زمن جيفارا


حسن مدن
2020 / 10 / 25 - 11:44     

أكثر من خمسين عاماً مرّت على قتل جيفارا الثائر الأرجنتيني المولد، والذي تصعب نسبته إلى بلدٍ بعينه من بلدان أمريكا اللاتينية، كونه ناضل في أكثر من بلد، فهو كان شريكاً أساسياً في صنع انتصار الثورة الكوبية إلى جانب فيدل كاسترو وشقيقه راؤول، ورغم أنه عُيّن وزيراً في أول حكومة كوبية بعد الثورة، وقام بمهام دبلوماسية عديدة في حينها، لكنه سرعان ما زهد المناصب كلها، وآثر أن يواصل نضاله من أجل تحرر بلدان أخرى في القارة من الهيمنة الأمريكية والطغم الفاسدة العميلة لها، وعلى أرض بوليفيا لقي مصرعه على يد عملاء المخابرات المركزية الأمريكية التي كانت وضعته هدفاً لها، حتى تمكنت منه وهو يقود مجموعة من المقاتلين في أدغال ذلك البلد.
تحرص كوبا سنوياً على إقامة حفل السنوي لرحيل جيفارا، لتخليد ذكرى الرجل الذي غدا أسطورة عالمية، وأيقونة للشباب المتطلع إلى التغيير وبناء حياة أفضل لا في أمريكا اللاتينية وحدها، وإنما في العالم كله/ وهو إحياء يقام في مدينة سانتا كلارا شرق العاصمة والتي تعتبر «تشي» ابنها بالتبني منذ دوره الحاسم في ديسمبر/كانون الأول 1958 في النصر على قوات الديكتاتور فولجنسيو باتيستا.
في الذكرى الخمسينية لرحيل جيفارا، قبل سنوات، حرصت بوليفيا أيضاً التي على أرضها استشهد، على إقامة حفل لتكريم ذكرى الرجل، وبحضور أبناء جيفارا الأربعة والرئيس البوليفي إيفو موراليس، الذي اتهم وكالة الاستخبارات المركزية باضطهاد وتعذيب واغتيال جيفارا، الذي عثر على جثته في حفرة هناك قبل 20 عاماً، وتمت إعادتها وسط مراسم تكريم إلى كوبا.
لقد تبدلت أشياء كثيرة في العالم منذ مقتل جيفارا بحقدٍ وتشف، لكنه يظل رمزاً للحرية، وتظل الصورة الشهيرة التي التقطها له المصور الكوبي «ألبرتو ديان جوتياريز» الصورة الأشهر في العالم كله حتى اليوم، فلقد عكست ما في ملامحه من ذكاء متقد وتصميم ووسامة وكاريزما القائد، وتحولت إلى ملصق يعلق على جدران الغرف وقاعات الكليات، وشعار يزين قمصان الشباب والشابات وقبعاتهم، رغم المساعي المبذولة لتحويلها إلى «ماركة مسجلة»، وتغييب دلالاتها.
إن أمثولة جيفارا في البطولة والتضحية تسمو على مرّ الزمن، ويعيش الثائر الشاب في وجدان الشبيبة التواقة للمثل النبيلة التي وهب حياته من أجلها.