من وثائق الخط الثوري لمنظمة -إلى الأمام-: - ضد الأساليب الخاطئة في الصراع السياسي بيان توضيحي حول الإشاعات الأخيرة -


موقع 30 عشت
2020 / 9 / 16 - 13:58     

تقديم للوثيقة:
بصدور هذه الوثيقة اليوم، تكون قد مرت أربعون سنة على كتابتها و توزيعها، و هي الوثيقة التي تلت صدور بيان 9 يونيو 1980، الذي وقعه مجموعة من الرفاق، اللذين رفضوا مخطط ما سمي ب "إعادة البناء"، و أكدوا على ضرورة تطبيق شعار الخط الثوري الداعي إلى "التقييم الشامل و إعادة البناء" مع إشراك كل أعضاء المنظمة و مناضليها بالداخل و الخارج في عملية التقييم مع توفير كل الشروط للقيام بذلك، بما يعني تطبيقا سليما للمركزية الديموقراطية و توفير أدوات التعريف بالمواقف من خلال أدوات النشر (نشرة داخلية، نشرة جماهيرية ...).
وبعد صدور بيان 9 يونيو 1980، لم تر "القيادة" التي تشكلت آنذاك أي ضرورة للجواب على البيان، الذي جاء كرد فعل على ممارسات حاولت تمييع النقاش حول الخلافات بتشكيل لجان، أصبح همها الوحيد النقاش من أجل النقاش، في وقت سيكتشف فيه رفاق البيان ومن معهم، أن دعاة "إعادة البناء" قد انطلقوا في تحقيق مشروعهم حول "إعادة البناء"، وانفردوا بذلك مستفيدين من المراحل السابقة، التي سمحت لهم بربط الاتصال بشتات المنظمة في الداخل، فصاروا يحقنون المناضلين بأفكارهم الجديدة حول ما سمي ب "إعادة البناء".
إن البيان التالي هو امتداد للبيان الأول الصادر في 9 يونيو 1980 الذي لم نستطع لحد الآن الحصول عليه، و نفس الشيء بالنسبة لوثائق أخرى صدرت في نفس الوقت، منها ما صدر في مجلة "الهدف" الفلسطينية، و منها ما تم توزيعه مباشرة أو إرساله إلى بعض المناضلين، و قد استعمل أسلوب البيانات لمخاطبة رفاق و مناضلي المنظمة في الداخل و الخارج، للتنبيه عن انحراف "القيادة"، و التأكيد على ضرورة تحمل المسؤولية التاريخية و الدفاع عن الخط الثوري للمنظمة، و التصدي لأسلوب التطويق و الحصار و التمويه و فرض المركزية البيروقراطية باسم الحفاظ على وحدة المنظمة، و ذلك ضمن التشبث بالمبدأ الماركسي – اللينيني، الذي أكدته تجارب الثورة البلشفية و الثورة الصينية، إنه مبدأ "السير ضد التيار" من أجل انتصار الخط الثوري داخل التنظيم.
إن البيان التالي قام بصياغته الرفيق فؤاد الهلالي باسم مجموعة من الرفاق والمناضلين.

نص الوثيقة:

ضد الأساليب الخاطئة في الصراع السياسي
بيان توضيحي حول الإشاعات الأخيرة

مرت على صدور بياننا المؤرخ بتاريخ 9 يونيو 1980 حوالي أربعة أشهر، عرفنا خلالها انقطاعا شبه تام عن واقع المنظمة، سياسيا وتنظيميا، نتيجة للحصار المضروب علينا من طرف القيادة وباقي الرفاق في الفرع1.
ولحد الآن نجهل موقف الرفاق (القيادة ورفاق الفرع) السياسي من هذا البيان، فأحرى أن نتعرف على وجهة نظر الرفاق والمناضلين في الداخل أو في الخارج2.
وإذا كان موقف الرفاق هذا ينم عن نهج سياسي، وسلوك تنظيمي حددنا سماته الرئيسية وخلفياته السياسية في بياننا السابق الذكر، ومادام الرفاق مصرين على الاستمرار في نفس النهج، فإننا لم نفاجئ لدى سماعنا بحملة الإشاعات التي يروج لها في صفوف المناضلين والرفاق بالداخل.
وهكذا، ومع بداية الأسبوع الثاني من شهر شتنبر، تعرفنا على وجود شائعات تروج في صفوف مناضلي ورفاق الداخل تتحمل فيها القيادة المسؤولية الرئيسية.
ونكتفي هنا بتسطير الأساسي منها:
* تقول هذه الإشاعات بوجود مخطط مدروس، بني على أساس تحالف لا مبدئي ما بين الرفاق الموقعين على البيان، وبين عنصر "خائن" سبق هنا للقيادة أن حددت موقفا منه (ويظل هذا الموقف الذي يتحدثون عنه غامضا)، وهدفه (أي المخطط) الاستيلاء على المنظمة، وتقسيمها والنيل من قيادتها. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، تشير هذه الشائعات، بأن هذا المخطط لا يختلف في شيء من حيث أهدافه ومضامينه عن المخطط السابق الذي قام به مش – منص (المقصود هنا المشتري بلعباس و عبد الله المنصوري) بهدف الاستيلاء على المنظمة، وأن الرفاق الموقعين على البيان يعملون حاليا وبشكل خفي لتهييء وجهة نظرهم السياسية، للانقضاض على المنظمة، وضرب قيادتها وتقسيمها في الوقت المناسب، وفي هذا السياق يشكل البيان حلقة أولى ضمن هذا المخطط المدروس.
* وعلى نفس النمط، وبالطريقة ذاتها، ولأجل إبراز القيادة نفسها "كمدافعة عن وحدة المنظمة" يتم اللجوء إلى الكذب والتشويه المقصود حين يخبر رفاق ومناضلو الداخل، بأنه تقدمت إلى الرفاق الأربعة3 الموقعين على البيان بالجريدة المركزية "إلى الأمام"، فرفضوها بحجة عدم تسليمها ل: ب (المقصود هنا هو الصافي حمادي).
إن الإشاعات والتشويهات المقصودة من طرف القيادة لمواقفنا السياسية، هي الأسلوب الوحيد الذي يتم اللجوء إليه كجواب على البيان، الذي سطرنا فيه جوهر خلافاتنا السياسية مع النهج السائد الذي تمثله قيادة التنظيم، وتشكل إعادة البناء إحدى محاور هذا الخلاف.
ومن نافل القول بالنسبة لنا اعتبار هذه الأساليب الرثة في الصراع، تهدف طمس طبيعة الخلافات السياسية، وعمقها داخل التنظيم، عبر تشويه الآراء ووجهات النظر المناقضة لرأي القيادة وباقي الرفاق هنا في الفرع.
إن التعامل مع واقع التنظيم الحالي يفترض المزيد من بدل المجهودات بحثا عن الحقيقة الثورية من خلال تمحيص المعطيات المتناقضة، ومحاولة النفاذ إلى جوهرها، وتسليط الضوء على طبيعة التناقضات السياسية وخلفياتها، لأن هذا الأسلوب هو الأسلوب الناجع والقويم لتحديد معالم الطريق الصحيح الذي يجب سلكه، وهذا بالطبع يتناقض جوهريا مع التعامل مع المعطيات كأشياء منزلة مقدسة لا يمسها الباطل لا من بين يديها ولا من خلفها، وبالتالي يجب التسليم بها تسليما أعمى. لقد عانينا من هذا الداء سنوات طوال، ولكننا على علم بنتائجه الخطيرة على مصير التنظيم كتنظيم ماركسي لينيني، إذن فلنستعمل الفكر، ولنستعمله بجرأة ثورية كما يقول لينين.
إننا من جديد نؤكد على أهمية الصراع السياسي، الإيديولوجي، الديمقراطي والمنظم، بناء على ما سطرناه في بياننا المؤرخ ب 9 يونيو 1980، لا كهدف في حد ذاته، ولكن كطريق مبدئي لحل التناقضات والخلافات من أجل بناء وحدة أمتن وأصلب وأقوى.
إن خلافاتنا السياسية ليست بالبسيطة، ولا المفتعلة كما يعتقد البعض، إنها خلافات جوهرية تستحق الوقوف والمعالجة الدقيقة والرصينة، لقد أعطينا ونعطي كل طاقاتنا من أجل أن تسود علاقات مركزية ديمقراطية، داخل التنظيم على أنقاض البيروقراطية السائدة داخله.
ما هي حقيقة الإشاعات الأخيرة وخلفياتها؟
نشير في البداية إلى أنه منذ صدور بياننا بتاريخ 9 يونيو 1980، لجأ رفاق القيادة والرفاق الآخرين إلى التعامل معنا، ليس كرفاق لهم وجهة نظر سياسية، حول واقع التنظيم ومهامه يجب التصارع معها بأسلوب رفاقي بعيد عن كل ذاتية، وعن كل غوغاء، ومقارعة الحجة بالحجة، بل كأناس – وهذا هو أسلوبهم – "منهزمين"، "تصفويين" يجب نبذهم من داخل التنظيم، لأنهم يشكلون عرقلة في وجه تطوره وفق منظورهم السياسي طبعا. ومن ثمة كانت مقاطعتنا العملية غير المعلنة رسميا، وهذا ما سنبرزه من خلال الأحداث:
1. لقد طلبنا من الرفاق بتزويدنا بعدد من الوثائق السياسية، وضمن هذه الوثائق، وثائق موقعة بأسماء البعض منا (مثال: بصدد ما العمل؟)4، وكررنا الطلب مرارا ولكن من دون نتيجة، اللهم من الجواب الباهت الذي قدمه الرفاق، والقائل بأنهم بصدد مناقشة هذا الطلب، وطال النقاش؟! ولم نحصل على الوثائق لحد كتابة هذه السطور.
وتكفلت تصريحات الرفاق فيما بعد بتكذيب ما كان يدعونه بصدد مناقشة الطلب، وهكذا صرح أحد الرفاق "القياديين"، بأن هناك قرار عدم تسليمنا الوثائق، و قد اتخذ هذا القرار بعد صدور بياننا مباشرة.
2. وحوالي 22 يوليوز 1980، وفي جو الإشاعات حول احتمال خروج كافة المعتقلين السياسيين، اتصل الرفاق بالبعض منا، ليخبرهم أننا على مشارف الخروج من السجن، وبالتالي علينا تسوية بعض المشاكل الجزئية فيما بيننا. قبلنا بمبدأ هذا النقاش، إيمانا منا بوحدة التنظيم وبأهمية النقاش والصراع. تم هذا اللقاء، وطلع علينا الرفاق بتساؤلهم المعهود، هل لنا الرغبة في وحدة التنظيم والرغبة في النقاش؟
حسب تصورنا فإن المشكل لا يكمن في الرغبة أو عدمها، لأن قبول مبدأ النقاش يتجاوز حدود الرغبة. لكن المشكل يكمن أساسا في كيفية وفي أسلوب هذا النقاش وطرق مساهمة باقي رفاق التنظيم وطنيا فيه، أي في كيفية خوض الصراع السياسي والإيديولوجي على مستوى التنظيم، لأننا جميعا نعلم بعمق الخلافات السياسية فيما بيننا. وليس المشكل مشكل أساليب فقط، كما اعتقد الرفاق، التي يمكن حسمها بشكل سريع.
وعلى العموم، لم يأت هذا النقاش بجديد، فقط اعترف أحدهم بوجود خلافات سياسية جوهرية فيما بيننا، وتقلصت تدريجيا حملة الإشاعات حول الخروج وتقلصت معها رغبة الرفاق في النقاش. وعاد الصمت من جديد، وغابت الشعارات الوحدوية والرغبات الوحدوية.
3. لقد علمنا بصدور الجريدة المركزية "إلى الأمام" ورواجها في السوق، وعلمنا بوجودها لدى الرفاق داخل السجن لمدة زمنية لا بأس بها قبل اتصالهم بنا.
حوالي 25 غشت 1980 اتصل بنا الرفاق قائلين بوجود الجريدة المركزية "إلى الأمام" لديهم وقرروا أن يمرروها لنا (أي الرفاق الموقعين على البيان) فقط، قدمنا استفسارا عن سر هذا التحديد، ولماذا نحن فقط؟ كان جواب الرفاق: بأن لهم معنا علاقة واضحة؟!
نشير هنا، إلى أنه من المعروف لدى رفاق اللجنة الوطنية، وباقي الرفاق في الفرع، أن الرفاق الموقعين على البيان والرفيق "ب"، لهم وجهة نظر سياسية واحدة.
ومن المعروف كذلك، وإلى حدود صدور بياننا، كنا نعلم أن "ب" يتعامل معه كمناضل من طرف أعضاء اللجنة الوطنية. إذن ما هو الجديد في موقف الرفاق من ب5 حتى يحرم من رؤية الجريدة المركزية الجماهيرية، وكذلك ما هو الجديد في وضعية أحد المناضلين الذي له انتقادات سياسية على طبيعة النهج السائد، حتى يحرم هو كذلك من الاطلاع على الجريدة المركزية؟
إن هذا يعني بوضوح، أن هناك مواقف سياسية – تنظيمية جديدة في حق "ب"، وأن قبول مقترح الرفاق يعني بالنسبة لنا تزكية موقف سياسي – تنظيمي جديد للقيادة وباقي رفاق الفرع، لم نساهم في بلورته ولا مناقشته، ومن هنا تعاملنا مع مقترح الرفاق تعاملا مبدئيا، لأنه كان أمامنا اختياران:
1) إما التعامل بشكل مبدئي مع مقترح الرفاق، ومطالبتنا الرفاق بإيصال الجريدة المركزية ل "ب" والمناضلين – الذين تعتبرهم القيادة مناضلين.
2) وإما التعامل بشكل انتهازي مع هذا المقترح. من هنا رفضنا لهذا المقترح، وطالبنا الرفاق بتقديم حيثياتهم السياسية لهذا الموقف وأسبابه.
بعد المطالبة بهذا التوضيح، وبدل الجواب الواضح من طرف "القيادة" التي التجأت إلى أساليبها السابقة، فطلعت علينا بمقترح جديد مفاده أنه سوف يتم تمرير الجريدة المركزية لكل واحد منا بشكل شخصي6، وفي إطار علاقة شخصية، والمبرر الجديد الذي قدموه لهذا السلوك هو الحفاظ على الجانب الأمني.
ومن هنا يمكن استخلاص القضايا التالية:
أ‌. محاولة تمرير موقف تنظيمي جديد في حق "ب"، لم نساهم في بلورته ولا مناقشته.
ب‌. تعامل بشكل شخصي مع كل واحد منا، يعكس جوهر تعامل الرفاق معنا من الناحية العملية، أي كأشخاص خارج التنظيم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يترك باب الانتهازية للتصرف بالجريدة المركزية مفتوحا.
ج. إذا كان المشكل الحقيقي يكمن في مفهوم رفاق اللجنة الوطنية وباقي رفاق الفرع، في دور الجريدة المركزية، وطبيعة دورها الحالي في إطار واقع التنظيم الحالي، والأهداف التي تخدمها، فإننا رفضنا مسألة الجريدة المركزية انطلاقا من القضايا التي سطرناها أعلاه.
د. المشكل الأمني: إن هذا الاعتبار يتهاوى، لسبب بسيط، هو كون الجريدة المركزية جريدة جماهيرية. إذن، ما الداعي للإتيان بهذا الاعتبار؟ هل بين عشية وضحاها أصبح الرفاق يشككون في هويتنا النضالية؟
ذلك هو السؤال الكبير الذي يجب على الرفاق توضيحه أمام عموم التنظيم.
4. وفي نقاش آخر، طرح علينا الرفاق ما مضمونه: إن الرجوع إلى الإطار شرط ضروري لأي نقاش. إن طرح المشكل على هذا المنوال، طرح مغلوط ويصب في نفس نهج الرفاق السابق. فبدل النقاش من منطلقات سياسية واضحة، وأن يكون هذا النقاش على مستوى رفاق التنظيم ككل، وانطلاقا من الأجوبة السياسية عن البيان ، يلجؤون إلى اللف والدوران.
إن الكل داخل الفرع (رفاقا ومناضلين) يعرفون عمق التناقضات السياسية ما بين توجهين سياسيين، تشكلت عقدتها الأساسية في "إعادة البناء" وما يحيط بها.
إن المشكل، ليس ما يعتقد الرفاق فقط في بعض الأساليب، أو ضعف المناضلين والرفاق خارج السجن أو داخله، في استيعاب توجيهات "القيادة"، إنما المشكل مشكل نهج سياسي، عميق الجذور في تجربة المنظمة تغذيه حاليا تصورات سياسية أكثر عمقا من السابق، تعمل "القيادة" محاولة "حشو" أدمغة الرفاق والمناضلين بها، معتقدة أن هذا الأسلوب قادر على فرض سيطرتهم على التنظيم.
إن النقاش يجب أن ينطلق، وهذا هو المنطقي، من الأجوبة السياسية لرفاق "القيادة" على ما تضمنه بياننا من مواقف سياسية، واقتراحات عملية، وأن تبسط أجوبتها تلك أمام التنظيم كتنظيم. وأن المشكل ليس مشكل أربعة رفاق، بقدر ما هو مشكل مصير التنظيم كتنظيم وآفاق تطوره. وإن محاولة اختزال التناقضات العميقة في الرجوع إلى الإطار أو عدم الرجوع، هو كلام مغلوط ويموه حقيقة التناقضات، ولن يؤدي في نهاية المطاف إلا إلى المزيد من تشتت التنظيم، ويريد استغلال حسن نية مناضلي ورفاق التنظيم الذين يجهلون خلفية الصراعات الحالية.
وفي النهاية، فإن التشويهات التي تقوم بها "القيادة" وباقي الرفاق في فرعنا تهدف إلى محاولة تمرير مواقفهم السياسية، وفرضها على التنظيم بأساليب منحطة في الصراع.
وعلى كل مناضل ورفيق داخل تنظيمنا يريد أن يتحمل مسؤوليته في الدفاع عن رصيده (أي التنظيم الثوري)، وعن الجوانب المشرقة في تاريخه، ويساهم في إعادة بنائه، وبناء وحدته على أسس صلبة ومتينة، ويعمل جادا لحل أزمته على قاعدة مبادئ الماركسية اللينينية، لكل رفيق ولكل مناضل يريد ذلك حقا ويعمل على تحقيقه، نعود ستين سنة إلى الوراء لنذكر بالأزمة التي هزت كيان الحزب البلشفي وحركت داخله صراعات قوية، حيث كان الخلاف حول "دور النقابات" في قلب تلك الصراعات التي قسمت الحزب، وتجسدت في تيارات وتكتلات، هددت الحزب في وحدته، بل في وجوده. ونعلم جيدا هنا، تأثير ودور الحزب البلشفي في بناء أول جمهورية عمالية في التاريخ، في شروط الحصار والتطويق الإمبريالي المدعم بتحرك القوى الرجعية في الداخل، لأجل الإطاحة بتلك الجمهورية الناشئة من خلال ضرب قلبها النابض، الحزب البلشفي.
في شروط صعبة ومعقدة كهذه، لم يلجأ لينين إلى أسلوب التصفيات والطرد والمناورات والتحالفات اللامبدئية، للتخلص من التيارات المعارضة داخل الحزب، باسم الحفاظ على وحدة شكلية للحزب "وصيانته" عبر وضع "الجهاز" في مركز القيادة، بل على العكس، فقد استطاع لينين أن يتلمس بفكره الثاقب، وممارسة مبدئية حنكتها خبرة سنوات طوال من الصراع السياسي والإيديولوجي المتعدد الأشكال داخل الحزب العمالي الاشتراكي الديمقراطي الروسي، وداخل الحزب البلشفي بعد تأسيسه في 1912، نقول، استطاع لينين أن يجد الحل الملائم والأسلوب الناجع لحل تلك التناقضات، حيث ترجم ذلك في مقال "حول أزمة الحزب:، مطالبا أعضاء الحزب، كل أعضاء الحزب ب:
1) الدراسة المتبصرة والعميقة لجوهر الخلافات القائمة.
2) دراستها (أي تلك الخلافات) عبر، وفي ، سيرورة تطورها.
نقطتان لدى لينين مرتبطتان وضروريتان، ذلك أن جوهر الخلاف نفسه يتطور، يتحول، ويتضح، بل يتغير أحيانا خلال الصراع نفسه، لذلك وجب تطبيق المنهج الديالكتيكي من أجل استيعاب جوهره والقدرة على إيجاد حلول له، تقدم وحدة الحزب وتمتنها خارج أي طرح تنظيمي ضيق، يقفز على الواقع وتناقضاته.
لكن كيف يستطيع أعضاء الحزب أن يقوموا بذلك؟
جواب لينين بسيط وواضح:
* يجب توفير جميع المواد الضرورية لذلك، ويعني بها لينين:
1. حصول الأعضاء على الوثائق الضرورية.
2. اعتمادهم على تلك الوثائق.
3. إمكانيتهم التحقق منها.
* وفي حالة عدم توفرها ينصح لينين ب:
1. التوجه مباشرة إلى الأطراف المتصارعة ومطالبتها بتوضيحات، وبالإجابة عن كل الأمور المتعلقة بالصراع.
2. بل كذلك اللجوء إلى مقابلة الأطراف المتصارعة فيما بينها (une confrontation ) الشيء الذي يسميه لينين (استجواب صارم) (une interrogation serrée).
لقد كانت مقالة لينين حول "أزمة الحزب" مناسبة ليطلق مقولته الشهيرة:
Celui qui croit les gens sur parole est un imbécile fini dont on ne peut rien espérer ". Lenine"

فؤاد الهلالي
ادريس الزايدي
عبد الرحيم لبيض
كرطاط محمد

16 شتنبر 1980

ملحوظة: هوامش نص الوثيقة هي من وضع موقع 30 غشت.

1 ــ يعنى بالقيادة أعضاء اللجنة الوطنية آنذاك ، ممن ينتمون إلى اتجاه سياسي قام بالإشراف على ما سمي ب "إعادة البناء" دون تقييم ،بل وغير في العديد من الأفكار المتعلقة بالرصيد الفكري والسياسي لمنظمة "إلى الأمام" (التخلي عن فكر ماو تسي تونغ وإسهاماته كمكون أساسي في الخط الإيديولوجي للمنظمة، التخلي عن إستراتيجية حرب التحرير الشعبية...)، ونعني برفاق الفرع أولئك من الرفاق الذين التفوا حولهم.
2 ــ أما التنظيم بالخارج (خارج المغرب) فإننا نجهل عنه أي شيء.
3 ــ الرفاق الأربعة هم: فؤاد الهـلالي، الزايدي ادريس، عبد الرحيم لبيض، كرطاط محمد، كان هؤلاء يمثلون لحظتها التيار الثوري، و الذي كان يلتف حوله مجموعة من المناضلين داخل السجن المركزي و خارجه، بل كان هناك بالخارج من يتعاطف مع التيار خاصة في بلجيكا.
4 ــ "بصدد ما العمل؟" هي الوثيقة الأساسية للتيار الثوري داخل المنظمة آنذاك (السجن المركزي)، والتي صاغها الرفيق فؤاد الهـلالي باسم اللجنة القيادية بالسجن المركزي، وهي الوثيقة التي رفض "قياديو" الاتجاه السائد تسليمها للرفاق الأربعة.
5 ــ نشير هنا، إلى أن "ب"(الصافي حمادي) كان من اللذين شملتهم قرارات يونيو 1977، التي أصدرتها اللجنة القيادية بالسجن المركزي، و التي كان من نتائجها تجميد عضوية مجموعة من الرفاق و الأطر اللذين ارتكبوا أخطاء متفاوتة في المعتقل السري "درب مولاي الشريف"، و كان من نتائج ذلك أن قدم أغلب الأطر و القياديين السابقين نقدا ذاتيا عن ممارساتهم (ما عدا المشتري بلعباس و عبد الله المنصوري)، و في هذا الإطار تقدم الصافي حمادي بنقد ذاتي مفصل إلى اللجنة القيادية بالسجن المركزي، و بعد التداول في الموضوع و استيضاح اللازم حول بعض الممارسات، التي نوقشت جذورها الطبقية والسياسية و الإيديولوجية، تم القبول بذلك النقد الذاتي، و أصبح التعامل مع الرفيق واضحا باعتباره مناضلا مرتبطا بالمنظمة، حيث جسد على امتداد ثلاث سنوات مواقف المنظمة و انضبط لقراراتها و لم ينضم إلى كل التيارات التي كانت تسعى إلى ضرب المنظمة أو حلها. و قد سبق له أن كتب رسالة موجهة إلى أعضاء ل. و بالسجن، موضحا فيها موقفه السياسي من إعادة البناء، وكذا من قرار القيادة التعامل معه كمناضل.
6 ــ نشير هنا إلى أن أحد الرفاق "القياديين" الذي كلف بتبليغ الموقف لأحدنا طرح، أنه ليس من صلاحياته نقاش الخلافات السياسية، أي بمعنى آخر حصر النقاش في حدود ضيقة تتركز في قبول، أو عدم قبول الرجوع إلى الإطار التنظيمي.


نص هذه الوثيقة التاريخية للخط الثوري لمنظمة "إلى الأمام" يوجد بصيغة بدف على موقع 30 غشت
http://www.30aout.info