بصدد الخطّ الجماهيري - مقتطف 3 من - تعميقا لدحض أهمّ ترّهات حزب العمّال التونسي الخوجيّة الواردة في- الماوية معادية للشيوعية - - الجزء الثاني من الكتاب الأوّل من ثلاثيّة - حفريّات في الخطّ الإيديولوجي والسياسي التحريفي و الإصلاحي لحزب العمّال [ البرجوازي ] التونسي -


ناظم الماوي
2020 / 9 / 14 - 11:29     

لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
و الروح الثوريّة للماوية المطوَّرة اليوم هي الخلاصة الجديدة للشيوعيّة – الشيوعيّة الجديدة
( عدد 38 - 39 / أفريل 2020 )
ناظم الماوي

ملاحظة : الثلاثيّة بأكملها متوفّرة للتنزيل بنسخة بى دى أف من مكتبة الحوار المتمدّن .

تعميقا لدحض أهمّ ترّهات حزب العمّال التونسي الخوجيّة الواردة في" الماوية معادية للشيوعية "

------------
(3)

دحض الإفتراءات الدغمائيّة التحريفيّة الخوجيّة على ماوتسى تونغ بصدد الخطّ الجماهيري

يكيل الخوجيّون التهم للماويّة على طول و عرض كتاباتهم على أنّهم أحيانا يختلفون فى درجة الأهمّية التى يولونها لمسألة نسبة إلى غيرها من المسائل و إن كانوا ينهلون جميعا من كتابات أنور خوجا الذى شرب حتّى الثمالة هو بدوره أفكار التحريفيّين السوفيات و الصينيّين وكذلك الأفكار التروتسكية كما بيّننا في مواقع أخرى . و بصدد النقطة المعالجة هنا ألفينا أن تلميذ خوجي بزّ معلّمه خوجا الذى لم يتجرّأ على نقد ماو فى هذه الناحية و إكتفى بالإدّعاء بأنّ القائد البروليتاري الصيني : " إذا كان إستعمل شعار الطابع الجماهيري للحزب فإنّما قام بما قام به قصد فسخ خطّ التباين بين الحزب و الطبقة " ( " الإمبريالية و الثورة " ، الصفحة 420) . و لكن الكيلاني الخوجي لم يقتصر على تلك الجملة الوحيدة لخوجا في الغرض بل أفرد للمسألة ثلاث فقرات إمتدّت على الصفحتين 40 و 41 من " الماويّة معادية للشيوعيّة ".

1- تصحيح :

نستهلّ ردّنا هنا بأن نشير إلى أنّ الخوجي ، و حزب العمّال " الشيوعي " التونسي من ورائه ، لم يورد فى هذا الباب أي إستشهادات بأقوال لماو و بدلا من ذلك عمد إلى التعمية و ذكر عناوين مقالات و حدث ( هي بالصفحة 41 : " طرق عمله " و " أساليب قيادته " أو مؤلّفاته الأخرى " ، " الثورة الثقافية " المزعومة ) إدّعى أنّه إطّلع عليها وحلّلها و إستخلص منها أنّ ماو : " يتخلّى عن المبادئ الماركسية - اللينينية فى فهم علاقة الحزب بالجماهير و يعوّضها بنظرة عفويّة ."

و لأجل أن يتمكّن القراء من العودة إلى أهمّ المصادر بهذا المضمار و إدراك مدى تطوير ماو تسى تونغ لعلاقة الحزب بالجماهير، نعدّدها هنا مصحّحين حتّى عناوين المقالات الخاطئة التى قذفها إلينا الخوجيّ بكلّ إنتهازيّة الدغمائيّين التحريفيّين:

- " حول تصحيح الأفكار الخاطئة فى الحزب " (" مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد 1، ديسمبر 1929)
- " ضد الليبراليّة "( " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، م2، سبتمبر 1937)
- " فلنصلح دراستنا " (" مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، م3، ماي1941)
- " فلنقوّم أسلوب الحزب " (" مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، م3، فيفري 1942)
- "ضد القوالب الجامدة فى الحزب " (" مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، م3، فيفري1942)
- " بعض المسائل المتعلقة بأساليب القيادة " (" مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، م 3، 1 يونيو- حزيران 1943)

- " حول وضع نظام التقارير"( " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، م4،جانفى 1948)
- " حول تعزيز نظام لجنة الحزب" (" مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، م4، سبتمبر1948)
- " أساليب عمل لجان الحزب " (" مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، م4، مارس 1949)

2- لينين وستالين يضعان اللبنات الأولى التى سيطوّرها ماو تسى تغ :

" يعرف لينين هذه العلاقات المتبادلة [بين الحزب و الطبقة ، بين الحزبيين و اللاحزبيّين ] بأنّها " ثقة متبادلة بين طليعة الطبقة العاملة و الجماهير العمالية "( المجلد 26،الصفحة 235) ما معنى ذلك؟

ذلك يعنى ، أوّلا ، أنّ على الحزب أن يصغي بإنتباه إلى صوت الجماهير ، أنّ عليه أن يقف موقف العناية من الغريزة الثورية عند الجماهير ، أنّ عليه أن يدرس نضال الجماهير العمليّ متحقّقا بذلك من صحّة سياسته و أنّ عليه ،إذن ، ألاّ يُعلم الجماهير و حسب ، بل وأن يتعلّم منها أيضا .

ذلك يعنى ، ثانيا، أنّ على الحزب أن يكتسب ثقة الجماهير البروليتاريّة يوما فيوما ، و أنّ عليه أن يضمن لنفسه ، بسياسته و عمله ، تأييد الجماهير ، و أنّ عليه ألاّ يأمر ، بل أن يقنع ، قبل كلّ شيء ، مسهّلا على الجماهير إدراك صحّة سياسة الحزب بتجربتها الخاصة ، وأنّ عليه ، إذن أن يكون قائد طبقته و زعيمها و معلّمها."

( ستالين ، " أسس اللينينيّة " ، الصفحة 170-171، دار الينابيع ، دمشق 1992)

3- نزر من تلخيص ماو للتجارب السابقة و للتجربة الصينيّة وتطويره للخطّ الجماهيريّ :

" إنّ كلّ قيادة صحيحة فى كلّ عمل من أعمال حزبنا الواقعيّة لا بدّ أن تكون من الجماهير و إلى الجماهير . و هذا يعنى تجميع آراء الجماهير ( الآراء المبعثرة غير المنسّقة ) و تركيزها ( تحويلها إلى آراء مركّزة منسّقة عن طريق البحث و الدراسة ) ، ثمّ إعادتها إلى الجماهير لنشرها و توضيحها حتّى تتبنّاها الجماهير كآرائها الخاصة و تتمسّك بها و تطبّقها عمليّا ، و كذلك لإختبار صحّة هذه الآراء فى أثناء التطبيق الجماهيري . ثمّ تجميع آراء الجماهير و تركيزها مرّة أخرى و الذهاب بها إلى الجماهير لتطبيقها مرّة أخرى . و هكذا دواليك إلى ما لانهاية ، فتصبح الآراء أكثر صحّة و حيويّة و غزارة فى كلّ مرّة . تلك هي النظريّة الماركسيّة عن المعرفة. "

( " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد 3، الصفحة 162)

هذه الفقرة من أشهر الفقرات الماويّة المعروفة وهي تفيدنا، فى ما يتّصل بالنقد الخوجيّ لماو، بالملاحظات الآتى ذكرها :

- أ- على عكس ما يلفّقه الخوجيّون من تهم وبصورة لا أوضح منها ، لا ينفى ماو قيادة الحزب للجماهير بل يسعى جاهدا لكي يجسّد تلك القيادة واقعيّا ( الخوجيّون بما هم دغمائيون تحريفيون يسبحون فى هلاميّات الدغمائية فيهابون الواقع كما يهاب الأرنب الأسد ) و يجعل منها " قيادة صحيحة " مطبّقا فى معالجة هذه العلاقة " النظريّة الماركسية عن المعرفة " .

- ب- لم يكن ماو تسى تونغ من أنصار العفويّة و لم يدع إلى أن تقود الجماهير الحزب أو أن يتّبع الحزب الجماهير نظريّا و عمليّا و إنّما يخصّص حديثه هنا ل" أعمال الحزب الواقعيّة " أي لكيفيّة جعل الجماهير ترتبط بطريقة سليمة بالحزب فتحتضنه و تطبّق سياساته و تكتيكاته و شعاراته من أجل تغيير الواقع ثوريّا فيصنع الشعب التاريخ .

-ج- بعد البحث و الدراسة و التلخيص ، يحوّل الحزب آراء الجماهير المبعثرة و غير المنسّقة إلى أفكار منسّقة و ممنهجة و يعيدها إليها ليرفع من وعيها و يتحقّق من مدى صحّتها عبر الممارسة العمليّة لها . فينشر الحزب الأفكار الصحيحة و يصحّح الأخطاء فى سيرورة حركة جماهيريّة من التغيير الثوري لوعي الجماهير و للواقع المتحرّك .

-ح- و ماذا يقترح الخوجيّون بديلا عمّا قدّمه ماوتسي تونغ من فهم للخطّ الجماهيري فى علاقة جدليّة للحزب الشيوعي بالجماهير و كيفيّة تطبيقه ميدانيّا و بالضبط عن أساليب القيادة ( مطوّرا هنا جانبا هاما من الخطّ الجماهيري ، جوانب أخرى فى المؤلّفات الأخرى المذكورة أعلاه) ؟ لا يقترحون بإعتبارهم دغمائيّين سوى أفكار مجرّدة من نوع " الخط ّالجماهيري هو صهر القدرة العلميّة الواعية للحزب بالحركة الجماهيرية العفويّة . " و كفى .

و تنطلق الماويّة فى تناولها لقضيّة العلاقة الجدليّة للحزب بالجماهير من مقولتين ماركسيّتين أساسيّتين هما :

أوّلا " إنّ الشعب ، و الشعب وحده ، هو القوّة المحرّكة فى خلق تاريخ العالم ".( ماو 1945 ، " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد 3، " الحكومة الإئتلافية ") وهو مبدأ يفنّد ما لفّق لماو من أنّ " الأبطال يصنعون التاريخ " (الصفحة 18 من " الماويّة معادية للشيوعيّة ") ؛

و ثانيا ، " إذا كانت الجماعة القياديّة تعمل وحدها بحماس دون أن تجمّع بين حماسها و حماس الجماهير الغفيرة ، فإنّ حماسها سوف يتلاشى فى جهود عابثة تبذلها قلّة من الناس . أمّا إذا كانت الجماهير الغفيرة متحمّسة دون أن تجد جماعة قياديّة قويّة تنظّم جهودها بصورة ملائمة ، فإنّ هذا الحماس لا يمكن أن يدوم و لا يمكن أن يتّجه الإتّجاه الصحيح أو يرتفع إلى مستوى أعلى. "

(" مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، يونيو 1943 ، المجلّد 3 ، " بعض المسائل الخاصة بأساليب القيادة ").

و نظرا لأنّ عناصر الحزب الشيوعي ستكون أبدا حتّى فى المجتمع الإشتراكي أقلّية نسبة للجماهير وغير الحزبيّين فعلى الشيوعيّين و الشيوعيّات أن يطبّقوا الخطّ الجماهيري تجنّبا لخطرين إثنين هما المغامراتيّة و الإنتهازيّة . و هذا ما ينبّه إليه جدّيا كلام ماو الذى أعرب عن أنّ :

--" إجادة تحويل سياسة الحزب إلى عمل جماهيري ، و إجادة تفهيم الجماهير الواسعة ، فضلا عن الكوادر القياديّين، حتّى يلمّوا تماما بكلّ حركة و كلّ نضال نقوم به ، هي من فنون القيادة الماركسيّة-اللينينيّة . وهي أيضا الخطّ الفاصل الذى يحدّد ما إذا كنّا نرتكب أخطاء فى عملنا أم لا. إذا عزمنا على شنّ هجوم قبل أن تعي الجماهير ضرورة الهجوم كان ذلك مغامرة ، و إذا جررنا الجماهير عنوة إلى أمر يخالف رغبتها فشلنا حتما ، و إذا أرادت الجماهير التقدّم فإمتنعنا نحن ، كان ذلك إنتهازيّة يمينيّة. إنّ خطأ إنتهازية تشن دو شيو قام بالضبط فى تخلّفه عن مستوى وعي الجماهير، و فى عجزه عن قيادتها إلى الأمام و حتّى فى معارضته لتقدّمها."

( ماو تسى تونغ ، أفريل 1948، " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد 4، الصفحة 313،" حديث إلى أعضاء هيئة تحرير جريدة شانسي-سوييوان")

--" إنّنا نحن الشيوعيّين نرتبط أوثق الإرتباط مع أوسع جماهير الشعب وهذا سمة بارزة أخرى تميّز حزبنا الشيوعي عن أي حزب سياسي آخر. إنّ نقطة إنطلاقنا هي خدمة الشعب بكلّ أمانة و إخلاص ، وعدم الإنفصال لحظة واحدة عن الجماهير، و الإنطلاق فى جميع الحالات من مصلحة الشعب لا من مصلحة فرد أو زمرة من الناس ، و الوحدة بين مسؤوليّتنا أمام الشعب و مسؤوليّتنا أمام هيئات الحزب القياديّة . يجب على الشيوعيّين أن يكونوا مستعدّين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، لأنّ الحقيقة، أيّا كانت ، تتّفق مع مصلحة الشعب ، و يجب على الشيوعيّين أن يكونوا فى كلّ وقت على إستعداد لإصلاح أخطائهم ،لأنّ الخطأ أيّا كان ،لا يتّفق مع مصلحة الشعب . إنّ تجاربنا خلال ال24 سنة الماضية قد علّمتنا أنّ جميع المهمّات و السياسات و أساليب العمل الصحيحة هي التى تتّفق مع مطالب الجماهير فى وقتها و مكانها و تربطها بالجماهير ، بينما جميع المهمّات و السياسات و أساليب العمل الخاطئة هي التى تتنافى مع مطالب الجماهير فى وقتها و مكانها و تعزلنا عن الجماهير . وإنّ السبب فى أن نزعة الجمود العقائدي و نزعة التجريبيّة و أسلوب الأوامريّة و الذيليّة و الإنعزاليّة و البيروقراطيّة و العجرفة فى العمل و غيرها من المساوئ مضرّة بالتأكيد و لا يجوز الإبقاء عليها مطلقا ، و لا بدّ لأيّ شخص كان أن يتداركها إذا كان يعانى منها . إنّ السبب فى ذلك يرجع بالضبط إلى أنّ هذه الأساليب تعزلنا عن الجماهير.

يجب على مؤتمرنا أن يدعو الحزب بأسره إلى أن يرفع اليقظة فيعير الإنتباه لأيّ رفيق فى كلّ حلقة من حلقات العمل حتّى لا ينعزل عن الجماهير . و لا بدّ من تثقيف كلّ رفيق بأن يحبّ جماهير الشعب ، و أن يصغي بكلّ إنتباه لصوتها ، و أن يلتحم بالجماهير حيثما ذهب و يندمج فيها بدلا من أن يتعالى عليها ، و أن يعمل ، مراعاة لمستوى وعيها الراهن ، على إيقاظها و رفع وعيها ، و يساعدها على تنظيم نفسها تدريجيّا وفقا لمبدأ الإختيار، لتباشر بالتدريج جميع النضالات اللازمة التى تسمح بها الظروف الداخليّة و الخارجيّة فى وقتها و مكانها . إنّ أسلوب الأوامريّة أسلوب خاطئ فى أيّ عمل من الأعمال ، ذلك لأنّه يتجاوز مستوى الوعي لدى الجماهير، و يخالف مبدأ الإختيار عند الجماهير، و هو يعكس مرض التسرّع . فلا ينبغى لرفاقنا أن يظنّوا أنّ كلّ ما يفهمونه هم أنفسهم تفهمه مثلهم الجماهير الواسعة . و نحن لا نستطيع أن نعرف ما إذا كانت الجماهير تفهم و تستعد للعمل إلاّ عن طريق الإستقصاءات وسط الجماهير . فإذا فعلنا ذلك إستطعنا تفادي أسلوب الأوامريّة. إنّ الذيليّة هي أيضا أسلوب خاطئ فى أي عمل من الأعمال ، لأنّها تعكس مرض التلكّؤ بتخلّفها عن مستوى الوعي لدى الجماهير و بنقضها مبدأ قيادة الجماهير إلى الأمام . فلا ينبغى لرفاقنا أن يظنّوا أنّ الجماهير تجهل كلّ ما يجهلونه هم أنفسهم. فكثيرا ما تتقدّمنا الجماهير الواسعة و ترغب بإلحاح فى السير خطوة أخرى إلى الأمام بينما يصبح رفاقنا ذيلا للعناصر المتأخّرة و فوق ذلك يعتبرونها ، خطأ ، آراء الجماهير الواسعة . و بإختصار ، يجب أن نفهم كلّ رفيق بأنّ أرقى مقياس لجميع أقوال أو أفعال الشيوعيّين هو أن تتّفق مع أعظم المصالح لأوسع الجماهير الشعبيّة و تحظى بمساندتها . و يجب أن نفهم كلّ رفيق بأنّه ما دمنا نعتمد على الشعب و نؤمن بحزم بأنّ قوة جماهير الشعب الخلاّقة لا ينضب لها معين ، و بالتالي نثق بالشعب و نلتحم به ، فإنّنا نستطيع أن نتغلّب على جميع المصاعب ، و لن يكون فى مقدور أيّ عدوّ أن يسحقنا ، و إنّما نستطيع نحن أن نسحقه ."

( " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة "، المجلّد 3، الصفحة 364-366 -" حول الحكومة الإئتلافية " )

--" على أعضاء الحزب الشيوعي أن يصغوا إلى آراء اللاشيوعيّين بكلّ إهتمام ، و أن يتيحوا لهم فرصة التعبير عن آرائهم. فإذا كانت آراؤهم صائبة ، فعلينا أن نقابلها بالترحاب ، وفوق ذلك ، علينا أن نتعلّم من مزاياهم، و إن كانت آراؤهم خاطئة، فعلينا أيضا أن ندعهم يكملون حديثهم ،ثم نوضّح لهم الأمر بصبر و أناة . لا يجوز أبدا لأيّ من أعضاء الحزب الشيوعي أن يكون مستبدّا برأيه أو متغطرسا على الغير، يحسب أنّه صالح فى كلّ شيء و أنّ غيره لا يصلح لأيّ شيء ، كما لا يجوز أبدا أن يقفل على نفسه غرفته الضيّقة أو يتبجّح و يتباهى أو يعتبر نفسه سلطانا. و بإستثناء المتعنّتين الرجعيّين الذين يتواطأون مع الغزاة اليابانيّين و الخونة و يعملون على نسف حرب المقاومة و الوحدة - هؤلاء الذين بطبيعة الحال يحرمون من حقّ التعبير عن آرائهم ، فإنّ لكلّ إمرئ الحرّية فى التعبير عن آرائه ، و لا ضير حتّى إذا أخطأ فى ذلك ".

و هكذا نلمس لمس اليد أنّ ماو تسى تونغ لم يكتفى ، على عكس الخوجيّين بجملة عامة واحدة ، بل حلّل و ناقش ممارسات عشرات السنين و لخّص الإنحرافات التي ينبغي تجنّبها و رسم خطّا جماهيريّا ثوريّا في علاقة الحزب بالجماهير ما عمّق النظريّة و الممارسة في هذا الباب . و من هنا لا نخشى الزلل حين نقول إنّ ماو تسى تونغ رافعا راية " يجب على الشيوعيّين أن يكونوا مستعدّين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، لأنّ الحقيقة ، أيّا كانت ، تتّفق مع مصلحة الشعب ، و يجب على الشيوعيّين أن يكونوا فى كلّ وقت على إستعداد لإصلاح أخطائهم ،لأنّ الخطأ أيّا كان ، لا يتّفق مع مصلحة الشعب " و ملخّصا تجارب الحركة الشيوعيّة العالميّة و التجارب العمليّة لسيرورة الحركة الثورية الصينيّة فى نظريّة الخطّ الجماهيري ، طوّر علم الثورة البروليتارية العالمية و أغناه و صدى هذا التطوير لمسنا جانبا هاما منه هنا في هذ النقطة .

4- ملخّص ما بلغته التجربة الماويّة في الصين بصدد الخطّ الجماهيري بعد عقود من النضال الشيوعي الثوري :

و قد كرّس الماويّون الصينيّون الفهم اللينيني لعلاقة الحزب بالجماهير و طوّروه بفضل التنظيرات و الممارسات الثوريّة للتجربة الصينيّة بثورتيها الديمقراطيّة الجديدة و الإشتراكيّة الممتدّتين على عدّة عقود ، في 1974 ، صاغت قيادات ماويّة في شنغاي عملت بتوجيهات من ماو تسى تونغ و أقرب رفاقه و رفيقاته ، كتابا قيمته كبيرة جدّا أرادوه ملخّصا للتجارب التاريخيّة و مرجعا مرشدا للأجيال الجديدة من الثوريّين ، هو الكتاب الذى ترجمه شادي الشماوي ونشره بإعتباره الكتاب 26 أو العدد 26 من مجلّة " الماويّة نظريّة وممارسة " على صفحات الأنترنت وهو متوفّر للتنزيل من مكتبة موقع الحوار المتمدّن ، تحت عنوان " المعرفة الأساسيّة للحزب الشيوعي الصيني ( الماوي - 1974 ) " و من فصله التاسع المعنون " أساليب عمل الحزب الثلاثة العظمى" ، نقتطف لكم كخاتمة لنقاش هذه المسألة النقطة الثالثة لكوننا نعدّها معبّرة مباشرة عن النظرة الماويّة الصائبة :

" أسلوب عمل الحفاظ على علاقات وثيقة مع الجماهير

الحفاظ على علاقات وثيقة مع الجماهير و نقاش جميع المواضيع معها عادة جيّدة فى أسلوب عمل حزبنا و هي منبع القوّة التى سمحت له بإلحاق الهزيمة بأعدائه و بتخطّى الصعوبات .

تعتبر الماركسيّة أنّ جماهير الشعب هي سادة التاريخ وهي القوّة المحدّدة التى تدفع بالمجتمع إلى الأمام . و جماهير الشعب ليست خالقة الثروة الماديّة و الروحيّة للعالم وحسب بل إنّ صراعاتها الثوريّة هي القوى المحرّكة الدافعة لتقدّم المجتمع. العبيد هم صنّاع التاريخ ، هذه هي وجهة نظر ماديّة تاريخيّة جوهريّة. لقد أثار ماركس و إنجلز إلى أنّ " حركة التاريخ من صنع الجماهير " ( 156-" العائلة المقدسة " ) و كتب لينين : " الاشتراكية الحيويّة و الخلاّقة تنتجها الجماهير نفسها " ( 157- إجتماع اللجنة التنفيذية المركزيّة لعموم روسيا، نوفمبر 1917 ) و قد أشار ماو إلى أنّ : " الشعب ، و الشعب وحده هو القوّة المحرّكة فى خلق تاريخ العالم " ( 158 – المجلّد الثالث ،" الحكومة الائتلافية " ). للحفاظ على علاقات وثيقة مع الجماهير ، ينبغى أن نتشبّع بصلابة بفكرة أنّ : " الجماهير هم الأبطال الحقيقيّون "( 159- المجلّد الثالث ، " تحقيقات فى الريف " ) و أن نقتنع بأنّ قوّة الثورة تكمن فى جماهير الشعب و نعترف تماما بدورها المجيد فى صناعة التاريخ . و كون حزبنا إستطاع أن يقود الجماهير الشعبيّة يعود بالضبط إلى أنّه يمثّل مصالح الجماهير و يخدمها بكامل الإخلاص و يثق بها و يعوّل عليها و يحافظ على علاقات وثيقة معها و يناضل من أجل تحقيق الشيوعيّة .

العلاقات الوثيقة مع الجماهير تقليد مجيد فى حزبنا . زمن الثورة الديمقراطيّة ، أسس حزبنا ، فى ظلّ قيادة الخطّ الثوري للرئيس ماو ، أسّس جيش التحرير الشعبيّ و أرسى مناطق إرتكاز ثوريّة عبر التعبئة التامة للجماهير و بالتعويل عليها . على هذا النحو ، إثر 28 سنة من النضال البطوليّ ، مالكا فقط ذرّة و بنادق غير متطوّرة ، نجح فى إلحاق الهزيمة بقطّاع الطرق الفاشيّين اليابانيّين الذين كانوا يعتقدون بأنّهم لا يقهرون ، و فى كنس الجيش الرجعيّ القويّ - الكومنتنغ وقد كان يعد ثمانية ملايين وكانت الإمبريالية الأمريكية تمدّه بالعتاد . طوال تلك السنوات من النضال الشاق ، هزم حزبنا و جيشنا و هما يتقاسمان مع الجماهير السرّاء و الضرّاء ، هزما عدوّا قويّا و كسبا الإنتصار التام فى الثورة الديمقراطيّة . إثر تحرير البلاد بأسرها من خلال التعبئة التامة للجماهير و التعويل عليها بصرامة ، دحر حزبنا التصدّعات و التخريب اللّذين شجّع عليهما الأعداء داخل البلاد و خارجها . و مجسّدا الروح الثوريّة للإستقلال و التعويل على الذات و العمل الشاق و المضيّ دوما إلى الأمام، حول الصين القديمة و الفقيرة و المتخلّفة و المتأزّمة إلى الصين الجديدة الإشتراكية التى هي فى طريق الإزدهار . فى أثناء الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى التى أطلقها و قادها الرئيس ماو شخصيّا ،عبّأ حزبنا الجماهير على نطاق واسع و عوّل عليها و عبر ممارسة الديمقراطيّة الواسعة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا ، نهضت حركة جماهيريّة هائلة إنطلقت كالإعصار الهادر داحرة مركزين للقيادات البرجوازية - مركز يقوده ليوتشاوشى و مركز آخر يقوده لين بياو - و هكذا أحرزت عديد الإنتصارات الهامّة فى الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى . وقائع لا تحصى و لا تعد تبيّن أنّ الجماهير الشعبيّة المتسلّحة بالماركسيّة - اللينينية - فكر ماوتسى تونغ لا تهزم ، شرط أن نثق بالجماهير و أن نعوّل عليها و نحافظ على علاقات وثيقة معها فإنّنا نتّجه إلى إحراز الإنتصار .

أن تكون لنا علاقات وثيقة مع الجماهير أو أن نكون منفصلين عنها ( أو حتّى أن نخشاها أو نعارض الحركة الثوريّة الجماهيريّة) ليس ببساطة مسألة طريقة بل بالأحرى مسألة جوهريّة ، مسألة موقف و نظرة للعالم . وهي أيضا مسألة هامة فى الصراع بين الخطّ الثوريّ للرئيس ماو و الخطوط الانتهازيّة اليمينيّة و " اليسارية ". كلّ قيادات الخطوط الإنتهازية مثاليّة ، إنّها تتموقع بعناد إلى جانب البرجوازيّة وهي عادة تثلب الجماهير و تحتقرها إلى أبعد حدّ. إنّهم ينكرون الدور العظيم للجماهير الشعبيّة كصانعة للتاريخ و يعارضون الخطّ الجماهيريّ للحزب و يعادون الحركات الثوريّة الجماهيريّة بقيادة الحزب و يخرّبونها . زمن الحرب الأهليّة الثوريّة الأولى قيادات الخطّ الإنتهازيّ اليمينيّ ، تشان تو سيو ثلب البروليتاريا الصينيّة بقوله إنّها كانت " طفوليّة " و " لا تشكّل قوّة ثوريّة مستقلّة " و زعم أنّ الشعب الصيني " غير منضبط " و " محافظ " و أنّه " من الصعب كسبهم إلى جانب الثورة ". لم تكن لديه ثقة فى قوّة الثورة و مارس خطّا إنتهازيّا يمينيا و جلب الهزيمة للحركة الثوريّة البطوليّة . و بغاية تغيير الخطّ الأساسيّ للحزب طوال المرحلة الاشتراكيّة ، عمل ليو شاوشى و لين بياو و من لفّ لفّهم ، عملوا بكلّ ما أوتوا من قوّة على تخريب الخطّ الجماهيريّ للحزب و أسلوبه الممتاز فى العمل المحافظ على العلاقات الوثيقة مع الجماهيريّة . بوضوح مروّجا نظريّة " تخلّف الجماهير" ، عارض ليوتشاوشى تعبئة الجماهير إبّان " حركة النظافات الأربعة " (160) و إبّان الثورة الثقافية البروليتاريّة الكبرى ، كرّس خطّا برجوازيّا و قمع الحركة الثوريّة للجماهير. أمّا بالنسبة للين بياو فقد أثار صخبا حول " نظريّة العبقريّ " و دون خجل أعطى نفسه صفة " العبقريّ" ، المالك ل" معرفة فطريّة " و " وعي نظريّ ". و فى ذات الوقت ثلب الجماهير الواسعة مع العمّال و الفلاحين بمعاملتهم كطحالب فقط ب " التحوّل إلى الغناء و البحث عن اللذّة " لا تعرف شيئا عدا " الزيت والملح و صلصة الصوجا والخلّ و نار الحطب". لين بياو و زمرته نشروا كذلك هراء أنّ " الأبطال و العبيد يصنعون التاريخ معا " و هكذا محاولين إستعمال السفسطة الثنائية لإنكار المبادئ الجوهرية للماركسية - اللينينيّة . يجب أن ننقد بدقّة المفهوم المثالي للتاريخ لليوتشاوشى و لين بياو وأن نوطّد بإستمرار العلاقات بين الحزب و الجماهير و أن نتقدّم ببسالة وفق الخطّ السياسيّ الذى رسمه المؤتمر العاشر.

للحفاظ على علاقات وثيقة مع الجماهير ، يتعيّن أن نناقش الأمور معها و أن نستمع بتواضع إلى آرائها . يعلّمنا الرئيس ماو أنّ " الذين يملكون المعرفة المباشرة الحقيقيّة هم من ينخرطون فى الممارسة العمليّة من سكّان العالم " ( 161- " فى الممارسة العمليّة " ؛ المجلّد الأوّل، صفحة 438 ). القتال فى طليعة الحركات الثوريّة الثلاث الكبرى يجعل للجماهير الواسعة من الشعب يملك معرفة عمليّة غنيّة . فقط بالإستماع بتواضع لآراء الجماهير و بنقاش الأمور معها ، فقط هكذا بمستطاعنا أن نركّز ذكاءها و أن نستغلّ تجديداتها و أن نلخّص تجاربها و أن نستخلص المعرفة الصحيحة الضروريّة لقيادة الممارسة الثوريّة. و لنقاش الأمور مع الجماهير ، يجب أن نستمع إلى آرائها . علينا أن نستمع إليها عندما تنقصنا المهارة فى العمل و عندما تظهر صعوبات أو عندما يكون لدينا نقص فى التجربة و هذا أكثر ضرورة حتّى حين نعرف جيّدا الوضع و حين يكون العمل على أحسن ما يرام و قد حقّقنا إنتصارات . يجب أن نستمع لكافة الآراء ، أكنّا متّفقين معها أم لا. و يجب أن نجمّع معرفة الجماهير و أن نفرّق بين ما هو قيّم و ليس بالقيّم و على أساس فكر ماوتسى تونغ نحقّق وحدة التفكير . فقط بهكذا طريقة نستطيع أن نفسح المجال لمبادرة الجماهير و قدراتها الخلاّقة و أن نركّز ذكاءها إلى أقصى حدّ و أن نعطي مزيد الدفع لتطوّر الثورة و البناء . يحبّذ بعض الرفاق الحديث و لا يدعون فرصة للجماهير كي تعبّر عن وجهات نظرها. أكان الأمر متعلّقا بعمل بحثيّ أم بحلّ مشكل ، يودّون أن يكونوا الوحيدين الذين يفضّوه المشاكل- لا يدعون أحدا يتكلّم - و على الآخرين الاستماع إليهم و تنفيذ أوامرهم لا غير. أسلوب العمل هذا خاطئ فهو لا يفعل إلاّ الحيلولة دون الجماهير و تعبيرها الكامل عن آرائها و كبح مبادراتها و يضرّ بالعلاقات بينها و بين الحزب .

للحفاظ على علاقات وثيقة مع الجماهير ، يتعيّن أن نتّخذ موقفا صحيحا تجاهها و أن نعاملها بصورة صحيحة . لقد دافعت الماركسية دوما عن أنّ فقط بالثقة فى الجماهير و التعويل عليها و الحفاظ على علاقات وثيقة معها ، يمكن للفرد أن يلعب دوره بالتمام و أن يساهم على أفضل وجه فى قضيّة الجماهير الشعبيّة . إذا بالغنا فى دور الفرد ، قلّصنا من شأن قوّة الجماهير الشعبية ، و إذا استمرّينا فى الإعتقاد بأنّ كلّ ما نقوم به جيّد و كلّ ما تقوم به الجماهير لا قيمة له ، فإنّنا سنقلب المواقع الخاصة بالجماهير وبالأفراد و ننزلق إلى مجرّد المثاليّة التاريخيّة . و بخصوص أعضاء و كوادر الحزب ، بغرض معاملة الجماهيرعلى نحو سليم ، عن إرادة ، عليهم أن يغدوا تلامذة الجماهير و أن يتعلّموا منها بتواضع و أن يظهروا أنفسهم أمامها كأناس كادحين بسطاء و أن يمدّوا عروقهم فى أوساطها . و على كوادر الحزب أن يستمرّوا فى المشاركة فى العمل المنتج الجماعي و أن يحافظوا أبدا على مميّزات الشعب الكادح و أن يجعلوا أنفسهم عناصرا من الجماهير.

للتعامل السليم مع الجماهير ، يجب أيضا أن نستعمل الماركسيّة- اللينينيّة - فكر ماو تسى تونغ لقيادتها . بالنسبة لأعضاء الحزب الشيوعي ، المحافظة على علاقات وثيقة بالجماهير يعنى التعلّم منها و يعنى كذلك نشر الماركسية – اللينينية - فكر ماوتسى تونغ فى صفوفها لغرض تسليحها و تنظيمها . و كطريقة التعاطى مع الجماهير من جهة ينبغى أن نواجه نظريّة "علم القيادة بكلّ شيء " و" تخلّف الجماهير " و ينبغى أن نلحق الهزيمة بالأسلوب السيئ للعمل البيروقراطي و الزعاماتى، و من جهة أخرى ، ينبغى أن نعارض خطّ " إذا أرادت الجماهير أن يكون الأمر كذلك فليكن ! " و أن نهزم التيّار الذيليّ الضار . إنّها الطريقة الوحيدة التى تمكّننا من تكريس الخطّ الثوريّ الصحيح للرئيس ماو و من أن ننجز عمل الحزب.

للمحافظة على علاقات وثيقة مع الجماهير، يتعيّن أن نمارس أسلوب العمل بتواضع و اليقظة و الصراع الشاق . فى كل ّ الأوقات ، يجب علينا ، نحن أعضاء الحزب الشيوعي ، أن نتنفّس ذات الهواء نحن و الجماهير و أن نتقاسم معها ذات المصير و لا يمكننا أن نبحث عن رفاهتنا و لذّاتنا و نحتقر الحياة الشاقّة بإستمرار. حتى إن حصلنا على ترقية لا ينبغى أن يغيب عن نظرنا أسلوب العمل بتواضع و يقظة و المحافظة على علاقات وثيقة مع الجماهير، حتّى إن تحصّلنا على ظروف حياة أفضل، لا ينبغى أن نتخلّى عن الصراع الشاق . فقط بهكذا طريقة نستطيع أن نعارض بفعاليّة إفساد الأفكار وطريقة الحياة البرجوازية و أن نعزل أنفسنا عن الجماهير كيما يحافظ حزبنا أبدا على علاقات مع الجماهير مثل علاقات السمك فى الماء بهدف إحراز إنتصارات أعظم حتّى فى الثورة و البناء. "
------------------------------------------------------------------------------------------------------------