المعتزلة


غازي الصوراني
2020 / 9 / 24 - 15:41     


المعتزلة تاريخياً:
"ترددت كلمة "الاعتزال"، وكلمة "المعتزلة" كثيراً في تاريخ الصراع السياسي – الفكري في الاسلام قبل نشوء هذه الجماعة التي استقر عليها اسم "المعتزلة" في نهاية القرن الأول للهجرة وأواخر القرن السابع للميلاد، وأصبحت كلمة "الاعتزال" منذ ذلك الحين تعني الاشارة إلى مذهب هذه الجماعة بما تَفَرَّدَ به من آراء في جملة من "الأصول" الاعتقادية الاسلامية، وبما تَفَرَّدَ به كذلك من منهج عقلي في معالجة هذه الآراء، لكن مذهب المعتزلة لم يظهر من الفراغ، ولم يقم على الفراغ– كما يقول بحق المفكر الشهيد د.حسين مروة - وانما "خرج من تلك البذور الفكرية التي تنامت سريعاً بفضل ما احدثته افكار القدرية والجهمية من تفاعل النقيضين في مسألة حرية الإنسان ومسؤوليته عن افعاله، ومن توافقهما معا – رغم تناقضهما في هذه المسألة- على النظر العقلي في العقائد الاسلامية، وعلى الرجوع إلى التأويل العقلي للنصوص الاسلامية، وان اختلفت وجهة كل منهما في هذا التأويل"([1]).

يمثل المعتزلة أولى أكبر مدارس علم الكلام، والفكر الفلسفي الإسلامي عامة، وكانت فترة نهوض المعتزلة في النصف الأول من القرن التاسع الميلادي بمثابة "العصر الذهبي" في تاريخ علم الكلام([2]).

جذور المعتزلة ومسيرتهم :
في كتابه الموسوعي "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية" -يرى د.حسين مروة- أن "جذورهم تعود إلى تيار "أهل العدل والتوحيد"، الذي كان من أبرز قادته الحسن البصري المعروف بعدائه للنظام الأموي، حيث تصدى هذا التيار لعقيدة " الجبر/ التي أظهرها الأمويون " وعارضها بإظهار موقف الإسلام المنحاز إلى حرية الإنسان واختياره وقدرته، ومن ثم مسئوليته عن أفعاله، ثم جاء " واصل بن عطاء " الذي حدد الأصول الفكرية الخمسة للمعتزلة وهي: العدل _ التوحيد_ الوعد والوعيد_ المنزلة بين المنزلتين_ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن القاعدة الكبرى التي كانت المنطلق الواقعي غير المنظور، لتصور مفهوم العدل كما تصوره المعتزلة، هي قضية حرية ارادة الإنسان في افعاله. ففي "رأي المعتزلة ان الإنسان اذ لم يكن مختاراً في ما يفعل، كان غير مسؤول عن افعاله، خيراً كانت ام شراً. واذا لم يكن مسؤولاً كان الثواب باطلاً لانه جزاف وعبث، وكان العقاب ظالماً. وكلا الامرين: الباطل والظلم، نوع من الشر، والله لا يصدر عنه الشر"([3]).

فالمعتزلة، اذن، " يشترطون ان تكون السلطة السياسية – الدينية بقيادة إمام، ويشترطون لهذه القيادة كون الامام عادلاً.فما مفهوم العدل هذا عندهم؟

ان "العدل الذي يشترطونه في الإمام يتضمن الأخذ برأيهم في التوحيد وفي القدر، فاذا عرفنا ان رأيهم في القدر لا ينفصل عن القول بحرية الانسان، أي رفض الحتمية القدرية التي تسلب الإنسان اختياره في ما يفعل، استطعنا ان نستنتج من ذلك أن مفهوم العدل الدنيوي الأرضي عندهم لا ينفصل أيضاً عن قضية حرية الإنسان هذه، فالخروج على النظام (أي الثورة المسلحة لتغيير السلطة) عند المعتزلة لا يكون إلا مع إمام عادل، كما لا يتولى انفاذ الأحكام وقطع يد السارق وأي عقاب آخر إلا الإمام العادل أو بأمر منه، ولا يجوز غير ذلك.

ومن هنا يمكننا اكتشاف العلاقة – في تفكيرهم- بين المفهوم الميتافيزيقي لللعدل، أي العدل الالهي، وبين مفهومه الواقعي العملي المتجسد في الامام العادل، أي في السلطة السياسية – الدينية العادلة (اجتماعياً).

بهذا التحليل، فان "العقلانية" المعتزلية لم تكن "عقلانية" تجريدية وميتافيزيقية مطلقة، بل نستطيع ان نكتشف لها جانباً واقعياً عملياً يتصل بحياة الناس الواقعية، وان يكن هذا الجانب غير ملحوظ مباشرة في مباحثهم النظرية"([4]).

في ضوء ما تقدم، يتضح أن "جماعة المعتزلة –كما يقول د. مروه- "قد التزمت قضية العقل إلى حد يكاد يتخطى التزامهم ببعض الاصول المقررة في الاسلام، فجعلوا حكم العقل قاضياً بصرف نصوص القرآن عن ظواهرها حيثما كانت هذه الظواهر متعارضة مع ما يقتضيه العقل، حتى رأيناهم يجعلون حرية اختيار الإنسان حاكمة على حرية ارادة الله ومفيدة لقدرته، وما ذاك إلا لأن مبدأ حرية الإنسان قائم عندهم على وجود العقل بالضرورة، وعلى ان وجوده لا معنى له ان لم تكن له قدرة الاختيار بالضرورة كذلك، وانه لولا هذا وذاك لسقطت مسؤولية الإنسان عن افعاله، ولما كان العدل الالهي عدلاً حقاً. فقضية العقل هي النقطة المركزية في هذه المعادلة كلها"([5]).

في هذا الجانب أشير إلى تمسك المعتزلة بمبدأ السببية في حدوث الأشياء والأفعال، فحتى قضية خلق الله للعالم ربطوها بهذا المبدأ، حيث أنهم "لا يفصلون بين مبدأ العلِّية في الطبيعة، وبين ما يترتب على هذا المبدأ من مسؤولية في المستوى البشري الاجتماعي، دون ان يُخْضعوا أفعال الإنسان إلى الحتمية الجبرية، كما فرقوا بين العلية في افعال الطبيعة والعلية في افعال الإنسان بأن الأولى تخضع لقوانين ثابتة حتمية، وأما الثانية فتخضع إلى عنصر آخر هو عنصر الارادة، وذلك انسجاماً مع مذهبهم في حرية اختيار الانسان، وانسجاماً مع المبدأ الذي اقاموا عليه مذهب حرية الاختيار هذا، نعني به العقل.

تتجلى القيمة التقدمية لتمسك المعتزلة بمبدأ السببية وللبحوث النظرية التي أوضحوا بها هذا المبدأ، اذا قارنا موقفهم في هذه المسألة بالموقف الاخر المعارض الذي كان سائداً عصرهم، والذي كان الاشاعرة بالأخص يحملون رايته منكرين مبدأ السببية انكاراً مطلقاً، وبناء على هذا الإنكار لمبدأ السببيه، استُبعِدَ العقل عن مجال المعرفه ، التي ارتبطت لدى الأشاعرة ارتباطاً مطلقاً بالمصدر الإلهي.

ان النظرة المقارنة هنا، تكشف دون شك عن فضل المعتزلة في كونهم واجهوا تياراً فكريا أسقَطَ من الكون كله وجود القوانين الموضوعية التي تنظم العلاقات بين الاشياء والاحداث، كما اسقط بذلك إمكان استقلال العقل بالمعرفة، مهما يكن نوع المعرفة.

لقد "واجه المعتزلة هذا التيار الفكري الآخذ به يومئذ جمهرة واسعة من أهل الرأي والنفوذ الديني، وبينهم الاشاعرة وانضم اليهم –بعد ذلك- فريق من أهل علم الكلام واهل المذاهب الاسلامية من السنة والشيعة، ولكن المعتزلة على اختلاف ارائهم في كثير من المسائل اتفقوا على مواجهة هذا التيار بسلاح فكري نظري متقدم يدافعون به عن العقل وعن مبدأ السببية من حيث هو قانون كوني شامل، ومن حيث هو مبدأ عقلاني تستند اليه سائر القوانين الموضوعية في الكون والطبيعة وعالم الانسان"([6]).

لقد كانت المعتزلة من أصدق الفرق في الإسلام الذين جمعوا بين النص والممارسة في موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكانوا ضد الأشعري الذي قال: " إن السيف باطل ولو قتلت الرجال وسبيت الذرية، وأن الإمام قد يكون عادلاً أو غير عادل وليس لنا إزالته حتى وإن كان فاسقاً؛ كما كانوا نقيضاً أيضاً لأحمد بن حنبل الذي يقول: " إن من غَلَبَ بالسيف حتى صار خليفة، وسُمِّيَ أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله أن يبيت ولا يراه إماماً عليه، براً كان أو فاجراً، فهو أمير المؤمنين" (وهناك قول لأحد أئمة ذلك العصر يسندوه ظلماً لأبي حنيفه –كما يقول د. مروه- ينص على أن " ستون عاماً في ظل حاكم ظالم لهي أفضل من ليلة واحدة دون حاكم " .

لقد اختلف المعتزلة عن السُّنة في عرضهم للأدلة، فهي عند أهل السنة ثلاثة: الكتاب _ السُّنة _ الإجماع ؛ بينما هي أربعة عند المعتزلة، يضيفون العقل إلى هذه الأدلة الثلاثة ويقدمونه عليها جميعاً، بل يرون أن العقل هو الأصل فيها جميعاً، وكان طبيعياً أن يقدموا العقل في أمور الدنيا كما قدموه في أمور الدين وجعلوه حاكماً تعرض عليه المأثورات كي يفصل في صحتها رواية ودلالة .

ويضيف د. حسين مروة إلى كل ما تقدم -دون أن يتناقض معه- بعداً فلسفياً للمعتزلة بقوله: "أن المعتزلة استشرفوا إدراك وجود قوانين موضوعية في الطبيعة تجري وفقها الظاهرات الطبيعية كلها، وأن (القدر) عندهم بخيره وشره من الإنسان، وأن الإنسان متفرد بين مختلف الكائنات تميزه الحرية في الاختيار لأفعاله، وأن امتلاكه خاصة العقل هو المصدر والأصل في تفرده بتلك الميزة، ذلك إن مفهوم العدل الدنيوي، الأرضي عند المعتزلة لا ينفصل أيضاً عن حرية الإنسان، أنهم يرفضون الحتمية القدرية التي تسلب الإنسان اختياره فيما يفعل"([7]).

وحول خلق القرآن يرى د. مروه " أن المعتزلة أكدوا أن كلام الله ليس (بقديم) أي ليس من الصفات المعادلة للذات، وإنما هو حادث أو مخلوق ككل شيء مخلوق في الكون، فمعنى كون الله متكلماً.. إذن إنه خالق الكلام، ويبرهنون على ذلك بالقول "إن البشر هم موضوع الأوامر القرآنية.. فكيف يعقل أن يوجه الله أوامره إلى المعدوم، إن ذلك نوع من العبث الذي لا يجوز على الله"، "فالكلام _ في رأيهم _ لكي يتحقق شرط وجوده يحتاج إلى مكلِّم ومكلَّم، وقبل وجود المُكلَّمين ليس هناك سوى مُكلِّم من دون مُكلَّم، بذلك يكون القول بأزلية القرآن نفياً لعقلانية التشريع وهو باطل".

لقد لجأ المعتزلة إلى القول بأن كلام الله ليس "بقديم"، أي ليس من الصفات المعادلة للذات، وانما هو حادث، فالقرآن – وهو كلام الله باتفاقهم- حادث اذن، أي "مخلوق" ككل شيء مخلوق في الكون، فمعنى كون الله متكلماً -اذن- انه خالق الكلام. هذه هي المسألة: منشؤها، وحقيقتها، كما قررها المعتزلة، لكنهم لم يتقصروا في تقريرها على ما تقدم، بل هم حاولوا فوق ذلك توكيد هذا الرأي ودعمه ببراهين أخرى يرمي بعضها إلى اثبات أن القول بِقِدَمْ القرآن وأزليته لا ينافي مبدأ التوحيد وحسب، بل ينافي كذلك عقلانية التشريع القرآني، وذلك انهم قالوا: اذا افترضنا القرآن كلاماً أزليا، أي صفة للذات الآلهية الازلية، كان معنى هذا ان الأوامر التي يشتمل عليها القرآن ازلية أي صادرة قبل ان يوجد المأمورون بها، أي انها كانت غير ذات موضوع قبل وجود البشر المكلفين بها، فإن البشر هم موضوع هذه الأوامر، فكيف يعقل ان يوجه الله أوامره إلى المعدوم؟، ان ذلك نوع من العبث الذي لا يجوز على الله، بل محال، وقالوا ان الكلام، لكي يتحقق شرط وجوده، يحتاج إلى مكلم (بكسر اللام) ومكلم (بفتح اللام)، وقبل وجود المكلفين ليس هناك سوى مُكَلِّم من غير مُكَلَّم. بذلك يكون القول بأزلية القرآن نفيا لعقلانية التشريع، وهو باطل"([8]).

حركة المعتزلة إذن، اتسمت، منذ بداءتها وعلى مدى مراحل تطورها، بسمتين بارزتين: سمة المعارضة للفكر وللايديولوجية السلفيين، وسمتها الثانية ليست سوى المنهج الذي استخدمته هذه المعارضة.

ان هذا المنهج بذاته هو الجانب الثوري للمعارضة، نعني به المنهج العقلاني الذي كان اتجاهه البارز "عقلنة" مسائل ميتافيزيقا الاسلام كلها، ووضع العقل البشري في المكانة الأولى من قضية المعرفة.

غير أن هذا الاتجاه كان ينطلق أساساً من قضية اخرى لعلها، في ظروفها التاريخية، كانت أكثر ارتباطاً بالواقع الاجتماعي، هي قضية حرية العقل في التفكير دون ان يقيده قدر سابق، وذلك لتوكيد حرية ارادة الإنسان في التنفيذ دون ان تقيدها ارادة سابقة.

ان النظر إلى حركة المعتزلة من هذه الزوايا المتصلة بعضها ببعض، جدلياً، كفيلة بأن تكشف الوجه الثوري التاريخي لهذه الحركة.

صحيح ان المعتزلة كانوا يعالجون المسائل الكلامية بطريقة عقلية تأملية مجردة غالباً، وان هذه الطريقة كانت تسيطر على مباحثهم اكثر فأكثر كلما ازدادوا اتصالاً بالفكر الفلسفي اليوناني، وكلما تعددت وتنوعت وتعمقت المسائل المطروحة امامهم.

وصحيح ايضاً ان الصبغة "اللاهوتية" طبعت مادة الفكر المعتزلي بطابعها المعروف حتى ما كان منه بحثاً في عالم الطبيعة، صحيح ذلك كله، ولكنه، أولاً –كما يقول حسين مروه- "كان هو طابع الظروف التاريخية نفسها، أي ظروف سيطرة المعارف الدينية وتأثيرات فعل الاسلام في المجتمع وثانياً، لم يكن ممكناً لأية حركة فكرية ثورية حينذاك ان تتجلى ثوريتها بغير هذ الشكل وبغير هذه الطريقة. وثالثاً انه ما كان شيء من ذلك كله مستطيعاً ان يُخفي الطابع الآخر للفكر المعتزلي، وهو طابع المعارضة للنظر الايماني الغيبي المطلق ولفكرة تقديم الايمان على العقل ولفكرة سيطرة الحتمية القدرية المطلقة على حركة الفرد والمجتمع وخيارات الفعل البشري، وينبغي هنا ان نسجل ملاحظة ذات شأن تتعلق بالمركز الاجتماعي للمعتزلة، هي انهم لم يكونوا يؤلفون، بوصف كونهم معتزلة، فئة اجتماعية مستقلة منفردة، لا في المجتمع الأموي ولا في المجتمع العباسي، وانما كانوا جزءاً من تلك الفئة الكبيرة التي نشأت في المجتمع العربي – الاسلامي خلال تطوره الاجتماعي والثقافي، نعني بها فئة أهل الفقه والحديث والتفسير وما يدور حولها من علوم العربية والمنطق، فقد كان كل واحد من علماء الكلام المعتزلي كغيرهم من الشيعة والخوارج والمرجئة وأهل السنة، معدوداً من الفقهاء او المحدثين أو المفسرين أو النحويين، او معدوداً من هؤلاء جميعاً. وهذه الفئة الكبيرة، بالرغم من انها لم تكن منفصلة عن الاحزاب موازية لها، بل كانت الجزء الدينامي فيها، كانت مع ذلك متميزة ضمن الاحزاب بكونها ذات تأثير خاص في الرأي العام، وقد اكسبها هذا المركز امكانية التجاوب والتفاعل مع الحركات الاجتماعية والسياسية، على اختلاف نزعاتها، داخل صفوف الرأي العام"([9]).

" من هنا كان الصراع الايديولوجي لا يقل احتداماً عن الصراع السياسي المباشر، ومن هنا أيضاً يظهر لنا اليوم كم كانت مواقف المعتزلة، في المعركة الايديولوجية التي خاضوها، حاجة تاريخية وعاملاً من عوامل التطور في تلك المرحلة.

ان هذا الدور التاريخي للمعتزلة –كما يضيف د. مروه- يمثل، في الواقع، المرحلة الايجابية الثورية لمباحثهم الكلامية، لا من حيث قيمتها بذاتها، بل من حيث الفعل التاريخي الذي أحدثته، "بفضل ما كان يتميز به الوضع الاجتماعي العام من قابلية التجاوب مع الفكر المعارض لايديولوجية النظام القائم أولاً، وبفضل الجاذبية الخاصة التي يتميز بها علم الكلام المعتزلي ثانياً، وجاذبيته هذه ناشئة من كونه يتعرض لجذور المبادئ والمسائل التي تقوم عليها ايديولوجية الخلافة أساساً، وقد كان تأثيره في زعزعة هذه الجذور أشد من حروب الخوارج، رغم عنفها، بل ربما بسبب من عنفها، كما يمكن القول"([10]).

اذا كنا رأينا، في ما سبق، وجها ثورياً لعلم الكلام المعتزلي يتمثل في منهجه، ذاته، أي في جانبه "العقلاني"، فان ذلك ينبغي ان لا يحجب عنا جانبه الاخر الذي يضع علم الكلام المعتزلي ضمن الاطار العام للايديولوجية اللاهوتية الرسمية، دون ان يخرج عليها، فالفكر المعتزلي يقوم على مبدأ التنزيه المطلق للذات الالهية، وهو مفهوم التوحيد "الرسمي"، وهذا يتضمن وحدانية الحقيقة. وهي الحقيقة الدينية، أي الشريعة ذات المصدر الالهي الأوحد: وهذا هو الأساس لأيديولوجية الطبقة الحاكمة في دولة الخلافة الاسلامية، ذلك ان دولة الخلافة، من حيث كونها دولة الاسلام، تضع نفسها في مكان الممثل الشرعي الوحيد للنظام الاجتماعي الذي تحدده الشريعة الالهية.

على هذا الاساس تترتب معادلة ذات صورة منطقية تنتج المستند "النظري" الاسلامي لمفهوم "الحق الالهي" في الحكم المطلق. وهذه المعادلة تأتي على الوجه التالي:

النظام الاجتماعي الذي تؤيده الشريعة هو نفسه نظام دولة الخلافة، هذا أولاً. والشريعة التي تؤيد هذا النظام شريعة الهية، فهي مقدسة اذن، هذا ثانياً. والنتيجة "المنطقية" لهذا وذاك، ان نظام حكم الخلافة نفسه نظام مقدس.. واضفاء طابع القداسة الدينية على حكم دولة الخلافة –كما أوهموا العامة من الناس البسطاء- يمنح الطبقة الحاكمة في مجتمع الخلافة حق السيطرة المطلقة، التي تعني ان الاعتراض عليها او الخروج عن طاعتها، فضلاً عن الثورة عليها، ليس له من مدلول "حقوقي" في تشريع هذا الحكم سوى "الهرطقة" الدينية، فهو اعتراض على حكم الله، وهو خروج عن طاعة "أولى الامر" التي فرضها الله، فكيف اذا تطور ذلك إلى ثورة؟.

من هنا، "تجلت أهمية المنهج العقلاني الذي كان هو الامر الجديد المسيطر في اتجاه علم الكلام لدى المعتزله، الذي تميز بمضمونه التقدمي لأنه كان –كما يؤكد د. مروة- بمثابة "الصدمة المؤذيه للأيديولوجية السلفيه في عصره"([11]).



الأساس الاجتماعي لفكر المعتزلة الفلسفي:
إن أول ما يسترعي النظر، في فكر المعتزلة، أن القضايا الفكرية المثارة مثل الخلق من عدم، والعلاقة بين الله والإنسان، والجبر والاختيار، وصفات الله- وما تَوَلَّدَ عن معالجتها من الخوض في مسائل فلسفية بحتة – كالطفرة والتولد والجوهر والعرض .. الخ – جرى تناولها في إطار عقلاني (نابع من الواقع الاجتماعي) أكثر منه عقيدي وإيماني، ومجرد هذا الطرح –كما يقول د. محمود اسماعيل- "يعني نقلة في تاريخ الفكر الاسلامي تفوق بكثير مجرد "مزج التعاليم الاخلاقية المستمدة من القرآن بالفلسفة اليونانية"، أو "وضع جسر بين العقلانية القرآنية والمنطق الأرسطي"، او مجرد "توفيق بين التوحيد وبين الفلسفة"، "فالمعتزله بجعلهم العقل مصدر المعرفة، أسهموا في خلق التيار الذي حاول – ولا يزال – تبديد نسيج الموروث الخرافي والثيولوجي الذي ران على "العقلية العربية" وكان من عوامل أزمتها.

وفي هذا الصدد مالوا إلى التفلسف أكثر من تبرير الموروث حتى ولو كان دينيا، ولا غرو فقد أولوا بعض آيات القرآن تأويلا مجازيا بإخضاعها لسلطان العقل، ورفضوا ما لا يعقله حتى لو كان من مأثور النبي والصحابة. لقد أكدوا "السببية" في تفسير الظواهر الكونية والاجتماعية، في مقابل "النصية التسليمية الغيبية" الإقطاعية، بل مضوا إلى ما هو أبعد من ذلك فقالوا "بالحتم" و"الضرورة" في ربط الأسباب بمسبباتها، حتى لقد "أطروا الفعل الإلهي ضمن حدود السببية"([12]).

كما إن دفاع المعتزلة عن مبدأ "الاختيار" ومسئولية الإنسان عن أفعاله، في مواجهة الجبر "الإقطاعي" الذي يقتل شخصية الإنسان ويظهر عجزها بتضييعها في متاهات "الغيب"، مظهر من مظاهر تبني المعتزلة مبدأ الحرية الإنسانية، إذ أن هذا التبني لم ينطلق من فراغ، -كما يضيف د. اسماعيل- إنما تفسره طبيعة "النشاط البشري" اليدوي والذهني الذي فجر طاقة المنتجين في عصر الصحوة، والذي أعطى للعمل الإنساني قيمة أساسية، ترجمت إلى مظاهر حياتية عمرانية، غيرت طابع الحياة، وبالتالي قيمتها وأخلاقياتها.

لقد كسرت مقولة "الاختيار" – من الناحية العملية- الكثير من المعوقات "اللامرئية" التي كانت تشل جماعات "المنتجين"، وفجرت في الوقت نفسه "معايير " جديدة أخلاقية واجتماعية، ففكرة "القبح والاستحسان العقليين" إنجاز قيمي هائل على الصعيد الحياتي المعيش، في مقابل المعايير والقوالب الاقطاعية التي أفرزت نزعات العصبية والشعوبية والاقليمية، فإذا كان نمط الإنتاج "البورجوازي" بتمجيده العمل البشري قد أصاب في مقتل مثل تلك النزعات الهدامة، فقد رسخ على الصعيد الفكري مبادئ الأخوة والمساواة والعدالة، وربطها بالواقع المعيش ربطا جدليا خصبا.

وحسب المعتزلة إقران مبدأ "العدل" بمبدأ "التوحيد"، بل ربما جعلوا الأسبقية للعدل، ولاغرو، فقد عرفوا "بالعدلية" أو "أهل العدل والتوحيد"، إن وضع الواقع الحياتي في المرتبة الأولى – بامتياز- جعل المعتزلة – بحق- -كما يقول د. محمود اسماعيل- رواد "المادية الإسلامية"([13]).

التيارات المعارضة للمعتزلة :
يمكن حصر وجهات النظر التي جابهت المعتزلة – حسب د.مروة - في ثلاثة تيارات رئيسية: أ- تيار السلفيين. ب- تيار الحنابلة. ج- تيار الأشعريين.

أ- التيار السلفي: ان الخلاف بينهم وبين المعتزلة يرجع، في جوهره، إلى الخلاف في مسألة العقل. فالسلفيون ينفون قدرة العقل على إدراك الحقائق الألهية ومنها حقيقة صفات الله. في حين ان المعتزلة يثبتون للعقل قدرته غير المحدودة في إدراك كل ما يتعلق بهذه الحقائق، وفي استخلاص البراهين العقلية المُوَصِّلة إلى هذه الحقائق دون الوقوع في الخطأ، وفي اعتبار النتائج التي تنتهي اليها هذه البراهين يقينية، ولذا يجب اتخاذها مقياساً يرجع اليه في تقرير مفاهيم العقائد وفي تأويل النصوص الدينية حتى تكون موافقة لهذا المقياس ومنسجمة معه([14]).

في ضوء هذا الفرق الجوهري بين موقف التيار السلفي وموقف المعتزلة يمكننا ان نتبين الجانب التقدمي الأكثر وضوحاً في مذهب المعتزلة.

ب- التيار الحنبلي : ينسب هذا التيار إلى "أحمد بن حنبل زعيم المذهب الفقهي السني الآخر بين المذاهب الاربعة ( -241 ه – 855م). وهذا التيار سلفي أيضاً، ولكنه تميز بقبوله التأويل المحدود"([15]).

ج- التيار الاشعري: ان "ظهور الاشعري (-330 ه / 941م) بمذهبه الكلامي المعارض لمذهب المعتزلة قد بلور آراء السلفيين في مذهب جديد متكامل الجوانب، بحيث تركزت فيه حركة المعارضة كلها التي انتصبت بوجه المعتزلة تحاربهم بسلاحهم نفسه، سلاح المباحث الكلامية، هذه الحركة التي تألف منها من المعتزلة، منذ ذلك الحين، خطان متوازان في مجرى واحد، هو مجرى البحث النظري الذي كان منه علم الكلام. نسجل ملحوظة عن التيار الاشعري، هي انه رغم كونه سلفياً، قد استخدم الطريقة العقلية كالمعتزلة"([16]).

طمس التراث المعتزلي:
هنا يقول د.حسين مروة: "هناك واقع تاريخي معروف يثير الأسف ويدعو للدهشة والتساؤل: هل كان من باب المصادفة ان يكاد لا يمضي سوى عهد قصير، منذ غاب المعتزلة عن صعيد النشاط الفكري في خلافة المتوكل العباسي سنة 847 ميلادية، حتى تغيب عن المكتبة العربية مصادر الفكر المعتزلي الأصلية بجملتها، أي تلك المصادر والوثائق، التي وضع فيها المعتزلة أفكارهم، واصولهم النظرية، كما صاغوها هم بأنفسهم، بصورتها المتكاملة في مؤلفاتهم؟. فمن العسير ان يقتنع الباحث بأن شيئاً من المصادفات التاريخية هو الذي أساءَ هذه الاساءة الغريبة للفكر والعلم والتاريخ، رغم كثرة ما حدث في تاريخ الفكر العربي – الاسلامي من مثل هذه المأساة، ذلك إن هذا الأمر حدث في ظروف تختلف كثيراً عن الظروف التي بدأ فيها التراث العقلي العربي – الاسلامي كله يتعرض للتشتت والضياع، فلماذا كان نصيب الفكر المعتزلي وحده ان يتعرض لهذه المحنة في مرحلة سابقة بعيدة جداً عن تلك الظروف المتأخرة التي شملت المحنة فيها كل هذا التراث؟([17]).

يجيب د.مروة على هذا السؤال بقوله : لعل ابرز الملامح التقدمية للفكر المعتزلي، كانت هي السبب في ما حدث لتراث هذا الفكر من غياب مفاجئ عن المكتبة العربية في وقت مبكر من تاريخ الحركة العقلية العربية.

وفي اعتقادنا – كما يضيف د.مروة -ان مأساة المعتزلة بتألب أعدائهم على طمس تراثهم الفكري، هي أشد قساوةَ من مأساتهم بتألب هؤلاء الأعداء على اضطهادهم جسدياً منذ عهد الخليفة العباسي المتوكل، بل الصحيح القول ان مأساتهم الأولى هي مأساة للفكر والعلم والتاريخ كذلك.

فمن المعروف انهم في عهد هارون الرشيد (786-802) وخاصة أيام ارتفاع نجم البرامكة، صار للمعتزلة نفوذ ملحوظ، وتقلد البعض منهم مناصب هامة في الدولة، أما عصرهم الذهبي تجلى في عهد المأمون من (813 م._ 833 م.) والمعتصم (833م._ 842م.) والواثق ( 842 م. _ 847 م. ) وبموت هذا الأخير انتهى عصر المعتزلة، وحصل الانقلاب ضدهم وضد نزعتهم العقلانية على يد المتوكل (847 م._ 861م.) حيث اقتلعوا من مناصبهم وأُبعدوا عن التأثير الفكري وزُجَّ بالكثير من أعلامهم في السجون، وأبيدت آرائهم، وتقلص سلطان العقل على الحياة الفكرية والعامة وساد الظلام وتعطل التطور.

ولنا ان نتساءل الآن: "لماذا كان هذا العداء اللدود للمعتزلة، ولماذا كانت هذه المأساة المزدوجة؟ المسألة واضحة، "فإن الطابع العقلي التحرري الذي يغلب على تفكيرهم محتوى وأسلوبا، وهو طابع متقدم جداً بالقياس إلى ظروف عصرهم ومجتمعهم، هو الذي جمع بين مختلف الفرق والمذاهب والفئات الاجتماعية المحافظة لا سيما الفئات ذات الموقع الاجتماعي الأكثر ارتباطاً بمواقع أهل النظام الثيوقراطي لدولة الخلافة، وبالتالي فان تمسك المعتزلة بقضية العقل وقضية حرية ارادة الفعل والتفكير لدى الانسان، هو ما دفع الفكر المعتزلي أن يُشق طريقه الخاص الذي أدى به إلى التفرد بنتائج وضعت الفكر المعتزلي هذا، موضوعياً، كفتيل يفجر التناقضات داخل ايديولوجيته ذاتها.

لقد "كان العداء للمعتزلة اذن، عداء لتلك النتائج بقدر ما كانت تحدثه من تصدعات في بنية تلك الايديولوجية المعاديه للعقل والتنوير والتفكير الحر، ومن هنا رأينا موجة هذا العداء تمتد حتى تشمل العلوم والفلسفة، وما ذاك الا لان العلوم التطبيقية والفلسفة تشتركان في استخدام مبادئ المعرفة العقلية، وان اختلفت طريقة كل منهما في استخدام هذه المبادئ، لكن الذي حدث تاريخياً ان هذه الموجة، رغم عنفها ورغم بلوغها درجة العنف الدموي، لم تستطع ان تخمد الجذوة التي أجَّجها الفكر المعتزلي العقلاني التحرري المستنير"([18]).

إن مأساة الفكر المعتزلي التي كانت في الوقت نفسه مأساة للفلسفة ذاتها حينذاك-كما يقول بحق المفكر الشهيد حسين مروة - لم تعرقل سير تطور هذه الحركة في العالم العربي – الاسلامي، بل الواقع المؤسف ان هذه المأساة قد اصابت الحركة العقلية، بمضمونها العام، بانتكاسة ظلت تعاني آثارها حتى نهاية تاريخها في عصر انهيار دور العرب الحضاري في الشرق والغرب منذ القرن الخامس عشر الميلادي إلى يومنا هذا"([19]).

في هذا السياق، يقول المفكر الراحل جورج طرابشي: "منذ محنة المعتزلة، ظل العقل هدفاً للقوى المناهضة للتقدم والنهضة العربية والإسلامية، فلقد جرت “عملية التصفية التاريخية للإعتزال التي انتهت إلى إعلان إقالة العقل في الحضارة العربية الإسلامية، وإلى إلغاء الاستقلالية النسبية التي كان أقر له بها المعتزلة، وإلى محاصرة كل انفتاح، وكل نزوع عقلي إلى الجديد، تحت شعار محاربة البدعة، الذي ساد بلا منازع على امتداد القرنين السابع والثامن الهجريين، وكان مدخل الحضارة العربية والاسلامية إلى سرداب ليل الانحطاط الطويل" (هرطقات1، ص46)"([20]).

وفي هذا الجانب، يقول د. محمود اسماعيل: "في ظل "الاقطاعية" المرتجعة؛ خبا نجم الاعتزال، وامتحن المعتزلة في قلب الدولة وأطرافها؛ لغلبة المد السُّني بعد ظهور مذهب أهل السُّنة على يد الأشعري وتبني الخلافة العباسية وولاتها التيار النصي؛ فامتُحِن المعتزلة منذ خلافة المتوكل وتعرضوا للبطش من خصومهم، ولا غرو؛ فقد أمرت الخلافة العباسية بإحراق كتب المعتزلة وحرضت الفقهاء والعلوم على النيل منهم، كما أرسل المتوكل كتباً إلى ولاته للبطش بمن يقولون بخلق القرآن، ولعل هذا يفسر لماذا تخلى بعض المعتزلة عن مذهبهم في مصر الطولونية والإخشيدية، والتزام من ظل عليه "التقية"؛ فكانوا لا يجرأون على إظهار معتقداتهم وأمعنوا في التخفي والاستتار. وفي شبه الجزيرة؛ طورد المعتزلة من قبل ولاة الخلافة وعمالها، وعاشوا كجماعات منغلقة في بعض مجتمعات الخليج واليمن، مازجين معتقداتهم بمذهب الشيعة الزيدية. وفي بلاد المغرب؛ بدد فقهاء المالكية في إفريقية حلقات المعتزلة في المساجد؛ فلاذوا بالتقية، وفي المغرب الأوسط طورد المعتزلة؛ فنزح معظم رجالاتهم إلى المغرب الأقصى وعاشوا في كنف دولة الأدارسة الزيدية، وما لبث الأخيرون أن تخلوا عنهم واضطهدوهم ؛ فلجأوا إلى المناطق الوعرة وكونوا مجتمعات جيبية منغلقة، ورحب معتزلة المغرب – عموماً- بالفاطميين؛ فانحازوا إليهم وناصروهم واعتنق بعضهم المذهب الاسماعيلي، وفي الأندلس ؛ إمتزح الاعتزال بالتشيع والتصوف؛ "فكان اعتزالاً من نوع خاص" – تحت تأثير ظروف غير مواتية- تعرض أصحابه للاضطهاد من قبل الإمارة ثم الخلافة الأموية؛ بتحريض من فقهاء المالكية، فلما ثار المعتزلة قمعت حركتهم واضطروا إلى "تكوين فرقة سرية اتهمت بالمروق"([21]).

هكذا "تعرض المعتزلة في العالم الاسلامي للمحن والاضطهاد؛ فطوردوا في سائر أقاليمه، وقُمِعت حركاتهم ونُكِّلَ بزعائهم، واتُّهموا بالكفر والشرك والإلحاد والزندقة، فقد وصمهم الأشعري بالمجوس ونَسَبَ بعض معتقداتهم إلى النصرانية، وقد جاراه الأشاعرة من بعده، وألصقت بهم ذات التهم في سائر بلدان المشرق والمغرب والأندلس، كما أفضت هذه الظروف الصعبة إلى تخلي بعض المعتزلة عن مذهبهم وانشقاق بعض زعاماتهم – كالأشعري نفسه وابن الراوندي الذي ندد بهم في كتابه "فضيحة المعتزلة"، هذا فضلاً عن انضمام بعضهم إلى الفرق الأخرى السنية والشيعية، ومال قطاع منهم إلى الزهد والتصوف.

غني عن القول، أن إفلاس المعتزلة في ميدان السياسة – حيث قمعت ثوراتهم بعنف وضراوة – أدى إلى إقبالهم على الدرس والنظر؛ لمواجهة خصومهم باللسان بعد فشلهم بالسنان "فكانوا يتدارسون امور مذهبهم في حلقات سرية"([22])، وأعتقد أن هناك بعضاً من المثقفين العرب المسلمين العقلانين يحاولون رفع رايات المعتزلة في المرحلة الراهنة.




([1]) حسين مروة حسين مروة– النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية– الجزء الأول– دار الفارابي– بيروت– الطبعة الأولى1978 – ص631 / 639

([2]) أرثور سعدييف و د.توفيق سلوم – "الفلسفة العربية الإسلامية " –دار الفارابي – بيروت / لبنان – ط1 – 2000 – ص 30

([3]) حسين مروة – مرجع سبق ذكره- النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية - الجزء الأول - ص764

([4]) المرجع نفسه – ص767

([5]) المرجع نفسه - ص822-823

([6]) المرجع نفسه - ص826

([7]) المرجع نفسه - ص678

([8]) المرجع نفسه - ص678-679

([9]) المرجع نفسه – ص852

([10]) المرجع نفسه – ص852

([11]) المرجع نفسه - ص856-857

([12]) د. محمود إسماعيل – سوسيولوجيا الفكر الإسلامي .. طور التكوين – سينا للنشر – الطبعة الرابعة 2000 – ص 169

([13]) المرجع نفسه – ص 170

([14]) حسين مروة – النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية – الجزء الأول– دار الفارابي – بيروت – الطبعة الأولى 1978 – ص687

([15]) المرجع نفسه - ص688-689

([16]) المرجع نفسه - ص692

([17]) المرجع نفسه - ص828

([18]) المرجع نفسه - ص829 / 830

([19]) المرجع نفسه - ص832

([20]) خالد غزال – جورج طرابيشي – رائد اصلاح ديني وسياسي – الانترنت – 12 نيسان (أبريل) 2014.

([21]) د. محمود إسماعيل – سوسيولوجيا الفكر الإسلامي .. طور الازدهار (3) .. فكر الفرق.. علم الكلام.. الفلسفة.. التصوف – ص 63

([22]) المرجع نفسه – ص 63