السلطة اللقيطة وسياسة الكيل بمكيالين (حراك الريف وبوليساريو الداخل)


كوسلا ابشن
2020 / 10 / 3 - 22:44     

تعرضت إنتفاضة الريف لقمع وحشي, تبعتها إعتقالات عشوائية للريفيين, ذاقوا شتى أنواع التعذيب الممارس في معتقلات الفاشية المخزنية, إنتهكت فيها حقوق المعتقلين السياسيين. توجت الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الريفيين بمحاكمات صورية مسرحية كانت نتائجها معروفة مسبقا. الريف المقهور المتعرض لكل أشكال الاستغلال والتهميش والاقصاء والاهانة اليومية لإنسانية الريفي, أحرمته السياسة الامنية الإستبدادية حتى من التعبير السلمي عن رفضه لسياسة التمييز العرقي المنتهجة منذ السيطرة الكولونيالية العروبية عن مقاليد الحكم في غرب تامازغا.
أبناء الريف المعتقلين في سجون الكولونيالية العروبية المحكومين بعشرات السنوات سجنا نافذة وفي ظروف اللاإنسانية بتهم غير واقعية, من نسيج مرض الشيزوفرينيا مثل المس بالثوابت المقدسة, اولها المؤسسة السلطانية المقدسة وثانيها المس بالوحدة الترابية, (التي أصلا تخلى عنها النظام ال علوي في إتفاقية إكس ليبان (الظهير العروبي - الفرنسي) الخيانية, أل العلوي الطامح أنذاك لمجرد للجلوس على العرش (الحكم) و لم يكن يهمه حدود المستعمرة ال علوية). التهم الوهمية الرسمية التي عوقب بسببها المعتقلون السياسيون الريفيون بعشرات السنين في إنتفاضتهم الاخيرة, كانت السبب الرسمي للتمييز العنصري ضد إمازيغن منطقة الريف خاصة لما بعد ( الظهير العروبي-الفرنسي)و بمباركة كل التيارات العروبية زوايا (الاحزاب) ودكاكين (النقابات) ومقاهي (الجمعيات).
السلطة الكولونيالية العروبية تكل بمكيالين في مسرحية الثوات المقدسة. من الجهة الاولى, حالة الريف, شنت السلطة العروبية الوافدة بعد (الظهير العروبي-الفرنسي) حملة همجية على الريف, إنتهكت فيها كل المحرمات (1958-1959), وأخضعت منطقة الريف وأهلها لسياسة الابارتهايد, وقمعت كل إنتفاضات الريف بوحشية ودموية تعقبها إختطافات وإعتقالات ومحاكمات صورية, والنموذج الحالي, إنتفاضة الريف (2016-2017), التي مازال المعتقلين السياسيين الريفيين يعانون الويلات داخل السجون بسبب الظروف اللاإنسانية التي يعيشونها وراء القضبان. من الجهة الثانية حالة الصحراء, منذ أن تخلت عنها إسبانيا سنة 1975, و إسترجاعها الى التراب المروكي, و الدولة تصرف على الصحراء ميزانية ضخمة من دافع الضرائب لتنمية البنية التحتية للمنطقة على حساب المجالات الترابية المهمشة, ونتيجة الهوس الأمني للسلطة الاستبدادية, استحوذ القصر السلطاني على ملف الصحراء بعيدا عن القوى الشعبية خصوصا الصحراوية, الآمر والفعل الذي أدى الى بروز الى النور مشروع الجمهورية العرقية العروبية الوهمية ( الجمهورية العربية الصحراوية), المشروع الذي تناضل من أجله (جبهة البوليساريو) و تبنته الدول العروبية العرقية والقوى الشوفينية العروبية.
أموال طائلة تصرف على تنمية الصحراء وعلى تمويل الجيش من دافعي الضرائب, بالإضافة الى التسهيلات الكبيرة في التدبير المحلي للصحراويين, زيادة على البطائق البيضاء في حوزة الصحراويين في نيل كل التسهيلات الممكنة في أنحاء المروك كله ((التمييز الايجابي)), بالإضافة الى النشاط العلاني لجماعة بوليساريو الداخل من دون قمع ولا مضايقات وأكثر من ذلك فطلبة بوليساريو تتسلح بالسلاح الابيض داخل الكليات الجامعية والاحياء الطلابية للاستفزاز أو التعدي على طلبة الحركة الثقافية الامازيغة بمساعدة حفنة من التمركس العروبي والامبالاة المخزن و تغطية إعلامية عروبية, وقد وصل بهم الآمر الى قتل طالب أمازيغي بجامعة مروكش من دون تدخل أجهزة المخزن الموجودة داخل الجامعة. النشاطات الاستفزازات اللامنتهية لجماعة بوليساريو الداخل, تجاهلتها السلطة العروبية ولم تحرك ساكنا ضدها, أما تحركات المدعوة أميناتو في الداخل والخارج, الداعية الى إستقلال ( الجمهورية العربية الصحراوية) الوهمية. أميناتو القائدة الحقوقية كما توصف, قد نظمت مؤخرا مع رفاقها في الداخل, المؤتمر التأسسي لهيئة سياسية " الهيئة الصحراوية لمناهضة الإحتلال المغربي", مؤتمر مرخص له إنعقد في مدينة لعيون, هيئة إنفصالية منظمة تعقد مؤتمرها التأسسي بدون المنع المسبق وبدون التدخل المباشر للسلطة المخزنية, كما أن الزوايا العروبية لم تتسابق في إدانة إنفصالية أميناتو وتآمرها على الوحدة الترابية, كما هي عادتها في التهجم على الحركة الامازيغية في كل صغيرة و كبيرة, فعنصرية النظام العروبي ومبادئه وسياسته وإيديولوجيته العرقية من تحكمت في سياسة التعامل مع طرفي النقيض.
الانتماء الثنائي للنظرية العرقية من حسم الموقف المهادن والمتخاذل للسلطة المخزنية وأتباعها من (بربر بقناع عربي) من تحركات العلانية لبوليساريو الداخل وعلى رأسه أميناتو في تنظيم مهرجانات خطابية و مظاهرات جماهيرية وإستقبال وفود حقوقية والمطالبة علانيا بإستقلال الصحراء وتأسيس جمهورية عرقية عروبية في أرض أمازيغية (الجمهورية العربية الصحراوية), الافعال المعادية للشعب المروكي لم تجد موانع ولا ممانع , و كما يدعي المبررون, الديمقراطية المروكية تسمح بحرية الرأي والتعبير للجميع, في هذه الحالة يتخلى النظام عن مبادئ الثوابت المقدسة, و أهمها, المس بالوحدة الترابية الذي إستعملته السلطة العرقية العروبية في إتهام حراك الريف, والحكم على أساسه على الريفيين في غياب الدمقراطية الصورية التي تمنح فقط على أساس عرقي, أما أبطال الريف فعليهم الإمتثال للقوانين العنصرية وأحكامها الجائرة التي وزعت عليهم عشرات السنوات من معانات الإضطهاد الجسدي والنفسي في غياهب السجون ال علوية.
سياسة الكيل بمكيالين بين المتناقضين تعبيرعن كنهية النظام العرقي في تحديد سياسته إزاء من هو عروبي ومن هو أمازيغي. (التمييز الايجابي) الذي حضيت به منطقة الصحراء والاستثاء الصحراوي في الإمتيازات الممنوحة له, في إطار هذه الامتيازات تتحرك عصابة بوليساريو الداخل و تنشط بكل حرية في الجامعات المروكية وخصوصا في منطقة سوس درعة, وفي الصحراء فالعصابة تملك أمتيازاتها الخاصة ( دولة داخل دولة), تستقبل الضيوف الحقوقيون والسياسيون الاجانب من دون مضايقات وتنشط بحرية في تنظيم ندوات التنديد بالسياسة الحقوقية في الصحراء, و حاليا وقد يكون بتوصية خارجية فأميناتو تأسس هيئة سياسية تحت إسم " الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي", و تتحول بوليساريو الداخل وأميناتو الى العمل السياسي المنظم لمحاربة "الاحتلال المغربي" والدعوة الى إستقلال الصحراء وبالتالي المس بالوحدة الترابية (المقدس المخزني), وفي أطار الاستثناء الصحراوي, يستبعد أن تتخذ إجراءات جزرية عقابية ضد بوليساريو الداخل و على رأسه أميناتو.كيفما كانت الاختلافات, فستحدد الاستثنائية العرقية التحقيقات القادمة إن حصل تحقيق, فسيكون للتغطية على الفضيحة لا أقل ولا أكثر. (التمييز الايجابي) في الصحراء يقابله التمييز العرقي في الريف, فواقع الريف مرآة لسياسة التمييز العرقي المنتهجة في كل الميادين, ونتائج قمع إنتفاضة الريف وسيرورة المحاكمات الصورية والاحكام الصادرة عنها ورفض أطلاق سراح المعتقلين السياسيين الريفيين, تؤكد سياسة الكيل بمكيالين السيئة السمعة.