فوز حزب «الحركة الاشتراكية» اليساري بالانتخابات الرئاسية في بوليفيا

مصطفى عبد الغني
2020 / 10 / 20 - 14:01     


أعلن لويس آرس مرشح حزب “الحركة الاشتراكية” البوليفي، أمس الاثنين، فوزه في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد يوم الأحد الماضي، فيما خرج أنصاره إلى الشوارع احتفالًا بهذا الفوز. يأتي هذا الإعلان بعد أن أظهر استطلاع لآراء الناخبين بعد الانتهاء من الإدلاء بأصواتهم بأن آرس، الذي كان يشغل منصب وزير الاقتصاد في حكومة الرئيس السابق إيفو موراليس، قد حقق نصرًا ساحقًا من الجولة الأولى.

يعد هذا الفوز انتصارًا كبيرًا لحزب الحركة الاشتراكية اليساري بعد أن أُطيحَ رئيسه إيفو موراليس من السلطة العام الماضي في انقلاب عسكري.

سادت حالةٌ من الترقب نتائج الانتخابات على الرغم من أن عملية التصويت مرت بهدوء، وسط تخوفات من عدم تداول ديمقراطي للسلطة، وذلك بعد تأخر إعلان النتائج الأولية عن المعتاد. ةأدى حجب إعلان نتائج استطلاعين للرأي قامت بهما وكالات خاصة إلى زيادة حالة التوتر، قبل أن يقوم موراليس بإنهاء حالة الصمت وإعلان فوز آرس بالانتخابات.

كانت بوليفيا قد شهدت، العام الماضي، انقلابًا عسكريًا بعد فوز موراليس في الانتخابات الرئاسية لفترة رابعة على التوالي. استغلَّت المعارضة اليمينية الأزمة الاقتصادية والفوز غير المتوقع لموراليس من الجولة الأولى، وسط تشكيك واسع النطاق في نزاهة الانتخابات، لإحداث حالة من الفوضى. وقد واكبت ذلك هجماتٌ مسلحة من عناصر اليمين المتطرف على مقرات الحركة الاشتراكية، بل وعلى منازل المزارعين من عائلة وجيران موراليس.

وجاء التدخل المباشر للجيش ليشكل الخطوة الأخيرة من الانقلاب، إذ أرغمت قيادة الجيش موراليس على ترك البلاد وتم نقله بالفعل إلى المكسيك كلاجئ سياسي. وأعلنت جانين آنيز، أحد أقطاب اليمين المتطرف في البرلمان البوليفي والمعروف عنها احتقارها للسكان الأصليين، نفسها رئيسةً مؤقتةً للبلاد بعد تصويتٍ هزلي وفي غياب غالبية أعضاء البرلمان. ثم أدلت بتصريحاتٍ صحفية من قصر الرئاسة وإلى جانبها أحد كبار جنرالات الجيش.

وقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، فور إعلان موراليس استقالته، اعتبار ذلك “نصرًا كبيرًا للديمقراطية”. وكان من أول المهنئين لليمين البوليفي نظام بولسونارو البرازيلي اليميني المتطرف، فيما هلَّل عددٌ من المليارديرات لهذا الانقلاب وعلى رأسهم إيلون ماسك المدير التنفيذي لشركة تسلا.

وعلى الفور تحرَّك مئات الآلاف من فقراء الآلتو (المدينة المتاخمة للعاصمة لاباز وهي معقل الفقراء من السكان الأصليين) بمظاهراتٍ صاخبة للمطالبة بعودة موراليس ووقف الانقلاب العسكري، وبدأ المزارعون الفقراء بتنظيم صفوفهم للدخول في المعركة التي قُتِلَ فيها العشرات من المقاومين للانقلاب. وشاركت عصابات اليمين المتطرف في القتل إلى جانب الجيش والشرطة.

كان إيفو موراليس، الذي يعد أول رئيس لبوليفيا من السكان الأصليين، أحد قادة الحركات الاجتماعية والنقابية التي اندلعت بقوة في بدايات القرن الحالي ضد الليبرالية الجديدة وضد السياسات العنصرية التي تبنتها الحكومات البوليفية المتعاقبة تجاه الفقراء والسكان الأصليين وضد ثقافتهم وحقوقهم. وقد شكَّل موراليس ورفاقه من النقابيين والمزارعين الفقراء حزب الحركة الاشتراكية، الذي تمكَّن من الفوز بالانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 2005.

وخلال فترات رئاسته الثلاث تبنَّى حزب موراليس الاشتراكي سياساتٍ إصلاحية لخدمة الغالبية العظمى من السكان من المزارعين والعمال، وقد تمكَّن من تقليص نسبة الفقر من 60% إلى 30% من السكان، وخلق طفراتٍ كبيرة في التعليم والصحة وفي حقوق المزارعين والعمال. ولكن هذا النموذج الإصلاحي من الاشتراكية سرعان ما تعرَّض لأزمات طاحنة بعد الأزمة العالمية في 2008 وانهيار أسعار المواد الخام والبترول والغاز والتي يعتمد عليها الاقتصاد البوليفي. وخلال السنوات الأخيرة، تراجعت شعبية موراليس، الذي شغل منصب الرئيس لمدة 14 عام، وذلك بعد تقاربه المتزايد من الشركات متعددة الجنسيات التي تعمل في مجالات الزراعة والطاقة في بوليفيا.