الأطباء يعارضون الحجر الصحي بحجة فيروس كورونا والسلطات لا تريد الإصغاء إليهم


مشعل يسار
2020 / 10 / 5 - 22:26     

======
نشرت مجموعة من الأطباء رسالة جماعية مفتوحة إلى السلطات البلجيكية التي اعتزمت كغيرها من الحكومات في العالم فرض حجر صحي صارم بسبب الموجة الثانية من فيروس كورونا.
وقد طلبوا في النداء الذي وقعه 394 طبيبا و1340 عاملا في المجال الطبي و8897 مواطنا معنياً تقديم بيانات وبائية موثوقة تؤكد فعلاً الحاجة إلى الحجر الصحي الجديد الجاري فرضه. ومما جاء في النداء:
"نحن، الأطباء والمتخصصين في الرعاية الصحية البلجيكيين، نعرب عن قلقنا العميق إزاء ما حدث في بلدنا في الأسابيع الأخيرة، ونحث السياسيين على أن يكونوا مستقلين وغير منحازين في عملية صنع القرار، لا سيما في ما يتعلق بإجراءات الحجر الصحي بحجة فيروس كورونا. إننا نطلب مناظرة مفتوحة، حيث يمكن للسياسيين والعلماء والأطباء التعبير عن مواقفهم. البيانات الموضوعية تشير إلى أنه لا يوجد الآن أي سبب لتشديد الحجر الصحي. فالسياسات الحالية تضر أكثر مما تنفع".
الفكرة الرئيسية لهذا النداء هي أن حل المشكلة لا ينبغي أن يكون أسوأ من المشكلة نفسها. فالوضع الوبائي في العديد من البلدان مستقر، لكن السلطات لا تزال تعتزم تشديد الحجر الصحي. ولأجل هذا تتلاعب بالأرقام وتوتر الأجواء بجعلها قاتمة وداكنة.
أما المواطنون الذين سئموا القيود فيحاولون الحصول على تفسيرات من السلطات، لكنهم لا يتلقون إجابة واضحة. والكثيرون منهم مقتنعون بأن الإحصاءات الرسمية إما مخفية أو مشوهة عمداً.

هل من معنى للحجر الصحي؟
ويعبر مدبجو الرسالة عن سخطهم بالقول:
إذا قارنا الرسوم البيانية للإصابات في البلدان ذات السياسات الصارمة على صعيد الحجر الصحي وتلك التي لم تفرض قيودًا (على سبيل المثال، السويد وأيسلندا وبيلوروسيا)، فسنرى منحنيات مماثلة. وبالتالي، لا توجد علاقة بين التدابير التقييدية ومسار المرض. فلم يؤد الحجر الصحي إلى انخفاض معدل الوفيات..
يمكن ملاحظة ذلك في مثال الأقنعة: السويديون لم يرتدوها، وفي بريطانيا لم يُسمح للناس باستخدام وسائل النقل العام بدون كمامات. والنتيجة كالآتي: في السويد 5800 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا، وفي المملكة المتحدة - 42 ألفاً.
وكتب العلماء البلجيكيون.
"نحن لا نفهم موقف منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بالأقنعة. نحن، الأطباء، نعتقد أن الأقنعة يجب أن يرتديها المرضى فقط. تُجبر السلطات الناس على الجلوس بأقنعة في أجواء سيارات النقل الخانقة، حيث لا يوجد شيء تتنفسه. إن نقص الأكسجين ليشكل خطورة خاصة على المتقاعدين والنساء الحوامل، اللواتي يتم حثهن بشكل خاص على ارتداء الكمامات".
من جهته أوضح عالم الأوبئة الروسي إيغور غونداروف لموقع ridus.ruالآتي:
"في البلدان التي يثق فيها الناس بالحكومة وتستمع السلطات إلى المواطنين، نسي الجميع منذ فترة طويلة فيروس كورونا. عندما يدرك الناس أنه لن يتم خداعهم وسيلقون الدعم، فإن أي إجراءات حجر صحي ستكون لصالحهم. وضعنا مختلف تماما. لم يرغبوا في الاستماع إلى العلماء والأطباء في الربيع ولن يستمعوا إلى ذلك الآن. بالطبع، السياسيون على دراية أفضل بعلم الفيروسات وعلم الأوبئة.
لقد قمنا نحن وفريق من العلماء بجمع المعلومات منذ فترة طويلة لمطالبة الحكومة بتقديم إحصائيات صادقة، أو على الأقل تبرير الحظر الذي بدأ الآن في الظهور. لماذا تؤكد مصلحة حماية المستهلك Rospotrebnadzor أن الوضع الوبائي في البلاد طبيعي، ومع ذلك يتم فرض قيود؟"

هم يفعلون ما يحلو لهم
وفقًا لغونداروف، تم تطبيق إجراءات الحجر الصحي الصارمة ليس فقط في روسيا، ولكن أيضًا في العديد من البلدان الأخرى.
أما واضعو النداء البلجيكيون فيطلبون من السياسيين أن يكونوا أكثر انفتاحًا وشفافية في تبريرهم للإجراءات المتخذة، فالكثير منها ليس مدعّمًا بأدلة علمية كافية.
بالإضافة إلى ذلك، لا توجد في العديد من البلدان لوائح واضحة بشأن فرض القيود. على سبيل المثال، لكل منطقة في روسيا الآن الحق في فرض تدابيرها الخاصة، سواء أكانت معقولة أم لا.
في بداية الوباء، كانت التدابير الصارمة مفهومة وحظيت بدعم واسع النطاق من منظمة الصحة العالمية والناس العاديين. لكن من المهم ملاحظة أن العلماء والأطباء كانوا ما زالوا في الربيع لا يعرفون إلا القليل عن الفيروس الجديد، لذلك قرر الجميع أن من الأفضل الاستزادة في التحفظ حفاظاً على الصحة العامة.
الآن بعد أن عرف الأطباء المزيد عن الفيروس، حان الوقت لإعادة النظر في موقفنا تجاهه.
وهنا قال أناتولي ألتستين، عالم الفيروسات الروسي، دكتوراه في العلوم الطبية، والأستاذ بمركز أبحاث جماليا لعلم الأوبئة وعلم الأحياء الدقيقة، لـ ridus.ru.(بالمناسبة هذا المعهد هو الذي صنع اللقاح الروسي الذي تحدث عنه الرئيس الروسي):
كنا نفترض أن عدد الحالات سيرتفع قليلاً بحلول الخريف. لكن ليس "الفيروس إياه هو الذي عاد"، بل ببساطة ارتفع المنحنى الوبائي قليلاً. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل: عودة الناس من الإجازات، وضعف الحجر الصحي، والتغيرات التي تطرأ على الفيروس. ومن الأمور الجيدة أن الفيروس أصبح أقل خطورة بالفعل. فمعدل الوفيات آخذ في التناقص. وهذا يرجع بالطبع إلى جدارة الأطباء الذين تعلموا كيفية علاج هذا المرض، لكن قدرة الفيروس على العدوى قد انخفضت هي أيضًا.
لقد بين استطلاع للرأي بين الروس أن أغلبية الناس الساحقة ترى أن الفيروس إما غير موجود وأن في الأمر مؤامرة لتدمير اقتصادات البلدان الضعيفة وشرائها بسعر بخس من قبل رأس المال المالي، أو أن الحجر الصحي يضر أكثر مما ينفع، فيما ترى أقلية غير كبيرة أن الحجر الصحي ضروري لإنقاذ أرواح الناس.