تعديل الدستور في دزاير وإعادة النقاش حول اللغة الامازيغية


كوسلا ابشن
2020 / 9 / 20 - 20:50     

طرحت السلطة السياسية في دزاير مسودة تعديل الدستور للنقاش السياسي قبل تمريره للبرلمان للموافقة عليه, و رغم الكم من المواد الفضفاضة المستوجب مناقشتها وتعديلها, الا أن الشوفين العروبي (بربر بقناع عربي) المعادي لكل ما هو أصيل في جغرافية دزاير, بسبب تزمته الايديولوجي العرقي, فإنه لم يرى في المسودة ما يستوجب تعديله غير المادة الرابعة : (تمازيغت هي‮ ‬كذلك لغة وطنية ورسمية‮).
اللغة الامازيغية, لغة أرض دزاير و لغة الشعب (قبل فرض الاستعمار العربي لغته العربية), أقصيت لنصف قرن من التداول المؤسساتي الرسمي, رغم محليتها (وطنيتها), وتداولها الشعبي الاولى والمعبرة عن جغرافيتها الطبيعية بخصائصها الدلالية لتعبيراتها اللغوية التي تأكد جدلية اللغة والأرض والشعب في الزمكان فقد أقصيت وما زالت تعاني الإقصاء والعداء من طرف الدونيين (بربر بقناع عربي).
لم تتعرض اللغة الامازيغية في تاريخيتها للقمع والإقصاء بالشكل الذي تعرضت له تحت الاحتلال العربي الى حد الاغتراب عن العلاقات المجتمعية, غربة اللغة الامازيغية عن المجتمع الامازيغي, وإحلال محلها اللغة الاستعمارية (العربية), اللامحلية والغير الصالحة لمسايرة التطورات الحياتية في المجتمعات المتغيرة, فرغم رسمية اللغة العربية فهي لم تستطيع فرض نفسها كلغة وطن من جهة لكون ايمازيغن يجهلون هذه اللغة الاجنبية ومن جهة اخرى حيوية اللغة الامازيغية, لغة التواصل اليومي في بلدها دزاير, واقصاء الامازيغية من المؤسسات الكولونيالية يهدف الى مد الحياة للغة الخشبية (العربية) بشكل قسري لإرغام الامازيغ لتعليم لغة الاستعمار لإقحامها في الوسط المجتمعي اليومي, فهذا الفعل الاجرامي هو عدوان عن الحق الطبيعي والقانوني للشعب المحلي من جهة محاولة إماتة لغته الطبيعية ومن جهة ثانية منعها من الترسيم القانوني المؤسساتي, وما يجري في بلاد الامازيغ من سياسة التمييز العرقي والقهر اللغوي يؤكد حالة الاستعمار الاستطاني للعروبة الثقافية واللغوية القهرية والاضطهادية للثقافة واللغة الامازيغيتين.
الايديولوجية الوحدانية, الرجعية العنصرية (قيادة واحدة, لغة واحدة وأمة واحدة), الثالوث الجرثومي القاتل, المسؤول عن تدمير حضارات الشرق الاوسطي والشمال الافريقي وابادة الهويات القومية لشعوب هذه المنطقة, والاستبداد بالاحرار وإنتهاك حقوق الشعوب الاوطان المحتلة, الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللغوية, هذه الايديولوجية الدمار الشامل سادت في شمال افريقيا عامة وفي دزاير بالخصوص ولم يعرف هذا البلد التقاليد الدمقراطية, وإنعزاله عن المجتمع الدولي لعدة عقود وخصوصا خلال النصف الثاني من القرن العشرين, بقي أسير السياسة والايديولودية العرقيتين وتوظيف الدين في سياسة التمييز اللغوي, وبحجة وهمية اللاعلمية تدعي قدسية اللغة العربية, يرفض الشوفين (بربر بقناع عربي) ترسيم اللغة الامازيغية المحلية.
اللغة عنصر أساسي في هويات الشعوب ( الالماني يعرف بأنه مواطن ألمانيا (أرض الألمان) و يتحدث اللغة الألمانية وكذلك الفرنسي وغيرهما من الشعوب واللغات). الاستعمار الاستطاني يدرك هذه الحقيقة, ويدرك أهمية اللغة في الحفاظ على الهوية القومية (الأمة), ولذلك يهدف الى أماتة اللغة المحلية وإحلال محلها لغة الاستعمار كخطوة أولى لإبادة الهوية القومية للقوم المستهدف.
الاستعمار العربي إستعمل اللغة العربية أداة قهر اللغات المحلية وتعريب الشعوب الاوطان المحتلة وعلى هذا الاساس قدم مؤدلجي الاحتلال على أن معجزة الاسلام تتمثل في لغته, وبهذا الوهم والسخافة ألبست اللغة العربية صفة القداسة, منع بموجبها ترجمة القرآن الى اللغات الآخرى ونفس الشيء ينطبق على الصلاة والآذان وقراءة القرآن لا يجوز إلا باللغة العربية.
ايديولوجية القرون الوسطى السخيفة التي تبلورت في مجتمع متخلف إستطاعت التأثير على الوعي الجمعي لشعوب الاوطان المحتلة, الفعل الذي سهل عملية التعريب اللساني بالاغتراب اللغوي المحلي. ففي دزاير صدر (1964) قانون إلزامية تدريس الاسلام في المؤسسات التعليمية والإكثار من بناء المساجد وتعميم اللغة العربية وفرضها المؤسساتي. بالايديولودية الاسلامية الرجعية والوهمية يمارس التمييز اللغوي بأفكار سخيفة مروجة لقدسية اللغة العربية, (لغة الله والجنة وأدم ولغة يوم الحساب), فسخافة الفكرة من دون وعي أصحابها ترمي الى إثبات (عرقية الله المنتمي للعرق العربي, ما قد ينتج عنه تعدد الألهة العرقية).
التضليل الايديولوجي الديني (قدسية اللغة العربية) المستند على الخرافات الماضوية يغذي التمييز بين الشعوب أكثر من غيره من الايديولوجيات العرقية مثل ( النازية أو الأبارتهايد), المنطق الذي يقدس و يعضم لغة محددة (العربية) فهو بالضرورة لا يعترف باللغات الاخرى (الامازيغية و...) ولا يحترم التعدد اللغوي, فعدم الاعتراف يعني محاربة اللغات الاخرى و محاربة مبدعي هذه اللغات (الامازيغ و...), من وهم التفوق اللغة العربية الى وهم التفوق العرق العربي (بربر بقناع عربي) تزكى السياسة العرقية الممنهجة في دزاير (البلد الامازيغي المحتل), بأشكال التمويه والتستر بالتخلي عن التشدد المطلق في تدبير الملف الامازيغي, وذلك بالرضوخ لبعض المطالب الحقوقية الامازيغية الجزئية كواجهة لتلميع ملف حقوق الشعب الامازيغي في المحافل الدولية.
جوهر وظيفة السلطة الكولونيالية هو ترسيخ الثقافة واللغة العرقيتين (العربيتين) بأشكال "قانونية" وقهرية وبإجراءات السلطة الشمولية, ولتجنب الإصتدام بالمجتمع الحقوقي الدولي, تتمظهر السلطة اللقيطة بالوجه الدمقراطي المزيف ( المحترم للتعدد والإختلاف) في إطار النسق العرقي, بعناصره السياسية والثقافية المحرضة على التطهير الثقافي واللغوي الامازيغيين, والإغتراب الذاتي, و الاستلاب الثقافي واللغوي الهادف الى صناعة كتلة بشرية قابلة للإستعمار والارتزاق (بربر بقناع عربي مزيف), تغيير الهويات الطبيعية الى هويات مصطنعة (ماركة عربية مزيفة), تؤمن بالإنتماء للمقدس الوهمي (العرقي والثقافي واللغوي).
الخطاب العرقي العروبي في بلاد الامازيغ, بطبيعته الوظيفية يرفض قوانين التعدد والاختلاف أو وحدة الأضداد بهدف وظيفته المكرسة للإغتراب و الإستئصالية للمكون الثقافي واللغوي المحلي لإنجاح المشروع الاستعماري في تغيير الهوية الطبيعية للأمة الامازيغية الى الهوية المزيفة (بربر بقناع عربي مزيف).
إستغلال القدسية الوهمية للغة العربية تعبير عن أزمة الفكر السكوني العاجز عن التعامل مع الحقائق العلمية الملموسة المفككة للأساطير, ولسبب هذا العجز يتحول السكوني الى ما هو متخيل ميتافزيقي الحامل للسلطوية اللامادية والمنتمي والمحمي بسلطة مادية قهرية.
قدسية اللغة العربية خرافة وسخافة وتزييف للوعي هدفه الاستراتيجي إقبار اللغة الامازيغية كعنصر أساسي في هوية إيمازيغن, وتمتين الكولونيالية من إتمام مشروع التعريب اللساني كخطوة في أفق تحقيق المشروع الاستراتيجي ابادة الهوية الامازيغية في بلادها الاصلية شمال افريقيا (تامازغا= تامرت إمازيغن).
التعاليم المحمدية (تفضيل العرب و تفضيل اللغة العربية), استعملت من طرف الكولونيالية مرجعية ونظم لهدف استهداف الاغتراب الذاتي الامازيغي و اضطهاده إقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا ولغويا وسياسيا, وشل دينامية إمازيغن في الدفاع عن حرية الامة الامازيغية في جغرافيتها و الدفاع عن لغتها الاصلية وثقافتها وتاريخها وحضارتها.
المشروع الاستعماري الهادف الى ابادة الهوية الامازيغية غير قابل للتحقيق لإعتبارات مختلفة: اولها: إرادة الامازيغ في التحرر من العروبة القهرية (إرادة الشعوب لن تقهر), وثانيا: تلاشي الفكر الاسطوري (خير أمة ولغة الله...), ثالثا: نمو الوعي الامازيغي القومي التحرري, و رابعا: التضامن الاممي وخصوصا دور المنظمات الحقوقية الدولية في فضح الجرائيم الحقوقية التي تتعرض لها الشعوب الاصلية, كما أن لهذه المنظمات تأثير ولو نسبي على الهيئات الدولية, وهي وراء الكثير من قرارات الأمم المتحدة في إنصاف الأقليات أو الشعوب الاصلية الرازخة تحت نير الاستعمار و ونورد على سبيل المثل إعلان الامم المتحدة:
بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61/295, المؤرخ في 13سبتمبر 2007, إن الجمعية العامة:
إذ تسترشد بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة, وانطلاقا من حسن النية في الوفاء بالالتزامات التي تقع على عاتق الدول وفقا لأحكام الميثاق.
وإذ تؤكد مساواة الشعوب الأصلية مع جميع الشعوب الأخرى, وإذ تسلم في الوقت نفسه بحق جميع الشعوب في أن تكون مختلفة وفي أن تعتبر نفسها مختلفة وفي أن تحترم بصفتها هذه.
وإذ تؤكد كذلك أن جميع المذاهب والسياسات والممارسات التي تستند أو تدعو إلى تفوق شعوب أو أفراد على أساس الأصل القومي أو الاختلاف العنصري أو الديني أو العرقي أو الثقافي مذاهب وسياسات وممارسات عنصرية وزائفة علميا وباطلة قانونا ومدانة أخلاقيا وظالمة اجتماعيا.
وإذ يساورها القلق لما عانته الشعوب الأصلية من أشكال ظلم تاريخية, نجمت عن أمور عدة منها استعمارها وسلب حيازتها لأراضيها وأقاليمها ومواردها, وبالتالي منعها بصفة خاصة من ممارسة حقها في التنمية وفقا لاحتياجاتها ومصالحها الخاصة
وإذ تعترف بأن ميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك إعلان وبرنامج عمل فيينا تؤكد الأهمية الأساسية لحق جميع الشعوب في تقرير المصير, الذي بمقتضاه تقرر الشعوب بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
المادة 3:
للشعوب الأصلية الحق في تقرير المصير, وبمقتضى هذا الحق تقرر هذه الشعوب بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
المادة 13:
1) للشعــوب الأصلية الحق في إحياء واستخدام وتطوير تاريخها ولغاتها وتقاليدها الشفوية وفلسفاتها ونظمها الكتابية وآدابها ونقلها إلى أجيالها المقبلة، وفي تسمية المجتمعات المحلية والأماكن والأشخاص بأسمائها الخاصة والاحتفاظ بها.
المادة 14:
1) للشعوب الأصلية الحق في إقامة نظمها ومؤسساتها التعليمية والسيطرة عليها وتوفير التعليم بلغاتها, بما يتلاءم مع أساليبها الثقافية للتعليم والتعلم.
2) لأفراد الشعوب الأصلية، ولا سيما الأطفال, الحق في الحصول من الدولة على التعليم بجميع مستوياته وأشكاله دونما تمييز.
3) على الدول أن تتخذ, بالاتفاق مع الشعوب الأصلية، تدابير فعالة لتمكين أفراد الشعوب الأصلية, ولا سيما الأطفال, بمن فيهم الذين يعيشون خارج مجتمعاتهم المحلية, من الحصول إن أمكن على تعليم بثقافتهم ولغتهم.
المادة 15:
1) للشعوب الأصلية الحق في أن يعبر التعليم والإعلام تعبيرا صحيحا عن جلال وتنوع ثقافاتها وتقاليدها وتاريخها وتطلعاتها.
هذا جزء من الكثير من القرارات الاممية المؤيدة للحقوق الشعوب ومن ايمازيغن والمنددة بسياسة التمييز العنصري التي تمارسها السلطة الكولونيالية وأعوانها من ( أبناء أم وأكثر من أبا) في الشمال الافريقي, بلاد ايمازيغن, الارض المحتلة.