عقبات في طريق الثورة السودانية


محمد مهاجر
2020 / 9 / 18 - 17:46     

-
لقد اكملت الثورة السودانية الخطوات الأولى من مسيرتها برغم العقبات. ومع ذلك فان التحديات الكبيرة ما زالت تنتظر الثوار. ان اهم التحديات تاتى من المفسدين من الراسمالية الطفيلية وتجار الحروب والمتسلقين. ان اليقظة تتطلب من الثوار ان يحذروا كل الحذر مما سياتى من خلف ظهورهم وان يلقوا نظرة ذات اليمين وذات الشمال قبل مواصلة المسيرة.

ان الراسمالى الطفيلى هو مثل مصاصى الدماء. انه يعتمد فى جمع ثروته على معاناة الشعب. انه لا يسلك طريق النشاط الاقتصادى المنتج بل يمارس أنشطة هامشية مثل الاحتكار والغش والتهريب والسمسرة والتزوير وغيرها من أنواع الفساد المالى والتجارى. وفى غياب سلطة رقابية وعقابية حقيقية فان الطفيلى يركل القانون ركلا. فهو ينزع مثلا الى التجارة في المواد الغذائية منهية الصلاحية والمواد المغشوشة ويشيد مبانى لا تلتزم بمواصفات الجودة والسلامة.

لقد علمتنا التجارب ان هنالك الكثير من الأشرار عديمى الضمائر الذين يكتنزون ثرواتهم في زمن الكوارث والأزمات الى تحل بالشعوب. واحيانا كثيرة يعمد هؤلاء الى اختلاق الازمات التى تحول دولتهم الى دولة فاشلة. والامثلة كثيرة منها الصومال التي انشئ فيها تنظيم الشباب الارهابى وخلقت فيه مشكلة القرصنة. وكذلك ليبيا حيث أدى النزاع حول الموانئ وابار النفط وحقول النفط الى تهيئة الأجواء لكى تحل الفوضى وشريعة الغاب محل القانون. ولا ننسى داعش في كل من سوريا والعراق وبوكو حرام في غرب افريقيا.
ان العامل المشترك بين كل تلك الفوضى الأمنية هي انها أدت الى فشل تام للدول وانتشار خرافى للفساد وانعدام كامل للامن. وفى تلك الدول أصبحت حياة الفرد ليست ذات أهمية الا اذا كان منتميا للجماعة الإرهابية التي تسيطر على المنطقة. وعلى الرغم من اختلاف الظروف فان احتمال الانفلات الامنى في السودان والمؤدى الى الفوضى هو احتمال وارد. وما لم تتخذ كافة الاحتياطات فان فشل الدولة السودانية سيؤدى الى كارثة اكبر من كارثة الصومال واليمن وسوريا.

يجب على الثوار ان يتحلوا باليقظة فليس كل من هتف للثورة هو ثورى. هنالك الكثير ممن يجيدون تبديل الأقنعة والتزييف املا في سرقة الثورات. وهنالك الكثير من الدول التى استطاعت الثورة المضادة فيها ان تستولى على الحكم وتؤجل أحلام الثوار. وواهمون هم الذين يحلمون بوجود دكتاتور صالح يمكن ان يوفر لهم قوتهم عن طريق مقايضة الخبز الحرية. ان الهم الرئيسى للدكتاتور هو تثبيت حكمه ولو أدى ذلك الى وطئ أشلاء الضحايا من أبناء شعبه.

ان الثورة هي عملية تغيير مستمر وهى بالتالى تحتاج الى ان يتحلى الثوار بالصبر والمثابرة والتخطيط السليم للمستقبل والقيام بمتابعة العمل وتقييم الإنجازات وتجويد الأداء. ولو كان توماس اديسون قصير النفس لما تمكن من اختراع المصباح الكهربى. ان الحكومة الحالية لتمر بازمات وكوارث لا يد لها فيها ومع ذلك فهى تعمل على الإصلاح على الرغم من البطئ الشديد. ان الايمان بقدرتنا على ابتكار الحلول هو اول خطوة في طريق النجاح.

ان التردد في تفكيك دولة الكيزان العميقة بما فيها تركة نظام التكمين والأجهزة الأمنية التابعة لتنظيمهم وكتائب الظل, لهو اكبر مهدد للثورة. وما لم تسرع الحكومة في انجاز مهام تامين الثورة فانها معرضة للاقتلاع بواسطة الثورة المضادة.