بائع جديد لبضاعة مستهلكة! رد على انتقادات حسين علوان حسين عديمة الصلة!


توما حميد
2020 / 10 / 17 - 14:52     

بدءاً، لاوضح نقطة. نحن في تقليدنا لانستخدم صفات من مثل " استاذ، دكتور، مهندس وغيرها" الا في اماكن العمل: الجامعة، المستشفى، المعمل او غيره. ان هذه جزء من تصور الشيوعية العمالية ارتباطاً بالحس والرؤية الانسانية والمساواتية العميقة بين البشر. ولهذا فلن استخدمه من الان. من المؤكد ان هذا لايقلل من احترام احد!
في البداية اود ان اكد ان هذا الرد على حسين علوان والذي فيه نقد لطروحات الحزب الشيوعي العراقي وسياساته، ليس نابع من قناعة بان الحزب الشيوعي العراقي حزب يمكن إصلاحه من خلال النقد. كل سياسات هذا الحزب يمثل اهداف حركة اجتماعية واقعية، وعليه ايدولوجيا و نهج يمثلان التيار القومي الإصلاحي. انه تيار ليس له ربط بمصالح الطبقة العاملة وبالشيوعية. كما ان هذا الرد ليس لان انتقاد حسين علوان للشيوعية العمالية هو نقد جدي ورصين او ذا اهمية خاصة. سابين لاحقا هشاشة نقده هذا.
"علكة" قديمة!
حسين علوان لم ياتي بجديد. التهم التي يوجهها هي تهم وجهتها كل الحركات اليمينية على امتداد التاريخ البشري، ومنذ قرنين "تعلك" بها البرجوازية على طول الخط. ان ردي ليس على حسين علوان بقدر ما هوعلى الدعاية الاشمل التي تسوقها البرجوازية بحق الشيوعيين والتقدميين ليس في العراق فحسب، بل على المستوى العالمي. سوف يقتصر ردي على طروحات حسين علوان في المسائل التي تخدم الشيوعية.
لقد خصص حسين علوان اول حلقة من حلقاته العشرين المخصصة في نقد الشيوعية العمالية في ترديد أولى التهم التي توجهها البرجوازية للشيوعيين والتقدميين وخاصة في الدول التي تسمى بدول العالم الثالث، وهي تهم "العمالة"، "الخيانة" و"الشبهة"! ان هذا تقليد قومي-اسلامي صديء! وليس بغريب ان يطلقه اناس ينتمون لتقليد الشيوعية السوفيتية اولاً لانه اتى من مدرستهم الام (التقليد الستاليني) من جهة، ومن جهة ثانية انه تقليد تيار ذا سمة قومية والتقاليد المتخلفة والرجعية الاسلامية (مداهنة الاسلام والعشائرية مثلاً) جزء من هويته الفكرية والسياسية! ان هذا ليس امر اليوم. ان هذه تقاليد فشل ثورة اكتوبر وانتصار الجناح البرجوازي-القومي بقيادة ستالين، وبالتالي سيادة تقاليده.
التهمة او النعت الثاني الجاهز في جعبة البرجوازية والذي ترميهما في وجه الشيوعيين وكل المنتقدين الراديكاليين للنظام الرأسمالي هي "عدم الواقعية"، "الصبيانية السياسية" وغيرها.
ان "الشعارات واللفظية الثورية البراقة"، "الراديكالية ظاهراً والفارغة وعديمة المحتوى"، "ابتذال الشيوعية والنضال الشيوعي" الى نوع من الشعاراتية والتشدق الفارغ بالثورة والعامل هو مبعث نقد حركتنا بوصفها تصورات وممارسة حركات اجتماعية تابعة للبرجوازية الصغيرة، وهناك كتابات لاعد لها ولاحصر بهذا الصدد. ان هذا جزء من تمايز الشيوعية العمالية عن سائر اشكال الاشتراكيات غير العمالية وغير الاجتماعية لليسار البرجوازي. ان هذا تيار عالمي، ونقدنا واضح ومعروف ومدون منذ عقود وليس اليوم. نحن لاننظر اليه فقط كـ"مرض"، وانما ندرك جيدا البعد الاجتماعي الذي يقف ورائه، "الصبيانية اليسارية للبرجوازية الصغيرة"! هذه البرجوازية الصغيرة التي ليست ببعيدة عن تاريخ الاشتراكية حتى قبل البيان الشيوعي وماركس.
ولكن يجب ان نفرق بين هذا وبين شيء اخر: مساعي الطبقات الحاكمة دوماً، والبرجوازية ودعايتها اليوم للدفاع عن نظامها المتعفن، والهجوم على أي فكر وحركة تقدمية بدمغها بالتطرف والصبيانية وعدم الواقعية الخ. هذا المسعى معروف في كل بقاع العالم. أي شخص يدافع عن ابسط الحقوق، بل حتى في أحيان ينطق بالحقيقة او ينتقد النظام الرأسمالي الذي بات خطر جدي على البشرية وعلى حافة الانهيار، يتهم بالتطرف وعدم الواقعية. دعني اعطي مثالين واضحين. تعتبر أمريكا الدولة الوحيدة من ضمن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي ليس فيها كل المواطنين مشمولين بالرعاية الصحية. عندما طالب بيرني ساندرز وهو شخص غير شيوعي وليس راديكالي متطرف باي مقياس من المقايس، بالرعاية الصحية للجميع، تم نعته بالراديكالية والاشتراكية واحياء الشيوعية رغم ان مثل هذا الاقتراح هو ليس اقتراح جديد على البشرية، بل تتبناه 33 من مجموع 34 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ورغم ان امريكا تصرف على الصحة ضعف ما تصرفه أي دولة أخرى، ورغم ان تبني نظام رعاية صحي مشابه للدول الأخرى سوف يكلف أمريكا مبالغ اقل، أي يكون ارخص. هذا اذا لم تأخذ بالحسبان الاضرار والتكاليف الهائلة على المجتمع على المدى البعيد، لعدم توفير رعاية صحية للجميع. ولكن تردد البرجوازية هذه الترهات وتملئ الدنيا صراخا من اين نأتي بالاموال في وقت تضخ الترليونات في جيوب الشركات الاحتكارية عند الازمة، لان رعاية صحية للجميع تتكفل بها الحكومة لا تتماشى مع مصالح المجمع الصناعي الصحي الأمريكي.
المثال الثاني هو حقيقية ان شركات الوقود الاحفوري عرفت، منذ سبعينيات القرن المنصرم، ان الوقود الاحفوري يسهم في التغير المناخي وهو خطر على البشرية. وان هذا الوقود هو الان اغلى من الكثير من مصادر الوقود البديلة والخضراء. ولكن عندما يطالب احد بالتخلي عن هذا الوقود يدمغ بالتطرف وعدم الواقعية ومحاولة تدمير الاقتصاد الخ، والسبب هو واضح أي مصالح قطاع رأسمالي قوي.
اي ان هناك مصلحة في عرقلة كل خطوة تقدمية للبشر. لقد اطلق على دعاة "الغاء العبودية" الاتهامات ذاتها، كما اطلق على دعاة انهاء الفصل العنصري، ومساواة المراة بالرجل، حق التصويت لمن لايملكون، حق التصويت للسود والنساء، ضمان البطالة، و8 ساعات عمل، وإلغاء عمل الأطفال، رفع الحد الانى للاجور و....كل مطلب ومسعى تقدمي اطلقت عليه هذه الدعايات والاتهامات والترهات. انه مسعى مدروس لردع الطرف المقابل.
مقارنة لا اساس لها!
يشارك حسين علوان بشكل متهافت في هذا المسعى. ومن اجل القيام بهذا العمل، يقوم بشكل سطحي بعقد مقارنة بين محاولة لينين والبلاشفة بين 1908 -1914 بالجمع بين مختلف اشكال النضال بما فيها الاشتراك في البرلمان الرجعي للغاية في روسيا وبين اشكال نضال الحزب الشيوعي العراقي ومشاركته في الحكومة الطائفية-القومية التي أعقبت الاحتلال ومن ثم بعقد مقارنة بين الحزب الشيوعي العمالي الألماني والحزب الشيوعي العمالي العراقي رغم عدم وجود أي تشابه بين الحالتين.
لاقل كلمة قبل هذا. ما صلة الحزب الشيوعي بلينين والشيوعية وماركس؟. قلّب صفحات طريق الشعب والثقافة الجديدة كلها، على الاقل من ربع قرن لحد الان هل تجد فيها كلمة "ثورة اشتراكية"، "لينين"، "ماركس"، "ديكتاتورية البروليتاريا" و...الخ. ليس هذا وحسب، بل اصطف مع الغرب وهرول خلفهم مردداً ضالته ان عالم مابعد الحرب الباردة هو عالم "الديمقراطية" و"حقوق الانسان" و"القوميات". بل استسخف رفاقه كل مقولاتهم السابقة. هل يحتاج ان اذكر احد بان عزيز محمد حين تم توجيه سؤال له في عام 1992 (بما معناه): كيف ترون الان افكاركم حول "الثورة الاشتراكية" و"ديكتاتورية البروليتاريا"، رد بانها افكار مرحلة الصبا وافكار اكل الدهر عليها وشرب!
الشيوعية العمالية هي من دافعت عن ماركس، لينين والشيوعية. ليس هذا وحسب، بل تخلوا هم عن معسكرهم، ووقعت مهمة الدفاع عن منجزات اكتوبر واتحادهم السوفيتي على كاهلنا. على العكس، الشيوعية العمالية بينت، رغم محدوديات النظام الاقتصادي البرجوازي السوفيتي، الا انه خلق حدود ليست قليلة من الامان الاقتصادي، وبينت منجزاته فيما يخص الحقوق والضمانات الاجتماعية، حقوق المراة، الاطفال والخ. لقد وقفت الشيوعية العمالية بوجه اكبر هجمة برجوازية على الشيوعية والماركسية بحجة انهيار قطب اشتراكي " زائف" في التسعينيات من القرن الماضي. منذ ما لا يقل عن ربع قرن لم ارى احد من التقليد السياسي للحزب الشيوعي (باعضائه والمستقيلين منه) يدافع عن الحزب الشيوعي العراقي بمقولات لينين وماركس! ان هذه سابقة تحسب لحسين علوان!
ان عقد مقارنة بين مواقف الحشع ومواقف لينين يتطلبا خيالا واسعا. ان مكانة موضوعة المشاركة بالبرلمان كانت عند لينين مرتبطة بموضوعة اكثر اساسية وهي البرلمان يوفر فرصة للعمل العلني في روسيا الاستبدادية وذا صلة بموضوعة العمل العلني والسري للحزب والعلاقة بينهما. البرلمان يوفر منبر علني لعموم روسيا لفضح البرجوازية وفضح خططهم وسياساتهم ومناوراتهم المعادية للجماهير، وخصص لهذا اناس وضعوا مقدماً ان هناك امكانية لاعتقالهم وزجهم بالسجون، اي ارسل لينين محرضين "فدائيين" بالمعنى العام للكلمة. اي بالعراقي ثوريين "معطين انفسهم بالخسائر"! ويؤكد لينين في الوقت ذاته على ضرورة عدم التوهم بالبرلمان وخواء اطار البرلمان، وان الثورة والتغيير الحقيقي "لا ياتي من هنا، بل من اسفل"! لقد كان لينين مجبرا على استخدام هذه الأداة من اجل العمل العلني، فضح البرجوازية، وإيصال صوته الى الجماهير في ظروف روسيا في وقتها. لماذا انت مجبر في القرن الواحد والعشرين ومع وجود الانترنيت والفيسبوك ومئة وسيلة ووسلة أخرى، لدخول برلمان لايسمح لك حتى بالحديث فيه، دع جانبا فضح البرجوازية؟.
ماربط ماقام به لينين ببرلمان جاء عبر احتلال ومتفسخ، فاسد، برلمان مليشياتي، لحفنة لصوص ومجرمين وبائعي ضميرهم. برلمان حين يصوتون على رئيسه، يصور كل واحد ورقة تصويته بالموبايل حتى ينال "ثمن" صوته!!! البرلمان بالنسبة للينين مكان للتحريض ضد البرجوازية ومن اجل الثورة العمالية والشيوعية، ماربط هذا بمشاركة جاسم الحلفي او رائد فهمي او....؟!! الحزب الشيوعي يشارك في العملية السياسية التي شيدها الاحتلال كطرف هزيل، يقتصر دوره على إضفاء الشرعية على اقذر قوى وعملية سياسية في تاريخ البشرية. وليس للحزب الشيوعي العراقي أي اشكال أخرى للنضال عدا المشاركة في البرلمان كطرف ذليل. في ايام الثورة والانتفاضات والاضرابات العامة، حين يكون الشارع يغلي، يرى لينين انه من الخطأ المشاركة في البرلمان، العراق يومياً يغلي الف مرة، ماذا يعمل "الاخوة الشيوعيين" في البرلمان؟ ان تعامل حسين علوان هو سطحي الى ابعد الحدود.
ان البرلمان هو اللحظة المنشودة وفردوس الحزب الشيوعي. ولهذا يمنحه هذا الثقل والاهمية.
من جهة أخرى، خصص حسين علوان حلقة من حلقاته العشرين للحديث عن تفاصيل الاحداث التي أدت الى تأسيس الحزب الشيوعي العمالي الألماني في 1920. رغم سرد تاريخ تاسيس الحزب، لم يقل لنا الأستاذ حسين ماهي أوجه الشبه بين الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي الألماني من جهة او بين الحزب الشيوعي العمالي العراقي والحزب الشيوعي العمالي الألماني وبين شعارات الحزبين وممارساتهما السياسية وبين طريقة تاسيسهما.
اذ يسرد أستاذ حسين شعارات رفعها هذا الحزب للتدليل على صبيانتيها وثوريتها الفارغة. ولكن في الحقيقة هي تنطبق على الحزب الشيوعي العراقي وليس الحزب الشيوعي العمالي العراقي ومنها "رفض الثورة بقيادة الحزب الشيوعي وفق النموذج البلشفي"، "الرفض التام للشكل اللينيني للتنظيم و كذلك للديمقراطية المركزية"، و "رفض النشاط داخل النقابات العمالية القائمة".
ان من صرف 10 دقائق في قراءة لينين، وبالاخص "مالعمل؟!" يرى كم ان هذه الافكار مناقضة للينين واللينينية، وان لينين شن نضالاً لاهوادة فيه ضد هذا النوع من التحزب الليبرالي وغير الشيوعي. لو ان لينين سار وفق هذه، لما انتصر العمال والبلاشفة في ثورة اكتوبر، ولما اصبحوا من الاساس قوة سياسية وجدية. ان هذه الطروحات الثلاث هي طروحات احزاب برجوازية صغيرة لا ربط لها باشتراكية، ولا بثورة عمالية ولا... انها تناسب حزب برلماني غربي، حزب العمال البريطاني او الاشتراكية الديمقراطية (ذات الصلة الوثيقة بالنقابات العمالية)، وفيما يخص رفض العمل داخل النقابات يعني ترك النقابات فريسة للبرجوازية، لانه ان رفض الاشتراكيين ذلك لن يسحب البرجوازيين اياديهم لحظة. الم تروا مقتدى الصدر وهو يسعى للهيمنة على التنظيمات العمالية للعمال في العراق؟! انها اكبر خدمة للبرجوازية. انه انتحار "اشتراكي" بكل معنى الكلمة. ان موقف الشيوعية العمالية من هذه الطروحات هي بالضبط ضد مواقف الحزب الشيوعي العمالي الألماني.
فيما يخص النقابات، يدعوا الحزب الى تشكيل العمال منظماتهم العمالية، نقابات، مجالس او غيرها. انه اطار نضالي موحد للعمال من اجل اقتدارهم ونيل حقوقهم، والحزب لايألوا جهداً في دعمها والارتقاء بنضالها وتطويره. البرجوازية تسعى دون شك لجر "نار" النقابات لخبزتها. ولايترك الشيوعيين هذا الميدان لامثال مقتدى والصدريين!
اما فيما يخص ما يعتبره حسين علوان مشترك بين الحشعع والحزب الشيوعي العمالي الالماني وهي: "عدم الاشتراك في الانتخابات البرلمانية".
ان موقفنا من البرلمان هو بالضبط موقفاً لينينياً. بمعنى ليس لنا موقف مبدئي واحد تجاه المشاركة في البرلمان، اي ليس هناك نعم او لا تجاه هذا السؤال. انه مرتبط بعدة عوامل وظروف سياسية واجتماعية وتوازن قوى على الصعيد المحلي والعالمي والخ ينبغي دراستها بدقة واتخاذ التكتيك المناسب منها. وهذا ما قام به لينين. اذ راى، على سبيل المثال، وجوب ان يكون تكتيك المشاركة في البرلمان بالنفي في 1905، وبالايجاب في 1906. ونحن نؤكد على هذا النوع من التعامل.
اتخذ حزبنا موقفه من كل انتخابات لوحدها وعلى حدة ارتباطاً بكل ظروفها وشروطها و.. الموقف منها. وقد وضح مرارا بان ماتقوم به الحثالات الطائفية والقومية في العراق هي ليست انتخابات، بل هي مهزلة والاشتراك فيها لا تؤدي الا الى نشر الوهم بين الجماهير ونيل شرعية كاذبة من الجماهير للحكم باسمهم لاربعة سنوات قادمة. يفشل حسين علوان ان يبين اين هي الانتخابات البرلمانية في العراق؟! اين هي المشاركة الحرة والواعية للجماهير؟ اين هي الحرية والمساواة في الدعاية الانتخابية والتمتع بالامكانات الدعائية من اعلام وتلفزيون و...؟! الم يرى بطانيات "الحكيم" وسندات قطع اراضي المالكي، وكارتات تلفون المرشحين وبيع الوزارات والمحاصصاتية؟. البرجوازية نفسها لاتستطيع ان تدافع عن انتخاباتها وحسين علوان الشيوعي يسعى لاقناع العراقيين بكونها انتخابات؟!
مرة اخرى حول "الصبيانية اليسارية"!
يستشهد أستاذ حسين بلينين بشكل مطول " بصدد الولوع برفع الشعارات الثورية البراقة" وكلها تركز على نقد النفي المطلق للاشتراك في الانتخابات والبرلمان البرجوازي (ومن تحدث عن النفي المطلق للمشاركة في الانتخابات والبرلمان البرجوازي؟!!!، انه يصيغ من ذهنه قضية ويرد عليها!!) لكي يبرهن بان رفضنا للعملية السياسية التي شيدها الاحتلال والدعوة الى تنظيم الجماهير لانفسهم في مجالس محلات وإمكان العمل وإدارة شؤونهم لاتعدو الا شعارات ومواقف "صبيانية". في حين ان مشاركة الحزب الشيوعي في العملية السياسية البريمرية هي سياسة لينينية عملية وتعبر عن "جوهر النظرية و الممارسة الماركسية المنطلقة من القناعة الثورية".
كما يرفق فقرات طويلة حول "المساومة"، وغيرها (وكلها من مرض اليسارية الطفولي) لا يعرف احد ما ربطها. لا ضرورة للحديث عن بوخارين وعزيز الحاج وتروتسكي كي يربطه بالشيوعية العمالية، فيما الربط غير واضح لاحد!!
ويواصل أستاذ حسين بالاستشهاد بمواقف لينين ونقده لليساريين الروس المنادين بشعار "لا صلح بل حرب ثورية" وتأيده لتوقيع صلح بريست باعتبارها "مساومة مع الإمبرياليين، لكنها كانت مساومة لا مناص منها في ذلك الظرف بالذات"
ومن الاستشهادات هي المقطع الاتي "النتيجة بيّنة، إن نفي المساومة «مبدئيا»، و نفي كل جواز للمساومات بوجه عام ، مهما كانت عليه، إنما هي صبيانية يتعذر اخذها على محمل الجد. يجب على السياسي الذي يريد أن يكون مفيداً للبروليتاريا الثورية أن يستطيع تمييز الحالات الملموسة من تلك المساومات بالذات التي ليست جائزة والتي تتجلى فيها الانتهازية والخيانة ....."
ويقصد حسين علوان ان يقول بان مساومة لينين مع الامبريالية من اجل حماية ثورة الطبقة العاملة في روسيا في ظروف تاريخية معينة، لاتختلف عن تحالف الحزب الشيوعي العراقي مع عصابات الصدر. ولكن لايقول لنا ماهي المكتسبات التي حاول الحزب الشيوعي العراقي حمايتها في تحالفه المخزي والذيلي والذليل مع عصابات الاسلام السياسي. وما هي "خيرات" تحالفاته وتكتيكاته و"مساوماته اللينينية" للجماهير في العراق؟!
ووجه الأستاذ حسين انتقاد عميق للحزب الشيوعي العراقي دون ان يعلم من خلال قوله "كان لينين في نقده هذا للانتهازية اليمينية و اليسارية أميناً على جوهر النظرية و الممارسة الماركسية المنطلقة من القناعة الثورية التي لخصها انجلز في رسالته إلى الاشتراكي الدنماركي غيرسون ترير عام 1889 بالقول "إن البروليتاريا لا يمكنها أن تربح السلطة السياسية، وهي الباب الوحيد للمجتمع الجديد، بدون ثورة عنيفة. ولكي تكون البروليتاريا قوية بما يكفي للفوز في اليوم الحاسم، يجب عليها - وقد دافعنا أنا وماركس عن ذلك منذ عام 1847 – أن تشكل حزبًا منفصلاً متميزًا عن الآخرين ومعارضًا لهم ، حزبًا طبقيًا واعيًا " .
فهل ينطبق هذا الكلام على الحزب الشيوعي العراقي، ام يكشف انتهازيته وصحة نقدنا له؟
وعما "يخص بفهوم الحزب ، وأساليب تنظيمه ، وكيفية إجراء المناقشات والمناقشات الداخلية في صفوفه" وهي مسائل تتناقض تماما مع ممارسات الحزب الشيوعي العراقي، فاين هو راي العضو في الحزب الشيوعي العراقي من قرارات قيادة هذا الحزب مثل تواطئه مع عصابات مقتدى الصدر والف مساومة ومساومة قام ويقوم بها الحزب الشيوعي مع الاحتلال وحثالات القومية والطائفية؟
أتسأل، أي من شعارات الحزب الشيوعي العمالي العراقي وبرامجه العملية هي "متطرفة" و"انتهازية" او "صبيانية"؟ تجاه حرب الخليج؟! تجاه الاحتلال، الحصار الاقتصادي، العملية السياسية التي هي امتداد لمستنقع السيناريو الاسود، الانتفاضة، ازمة كورونا؟! هل كان فصيل سياسي اخر في العراق اكثر واقعية و عملية، من زاوية مصالح الجماهير، من الحزب الشيوعي العمالي العراقي؟ ولكن حسين علوان يردد وراء البرجوازية العالمية بدمغ كل من يطالب باي حق من حقوق الطبقة العاملة والمحرومين بـ"التطرف" و"الصبيانية". فمثلا ضمان البطالة، مجانية التعليم، الرعاية الصحية، الخدمات، وبرامج التوظيف الحكومي وغيرها "تطرف" ومطاليب "غير واقعية" في وقت ان يسرق عمار الحكيم اكثر من أربعين مليار، والمالكي اكثر من خمسين مليار وهكذا الحال مع مقتدى الصدر والأحزاب الكردية وغيرهم من الحثالات والقبول بها وعدم فضحها هي سياسات عملية ولينينية تنطلق من الفهم الدقيق للماركسية. هل هناك ابتذال اكثر من هذا؟

اقدام مغروسة في ماض بعيد: الثورات الديمقراطية!
ويستمر الأستاذ حسين في محاولته الكاريكاتورية بتصوير سياسات الحزب الشيوعي العراقي كونها ترجمة لمواقف وسياسات ماركس. اذ يقول:
"في رسم الخط التكتيكي الذي يتبعه الشيوعيون في ألمانيا ، نصحهم ماركس وإنجلز خلال عامي 1846-7 بدعم المطالب البرجوازية من أجل إقرار الدستور الديمقراطي وحرية الصحافة والتجمع وما إلى ذلك ، لأنه إذا ما تحققت هذه المطالب ، "فسيبزغ فجر حقبة جديدة للدعاية الشيوعية ". وبالتالي ، كان على الشيوعيين أن يقوموا بدور نشط في العمل الجماهيري ضد الأنظمة الاستبدادية الإقطاعية في ألمانيا وأن يساعدوا في انتصار الثورات الديمقراطية البرجوازية هناك من أجل خلق ظروف أكثر ملاءمة لنضال البروليتاريا ضد البرجوازية"
يريد حسين علوان هنا ان يقول ان مشاركة الحزب الشيوعي العراقي في صياغة الدستور العراقي الطائفي والقومي الرجعي كانت بمثابة مشاركة في صياغة دستور ديمقراطي سيؤدي الى "بزوغ فجر حقبة جديدة للدعاية الشيوعية"!! ترى الجماهير في العراق يومياً هذا "الفجر الجديد"، فجر هيمنة المليشيات والدمار المادي والمعنوي والتدهور الفظيع وتراجع المجتمع والحقوق والحريات عقود مديدة، فجر "زواج المتعة" و"قانون الجعفري"، "تعدد الزوجات" وانحطاط التعليم والثقافة والفن والادب وغيره! ينسى ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي هو الذي يدعو الى فصل الدين عن الدولة والتعليم وهو ضد الدستور العراقي لانه هو 100% ضد كل الحقوق الديمقراطية وهو من يناضل ضد الاستبداد في حين ان حشع يساعد في قمع تلك الحقوق وترسيخ الاستبداد.
كما ينسى بان الحلم بان تقوم البرجوازية بقيادة "ثورات ديمقراطية" في بلد مثل العراق في عهد الامبريالية هو حلم طوباوي وان المقارنة بين البرجوازية في عهد ماركس والبرجوازية في عصرنا الذي يشهد تفسخ النظام الرأسمالي وهو في خطر الانهيار التام، لايتعدى ترديد عبارات ماركس بشكل ببغائي دون ان يعي ابسط أسس التحليل الماركسي و ماذا تعني الامبريالية ومراحل تطور الراسمالية والف قضية وقضية اخرى. لقد ولى عصر الثورات الديمقراطية التي كانت اساساً ثورات البرجوازية بوجه علاقات الانتاج ماقبل الرأسمالية! وهل بقت في العراق مثلا علاقات انتاج ماقبل راسمالية من حيث ارضيتها المادية والاجتماعية الواقعية، وليس كفرض سياسي من اجل مصلحة سياسية مثل العشائرية؟!
يالشدة ما يتحفنا امثال حسين علوان باتهامات حول "تقديس الشخصية"، "الجمود الفكري والعقائدي"، "عبادة الفرد والشخصية" و...الخ، بيد انه في مقارباته اعلاه كان نموذجاً صارخاً على الكليشياتية الخاوية التي تردد "النصوص" دون اي ربط تاريخي، سياقات تاريخية و خارج الزمان والمكان. ان ماركس منهج ورؤية قبل ان يكون "عبارات"!
نصيحتي لحسين علوان ان يدع ماركس ولينين بحالهم، ويقل كلامه، هذا افضل لهم وله!
يقول حسين علوان في مكان عن منصور حكمت "ناقل نظرية "الاشتراكية البرجوازية في الاتحاد السوفيتي"" و غيرها من أساتذته الأوربيين). يقصد هنا ان اراء منصور حكمت عن الاتحاد السوفيتي، كونه راسمالية دولة واشتراكية برجوازية راي اخذه من المفكريين الغربين وخاصة التروتسكيين. لقد أسس منصور حكمت عمارة فكرية متكاملة عن مئة قضية وقضية مثل الإجهاض، عقوبة الإعدام، تجربة العمال في الاتحاد السوفيتي، الديمقراطية، الحركة القومية، الدين، حركة الإسلام السياسي، الامبريالية، المنظمات الجماهيرية، القيادة الشيوعية، السيناريو الأسود، علاقة الحزب بالقادة الشيوعيين في الطبقة العاملة ومئة قضية وقضية. فهل اخذ كل هذه الأفكار من أساتذة غربيين؟ حتى بخصوص الاتحاد السوفيتي رغم الاتفاق مع التروتسكيين وقسم من المفكرين الغربيين حول كون الاتحاد السوفيتي، راسمالية دولة واشتراكية برجوازية، الا انه هناك خلاف جذري في الكثير من التفاصيل. هذا الانتقاد سيكون مشابها، اذا اتهم انسان شيوعي يقول ان بن لادن إرهابي كونه ناقل لفكر جورج بوش الذي قال أيضا ان بن لادن إرهابي. لم يجد حسين علوان شيء ينتقد به منصور حكمت عدا هذا. باعتقادي هذا الانتقاد هو فعلا صبيانية وطفولية وسطحية سياسية يرثى لها.