معوقات الاستثمار في العراق


عادل عبد الزهرة شبيب
2020 / 10 / 9 - 11:00     

للاستثمار اهمية كبيرة للاقتصاد العراقي لدوره في تطوير ونقل التكنولوجيا والتقنيات الحديثة للإسهام في تنمية العراق وتوسيع قاعدته الانتاجية وتنويعها وتجاوز الجانب الاحادي في اقتصاده المعتمد كليا على تصدير النفط الخام ،و لدور قانون الاستثمار في تشجيع القطاع الخاص و الاجنبي للاستثمار ولتنمية الموارد البشرية وتوفير فرص العمل للعراقيين والقضاء على البطالة وبالتالي فان تطوير الانتاج وتوسيعه سيسهم في تعزيز ميزان المدفوعات والميزان التجاري. الا ان هناك بعض المعوقات مازالت قائمة وتتطلب حلا لها ومن هذه المعوقات المعيقة للاستثمار:
1) القوانين والتعليمات السابقة و ما يتعلق منها بتخصيص الاراضي لإقامة المشاريع الاستثمارية المهمة وما له صلة بملكية الأراضي.
2) الروتين والبيروقراطية القاتلة التي ما زالت تشكل عقبة كبيرة بوجه المستثمر.
3) امتناع الدوائر الحكومية المختلفة عن اجراء التسهيلات التي تساعد على تنفيذ المشاريع الاستثمارية .
4) انتشار ظاهرة الفساد المالي والاداري بشكل كبير حيث استطاع المفسدون التلاعب بالقوانين والالتفاف عليها ما ادى الى زيادة الرشوة والفساد و اعاقة ذلك للاستثمار والتنمية ،ومعاناة دوائر البلدية والضريبة والكهرباء والماء والمجاري من آفة الفساد.
5) ضعف ثقافة الاستثمار عند المواطنين.
6) الخلل في الانظمة المصرفية الحكومية وعدم تعاونها في دعم قطاع الاستثمار والمستثمرين ،والحاجة الى اجراء اصلاحات جذرية في انظمتها وطبيعة عملها.
7) هيمنة القطاع العام على معظم الاستثمارات الكبيرة في البلد وعدم السماح للقطاع الخاص في الاستثمار.
8) اجراءات دوائر الدولة المتعلقة بتنفيذ المناقصات الخاصة بالمشاريع والقائمة على تجهيز المقاول بالسلف على مراحل مما يساعد على التباطؤ في تنفيذ المشروع والتلكؤ فيه طالما انه قبض جزءا كبيرا من مستحقاته المالية ،وكثير من المقاولين يقبضون السلف ويهربون للخارج ويبقى المشروع دون انجاز.
9) غياب الكفاءات المتخصصة في دوائر الاستثمار خاصة في المحافظات نتيجة نظام المحاصصة وتغليب المصالح الحزبية الضيقة مما اثر على واقع الاستثمار في العراق.
10) التدهور الامني الخطير ونشاط عصابات الخطف والاغتيال والتهجير وخاصة لرجال الاعمال العراقيين واصحاب رؤوس الاموال، ما ادى الى هجرة اغلبهم الى خارج العراق وتفضيلهم ممارسة نشاطهم الاقتصادي في هذه البلدان والمجاورة منها على وجه الخصوص وتشير اخر الاحصائيات الى ان المستثمرين العراقيين يحتلون المرتبة الاولى في الاردن من بين المستثمرين. ويشكل هذا عامل طرد للمستثمرين سواء العراقيين منهم او الاجانب، فلا استثمار بدون امان حيث ان الاستثمار يبحث عن اجواء طبيعية مستقرة للعمل بعيدا عن النشاطات العنفية والارهاب والحروب والتعقيدات القانونية والادارية.
11) غياب الرؤى والاستراتيجيات والسياسات الموحدة للدولة في مجال التنمية والمجال المالي وغيرهما، والاضعاف القسري لدور الدولة في الميدان الاقتصادي حيث ان الاستثمار يبحث عن الوضوح في السياسة الاقتصادية المتبعة في البلد المعني.
12) تخلف المرتكزات الاساسية والبنى التحتية الضرورية لإعمار وتنمية الاقتصاد الوطني مثل الكهرباء وقطاع الطاقة عموما ، وسائل الاتصال والنقل، الخدمات الانتاجية، مشاريع الاسكان الضرورية لضمان تحريك الدورة الاقتصادية بجوانبها المختلفة، البطالة وضعف اعداد وتدريب الايدي العاملة الماهرة.
13 ) تدخلات العشائر وتهديدهم وابتزازهم للمستثمرين لاعتقادهم بأن الأراضي التي يجري فيها الاستثمار والواقعة في مناطقهم هي ملك لهم لذلك يقومون بابتزاز المستثمرين وعندما يرفض المستثمرون الخضوع لهم يقومون بتهديدهم واحراق مقراتهم وآلياتهم وهذا حصل فعلا في بعض مناطق العراق .
ان هذه المعوقات تحتاج الى معالجة جادة وحلول تسهم في النهوض بمستوى الاستثمار في العراق ومنها:
1. الغاء كافة القوانين والتعليمات النافذة التي تعيق عملية الاستثمار وتتعارض مع قانون الاستثمار، وايجاد آلية محددة تلتزم بها كافة الدوائر الحكومية في مجال تنفيذ المشاريع الاستثمارية.
2. القضاء على الروتين والبيروقراطية واختصار الاجراءات المتعلقة بمعاملات المشاريع الاستثمارية ابتداء من احالة المشروع للمستثمر والى تسليمه اعتمادا على الشباك الواحد في انجاز المعاملات الخاصة بالاستثمار، مع اختصار الوقت باستخدام المخاطبات الالكترونية.
3. مكافحة الفساد المالي وتطويق شروره وحصر نفوذه وتأثيره ووضع خطة عملية للهجوم على مواقعه بشكل متواصل وليس بشكل موسمي، يصاحب ذلك التوعية بمخاطره عبر الاعلام والمدرسة وغيرهما.
4. تنشيط عمل الاجهزة الرقابية المالية ، هيئة النزاهة ، دوائر المفتشين العموميين وغيرها، وتقديم الدعم لها وتنفيذ قراراتها وتفعيل القضاء فيما يتعلق بجرائم الفساد مهما كانت مواقع ومناصب القائمين به، والعمل على ضمان حياد القضاء وابعاده عن المحاصصة والصراعات السياسية اضافة الى تفعيل دور الراي العام والرقابة الشعبية ومنظمات المجتمع المدني.
5. اتخاذ خطوات شاملة على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية والادارية وغيرها لتوفير الاجواء المناسبة والجاذبة للاستثمار.
6. اعتماد آلية تسليم المفتاح في تنفيذ المشاريع وعدم منح السلف للمقاولين الا بعد اكماله المشروع واستلامه الاستلام النهائي ،مع تدقيق الموقف المالي والاعمال المنجزة من قبل الشركات او المقاولين قبل احالة المشروع اليهم.
7. ان تكون القرارات الخاصة بالاستثمار الاجنبي منطلقة من رؤية استراتيجية واضحة المعالم تضع في الاعتبار الحاجات الفعلية للاقتصاد الوطني وتنظر للاستثمار الاجنبي باعتباره عاملا مساعدا لتنمية الاقتصاد وليس عنصرا محددا لاتجاهات تطوره.
8. العمل على اصلاح القطاع العام واعادة بنائه استنادا الى معيار الكفاءة الاقتصادية ومعيار الوظائف الاجتماعية التي تؤديها الدولة في الحقل الاقتصادي مع تدعيم الرقابة المجتمعية على هذا القطاع واعتماد مبدأ الشفافية في تسييره واعادة الحياة للمرافق الانتاجية الصناعية والزراعية.
9. اجراء اصلاح شامل للمنظومة التعليمية- التربوية على مختلف المستويات وتطوير برامج اقتصادية-اجتماعية تمتص البطالة في صفوف العاطلين عن العمل وتنمي قدراتهم وتعليمهم وتاهيلهم.
10. تشجيع المصارف الحكومية على تمويل الاستثمار واعادة النظر في انظمتها واهدافها لتواكب التطورات المصرفية في العالم.
11. القيام بحملة اعلامية اقتصادية متطورة وشفافة وزيادة ثقافة الاستثمار عند المواطن.
12. دعم القطاع الخاص ومعالجة مشاكله التي تعيق نشاطه وتشجيعه على الاستثمار وايجاد فرص للشراكة الحقيقية مع القطاع العام لتنفيذ المشاريع الكبيرة.
13. التخلص من نظام المحاصصة والحزبية الضيقة في اشغال المناصب وخاصة في دوائر الاستثمار في المحافظات ووضع الكفاءات المتخصصة والشخص المناسب في هذه الدوائر.
14. القضاء على الارهاب ووضع حد نهائي لنشاط المجموعات الارهابية التي تمارس الخطف والاغتيال والتهجير والتهديد والعمل الجاد على استتباب الوضع الامني وتحسين مناخ الاستثمار فلا استثمار بوجود تهديد امني . الى جانب وضع حد لتدخلات العشائر وابتزازهم للمستثمرين .
15. معالجة اوضاع الكهرباء والطاقة فلا استثمار بدونها.
16. تفعيل دور المؤسسات الرقابية واللجان المشرفة على صرف الاموال وقطع الطريق على المفسدين.
17. تعريف الشركات الاجنبية بحقيقة التطورات السياسية والاقتصادية والامنية في العراق وحثها على الاستثمار فيه. والاعلان عن خارطة الاستثمار والمشاريع التي يمكن الاستثمار فيها.
18. تدعيم العلاقات بين هيئة الاستثمار الوطنية وهيئات الاستثمار في دول العالم المختلفة.
19. تشجيع رجال الاعمال العراقيين المتواجدين في الخارج على العودة والاستثمار فيه بعد توفير الظروف الامنة وحل الاشكالات القانونية والادارية التي تمنع او تعرقل الاستثمار وبعد توفير الامن بشكل نهائي.
20. تطوير قانون الاستثمار العراقي رقم(13) لسنة 2006 و معالجة النواقص فيه مع الاستفادة من تجارب الدول المختلفة في مجال الاستثمار وعدم استنساخ تجربتها حرفيا.
وبهذا الصدد اكد الحزب الشيوعي العراقي في برنامجه وضمن ضوابط الاستثمار الأجنبي على (ضرورة حماية بعض قطاعات الاقتصاد الوطني من هيمنة الرأسمال الأجنبي وضمان توجيه الاستثمارات نحو القطاعات الانتاجية وفقا للاحتياجات التنموية وبما يحول دون التحكم بالثروات الوطنية مع ضمان عدم تدفق الرأسمال لأغراض المضاربة والتأكيد على الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تخلق طاقات انتاجية وفرص عمل وتساهم في نقل خبرات ومعارف تكنولوجية وادارية . الى جانب الابقاء على ملكية الدولة للبنى التحتية والخدمات الرئيسة خصوصا الكهرباء والماء والمجاري والطرق . ورفض الدعوات الرامية الى ( التحرير ) الكامل لحركة وانتقال رؤوس الأموال والعمل على تجنب سيطرة رؤوس الأموال الأجنبية على القطاع المصرفي والتي تؤدي الى استخدام نسبة مهمة من الادخار الداخلي لأغراض المضاربة والتسرب الى خارج البلاد . )