مقالات وتحليلات :النزعة القومية و وجهة نظر:بقلم الرفيق صادق عزيز.العراق


تيار الكفاح العمالى - مصر
2020 / 10 / 26 - 01:41     

1
يوم الأحد الماضي المصادف 18 تشرين الأول, إضرم عناصر تابعة و موالية للحشد الشعبي النار في مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد. و قد إحرق عشرات من المحتجيين أتباع الحشد البناية التابعة للحزب والعلم الكردي و صور لقادة الحزب . جاءت هذه الهجمة على إثر تصريح للوزير الأسبق وعضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار الزيباري في لقاء متلفزة مع القناة “الحرة ” الفضائية ,دعى فيه إلى “تطهير “المنطقة الخضراء من الحشد الشعبي بعد إن زاد الهجمات الصاروخية على السفارات الأجنبية ومراكز تواجد القوات الأمريكي على حد تعبير الوزيرالأسبق .
يأتي هذا التصعيد في ظل التوتر المتزايد التي تشهدُ علاقة المركز بأقليم منذ بضعة سنوات . حيث تمر علاقة الطرفين بأزمة سياسية متشنجة وحادة و تتهم كل طرف الطرف الإخر أخلال بالتعهدات التي إبرم بين الطرفين ونقض بنود الدستور .
تعاني حكومة الأقليم و المركز على حد سواء من إزمة إقتصادية و سياسية عميقة , حيث أستدعي في الخامس من الشهر الجاري رئيس حكومة الأقليم كردستان مسرور البرزاني للبرلمان لتقديم تقرير الحكومة و الرد على أسئلة أعضاء البرلمان . وخلال الساعات العشر من الجلسة , لم يخفي رئيس الحكومة ما تعانيه حكومتهٌ من أزمة أقتصادية خانقة وكشف عن ان كابينته حكومتهٌ ( الحكومة التاسعة للأقليم ) ترزخ تحت وطأ قروض تتجاوز 28.5 مليار دولار . و أسوة برؤساء الحكومات السابقة في الأقليم , أتهم مسرور البرزاني الحكومة السابقة بترك أكثر من 27 مليار دولار ديونا غير مدفوع .
وعلى الرغم من أن خطاب رئيس الحكومة تمحور حول مسألتين أساسية و هما مسألة الفساد و ألاصلاح و مسألة علاقة المركز بألقليم دون إعطاء إية بصيص أمل للخروج من المأزق العقيم .لم يجد بإرزاني وسيلة أفضل من فرض المتزايد للضرائب والسيطرة على المنافذ الحدودية الكَمركَية و خصخصة ماتبقى من مؤسسات الدولة للتخلص من الوضع الأقتصادي المتأزم . إذ ركز على ” الأصلاحات الضريبية و الأدارية ” .من المؤكد أن تبعات فرض سياسية فرض الظرائب ستبقع بكاهلها على الطبقات الوسطى و المحرومة بشكل أوسع و اكثر . وأن الطبقات المالكة و الرأسماليين يعرفون حق المعرفة كفية إستخدام وسيلة التنصل الضريبي بشكل دقيق .
وعلى الطرف الاخر فان حكومة المركزتعاني هي الاخرى من تبعات الازمة المالية و الاقتصادية المحلية و العالمية و العجز المذهل في الميزانية حيث تعاني حكومة المركز من ديون تجاوز 86 ترليون د.ع. فان الازمة السياسية و الاقتصادية التي تعاني منها الاقليم و المركز تبقي متفاقمة و مدمرة لحياة الملايين من العمال و الوظفين و الطبقات الوسطى المحرمة و ستقذف بالملايين من الشغيلة الى صفوف العاطلين و المحروميين و الى ازياد مستوى الفقر و العوز لتصل مستويات مخيفة .
لقد اثبيت جلسة البرلمان الاخيرة مرة على ان ايجاد حلول اقتصادية للوضع الراهن في ظل النظام الاجتماعي الراهن ضربا من الاوهام و الخيال و ان السيبل الوحيدة للوصول الى حياة امنة و سعية لا يمكن تحقيقها من دون تغير النظام و العلاقات الاجتماعية الراهنة .
ان السعي لتاجيج الشعور القومي و اثار النزعات القومية من قبل الاحزاب القومية الكردية و بعض القوى القومية و اطراف الشعية اخرى في ظل الظروف التاريخية الراهنة ما هي الا مساعي للخلاص من الازمة الراهنة و ذر الرماد في عيون الجماهبر و خداعها.
ان التغيرات التي طرات على العلاقات الاجتماعية الطبقية و الصراع الطبقي والتغيرات التي حصلت في كلا المعسكرين الطبقيين على الصعيد العالمي و المحلي و في ظل الازمة السياسية الاقتصاية التي تعصف عالم الراسمال منذ انهيار عالم ثنائي الاقطاب في اواخر الثمانيات من القرن المنصرم لم تعد ثمة اية ارضية اجتماعية و مادية تاريخية للميول ” القومية و التعصب القومي ” من النمو و التطور لاحياء هذه النزاعات و اشاعة الثقافة القومية باعتبارهار تيار برجوازي لها القدرة لاستجابة لمعضلات الراسمال العالمي و فتح الطريق مفتوحا امام التيارات البرجوازية الاخرى من الليبرالية الجديدة و الشعبوية للمبادة و ” الاستجابة “.
2
منذ اكثر من ثلاثة اسابيع ( منذ 72 من ايلول المنصرم ) تشهد منطقة ناكورني كارباغ اشتبكات عنيفة بين القوات الاذرية و الارمينية و التي راحت ضحيتها المئات من الضحايا و تشريد عشرات الالوف .
و قد اندلع الاشتياكات بين الطرفين على خلفية اتهامات متبادلة بين الجانبين بمهاجمة المدنيين . في الوقت الذي يصف فيه المراقبون بان المعارك الحالية هي الاعنف منذ اوائل التسعينات من القرن الماضي و التي راحت ضحينها اكثر من 30الف قتيل و نزوح اكثر من مليون انسان و التي جرت تحت يافطة النزعة والميول القومية و العرقية . يعزوا بعض المراقبين و السياسين الاخريين الحرب الجارية الى اسباب تاريخية او قومية و الى التركيب السكاني و كون الاغلبية الارمية و الاقلية الاذرية تقطن كارباغ و الى ما شهدتها المنطقة من تطهير عرق بين سنوات 1992-1994 . الا ان الحقيقة الساطعة وراء نشوب هذه الحرب توكد على التحالفات و الاستراتيجيات الجيدة التي تشهده المنطقة و البلقان عموما في تغير مستمر و تنبا بظهور اتلافات جديدة .وان عدم الاستقرار السياسي و الاقتصادي ترجع الى مساعي القوى الدولية و الاقليمة لاعادة ترتيبها في لوحة الخارطة الساسية القادمة وفق مصالحها القومية و الوطنية فليس غريبا ان نجد الجمهورية الاسلامية تدعم ارمينا المسيحية بينما نجد تركيا السنية تدعم اذربيجان الشعية .
تشير كل الدلائل و التقارير الاقتصادية التي تربط مصالح اذربيجان و تركيا و مساعي تركيا لتامين الطاقة و الغاز و النقص الحاصل في تزويد تركيا من الطاقة و الوقود من روسيا و ايران كما تعد اذربيجان اكبر مستورد للاسلحة الاسرائيلية اذ ابرم اسرائيل صفقة عسكرية بقيمة 5 مليلر دولار في السنةات الاخيرة هذا علاوة على ان اذربيجان تزود كلا من تركيا و اسرائيل بالطاقة و الغاز ( تصل كمية استيراد تركيا للغاز من اذربيجان 5.44مليار متر مكعب خلال النصف الاول من هذا العام . و تعد اذربيجان اهم مصادر الطاقة لتل ابيب التي تستورد 40%من طاقتها .
في الوقت الذي تربط روسيا و ارمينيا اتفاق العسكرية و الاستراتيجية التي تربط موسكو ب ارمينيا و كما تربط ايران و ارمينيا المصالح الاقتصادية التي تربط ايران بارمينا تعطي الملامح الحقيقية لاثار اية تغير في المنطقة على هذه الائتلافات السياسية و الاقتصادية الاستراتيجية ان الفهم الموضوعي و المادي لاسباب و دواعي هذه الحرب لايمكن رؤيتها من المنظور القومي و الاثني فحسب بل لا يمكن فهمها و تقدير تطور ها و افاقها خارج التحولات العالمية في موازيين القوى في البلقان و البحر المتوسط .
3
بعد ان انضم البحرين الى كلا من مصر و الاردن و الامارات بالاعلان عن عقد اتفاق سلام مع اسرائيل . دشنت البحرين و اسرائيل الاحد الماضي 18/10 اتفاق للسلام و اصدرا بيانا مشتركا بشان اقامة علاقات دبلوماسية كاملة ,علاقات في المجالات السياحية والمصرفية والدبلوماسية”. على حد تعبير وزير الخزانة الاميريكي ستيف منوتشين الذي رافق الوفد الاسرائيلي الى المنامة . و بهذا تكون بحرين رابع دولة عربية من بين 22 دولة عربية تعقد اتفاق سلام مع اسرائيل بعد مصر 1979 و الاردن 1994 و الامارات اواسط ايلول الماضي .
و تباينت ردود الافعال على هذه الاتفاق و التغيرات التاريخية التي طرات في علاقة الدول العربية و اسرائيا التي ميزت تاريخ منطقة شرق الاوسط منذ الاعلان عن دولة اسرائيل 1948. هذا التاريخ الذي عرف بتاريخ الصراع العربي الاسرائيل تحت ريادة الحركة القومية العربية . و التي كانت المقاومة و استعادة الاراضي العربية و انهاء الوجود الاسرائيلي مفاهيم تميز تلك الحقبة و التي شكلت الثقافة السائدة و ايدلوجية المقاومة و “تحرير كامل التراب ” .
مع دخول الحركة القومية و التعصب القومية و الشعور الاثني عموما و العربي بوجه الخصوص مرحلة الاتكماش و الانحسار نهاية السبعينات من القرن الماضي باعتبارها ممثل التيار البرجوازي العربي الراديكالي و التي تؤمن استمرار نظام العمل الماجور و التمايزالاجتماعي , اضحت الطريق مفتوحا امام التيارات البرجوازية الاخرى من الدينية و الليبرالية و غيرها . ان فشل الجامعة العربية في ادانة التطبيع تؤكد بان ثقافة القومية العربية و التعصب القومي لم تعد تستجيب للتغيرات و الاستراتجيات الحديثة .
ان رعاية الولايات المتحدة لمسار السلام العربي الاسرائيلي و العمل لجر اطراف و دول اخرى ( الضغط على السودان و السعودية و غيرها ) للتغيرات الجديدة و مسار السلام و انهاء حالة الحرب تعتبر الطريق الانسب لحاية لحماية مصالح و تجاوز حالة الاخفاق في العراق و سوريا . و هذا هو انسب الطرق لمواجهة محور المقاومة المتمثلة بالتواجد الايراني و حزب الله .

20/10/2020