الوهم الكبير ...النضال الشيوعي للماركسيه..ج2


ليث الجادر
2020 / 9 / 25 - 22:05     

كانت هذه هي شروط 16 الف عامل وبحار في كرونشتاد وقد اجتمعوا تحت شعار (مجالس سوفييت دون بلاشفه ) .. عشرات الالاف قتلوا مضحين في سبيل هذه اللائحه (ويقال ان اضعاف عددهم قتل من البلاشفه في هذه المواجهه , )..فاي مفرده فيها توحي بانها تدعو الى الرده عن المبادىء الثوريه التحرريه ؟ والحقيقه ان السؤال الادق هو اي مفرده اوشرط لاينطق بالروحيه الشيوعيه ؟! المدافعون عن الاصاله الشيوعيه للبلاشفه يستشهدون بالواقع الاقتصادي الكابوس الذي كان يحاصر السلطه الثوريه والذي وضع مصير الثوره على شفير الجحيم , كان سببا قويا واكيد في شيوع روح اليأس والتذمر في صفوف الفلاحيين والعمال المتضررين جراء سياسه (شيوعية الحرب ) التي انتهجها البلاشفه لكن هذا ليس مبررا كافي يدفع الى مثل هذا الحراك الذي يخدم بصوره عفويه مصالح القوى المضاده التي كانت مازالت بعد قادره على استعادة انفاسها في الميدان العسكري , وقد سبق لتروتسكي ان عبر عن احداث كرونتشتاد بانها (مأساة الضروره ) ومن وصف تروتسكي وهو قائد الجيش الاحمر حينها وباستذكار موقفه السابق الذي فضل فيه ان تسقط الارض ويستحوذ عليها الجيش الابيض خيرا من ان تقع تحت سلطة الماخونيين اللذين هم تنظيم اناركي , تتثبت لنا تماما براءة كرونشتاديين من البعد السياسي المغرض وتؤكد لنا ان هؤلاء الجنود والفلاحين اللذين كانوا بلاشفه عتاد انما انقلبوا تحت تاثير دعايه الطرح الاناركي المعادي في جوهره لاي نوع من انواع السلطه والذي يجعل من العداء للدوله محورا مركزيا لنشاطه .. وهذا هو لب العداء والخصومه بين ماركس – انجلز وبين الاناركيين وفي مقدمتهم باكونين وجوزيف برودون الذي يعتبره الكثيرون الاب الموؤسس للاناركيه وهو اللاسلطوي الذي قال قولته الشهيره (صوت ضد الدستور لانه دستور ) وكان حينها عضوا في المجلس التاسيسي الفرنسي عام 1848, انه عداء اولته الماركسيه مكانه مركزيه في صراعها الفكري والنظري , لايقل اهمية عن عدائيتها للراسماليه واطروحات البرجوازيين , وهنا علينا ان نقف ونتسائل عما اذا كان الاناركيون اللاسلطويين هم الاكثر تطابقا مع قياسات المجتمع الشيوعي اللاطبقي , ام الماركسيه التي تخالف السلطويين هي اكثر تطابقا مع الشيوعيه ؟ ولقد خضنا في مقدمة المقال كي نستطيع من خلال العرض التاريخي لمحور مجريات الثوره الروسيه ان نستشف بان الصراع الذي اعترك حركتها انما هو امتداد للصراع الفكري الذي دارت رحاه بين الماركسيه واللاسلطويين او الاناركيين (وفي احيان يطلق الماركسيون على هؤلاء بالفوضويين او البرودونيين ) ونرى ان الوصف العادل والتسميه الدقيقه لطرفي هذا الصراع هو (الاشتراكيون الثوريين – الماركسيون- والثوريين اللاسلطويون )..فاي طرف منهم يمثل الحراك الثوري الشيوعي ؟ بداية يجب التاكيد هنا على ان مبحثنا هذا ليس مبحثا مفاهيمي بحت وليست القيمه المبتغاة منه هي قيمه اصطلاحيه ثقافيه , بل ان الغايه منه هي الكشف عن الوجه الواقعي للماركسيه ومدى توافر الامكانيات التاريخيه لتحقيق مشروعها وانتشالها من الاطار اليوتيبي الذي طالما تاطرت به سواء في العقليه المثقفه او العامه , وباختصار سنتوسع في شرح مضمونه فان مقارنه الطرح الماركسي ومشروعه التغييري الجذري بمقاسات الحركات التاريخيه الشيوعيه والتي شكلت حيزا لافت للنظر في التاريخ , ومقارنة بالقياسات النظريه والفكريه التي تبنت مفهوم المجتمع الشيوعي ومن ضمنها ما اوردته الماركسيه ذاتها , فاننا نجد ان طرح هذه الاخيره لم يكن فقط غير شيوعي انما كان خصما متسترا بشكل عبقري للتعصب الشيوعي ..وان استخدام ماركس- انجلز لمصطلح الشيوعيه كان اصله دافع سياسي وتماشيا مع التسميه العامه التي كان يستخدمها العمال انذاك كعنوان لمشروع نضالاتهم , وان كل ما ورد في استنباطاتهم النظريه لحتميه ظهور المجتمع الشيوعي انما كان يمثل ما تمثله الجمل التشجيعيه في مجرى الدعايه الثوريه , فهي العصب الفلسفي الخالص في هذا النتاج الفكري الكبير , وبهذا المعنى فان الماركسيه لم تكن الا ايدلوجيه السلطه العماليه ,وهي تعاليم لتسيس نضال الطبقه العامله باتجاه انتزاعها للسلطه وليست فكرا تبشيريا تاملي , بمعنى انها مشروع سطوه القوه العامله المنتجه على شؤون ادارة المجنمع الطبقي ..وهي ليست كمثل الطرح الشيوعي الذي يبشر بامكانيه ملكية العمال لوسائل انتاجهم وتحريرها من الملكيه الخاصه في مجتمع لاسلطوي لا اصل عقلي في تصوره الا بكونه محض تخيلات