المجد للخسة و للحقارة , المجد للقطيع و للقتلة , المجد للعدم


مازن كم الماز
2020 / 10 / 26 - 13:26     

غريب و مقلق , أن تستطيع أن تغمض هينيك في عالم يذبح فيه إنسان بسبب صورة و يقتل فيه الملايين لأنهم يهود أو أرمن أو سود أو بيض أو صفر ..

أن تبرر أو تطالب بمعسكرات العمل و الذبح العبودي , أن تبرر أو تدافع أو تبتهج لقطع رأس إنسان بسبب صورة , أن تجعل من هذا العالم غابة و مسرحا لكل هذه الهمجية يعني هذا شيئا واحدا فقط : التقط سيفك , من عاش بالسيف مات به .. أن تنادي و تساهم بتحويل العالم إلى جهنم , إلى غابة , عليك عندها أن تعتمد فقط على أنيابك و مخالبك فقط , اترك البكاء للأطفال و اترك الشكوى للعاجزين و الكسالى و اعلم أنك عندما تبادر الآخرين بالكراهية و بالسيف لا تنتظر منهم سوى السخرية و الكراهية و السيف

كما أنك لم ترحم آلام عدوك عندما تمكنت منه لا تنتظر من عدوك أن يقابل ابتهالاتك أو توسلاتك إلا بالسخرية و بالسيف

كل من يريد أن يفرض علي شيئا ما , أن يحد من تفكيري , أن يقمع أي فكرة أو ممارسة أو قول يخصني بأي شكل من الأشكال , فهو عدوي و عليه أن يعرف أني لا استسلم بسهولة و أني أيضا أستطيع أن أذبح و أقاتل كما يجب دفاعا عن أصغر حق من حقوقي .. إذا كنت تعتقد أنه من حقك ذبح الناس باسم نبيك و إلهه فاستعد للقتل أو للموت , لا تبكي إذا طعنت بنفس السيف الذي ترفعه في وجوهنا و لا تشتكي إذا لم تجد في الغابة التي تصنعها سوى الأعداء و القتلة

لا أعرف شيئا عن ماكرون و لا أؤمن بشيء اسمه فرنسا أو ما تسمونه أوطانا و لا بالعلمانية أو بأي دوغما أخرى و لا أعرف شيئا عن إسرائيل و فلسطين و الأسد و الجولاني و أردوغان أو بوتين الخ الخ أكثر من هاتين الكلمتين : كل من يريد أن يفرض علي شيئا عليه أن يكون مستعدا لقطع رأسي و لأن أقوم أنا بالمقابل بقطع رأسه إن سبقته إلى ذلك

تثبت الأديان كما كل الإيديولوجيات أننا مجرد حيوانات مفترسة قاتلة منافقة خائفة و تافهة , أننا لسنا إلا كائنات مدنسة خاطئة .. بمجرد أن أدرك الإنسان نفسه و عالمه من حوله حتى رفض أن يعيش في الحاضر و بذل كل ما بوسعه ليبدو أجمل مما هو عليه في الواقع و بدأ يطلق أسماء مختلفة على همجيته و وحشيته و جهد أن يخترع أسبابا وجيهة ليمارس افتراسه و همجيته , سماها آلهة و أيديولوجيات و أوطانا و شعوبا الخ الخ .. لكن كل ما يزعم البشر أنه يمنحهم الأخلاق و يدفعهم للتصرف بشكل مختلف عن الحيوان ليس إلا أقنعة غبية لهمجيتهم .. لكن كل هذا النفاق لم ينفع البشر شيئا , في الغابة التي يصنعونها كل يوم , أن تذبح أو تنتحر باسم إله هو أتفه بما لا يقاس بأن تقتل أو تنتحر لأنك تريد ذلك , لأنك مجرد إنسان , حيوان مفترس , كائن مدنس

كلمة للدواعش الذي يسمون أنفسهم علمانيين أو ليبراليين , أولا لا أحد مهتم بأن ينافسكم على الأموال أو الإقامات أو الجوائز التي تستجدونها من الدول النيو ليبرالية و لا أحد مهتم بفضح داعشيتكم أمام مموليكم و مستقبليكم و محتضنيكم من النيوليبراليين و ما بعد حداثيين ... إن العدميين و من يقدس حريته أكثر من أي شيء آخر في العالم و من لا يفهم الحرية على أنها حريته في ذبح رؤوس الناس بسبب صورة أو لأسباب مشابهة , لا يهتمون بمنافستكم في كسب رضا الغرب النيوليبرالي , و هم خلافا لكم لا يرون أن كل شيء مباح في سبيل السلطة أو المال , و لا أحد حزين أو غاضب لأنكم تنشرون الكره و تصفقون و تبررون لقطعانكم كل همجيتها , إنكم مؤخرة لا طليعة قطيع ذا مهمة تاريخية خاصة جدا و هو تصحيح الخطأ الذي ارتكبته الطبيعة بإنتاج كائنات همجية مفترسة و منافقة و قطيعية كالبشر .. لن أقول لكم أن تشعروا بالتفاهة و أنتم تنظرون إلى أنفسكم في المرآة , أعرف أنكم تخجلون من النظر في المرآة و من الحديث عن الصعاليك الذين لا يشبهونكم في عبادة السلطة و المال , لن اقول لكم أنكم تجسيد للكره و التفاهة و الخسة و الجبن أكثر بكثير من بقية أفراد قطعانكم , لن أقول لكم أن تعودوا إلى قطعانكم إن كنتم صادقين و تؤمنون حقا بما تجهرون به بدلا من أن تهربوا منها إلى مراتع النيوليبرالية و ما بعد الحداثة , بالعكس , أشد على أيديكم و أتمنى صادقا أن تنجحوا بمساعيكم لبث الكراهية و تكريس الهمجية و أن تستمروا بكل ما أنتم عليه من تفاهة و خسة و حقارة و نذالة و جبن و أن تحصلوا على جوائز أكثر و أموال أكثر و إقامات أكثر في قلاع النيوليبرالية نفسها .. و لا أطالبكم أن ترفعوا أيديكم عن العلمانية و الليبرالية و الاشتراكية و الحرية أو غيرها من أسماء تخفون وراءها داعشيتكم .. كل هذه أوهام لا تختلف كثيرا عن أوهامكم القطيعية و هوسكم بشخص اسمه محمد لا نعرف و لا تعرفون عنه لا أنتم و لا قطعانكم شيئا سوى أن كل من يجرؤ على أن يتحدث عن همجيته بجب أن يذبح من الوريد إلى الوريد .. و لا أن تتحدثوا باحترام و خزي و حتى بقداسة عندما تتحدثون عن أمثال نيتشه و دي ساد و سارة حجازي و نعيمة البزاز , أولئك الذين لم يهربوا من تناقضاتهم و تناقضات وجودهم و عالمهم إلى أية أوهام أو أية قطعان , بكل بساطة لأنهم لم يفعلوا ذلك لأجلكم بل كان ذلك خيارا واعيا مارسوه بكل حماسة و عمق و دفعوا ثمنه باهظا كما قد يخيل لكم فقط لأنهم أرادوا ذلك و لأنهم واجهوا أنفسهم و عالمهم بكل صدق و شجاعة مهما كان الثمن .. في الحقيقة إن كل كلمة تخرج من أفواهكم تملؤني سرورا و حبورا , أكاد أشم معها رائحة أفران الغاز و المذابح القادمة و أكاد أسمع قهقهات العدم و الموت الذي سيلف تفاهاتكم و آلهتكم و قطعانكم كما سيلف كل شيء