في العراق , هل الولاء للوطن أم للطائفة والعشيرة ؟


عادل عبد الزهرة شبيب
2020 / 10 / 5 - 09:43     

منذ 2003 والى اليوم شجعت القوى المتنفذة القابضة على السلطة الولاء للطائفة والعشيرة على حساب المواطنة والولاء للوطن ولذلك كانت المحاصصة الطائفية – الأثنية أس أزمات البلاد المتتالية التي يعاني منها العراق . وستتعمق الأزمات اذا بقي هذا النظام الطائفي قائما .
تعرف المواطنة حسب دائرة المعارف البريطانية بأنها علاقة بين الفرد والدولة كما يحددها قانون تلك الدولة وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة ويتمثل دور المواطنة في التساوي بين الأفراد بغض النظر عن اللون او التوجه الديني. وفي العراق هل توجد مساواة حقيقية ؟!!
تعتبر ( المواطنة) احد مبادئ الدولة المدنية الديمقراطية, والمقصود بذلك ان الأفراد في المجتمع لا يعرفون بدينهم او مهنتهم او مالهم او اقليمهم او سلطتهم وانما يعرفون بشكل قانوني اجتماعي على انهم مواطنون أي اعضاء داخل المجتمع لهم حقوق وعليهم واجبات ويتساوون مع بعضهم فيها , فالدولة المدنية وحدها من يحافظ ويحمي كل اعضاء المجتمع بغض النظر عن طائفتهم ودينهم وانتماءهم القومي او الفكري .
مقومات مبدأ المواطنة :
لتحقيق مبدأ المواطنة يجب التزام المقومات الآتية :-
1) المساواة وتكافؤ الفرص: لا يتحقق مفهوم المواطنة ومقوماتها الا بتساوي الجميع في اكتساب الحقوق واداء الواجبات تحت القانون الذي هو المرجع الوحيد في تحديد تلك الحقوق والواجبات .
2) المشاركة في الحياة العامة : لا يكفي تكافؤ الفرص لتحقيق مبدأ المواطنة , لتتجلى المواطنة يجب على الحكومات توفير كامل الحرية للأفراد بممارساتهم الجماعية فيلاحظ في الدول القمعية انزواء الأفراد نحو الفردانية والابتعاد عن العمل الجماعي خوفا من بطش تلك الحكومات القمعية. ولا يتأتى استعداد المواطنين والمواطنات للمشاركة في الحياة العامة الا في ظل حرية الفكر والتعبير وحرية الانتماء السياسي والنقابي ... وفي العراق مارست السلطات الحاكمة القمع الوحشي والقتل للمتظاهرين السلميين المحتجين على البطالة والفقر وفساد السلطة ومارست تكميم الأفواه والاعتقالات غير القانونية والاغتيالات .
3) الولاء للوطن: ويعني ذلك ان الرابطة التي تجمع الوطن والفرد تسمو عن العلاقات الحزبية والعشائرية والقبلية ولا خضوع فيها الا لسيادة القانون, فعندما يرتبط المواطن بالوطن وجدانيا سيدرك المسؤولية التي على عاتقه وقيمة الواجبات التي عليه اداؤها والحقوق التي له حق اكتسابها .
فالمواطنة تعني الفرد الذي يتمتع بعضوية بلد ما ويستحق بذلك ما ترتبه تللك العضوية من التزامات, وفي معناها السياسي تشير المواطنة الى الحقوق التي تكفلها الدولة لمن يحمل جنسيتها والالتزامات التي تفرضها عليه , او قد تعني مشاركة الفرد في امور وطنه وما يشعره بالانتماء اليه . ومن المنظور الاقتصادي الاجتماعي , يقصد بالمواطنة اشباع الحاجات الأساسية للأفراد بحيث لا تشغلهم هموم الذات عن امور الصالح العام .
العناصر الأساسية للمواطنة :
تتكون المواطنة من ثلاثة عناصر اساسية هي :
1) العنصر المدني: ويتضمن الحرية الفردية وحرية التعبير والاعتقاد والايمان وحق التملك والحق في العدالة وتحقيق العنصر المدني في المواطنة في المؤسسات القضائية.
2) العنصر السياسي : ويعني الحق في المشاركة في الحياة السياسية بوصف المواطن عنصرا فاعلا في السلطة السياسية من خلال البرلمان .
3) العنصر الاجتماعي: ويعني تمتع المواطن بخدمات الرفاهية الاجتماعية واشباع حقوقه الاقتصادية والتي تتضمن التعليم وحسن الرعاية الصحية على سبيل المثال لا الحصر. ولهذا يقال عن كل كائن بشري انه يتمتع بالمواطنة اذا كان يتمتع بخصائص اجتماعية معينة لها معناها السياسي المعتد به قانونا مثل الحقوق والواجبات والالتزامات والحرية في اتخاذ القرارات التي تمثل شأنا يتصل بمصلحته الخاصة وفي المشاركة في المصالح العامة وكذلك المشاركة في المجتمع المدني ويصطلح على تسمية هذه المواطنة ( بالمواطنة الأساسية او الفعلية ) . وحينما نتحدث عن المواطنة كنظام حقوق وواجبات فهذا يعني في الوقت ذاته حقوق المواطن وواجباته في الدولة , وواجباتها للمواطنين فحقوق المواطنين هي واجبات على الدولة وحقوق الدولة هي واجبات على المواطنين . وتشمل الحقوق المدنية : حرية التعبير والمساواة امام القانون والحقوق السياسية التي تشمل الحق في التصويت والحق في الانضمام الى أي تنظيمات سياسية مشروعة, والحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي تحتوي على الرفاهية الاقتصادية والأمان الاجتماعي . اما في الدول الطائفية والمحاصصية فتتحول الولاءات الوطنية الى ولاءات اقل منها مستوى كالولاء للطائفة او القومية مما يضعف روح المواطنة والشعور بالمسؤولية تجاه قضايا الوطن الأساسية الهامة . ان الطائفية داخل الدولة هي انعكاس للطائفية داخل المجتمع . والدولة الطائفية بعيدة كل البعد عن المواطنة ومفهوم الحق والقانون واصبح دورها محصورا في تقاسم السلطة بين نخب الطوائف وارباب الكراسي والعشائر القائمة.
فالدولة المدنية الديمقراطية وحدها من يحمي المواطنة ويعطيها حقها بغض النظر عن الانتماءات القومية او الدينية او الفكرية . وهي تعمل على تحقيق المساواة بين المواطنين بغض النظر عن اللون او التوجه الديني والطائفي, وتعتبر القانون هو المرجع الوحيد في تحديد الحقوق والواجبات للمواطنين.
والعراق اليوم مطالب بالخلاص من نهج المحاصصة الطائفية – الأثنية واعلاء شأن المواطنة . وتعتبر هذه المسألة احد التحديات الكبيرة لحكومة الكاظمي .