من أجل حسم النقاش في مجلس النواب حول الاختلاف على الدوائر الانتخابية ؟


فلاح أمين الرهيمي
2020 / 9 / 30 - 11:39     

حينما وضع المفكر الفرنسي (مونتسكيو) تقسيم الدولة إلى ثلاث سلطات (التنفيذية والقضائية والتشريعية) جعل السلطة التشريعية التي ينتخب أعضائها من الشعب في مجلس أطلق عليه البرلمان يجمع نواب الشعب الذين يدافعون ويضمنون حق الشعب ومصالحة وبما أن الدولة مؤسسة خدمية للشعب بما فيهم أعضاء مجلس النواب وأصبح الشعب مصدر السلطات وهذا يعني أن مجلس النواب هو من اختيار الشعب وهو انعكاس عن مصالح الشعب وحقوقه وهو المعبر عن طموح وآمال الشعب ورأيه وما يرغب به وليس وجد مجلس النواب للدفاع عن مصالح ذاتية وأنانية تسبب ضرر للشعب، وإنما وجد للدفاع وضمان حق الشعب ووثق ذلك في عقد أطلق عليه (الدستور). وبما أن ذلك تبين ووثق وثبت من خلال الحقيقة والمعلومات المستخلصة من الواقع الملموس والتجربة على الساحة العراقية عن فترة الحكم التي استمرت سبعة عشر عاماً كانت الأسباب والنتائج التي أفرزتها وتراكماتها سلبيات كثيرة للشعب أزمات تهدد وجود العراق كدولة وتفشي الفساد الإداري والمحاصصة الحزبية واقتصاد ريعي جعل الشعب استهلاكي غير منتج يعتمد على مورد واحد وهو (النفط) فأفرز البطالة والجوع والفقر ودمرت الأسس التربوية (البيت والمدرسة والدولة) وأصبح المجتمع العراقي يتكون من طبقتين، الأولى أتخمها الفساد الإداري وهم أقلية من العراقيين يعيشون مرفهين مع عوائلهم في عواصم الدولة الأوربية وطبقة أخرى تمثل أكثرية الشعب العراقي يغادرون بيوتهم في الصباح الباكر باحثين عن عمل من أجل توفير لقمة العيش لهم ولأفراد عوائلهم مما جعل كثير من أبناء الشعب 35% تحت مستوى الفقر وبسبب هذه الحالة التي جعلت رب العائلة بعيداً عن أفراد عائلته ورعايتهم وتربيتهم، ونتيجة قيام الجامعات والكليات تخرج الوجبات تلو الوجبات من الطلبة وترميهم في مستنقع البطالة وبسبب هذه الظاهرة والجوع والفقر دفع أولياء الطلبة على سحب أبنائهم من على كراسي الدراسة ورميهم في سوق العمل عتالين أو بائعي أكياس النايلون في الأسواق مما أدى إلى تسيبهم واختلاطهم مع آخرين أشرار فتعلموا منهم الفساد الخلقي وتناول المخدرات والسكائر لأنهم يقضون وقتهم في السوق بعيدين عن مراقبة ورعاية عوائلهم وكثير منهم أصبحوا لصوص وانضمام بعضهم إلى منظمة داعش الارهابية التي أصبحت البطالة والجوع والفقر روافد تصب في حفرة الإرهاب، وبسبب الهجرة خارج الوطن في البحث عن العمل ولقمة العيش ابتلع البحر الأبيض المتوسط العشرات منهم وأصبحوا طعم للحيتان.
إن هذه السلبيات المدمرة التي أفرزتها فشل وجهل الحكومات السابقة التي تقودها الأحزاب السياسية وأدت إلى انفجار الشعب في انتفاضة الجوع والغضب التشرينية التي ذكراها السنوية في 1/10/2020 واتخذت شعار لها (إما أن نفنى أو نسعد) وقدمت ضحايا من الشهداء تجاوز (ثمانمائة شهيد وأكثر من خمسة عشر ألف جريح) وهي لا زالت بعنفوانها وشدتها حتى تحقيق مطاليبها المشروعة، ومن هذه المطاليب (الدوائر المتعددة) بناء على ما جاء أعلاه واعتبار الشعب مصدر السلطات وفشل الأحزاب السياسية في الحكم والآن تقف الكتل النيابية الممثلة للأحزاب السياسية ضد رغبات الشعب الذي هو من أوصلهم إلى قبة البرلمان والمفروض بهم الانحياز للشعب والدفاع عن مصالحهم بينما يقفون الآن ضد طموحه ورغباته ومصالحه. المطلوب من المحكمة الاتحادية والمجلس الأعلى للقضاة التدخل وحسم الموقف لصالح الشعب وطليعته المعبرة عن طموحه وآلامه جماهير انتفاضة تشرين الباسلة، كما أن هنالك قاعدة قانونية يعتبر أي عمل باطل من قبل الوصي أو الوكيل إذا كان يسبب ضرر للموصى عليه أو الموكل عنه وبما أن النائب يعتبر وكيل ووصي عن أبناء الشعب والدفاع عن حقوقه في مجلس النواب الذي تكون لهذا العمل، كما هنالك نص دستوري في بعض الدول يعطي الحق لأبناء الشعب الذي انتخب النائب أن يسحب الثقة منه وإقالته في حالة الإهمال وعدم الاستجابة لحاجة أبناء منطقته واستبداله بنائب آخر. لذا يجب التدخل وحسم الموضوع لصالح الشعب.