إلى رافعي راية الإصلاح والتغيير في العراق المستباح وشعبه المذبوح بمناسبة يوم انتفاضة تشرين


فلاح أمين الرهيمي
2020 / 9 / 27 - 12:46     

إن كل حركة في طبيعة الأشياء إصلاح وتغيير وتقدم وتطور، كل خروج على المألوف تقدم وتطور، كل تفجر للمعرفة تقدم وتطور كل تحد للأمر الواقع والجمود والخنوع تقدم وتطور للأمام وهو ثورة.
النبي محمد (ص) : كان ثائراً عندما أبى أن يماشي أهل الصحراء في عبادة الأصنام وفي عاداتهم الهمجية في مجتمعهم البربري، فجعل نارها تورى وشمر لها الزندا، فأضرمها ثورة لاهبة على قومه وأسيادهم وآلهتهم فكفّروه واضطهدوه وأضمروا له الموت وما تخلى عن النضال والعمل في نشر دعوته الإنسانية وصمد واستطاع أن يخرج من جاهلية الصحراء عقيدة دينية واجتماعية التف حولها وجمعت مئات الملايين من البشر من مختلف أنحاء المعمورة.
المسيح (عليه السلام) : كان ثائراً عندما حمل على الوضع الروماني وعلى حكام المجتمع اليهودي في عصره وكان ثائراً عندما انحاز إلى جانب الفقراء والمستضعفين ضد الأغنياء والمستغلين واختار نصرة المظلومين واختار العيش مع الطبقات المنبوذة والمسحوقة فحكم عليه بالموت وعلق على خشبة ومات في سبيل دعوته إلى الحق والعدل والمساواة.
عبد الرحمن بن محمد بن خلدون : المؤرخ والفيلسوف العربي الكبير في القرن الرابع عشر للميلاد كان ثائراً عندما توجه بمنظور مادي في فهم الظواهر الاجتماعية بعيون ثاقبة وصافية في تطور الفكر الفلسفي قبل المفكر كارل ماركس من خلال تفسير ظواهر الحياة الاجتماعية المختلفة وجوهر العملية التاريخية تفسيراً علمياً في أساسه وجوهره من خلال الممارسات الاجتماعية الشخصية التي استمرت أكثر من ربع قرن من الزمن في دراسة فلسفية شاملة ومتعمقة كحصيلة لأبحاثه الفلسفية والاجتماعية التي لا تخلو من عمق فريد وعبقرية واضحة.
المفكر كارل ماركس : كان ثائراً عندما طلع بالنظرية المادية التاريخية وأثبت بالاختبار العلمي صحتها وصوابيتها وخطأ وفشل النظرية المثالية التي كانت رائجة في ذلك العصر والتي أصبحت أساساً ثابتاً لعلم التطور المادي وتطور النظام الاجتماعي والسياسي على أساس عنصر الاقتصاد المعاشي باعتباره العنصر الذي يتوقف عليه الوجود البشري في ماهيته وتحوله وتطوره وتقدمه، فكفر كارل ماركس واتهم بالزندقة والهدم واضطهد وشرد ونفي عن وطنه وجوع، ولكن الحقيقة وديناميكية الحياة واصلت مسيرتها وتقدمها وتطورها، ولم يمنع الأجيال المتعاقبة من تصويب نظرية ماركس العلمية والأخذ بها والاعتماد عليها في الكليات والجامعات العالمية وكذلك الاسترشاد بها من قبل الملايين في العالم.
العالم باستور : كان ثائراً عندما جابه علماء عصره بالطفيلية الخبيثة المسببة للأوبئة والأمراض، وثار على أولئك الذين يعتبرون المرض طارئاً شيطانياً، والمرض هو من فعل أرواح شريرة تدخل جسم الإنسان كما شاع في القرون المظلمة وأن القدر وحده الذي يشفيه، فاتهم بالخروج عن المألوف في ذلك العصر واتهم بالزندقة والشعوذة ووصف بأنه هدّام وكفّر وشنّت ضده حرب شعواء.
العالم روجر بيكون : كان ثائراً عندما سفهَ وفَنّد نظرية حتمية الأشياء والقضاء والقدر وقال بوجوب الاعتماد على البحث والإحصاء والاختبار والاستنتاج والمسببات من أسبابها، وهذا العالم ظهر في القرن الثالث عشر للميلاد الذي اكتشف الطريقة الاختبارية للأشياء والطوارئ الطبيعية واعتبرها كظاهرة لها أسبابها ومسبباتها والبحث والاستدلال عنها وقد شنّت عليه حرب شعواء وحرّمت اكتشافاته في انكلترا بسبب وقوف الكنيسة ضده، وقد طبقت نظريته في الحقل العلمي الاجتماعي في فرنسا في القرن السابع عشر وقد استفاد منها كل من العالمين باسكال وديكارت في بحوثهم الفلسفية.
العالم داروين : كان ثائراً عندما أطلق نظريته الاختبارية عن التطور والارتقاء وأكد بأن الحياة تتحول وتتطور في طريق الصعود من الأسفل إلى أعلى بفعل التطور والاصطفاء النوعي والطبيعي فاضطهد وكفّر واتهم بالزندقة، ولكن كل هذا لم يمنع النظرية الداروينية والتسليم بصوابيتها وصحتها حتى من المعارضين والمخالفين له.
العالم غاليلو غاليلي : كان هذا الفلكي الإيطالي ثائراً حينما أعلن أن الشمس مركز الكون وليس الأرض فكفّر وحورب واتهم بالزندقة وحكم عليه بالموت من قبل محاكم التفتيش ..
كما كان الفيلسوف الإغريقي سقراط ثائراً فشنت ضده حرب شعواء وحكم عليه بالموت وسقي بالسم من قبل محاكم التفتيش.
وكانت كل كلمة كتبها فولتير وجان جاك روسو الفرنسيين ثورة على الاستبداد والظلم والأوضاع القائمة فألهبت جماهير الشعب في الثورة الفرنسية عام/ 1789 فهدمت سجن الباستيل وأسقطت ملكية آل البوربون وهزت العالم من أقصاه إلى أقصاه وأشاعت روح الحرية والمساواة بين الشعوب في المعمورة، كما كان ثائراً رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق (ابراهام لنكولن) حينما شرع قانون عام / 1863 القاضي بإطلاق الحرية إلى جميع أبناء الشعب الأمريكي بما فيهم الزنوج وأضرمها حرباً أهلية دامت سنوات حتى انتصرت قوى الحرية على قوى الاستعباد والعبودية، كما كان (لينين) ثائراً حينما قاد أعظم ثورة اجتماعية في التاريخ الحديث (ثورة اكتوبر العظمى في روسيا عام / 1917) حيث كان يمتلك القيادة السياسية من الطراز الجديد المتنور، وهو الداعية والزعيم المنظم للجماهير الثورية العريضة ومؤسس الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي وأول من رفع الراية الحمراء في الساحة الحمراء في موسكو ومهندس أول دولة اشتراكية في العالم والقائد للطبقة العاملة والفلاحين وكل الجياع والمظلومين والمقهورين والكادحين المظلومين من أبناء البشرية المعذبة، وهو الذي أثرى التراث النظري لأساتذته العظام فيما يتعلق بالظروف الجديدة التاريخية وناضل بلا هوادة ضد تحويل مذهب ماركس وأنجلز إلى صيغة جامدة.
لقد كانت روسيا حتى عام / 1917 من أكثر أقطار أوربا تأخراً وفقراً في جميع الميادين فاستعمل لينين بعبقريته قوانين المادية الديالكتيكية كأداة للبحث والعمل فجعل منها خلال ربع قرن من أكثر البلدان قوة وازدهار وحضارة في العالم.