليست مسألة تحقيق مهام و ميزان قوى : نظرة تروتسكيّة تترجم فى ثورة كما عرضها حينما حزب العمّال " الشيوعي " التونسي ديمقراطية وطنية برنامجها و تحالفاتها برنامج و تحالفات ثورة إشتراكية ).

وحدها قراءة تجريميّة لماوتسى تونغ تسمح بإستنتاج من هذا القبيل أمّا إذا تحرّرنا من هذا التجريم فإنّنا سنلاحظ دونما عناء أنّ ما قاله ماو لا ينطق بما ذهب إليه خيال الخوجي فهو لا يعالج أصلا مسألة القيادة الطبقيّة للثورة و إنّما يشير إلى أهمّية الفلاّحين فى الثورة المعادية للإمبريالية و الإقطاع فى بلد يمثّل فيه الفلاّحون القسم الأعظم من السكان أي حوالي 80 بالمائة من الشعب الصيني و بحساب الملايين فإنّ تعداد الفلاّحين كان 306 مليون من أصل 450 مليون هم مجموع سكان الصين ( أنظروا " مؤلّفات ماو تسي تونغ المختارة "، المجلد الثالث ، الصفحة 242 ) بينما كان تعداد البروليتاريا الصناعيّة سنة 1926 زهاء مليوني بشر . ( أنظروا " مؤلفات ماو تسي تونغ المختارة "، المجلد الأول الصفحة 14)

و بهذا المعنى فإنّ الفلاّحين كانوا يمثّلون خزّانا ضخما لا ينضب لثورة الديمقراطية الجديدة و كان يتوجّب على البروليتاريا و حزبها الشيوعي فهم هذا الأمر على أفضل وجه و توجيه هذا الزخم البشري الهائل و قيادته ضد الغزاة الإمبرياليّين و حلفائهم من الكمبرادوريّين و الإقطاعيّين ، ذلك ما أدركه ماو تسى تونغ مبكّرا وهو ما تشير إليه الكلمات التى يوردها الكيلاني على لسانه و لكن مأساة الخوجيّ لا تقف عند حدّ فهو ينتزع قول ماو من سياقه الذى بيّنناه ويقذف به فى سياق آخر.

و عندما يورد العبارات التالية لماو ، " بإمكان الريف الثوري محاصرة المدن . يجب أن يلعب العمل فى الرّيف الدور الرئيسيّ فى الحركة الثوريّة الصينيّة . و يحتلّ العمل فى المدينة دورا ثانويّا " فإنّ القارئ ينتظر أن يحيله الكيلاني إلى إحدى مؤلّفات ماو و لكن الكيلاني يحيلنا إلى أنور خوجا و كتابه " الإمبريالية و الثورة " . (أنظروا الصفحة 70 من كتاب الكيلاني ) ما يعنى أنّ الخوجيّ ينسخ أنور خوجا فى كلّ شيء حتّى فى الإستشهادات التى يقدّمها لنا فنحن أمام تكرار مملّ لطروحات كان خوجا قد عبّر عنها بصفاقة بالغة النظير متنكّرا ليس فقط لماو الذى كان يلقبه ب" الرفيق العظيم " و إنّما كذلك لستالين الذى صرّح : " إنّ المسألة القوميّة هي ، فى جوهرها ، مسألة الفلاّحين " و الذى قال أيضا : " يمثّل الفلاّحون الجيش الأساسي للحركة القوميّة . دون هذا الجيش لا يمكن أن توجد حركة قوميّة قويّة ، المسألة القوميّة هي، فى جوهرها ، مسألة الفلاّحين." ( ورد هذا فى خطاب " حول المسألة القومية فى يوغسلافيا "، قدّمه ستالين فى 30 مارس 1925 أمام اللجنة اليوغسلافية للجنة التنفيذية للأممية الثالثة . و إستشهد به ماو تسى تونغ فى مقال "حول الديمقراطية الجديدة "-1940- بالمجلد 2 من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " و ليس بالمجلّد الثالث كما ذكر الخوجيّ محمد الكيلاني و من ورائه حزب العمّال " الشيوعي " التونسي) بل الأنكى هو أنّ خوجا ينقلب كذلك على نفسه و على تاريخ ألبانيا ذاتها ، هو الذى قال فى أكثر من مؤلف له و من ذلك : " مثّل الفلاّحون الألبان القوّة الرئيسيّة فى ثورتنا ".( ذكره الكيلانى فى الصفحة 72 من كتابه )

و حين نقارن ما عبّر عنه ماو بما قاله ستالين نلاحظ بسهولة أنّنا أمام نفس الفهم لمسألة دور الفلاّحين فى ثورة الديمقراطيّة الجديدة و حين نعود لمقال ماو " حول الديمقراطية الجديدة " نجد عرضا مستفيضا للمسألة فعند الحديث عن مبادئ الشعب الثلاثة الجديدة ، أكّد ماو أنّها تتضمّن التحالف مع الإتّحاد السوفياتي و الحزب الشيوعي و : " ثالثا ، يجب على مبادئ الشعب الثلاثة الثوريّة ، مبادئ الشعب الثلاثة الجديدة أو الحقيقيّة ، أن تتضمّن سياسة تقديم المساعدة إلى الفلاّحين و العمّال. و الذين يرفضون هذه السياسة ، و لا يقدّمون المساعدة المخلصة إلى الفلاّحين و العمّال ، و يعرضون عن "إستنهاض الجماهير الشعبية " الوارد فى " وصيّة الدكتور صون يات صن " هم فى الحقيقة يمهّدون السبيل لإخفاق الثورة و إخفاقهم بالذات ." و كان ماو هنا يتوجّه بالكلام للقوى التى كانت تنتقد الحزب الشيوعي على أنّه تخلّى عن تلك المبادئ فى الوقت الذى كانت هي ذاتها تتنصّل منها و تعلن إلتزامها بافكار صون يات صن .

و يستطرد ماو : " لقد قال ستالين إنّ " المسألة القوميّة هي ، فى جوهرها ، مسالة الفلاّحين " و هذا يعنى أنّ الثورة الصينيّة هي جوهريّا ثورة الفلاّحين و أنّ المقاومة الحاليّة ضد اليابان هي جوهريّا منح السلطات للفلاّحين . و إنّ مبادئ الشعب الثلاثة الجديدة أو الحقيقيّة هى جوهريا مبادئ ثورة الفلاّحين كما أنّ الثقافة الجماهيريّة تعنى جوهريّا رفع مستوى الفلاّحين الثقافي . و إنّ حرب المقاومة ضد اليابان هي جوهريّا حرب الفلاّحين . إنّ اليوم يوم تطبيق " مبدأ الصعود إلى الجبال " فالإجتماعات و العمل و الدراسة و إصدار الصحف و تأليف الكتب و التمثيل المسرحي، كلّ شيء يجرى على الجبال ، و كلّه من أجل الفلاّحين جوهريّا . وفى الجوهر أنّ الفلاّحين هم الذين يقدّمون كلّ الأشياء التى تدعم المقاومة ضد اليابان و التى نستعين بها على الحياة . و نحن حين نقول " جوهريّا " إنّما نقصد أساسيّا ، دون أن نتجاهل فئات الشعب الأخرى ، وهذا ما قد أوضحه ستالين نفسه . إنّ الفلاّحين يشكلون 80 بالمائة من سكّان الصين و هذا ما يعرفه كلّ تلميذ صغير . لذلك أصبحت مسألة الفلاّحين المسألة الأساسيّة للثورة الصينية ، و قوّة الفلاّحين هي القوّة الرئيسية للثورة الصينيّة . و من حيث العدد يحتلّ العمّال بين سكان الصين المرتبة الثانية بعد الفلاّحين . فيوجد فى الصين عدّة ملايين من العمّال الصناعيين و عشرات ملايين من العمّال الحرفيين و العمّال الزراعيين ولا يمكن للصين أن تحيا بدون عمالها فى مختلف الصناعات ، لأنّهم المنتجون فى القطاع الصناعي من إقتصادنا. و لا يمكن للثورة الصينيّة أن تنتصر بدون الطبقة العاملة الصناعيّة الحديثة ، لأنّها قائدة الثورة الصينيّة و أكثر الطبقات ثوريّة ."

( ماو تسى تونغ سنة 1940- " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد الثانى ، الصفحة 511-512 - التسطير لنا )

و المتتبّع للصراع بين الخوجيّة و الماويّة لا يمكنه إلاّ أن يلاحظ أنّ خوجا و الخوجيّين المفضوحين منهم و المتستّرين عبر العالم و فى هذا البلد لا ينفكّون يؤكّدون الإلتزام برؤى ستالين الذى به إستشهد ماو و الذى ما نقد مواقف ماو هذه إلى وفاته سنة 1953 ، فى نفس الوقت الذى ينكرون فيه موضوعة ( ليست الوحيدة كما رأينا و سنرى) من موضوعاته الرئيسيّة حول مسألة الفلاّحين فى المستعمرات و أشباه المستعمرات أو المستعمرات الجديدة . و يضع موقف اللامبالاة تجاه الفلاّحين و تزوير حقيقة موقف كلّ من ستالين و ماوتسى تونغ الخوجيّين جميعا فى خانة أحزاب الأمميّة الثانية . فقد جاء بكتاب ستالين " أسس اللينينية " ضمن " أسس اللينينية و حول مسائل اللينينية " ( دار الينابيع ، دمشق 1992، الصفحة 65 ) :

" إنّ موقف اللامبالاة ، بل الموقف السلبي الصريح الذى تقفه أحزاب الأممية الثانية من مسألة الفلاّحين ، لا يمكن تفسيره بأنّه ناشئ فقط عن ظروف التطوّر الخاصة فى الغرب . بل هو يفسر، قبل كلّ شيء ، بأنّ تلك الأحزاب لا تؤمن بدكتاتورية البروليتاريا ، و أنّها تخشى الثورة ، ولا يخطر فى بالها أن تقود البروليتاريا إلى الحكم . و من يخشى الثورة ، و لا يريد أن يقود البروليتاريّين إلى الحكم لا يمكن أن يهتمّ بمسألة حلفاء البروليتاريا فى الثورة - فمسألة الحلفاء هي، فى نظره ، مسألة ليست بذات بال ، ولا هي موضوعة على البحث بشكل ملح . و موقف التهكّم الذى يقفه أبطال الأمميّة الثانية من مسألة الفلاّحين يعتبر لديهم ، دليلا على " تهذيب رفيع " و علامة من علائم الماركسية " الحقّة ". أمّا فى الحقيقة ، فليس فى هذا الموقف ذرّة من الماركسية ،لأنّ عدم المبالاة بمسألة هامة كمسألة الفلاّحين ، وذلك على أعتاب الثورة البروليتاريّة ، هو الوجه الآخر لإنكار دكتاتورية البروليتاريا ، وعلامة أكيدة لخيانة الماركسيّة خيانة مباشرة . "

3- فضح تزوير كلام ماو تسى تونغ :

و لكي نلقي المزيد من الضوء على هذه المسألة سنعود إلى ما يورده الخوجيّون على لسان ماو و ما يقوله ماو نفسه.

راجعا بنا إلى عشرينات القرن العشرين بما أنّه لم يجد شيئا يعلّق به على كتابات و مواقف ماو بشأن المسألة محلّ النظر لا فى الخمسينات و لا فى الستينات و لا فى السبعينات من ذلك القرن و لأنّه بذلك يعتقد أنّ المعنيين بالأمر لم يطّلعوا على ذلك أو يجدون صعوبة فى الرجوع إلى وثائق تلك الحقبة ممّا يسمح له بالتلاعب حسبما يروق له ، كتب خوجا :

" أعاد ماو هذه الفكرة عندما عالج أيضا دور الفلاّحين فى السلطة فقد قال :" إنّ الأحزاب و القوى السياسيّة الأخرى يجب أن تخضع للفلاّحين و إلى مفاهيمهم " كما كتب : " سوف نرى مئات الملايين من الفلاّحين ينهضون بقوّة ،لا يقهرون كأنّهم الإعصار و لن تستطيع أيّة قوّة إيقافهم ... سوف يضعون موضع التجربة كلّ الأحزاب و المجموعات فى الثورة ، كلّ الثوريين . فإمّا أن يقبلوا رؤاهم أو أن يرفضوها ". إذن حسب ماو يعود الدور الهيمني فى الثورة للفلاّحين لا للطبقة العاملة."

و يورد الكيلاني الإستشهاد ذاته ( بالصفحة 71 من كتابه ) مضيفا المزيد من التشويه حيث كتب على لسان ماو " أمّا الأحزاب الثوريّة و الرفاق فإنهّم سيجدون أنفسهم جميعا أمام إختيار الفلاحين الذين سيقرّرون قبولهم أو رفضهم " وهي جملة غيّب بقيّتها التى تشرح المقصود منها : " أتسير على رأس الفلاّحين و تقودهم ؟ أم تقف وراء ظهورهم معيبا لهم ؟ أم تقف فى وجوههم تناهضهم ؟ ".

و الملاحظ هنا أنّ كلاّ من خوجا و الكيلاني يختار الكلمات و الجمل بحسب ما يقتضيه المزاج و المأرب الإنتهازي الخاص ثم يؤسّسان على ذلك جبالا من الإستنتاجات و يبدو أنّ الكيلاني التلميذ أراد فى هذا الباب بالذات أن يبزّ خوجا معلّمه فى فنّ المغالطة و التشويه فأضاف تحريفا على تحريف ربّما أملا فى أن يتوّج هو أيضا أستاذا فى يوم من الأيام ، من يدرى ، فيغدو إماما للخوجيّين جميعا .

وحدها العودة إلى ما قاله ماو فى مؤلّفاته بخصوص هذه المسألة كفيلة بتبديد الضباب الذى يحاول الخوجيّون نشره بهدف حجب الحقيقة . وتجدر الإشارة بداية إلى أنّ الفقرة المنتزعة من نصوص ماو مأخوذة من مقاله " تقرير عن تحقيقات فى حركة الفلاحين فى خونان - مارس 1927 ". و قد قام ماو بهذا التحقيق للردّ على الهجمات الموجّهة من داخل الحزب الشيوعي الصيني و خارجه ضد النضال الثوري للفلاّحين حيث كان إنتهازيو اليمين و على رأسهم شن دو شيو يخشون التيّار الرجعي داخل الكومنتنغ فخيّروا عدم مساندة الفلاّحين و بالتالي التخلّى عمليّا عن الحليف الرئيسي للبروليتاريا الصينيّة ما ألحق الأذى بالطبقة العاملة و الحزب الشيوعي الصيني و سهّل على الكومنتنغ شنّ حربه على الشعب الصيني فى صيف 1927.

سنترك إذن كلمات ماو المزيّفة التى أوردها الخوجيّون و فصّلوها حسب القياس لتتناسب و لائحة الإتّهام الموجّهة ضد الماويّة و نورد كلمات ماو الحقيقيّة حتّى يدرك القارئ أي إنحطاط ذلك الذى يتردّى إليه أناس كثيرا ما يقدّمون أنفسهم فى ثوب من النزاهة و الصدق الكاذبين .

يقول ماو : " إنّ كلّ ما يقال ضد حركة الفلاّحين يجب تصحيحه بسرعة . و كلّ الإجراءات الخاطئة التى إتّخذتها السلطات الثوريّة فيما يتعلّق بحركة الفلاّحين يجب أن تصحّح على وجه السرعة . و بهذا وحده يمكن إفادة مستقبل الثورة بعض الفائدة . ذلك لأنّ النهضة الراهنة التى تشهدها حركة الفلاّحين هي حدث هائل . و لن تنقضي إلاّ فترة قصيرة حتّى يهب فى هذه النهضة مئات ملايين من الفلاّحين فى مقاطعات الصين الوسطى و الجنوبيّة و الشماليّة بسرعة خارقة و قوّة جارفة كالعاصفة العاتية ، لا تستطيع أيّة قوّة أخرى ، مهما تكن عظيمة ، أن تقف فى وجهها . و هم سوف يحطّمون جميع القيود و الأغلال التى تكبّلهم ، و ينطلقون قدما فى الطريق المؤدّية إلى التحرّر . و سوف يقذفون فى غياهب القبور بجميع الإمبرياليّين و أمراء الحرب و الموظّفين الفاسدين و العتاة المحليّين و الوجهاء الأشرار . أمّا الأحزاب الثوريّة و الرفاق الثوريّون فإنّهم سيجدون أنفسهم جميعا أمام إختيار الفلاّحين الذين سيقرّرون قبولهم أو رفضهم . أتسير على رأس الفلاّحين و تقودهم ؟ أم تقف وراء ظهورهم معيبا لهم ؟ أم تقف فى وجوههم تناهضهم ؟ إنّ لكلّ صيني الحرّية فى أن يختار أحد هذه المواقف الثلاثة ، بيد أنّ الظروف ستجبرك على الإختيار العاجل . "

( ماو تسى تونغ ، " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد الأوّل ، الصفحة 30 )

و قد إختار ماو السير على رأس جموع الفلاّحين الثائرة بينما إختار إنتهازيّو اليمين الوقوف وراء ظهور الفلاّحين خيانة لنضالهم أمّا الكومنتنغ فقد إختار الوقوف فى وجههم . فلماذا لم يورد الخوجيّون المفضوحون منهم و المتستّرون الذين يدافعون هذه المّرة و كلّ مرّة عن المواقف الإنتهازيّة التىى دحضها ماو طوال تاريخ الحزب الشيوعي الصيني نظريّا و عمليّا و التاريخ يشهد بذلك ، لماذا لم يورد الخوجيّون ما ينبغى إيراده ؟ لماذا وقفوا عند " إمّا أن يقبلوا برؤاهم و إمّا أن يرفضوهم " ؟ (وهي جملة بالتأكيد أنّكم لاحظتم إختلاف تأويلهم لها عن صريح النص الأصلي) هل بمثل هذا الأسلوب يودّون إقناع القراء بأنّ " الماويّة معادية للشيوعيّة " ؟

لقد أدرك ماو منذ عشرينات القرن العشرين ما لحركة الفلاّحين من أهمّية فى بلد شبه مستعمر و شبه إقطاعي فبدون نهوض الفلاّحين و إنخراطهم فى النضال تظلّ الثورة الديمقراطية الجديدة مجرّد حلم جميل غير قابل للتحقيق و أنّه من أوكد مهام البروليتاريا و حزبها الشيوعي الثوري و أشدّها حيويّة إستنهاض الفلاّحين الفقراء خاصة و السير فى مقدّمة صفوفهم فى إتّجاه القذف بالإمبرياليّين و الإقطاعيّين إلى "غياهب القبور" لذلك أكّد ماو فى المقال نفسه ( الصفحة 35 ) : " و على كلّ رفيق ثوري أن يعلم أنّ الثورة الوطنيّة تتطلّب إنقلابا عظيما فى الريف . و قد فشلت ثورة 1911 لأنّها لم تحدث هذا الإنقلاب . و حدوث هذا الإنقلاب الآن هو عامل هام لإتمام الثورة . و على كلّ رفيق ثوريّ أن يؤيّده و إلاّ وقف موقفا مناهضا للثورة " .

و هذا الإختيار الثوري الذى سطّره ماو هو عين الإختيار الذى دعا إليه ستالين معتبرا إيّاه الموقف الصحيح الذى يجب إتّخاذه و ترجمته عمليّا فى الريف الصيني إذ قال [ ستالين ] :" أعرف أنّ من بين الكومنتنغيّين و حتّى من بين الشيوعيّين هنالك من لا يعتقدون بإمكانيّة إندلاع الثورة فى الريف . هنالك من يخافون من أن يكسر إنخراط الفلاّحين فى الثورة الجبهة الموحّدة المعادية للإمبريالية . هذا إنحراف عميق جدّا. رفاقى ، ستكون الجبهة المعادية للإمبريالية فى الصين أقوى و أصلب بقدر ما يسرع و بعمق إنخراط الفلاّحين الصينيّين فى الثورة . لأصحاب الأطروحات بالخصوص تانغ بينغ سيان أكثر من الحقّ حين يقرّون بأنّ شرطا متأكّد الضرورة لإنتصار الثورة الصينيّة هو التلبية الآنية لطلبات الفلاّحين الأكثر إلحاحا . أعتقد أنّه حان وقت الإنتهاء من الصمت و " الحياد " تجاه الفلاّحين الذى يلاحظ فى أعمال بعض عناصر الكومنتنغ . أعتقد أنّ على كلّ من الحزب الشيوعي الصيني و الكومنتنغ و بالتالي السلطة فى كانتون المرور دون تمطيط العبارات إلى الأعمال و إلى طرح التلبية الفوريّة لطلبات الفلاّحين الأكثر إلحاحا ".

( " خطاب ستالين أمام اللجنة الصينية للجنة المركزية للأممية الشيوعية " ، فى 30 نوفمبر 1926)

واضح هو موقف ماو من المسألة المثارة و منسجم مع موقف ستالين و الأمميّة الشيوعيّة و مع متطلّبات الواقع الملموس لديناميكية الثورة الصينيّة فقد دعا الحزب الشيوعي الصيني لقيادة الفلاّحين و تجنّب " الحياد " الذى إنتقده ستالين أمّا ما فعله و يفعله الخوجيّون المفضوحون و المتستّرون فلا يعدو كونه تشويها للماويّة ولكن الحقائق تظلّ عنيدة و واضحة لكلّ ذى عين ترى .

بقي أن نلفت النظر إلى أن مقارنة ما قاله ماو فعلا بما نسب إليه زورا يجعلنا نقف ليس فحسب على النزوع التآمري فى التعاطي مع النصوص و تأويلها و إنّما كذلك على السطو على الكلمات و تعويضها بكلمات أخرى فحوافر الخوجيّين داست على النصّ فى مجمله و مزّقته نتفا نتفا ثمّ أعادت تركيبه بحسب ما تقتضيه المهمّة المقدّسة التى ندبوا أنفسهم من أجلها . فقد حذف خوجا " ولن تنقضى إلاّ فترة قصيرة ليعطي المسألة بعدا نظريّا عاما يقع خارج تاريخ الصين و واقعها الإجتماعي و السياسي الملموس و كأن الأمر يتعلق بمسألة الفلاّحين فى المطلق و هذا مثال آخر يفسّر لماذا يوصف الخوجيّون بالدغمائية . كما حذف "سوف يحطّمون جميع القيود و الأغلال التى تكبّلهم و ينطلقون قدما فى الطريق المؤدّية للتحرّر و سوف يقذفون فى غياهب القبور بجميع الإمبرياليين و أمراء الحرب و الموظفين الفاسدين و العتاة المحلّيين و الوجهاء الأشرار " لأجل التقليص من أهمّية دور الفلاّحين فى الثورة الديمقراطية الجديدة وهو ما يتناسب و النزعة التروتسكيّة المتأصلة لدى الخوجيّين رغم محاولات إخفائها و التنصّل منها قولا مع تكريسهم لها فعلا . كما لم ينبسوا ببنت شفة عن الخيارات الحقيقيّة الثلاثة التى أشار إليها ماو ، ويضاف إلى ذلك حشوهم النص الأصلي بكلمات لم ترد فيه مثل " فإمّا أن يقبلوا أراءهم أو يرفضوها " .

و قد إختار خوجا لنصّ ماو الذى إستشهد به هو و الخوجيّون من بعده إطارا من نسج خياله فحيث كان ماو يتحدّث عن إستنهاض الفلاّحين و ضرورة إنخراطهم فى الثورة الديمقراطية الجديدة بقيادة البروليتاريا وحزبها الشيوعي ، كان خوجا يتحدّث عن ماو الذى "عالج دور الفلاحين فى السلطة " !! و دون أن يتورّع ينسب لماو زورا و بهتانا قوله " إنّ الأحزاب و القوى السياسية الأخرى يجب أن تخضع للفلاّحين و إلى مفاهيمهم " فى حين يخلو النص الأصلي من كلّ ذلك . و هذه أمثلة أخرى تشرح لماذا يوصف الخوجيّون بأنّهم دغمائيّون تحريفيّون .

4- قيادة البروليتاريا للفلاّحين في الثورة :

تصب مختلف التهم التى يوجّهها الخوجيّون المفضوحون و المتستّرون لماوتسى تونغ حول دور الفلاّحين فى خانة الإدّعاء بأنّه لا يولى البروليتاريا الأهمّية التى تستحقّها فى الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية بل إنّه لا يعترف أصلا بقيادتها لهذه الثورة . و طالما أنّ ماو يتّخذ هكذا موقفا فكيف نعتبره ماركسيا - لينينيا ؟ إنّه مجرّد برجوازي صغير يعبّر عن المستوى الفكري و السياسي للبرجوازية الصغيرة و المتوسّطة التى لعبت دورا مهيمنا فى الثورة الصينيّة التى لم تكن لها أيّة علاقة بالبروليتاريا و الإشتراكية . هذا هو جوهر ما تريد الخوجيّة قوله وهي تطلق سيل إتّهاماتها ضد ماوتسى تونغ و حتى تمرّ إدعاءاتها دونما ضجيج ، أغمضت العين عن كلّ ما قاله ماو بخصوص قيادة البروليتاريا للثورة الصينيّة متوهّمة أن ذلك هو الأسلوب الأمثل لمحاربة الماويّة و لكن الأمور تسير على خلاف ما يريده الخوجيّون فعندما نعود إلى نصوص ماو نعثر على تكذيب إفتراءات الخوجيين و نلفى أنّ الزعيم البروليتاري الصينيّ أكّد فى مناسبات عديدة أن البروليتاريا الثوريّة هي قائدة الثورة الصينيّة .

و إضافة إلى ما سطّرناه أعلاه " لا يمكن للثورة الصينيّة أن تنتصر بدون الطبقة العاملة الصناعيّة الحديثة ، لأنّها قائدة الثورة الصينيّة و أكثر الطبقات ثوريّة " ، نشدّد على أنّ منذ الوثيقة الأولى المثبتة فى المجلّد الأوّل من مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة ( " تحليل لطبقات المجتمع الصيني "- مارس 1926) ما إنفكّ ماو يؤكّد الدور القيادي للطبقة العاملة و يترجمه عمليّا ففى حديثه عن البروليتاريا فى تحليل لطبقات المجتمع الصيني ( " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد 1، الصفحة 22) ، سجّل : " البروليتاريا . يبلغ عدد البروليتاريا الصناعية الحديثة نحو مليوني عامل ... و البروليتاريا الصناعية رغم قلّة عددها ، تمثّل قوى الإنتاج الجديدة فى الصين ، وهي أكثر الطبقات تقدّمية فى الصين فى العصر الحديث ، و أصبحت القوّة القائدة للحركة الثوريّة فيها ".

و بعد تحليل دقيق لطبقات المجتمع الصيني ، إستخلص : " نعلم ممّا تقدّم ذكره أنّ أعداءنا هم كلّ من يتواطأون مع الإمبرياليّة و هم أمراء الحرب و الإداريّون الكبار و طبقة الكمبرادوريّين و طبقة كبار ملاك الأراضي و فئة المثقّفين الرجعيّين التابعين لهم . و القوّة القائدة لثورتنا هي البروليتاريا الصناعيّة . و أقرب أصدقائنا هم أشباه البروليتاريا و البرجوازية الصغيرة بمختلف فئاتهم . أمّا البرجوازية الوسطى المتذبذبة فقد يصبح جناحها اليميني عدوّا لنا و جناحها اليساري صديقا لنا - و لكن علينا أن نتّخذ دائما حذرنا حيالها لئلاّ تخلق الفوضى فى جبهتنا ".

هكذا تكلّم ماو فى أوّل وثيقة من مؤلّفاته المختارة و منذ 1926 فما بالك بالتالي الذى نختزل بعض أهمّ مقولاته المقتطفة من أهمّ مؤلّفاته فى ملحق قد يفيد من يبحث عن الحقيقة التى هي وحدها الثورية و من يودّ مزيد التعمّق فى البحث .

و قد سارت البروليتاريا الصينية كقوّة قياديّة و حزبها الشيوعي الصيني بقيادة ماو تسى تونغ فى طريق الثورة و حرب الشعب الطويلة الأمد نحو الهدف المنشود و من حولها مئات الملايين من الفلاّحين الفقراء كقوّة أساسيّة و سائر الكادحين و حقّقت ظفرها المدوّى سنة 1949مرسية طريقا جديدا نموذجيّا للثورة فى أشباه المستعمرات و دولة لربع سكّان العالم فى ظلّ قيادة بروليتاريّة شيوعيّة فكان لذلك الإنتصار الذى إرتعدت له فرائص الإمبرياليّين و الرجعيّين كافة ثقل رهيب على موازين القوى العالميّة حيث رجّح الكفة لصالح الإشتراكيّة و ما يسمّى المعسكر الإشتراكي فلاقى ستالين نفسه ذلك بالترحيب و التهليل البروليتاريّين لثاني أهمّ حدث فى القرن العشرين ألا وهو إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة الصينيّة بقيادة البروليتاريا والحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماوتسى تونغ. و سيمضى ماو تسى تونغ فى قيادة البروليتاريا و الصين من معركة إلى أخرى لبناء دولة الديمقراطية الجديدة ثم للقيام بالتحويل الإشتراكي و تاليا لتشييد أعلى هرم ثوريّ فى تاريخ البروليتاريا العالميّة إلى يوم الناس هذا : مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ما سيعدّ عن صواب ثالث أهمّ حدث ثوري أو ثورة بروليتاريّة و منارة و لبّ تطوير الماركسية -اللينينية إلى مرحلة ثالثة جديدة و أرقى هي الماركسية - اللينينية - الماوية فى القرن العشرين و نقصد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى 1966/1976 ، قبل أن تفتّك البرجوازيّ ة عبر وصول التحريفيّة إلى سدّة الحكم و إنقلاب 1976 السلطة و تعيد تركيز الرأسمالية فى الصين.


ملحق : قيادة البروليتريا مفتاح انتصار الثورة الديمقراطية الجديدة و الثورة الإشتراكية – مقولات لماو تسى تونغ

I) قبل إفتكاك السلطة

1) المجلد الأول : إضافة إلى ما سبق إيراده :

- القيادة البروليتارية هي المفتاح الوحيد لإنتصار الثورة . ( جانفى 1930 - رب شرارة أحرقت سهلا ، م1، ص178).

- ...تأمين قيادة البروليتاريا للفلاّحين ، و العمل على تحقيق الدور القيادي لقطاع الدولة بالنسبة إلى القطاع الخاص، حتى نستطيع خلق شروط لازمة للإنتقال إلى الإشتراكية فى المستقبل .( جانفى 1934 - سياستنا الإقتصادية ، م1، ص 208) .

- و لذا فإن البروليتاريا و الحزب الشيوعي وحدهما يستطيعان قيادة الفلاحين والبرجوازية الصغيرة فى المدن و البرجوازية ، و التغلب على ضيق الأفق الذى يتميز به الفلاحون و البرجوازية الصغيرة ، وعلى روح الهدم لدى جمهور العاطلين، و كذلك على ذبذبة البرجوازية و عدم مثابرتها على المضي إلى نهاية المطاف ( بشرط ألا يخطئ الحزب الشيوعي فى سياساته) ، و بالتالي يقودان الثورة و الحرب فى طريق النصر. ( ديسمبر 1936- قضايا الإستراتيجيا فى الحرب الثورية الصينية ، م1، ص 282) .

- كيف تباشر البروليتاريا ، عن طريق حزبها ، القيادة السياسية لسائر الطبقات الثورية ؟ ( ماي 1937 - مهمات الحزب الشيوعي فى مرحلة مقاومة اليابان ، م1، ص400) .

2 ) المجلد الثاني :

- إن الحزب الشيوعي الصيني حزب يقود نضالا ثوريا عظيما فى أمة كبيرة تعدادها مئات ملايين الإنسان ( أكتوبر 1938 - دور الحزب الشيوعي فى الحرب الوطنية ، م2، ص 280-281).

- لا يمكن المثابرة على حرب العصابات إلاّ إذا قادها الحزب الشيوعي ( نوفمبر 1938 - قضايا الحرب و الإستراتيجيا ، م2، ص 320) .

- إن إنجاز الثورة الديمقراطية فى الصين يعتمد على قوى إجتماعية معينة ، وهي الطبقة العاملة ، و طبقة الفلاحين، و الأوساط الثقافية ، و القسم التقدمي من البرجوازية ، أو بعبارة أخرى الثوريون من العمال و الفلاحين و الجنود و المثقفين و رجال التجارة و الصناعة ، مع كون العمال و الفلاحين يشكلون القوى الثورية الأساسية ، ومع كون الطبقة العاملة هي الطبقة التى تقود الثورة .( ماي 1939 - حركة 4 ماي ، م2، ص 328).

- إن النضال المسلح الذى يخوضه الحزب الشيوعي الصيني هو فى حد ذاته حرب فلاحية تحت قيادة البروليتاريا . ( أكتوبر 1939 - تقديم لمجلة " الشيوعي"، م2 ، ص401) .

- و عليه ، يصبح جليا أن النضالات الثورية الطويلة الأمد فى هذه القواعد الثورية هي ، بصورة رئيسية ، حرب عصابات يخوضها الفلاحون تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني .(ديسمبر 1939 - الثورة الصينية و الحزب الشيوعي الصيني ، م2، ص 437) .

- يمكننا أن نتبين أن الثورة الصينية بمجموعها تشتمل على مهمة مزدوجة. و هذا يعنى أن الثورة الصينية تشتمل على هاتين المهمتين :الثورة ذات الطابع الديمقراطي البرجوازي ( ثورة الديمقراطية الجديدة ) و الثورة ذات الطابع الإشتراكي البروليتاري ، أي الثورة فى المرحلة الحالية و الثورة فى المرحلة المقبلة. و إن قيادة هذه المهمة الثورية المزدوجة هي واجب يقع كليا على عاتق حزب البروليتاريا الصينية - الحزب الشيوعي الصيني، و بدون قيادة الحزب الشيوعي الصيني، لن تتمكن أية ثورة من الثورتين من الظفر.

- إن إنجاز ثورة الصين الديمقراطية البرجوازية ( ثورة الديمقراطية الجديدة ) و الإنتقال منها إلى الثورة الإشتراكية عندما تتوفر جميع الشروط الضرورية – إن هذا ليشكل كل المهمة الثورية المجيدة و العظيمة التى تقع على كاهل الحزب الشيوعي الصيني .. و ينبغى لكل عضو من أعضاء الحزب الشيوعي أن يعلم أن الحركة الثورية الصينية التى يقودها الحزب الشيوعي الصيني هي فى مجموعها حركة ثورية كاملة تشتمل على مرحلتين : الثورة الديمقراطية و الثورة الإشتراكية ، و هما عمليتان ثوريتان مختلفتان من حيث طبيعتهما ، و لا يمكن إنجاز العملية الثانية إلا بعد إتمام الأولى . فالثورة الديمقراطية هي التمهيد اللازم للثورة الإشتراكية، و الثورة الإشتراكية هي النتيجة الحتمية للثورة الديمقراطية. و الهدف النهائي لجميع الشيوعيين هو أن يحققوا بكل الجهود مجتمعا إشتراكيا و مجتمعا شيوعيا تحقيقا كليا . ( المصدر السابق ، ص 456-458).

- ففى جمهورية الديمقراطية الجديدة الخاضعة لقيادة البروليتاريا ، سيكون القطاع العام ذا طبيعة إشتراكية ، وهو يشكل القوة القائدة فى مجموع الإقتصاد القومي ، بيد أن هذه الجمهورية لا تصادر الأملاك الرأسمالية الخاصة الأخرى و لا تحظر تطور الإنتاج الرأسمالي الذى "لا يسيطر على وسائل معيشة الشعب " ، و ذلك لأن إقتصاد الصين لا يبرح متخلفا جدا. (جانفى 1940 - حول الديمقراطية الجديدة ، م2، ص 492) .

- و بما أن الثقافة الجديدة للصين اليوم لا يمكن أن تستغني عن قيادة البروليتاريا الصينية ، فإن الثقافة الجديدة للصين اليوم لا تستطيع أيضا أن تستغني عن قيادة الثقافة أو الإيديولوجية للبروليتاريا الصينية أي عن قيادة الإيديولوجيا الشيوعية. ( جانفى 1940 - حول الديمقراطية الجديدية ، م2، ص 530)

- يجب تأمين المكانة القيادية للشيوعيين فى أجهزة السلطة السياسية. (مارس1940- مسألة السلطة السياسية فى مناطق القواعد المناهضة لليابان ، م 2، ص 590).

- و لذلك فإن السلطة السياسية القائمة على أساس الجبهة المتحدة و الخاضعة لقيادة الحزب الشيوعي هي العلامة الرئيسية لمجتمع الديمقراطية الجديدة .( ماي 1941- تلخيص عن تحطيم الحملة الثانية المعادية للحزب الشيوعي، م2 ، ص 663).

3) المجلد الثالث :

- ما الذى نعتزمه إذن ؟ إننا نعتزم أن نقيم ،ب عد هزيمة الغزاة اليابانيين هزيمة تامة ، نظام دولة مبنيا على التحالف الديمقراطي للجبهة المتحدة الذى يقوم على أساس تأييد الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب فى كل البلاد و يخضع لقيادة الطبقة العاملة ، و نحن ندعو نظام الدولة هذا بنظام دولة الديمقراطية الجديدة .( أفريل 1945، م3، ص 312).

4) المجلد االرابع :

- فالنضال من الآن فصاعدا سيجرى حول نوع الدولة التى يجب بناؤها. هل تبنى دولة ديمقراطية جديدة للجماهير الشعبية الواسعة تحت قيادة البروليتاريا ، أم دولة شبه مستعمرة و شبه إقطاعية خاضعة لدكتاتورية كبار ملاك الأراضي و البرجوازية الكبيرة ؟( أوت 1945- الوضع السياسي و سياستنا بعد النصر فى حرب المقاومة ضد اليايبان، م4 ، ص23).

- إن سلطة دولة الديمقراطية الجديدة هي سلطة دولة الجماهير الشعبية المعادية للإمبريالية و الإقطاعية ، بقيادة الطبقة العاملة... و تقود الطبقة العاملة، بواسطة طليعتها الحزب الشيوعي الصيني ، دولة الجماهير الشعبية هذه و حكومتها.( جانفى 1948- حول بعض المسائل الهامة فى سياسة حزبنا الراهنة ، م4، ص241).

- إن الثورة الصينية فى مرحلتها الراهنة هي ، من حيث الطابع ، ثورة تخوضها الحماهير الشعبية الواسعة بقيادة البروليتاريا ضد الإمبريالية والإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية .(مارس 1948- حول مسألة البرجوازية الوطنية و الوجهاء المستنيرين ،م4 ،ص265 )

- إن الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية تتطلب قيادة الطبقة العاملة، لأنها هي الطبقة الوحيدة النافذة البصيرة ، و أكثر الطبقات إنكارا للذات، كما أنها أكثر الطبقات حزما فى الثورة. و يبرهن تاريخ الثورات بأكمله على أن الثورة تفشل إذا كانت بدون قيادة الطبقة العاملة و أنها تنتصر إذا قادتها هذه الطبقة. و فى عصر الإمبريالية ، لا يمكن لأية طبقة أخرى ، فى أي بلد كان ، أن تقود ثورة حقيقية إلى النصر. و الدليل على ذلك أن الثورات العديدة التى قادتها البرجوازية الصغيرة و البرجوازية الوطنية فى الصين فشلت جميعا.( 30 يونيو - حزيران 1949- حول الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية ، م4 ، ص532).

II) فى السلطة

5) المجلد الخامس (بالفرنسية ) :

- فى سبتمبر 1954، فى أوج التحويل الإشتراكي الذى شرع فيه إثر إنهاء مهام الثورة الديمقراطية الجديدة ، قدم ماو تسى تونغ خطابا أمام الجلسة الأولى للمجلس الشعبي الوطني لجمهورية الصين الشعبية جاء فيه :

" لنناضل من أجل تشييد دولة إشتراكية كبرى " و " الخلية القيادية لقضيتنا هي الحزب الشيوعي الصيني و الأساس النظري الذى يسترشد به فكرنا هو الماركسية - الينينية ".

- فى ما يعد بيانا تأسيسيا للحركة الماركسية - اللينينية المواجهة للتحريفية المعاصرة لا سيما منها السوفياتية : " إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعيّة العالميّة " (14 حزيران 1963، بالعربية ) ، نقرأ :

- تواجه الأمم و الشعوب المضطهَدة فى آسيا و أفريقيا و أمريكا اللاتينية المهمة الملحة مهمة محاربة الإستعمار وأتباعه. إن التاريخ ألقى على عواتق الأحزاب البروليتارية فى هذه المناطق رسالة مجيدة هي أن ترفع عاليا راية معارضة الإستعمار و معارضة الحكم الإستعماري القديم و الجديد و تحقيق الإستقلال الوطني و لديمقراطية الشعبية، و أن تقف فى مقدمة الحركة الوطنية الديمقراطية الثورية و أن تكافح من أجل مستقبل إشتراكي .(ص17)

- و إذا أصبحت البروليتاريا ذيلا للإقطاعيين و البرجوازيين فى الثورة ، فإنه لا يمكن أن يحقق نصر حقيقي كامل للثورة الوطنية الديمقراطية بل و حتى إذا تحقق نوع من النصر فإنه من غير الممكن أيضا أن يوطد ذلك النصر . (ص 20)

- ... مثل هذا الحزب الثوري فقط بوسعه أن يقود البروليتاريا و الجماهير الواسعة من الشعب لهزيمة الإستعمار و عملائه و يكسب النصر التام فى الثورة الوطنية الديمقراطية و يكسب الثورة الإشتراكية . (ص64)

- ورد بالنقطة الأولى من الوثيقة التى تشكل ميثاق الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى : " قرار اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني حول الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى " ،8 آب 1966 :

- إن الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ، الجارية ،هي ثورة كبرى تمس ما هو أكثر عمقا عند البشر. وتشكل مرحلة جديدة فى تطور الثورة الإشتراكية فى بلدنا، مرحلة أعظم إتساعا و عمقا فى آن .

- و إنتهت الوثيقة ب : الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى قمينة أن تحقق ظفرا باهرا تحت قيادة لجنة الحزب المركزية برئاسة الرفيق ماو تسى تونغ .
إلخ ...