من آداب الحوار


محيي الدين محروس
2020 / 10 / 11 - 21:58     

من طبيعة الإنسان أنه كائن اجتماعي. فالتواصل مع الإنسان الآخر يسكن في طبيعته. ويحتاج إلى تطوير هذه الثقافة بغض النظر عن موضوع الحوار إن كان ثقافياً أو سياسياً أو في أي موضوعٍ آخر. وهذا ما تؤكده المؤتمرات العلمية والثقافية في مختلف دول العالم، وعلى مستوى المؤتمرات الدولية.
ومن فوائد الحوارات هو تبادل المعلومات المختلفة، والتعرف على وجهات النظر المختلفة، وبذلك يستطيع الإنسان أن يطور نفسه، وأن يُساهم في تطوير غيره. كما يشعر الإنسان بالسعادة وتزداد ثقته بنفسه وبمواقفه عندما يجد بأن العديد من الناس يشاركونه الرأي …ويتضامنون معه في مواقفه، كمثال: وضع الإعجابات على الفيسبوك. كما يستفيد من الأشخاص الذين يختلفون معه بالرأي، مما يضطره لتوسيع معارفه، ومعرفة وجهات نظر أخرى.
ولتحقيق هذه الفوائد من الحوارات لا بد من الالتزام الكامل بآداب الحوار بين الناس، خاصةً مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح العالم قرية صغيرة. ويتعرف الإنسان على ثقافات وحياة الشعوب الأخرى، مما يزيد من التقارب بين الشعوب وببن الناس من مختلف القوميات والديانات، وذات الأنظمة السياسية والاجتماعية المختلفة، وبذلك تزداد غناءً.
مع أهمية توضيح بأن الاختلاف يكون بالرأي التوافقي، بينما التفاوض يكون في الرأي المناقض ( في المناظرة).
كيف يمكن تحقيق الفائدة من الحوارات التوافقية؟
هنا لا بد من المحافظة والتمسك بأساسيات قواعد آداب الحوار العامة ومنها:
- أهمية أن يدور النقاش حول موضع الحوار بالذات، أي عدم شخصنة الحوار، وتوجيه الاتهامات: بالعمالة والتبعية والجهل والكفر وغيرها من التوصيفات الشخصية.
- التأكيد على أهمية احترام الشخص المحاور الذي تختلف معه بالرأي، وبأن الاختلاف يمس الموضوع المُختلف حوله، وليس الشخص. إظهار الاحترام للمتحدث والتواضع من طرفك.
- التأكيد على أن هذا الاختلاف يمس فقط هذه النقطة المختلف حولها، وبأن التوافق في مواضيع أخرى هي عديدة، ومن المفيد التأكيد عليها، وتعدادها أثناء الحوار، مما يفتح الطريق للتوافقات التالية.
- التمسك بالقاعدة الذهبية: „ عدم المقاطعة أثناء الحوار،. مما يعني احترام الشخص المحاور، والاستماع لرأيه للنهاية. والطلب بكل احترام من الشخص المحاور في التمسك بهذه القاعدة. والأفضل توضيحها والتوافق عليها في بداية الحوار.
- المحافظة على الصوت المنخفض والهدوء أثناء الحوار، مما يُؤكد بأن الحوار هو عقلاني عِلماني، وليس ردات فعل عاطفية ناتجة عن الغضب و“ النرفزة „…أي يؤكد عقلانية الحوار.
- عدم توفير الابتسامة عند التعرض لأمور مُفرحة، وعند السرور من التوافق على نقطة حوارية. مما يُعطي طابعاً إيجابياً للحوار. مع أهمية النظر باهتمام للمتحدث وحسن الاستماع مع ميلان الجسد باتجاهه ( لغة الجسد ).
- من المهم، في حال عدم التوصل إلى تفاهمات، التأكيد على أن الهدف هو التعرف المتبادل على وجهات النظر، وليس إقناع المحاور بوجهة نظر مَن يُحاوره، وبأن هذا الحوار زاد من معرفة كل طرف وأغناها.
ومن المفيد الإضافة بخصوص الحوارات على وسائل التواصل الاجتماعي:
- الكتابة بلغة سليمة، وبإسلوب واضح غير قابل للتأويل.
- قراءة الكتابة مرة ثانية وثالثة والتعديل قبل الإرسال… حيث لا يمكن التدقيق فيما بعد.
- الاختصار قدر الإمكان.
- المحافظة على احترام المُحَاوِر والتأكيد عليها.
لا بد من التأكيد على أن التمسك بهذه القواعد تمس كل المتحاورين، وبالدرجة الأساسية المُثقفين والقادة السياسيين من مختلف التنظيمات الثقافية والاجتماعية والسياسية، مما يساهم في تجاوز الكراهية والتعصب القومي والديني بين أبناء الوطن الواحد، وبين الناس بصورة عامة.
إن الحوارات الإنسانية التي تتحلى بآداب الحوار، تُعطي قيمة إضافية لموضوع الحوار، وذلك في التعمق الفكري وفي المواقف الثقافية والسياسية والحياتية. مع إمكانية التوصل إلى قراءات جديدة وتقدم حضاري.