|
غلق | | مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار | |
|
خيارات وادوات |
|
بلى .. دفاعا عن نتاجات منصور حكمت...2
المعضله في رسم موقف متزن اتجاه الدين وانعكاساته على المجتمع , تكمن في عدم التفرقه بينه (الدين ) وبين الايمان , بين الدين الذي هو رؤيه فكريه محدده وبين الايمان الذي هو ابتداءا نزعه سايكلوجيه, عدم التمييز بين القشره الفكريه او النظريه وبين حاضنتها الشعوريه , الدين هو استجابه نظريه لفحوى مطلب سايكلوجي يحاول تجاوز حقيقه مطلقه تؤرق الانسان بارتعابه من المصير المؤكد , حتم الموت , لهذا فليس من الدقيق وليس من الصواب المكتمل , التعامل مع الدين باعتباره وعدا سماويا لحياة مطلقة السعاده , جوهر قيمة الدين لاتكمن في كونه يتضمن وعدا يقدم فرصه للدخول الى ملكوت السعاده المطلقه وهو بالتالي من الممكن الاستعاضه عنه بالملكوت الارضي الذي من الممكن اقامته وفق رؤية بعض الماركسيين ,بل جوهر قيمته تتجسد بانه يعطي فرصه اخرى للحياة , انه يتجاوز الحقيقه المرعبه للفناء , ليست كل الاديان تقدم وعدا بالجنه كمكافئه ولا حتى تهدد بالجحيم كعقوبه , لكنها جميعا وهذا امر بديهي تعطي صكا للموتى بحتم ولاده جديده , وبحياة اخرى , وهذه الحياة ليست بالضروره ان تكون ملكوتا . ان 900 مليون انسان يعتنق الهندوسيه التي تعد بولاده جديده فوريه وغير مؤجله بانتقال الروح الى هيئة كائن اخر , كائن يعيش على الارض وهو غير معفى من شروط الحياة الدنيويه ومعاناتها , فقد تحل الروح بهيئة نمر , او جرذ , او ارنب ....الخ وتتكرر حالات التناسخ هذه الى ما لانهايه ..والعقوبه فقط تتمثل بالحلول في كائنات تعسة الوجود ..وهكذا هو الحال مع البوذيه مع اختلاف في التفاصيل التفاضليه, اذن للدين وجهين متمايزين في ان واحد وفي حالات كثيره يتحولان الى نقيضين , الدين كايدلوجيا والدين كحاله سايكلوجيه , وجه التدين ووجه الايمان المتجسد , ونحن اذن امام مسلم يحاكم الواقع بشمولية التعاليم الاسلاميه , ومسلم واقعي يكتفي باسلاميته الذاتيه , وبينما النهضه التنويريه اهملت هذه الازدواجيه الجدليه , نرى ان الماركسيه لم تكف عن اختلافها في التعامل مع الدين كمووسسه اجتماعيه فوقيه , بل اشارت الى هذه الازدواجيه وفرقت بين مفرداتها وان كان هذا التفريق لم ياخذ حيزا كبيرا ..وهذا هو بالضبط ما جعل فئه واسعه من الماركسيين يعتقد بوجه واحد للدين ووظيفه واحده ..هو عندهم البديل الارضي للفردوس بمقابل البديل السماوي المفترض , لهذا فانهم يستذكرون كلام ماركس (إلغاء الدين الذي يُعتبر سعادة وهمية للشعب هو المطلب لسعادتهم الحقيقية. إن دعوتهم للتخلي عن أوهامهم المتعلقة بحالتهم هي أن ندعوهم للتخلي عن تلك الحالة التي تتطلب أوهامًا. لذلك، فإن نقد الدين هو انتقاد تلك الحالة التي يكون الدين هو هالتها)..فيرتكبون خطا فادحا حينما لم يلتفتوا الى ما ذكره بهذا الصدد في كتابه _العمل المأجور _ حينما اورد (: "لكي يتطور الإنسان في قدرٍ أكبر من الحرية الروحية، يجب أن يكسر الناس عبودية حاجاتهم الجسدية حيث يجب أن يتوقفوا عن أن يكونوا عبيدًا للجسد. يجب عليهم جعل الوقت تحت تصرفهم للنشاط الإبداعي الروحي والتمتع الروحي.) ..في لحظه عابره قد يترائى للمطلع على هذين المقتبسين بانهما متعارضين ويشيران الى تناقض في الرؤيه الماركسيه , لكن بالعوده الى الماهيه المزدوجه للدين ,سيتضح تماما معنى التفريق ايضا بين نقد الدين الفكري التنويري وبين المعالجه السياسيه لها , فالمقتبس الاول يمثل الجانب الفلسفي الذي هو ضروره توعيه لمناصري الفكره بينما المقتبس الثاني تؤشر وجوبيته الى المثابه التي يجب ان ينطلق منها المشروع السياسي السلطوي ..وهذا ما جسدته بشكل كامل التجربه اللينينيه , التي كانت تؤكد على نقد الدين وتبين وظيفته الاجتماعيه السلبيه في مجرى التوعيه الحزبيه وكان لينين طوال مسيرته النضاليه ينقد الدين بعبارات بليغه وثوريه , لكن ما ان حتمت الضروره بعد اقتراب البلاشفه من السلطه على رسم موقف سياسي يحدد مهام السلطه اتجاه الدين , حتى ذهب الى تكتيك اللادينيه , حرصا منه على وحدة الصف الطبقي الثوري , وهنا بالضبط يكمن ولو بصوره مستتره اعتراف لينين بازدواجيه الماهيه الدينيه ,...... اورد هذا الكلام ايضا بمناسبة نشر احد الاساتذه سلسله من المقالات ينقد فيه اطروحات منصور حكمت وبدأ فيها باستعراض نقده لموقف منصور حكمت اتجاه الدين , وهو في هذا النقد يستحضر مقتبسات تقع في سياق الجهد التوعوي الحزبي , وبالتاكيد فانها تاخذ منحنى فلسفي تنويري , وبالمقابل يقارن السيد الكاتب بينها وبين مقتبس ماركسي معالج للوجهه السياسي وليس الايدلوجي , ويذكر موقف لينين الذي اشرنا اليه وهو يقف على اعتاب استحواذ البلاشفه على السلطه , لكنه لايقترب ابدا لما قاله لينين عن الدين من منطلق ايدلوجي , وهذا هو التحريف بعينه , تحريف بدمه ولحمه وعظمه , لانه عمد الى تجاهل معالجة الموقف من الدين الذي ورد في البرنامج السياسي الذي كتبه منصور حكمت ( عالم افضل ) ..(
|
|