البرنامج الثوري البرنامج الإصلاحي: أية علاقة؟ وأي أفق؟.....4


محمد الحنفي
2020 / 9 / 11 - 21:46     

وهكذا يتبين، من خلال سبل الالتزام بالبرنامج الثوري، والالتزام بالبرنامج الإصلاحي، أنه يوجد بون شاسع بين الحركة الثورية، والحركة الإصلاحية من جهة، وبين البرنامج الثوري، والبرنامج الإصلاحي من جهة ثانية، وبين الأهداف الثورية، والأهداف الإصلاحية من جهة ثالثة، وبين الغاية من ارتباط الحركة الثورية بالعمل الجماهيري، واتباط الحركة الإصلاحية بتطلعاتها الطبقية من جهة رابعة. وهو ما يعني ـ في نهاية المطاف ـ ذوبان الحركة الثورية، في صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، والحرص على نخبوية الحركة الإصلاحية، حتى لا تتعرض للذوبان في صفوف الجماهير الشعبية، لتناقض ذلك، مع سعيها إلى تتحقيق تطلعاتها الطبقية.

أهداف البرنامج الثوري:

وبالنسبة للأهداف التي يسعى البرنامج الثوري إلى تحقيقها، فإنها محكومة بطبيعة سبل الالتزام بالبرنامج الثوري، التي تسعى إلى الارتقاء بالإنسان، إلى ما عليه الإنسان في الدول المتقدمة، والمتطورة، والاشتراكية، والديمقراطية، والمتحررة. وهذا الطموح، هو الذي يعمل الحزب الثوري، من خلال أجرأة برنامجه الثوري، إلى تحقيقه. غير أن هذا الطموح، يصعب تحقيقه في بلد كالمغرب، إن لم يتم تفكيك الواقع فيه، تفكيكا علميا دقيقا، حتى يتبين ما يجب عمله، من أجل إدراك ما يمكن تغييره على المستوى القريب، وعلى المستوى المتوسط، وعلى الميتوى البعيد. وما هو غائب حتى الآن، وفي ظل هذه الشروط الي يعيشها الشعب المغربي: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، والتي تقتضي من المستهدفين بالتغيير، الوعي بالذات، وبالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وبالموقع من علاقات الإنتاج، وبفائض القيمة، وغير ذلك، مما يقتضي شروط التغيير، والوعي بها.

ولذلك، وجب على الحزب الثوري، أن يضع برنامجا خاصا، لجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يدركون أهمية، ومهمة الوعي ب:

1) خطورة انتشار، وتجذر الفكر الإقطاعي المتخلف: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا على الواقع، وعلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، نظرا لأهمية التضليل، الذي يمليه الفكر الإقطاعي، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مما يجعلهم ينخدعون بذلك الفكر، ولا يتعاطون مع الفكر المتقدم، والمتطور، في حدوده التنويرية، قبل أن يرتقي إلى مستواه العلمي المتطور، في اتجاه صيرورته اشتراكيا علميا؛ لأن امتلاك العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لوعيهم الحقيقي، الذي يجعلهم ينجزون وعيهم بدورهم التاريخي، ويقومون بهذا الدور، كما يجب، في تاريخه، وفي لحظته التاريخية، التي تقتضي القيام به، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتأتى لامتلاك الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعيهم الحقيقي، الذي يجعلهم يقبلون على الانخراط بالتنظيمات الجماهيرية المبدئية / المبادئية، من أجل المساهمة في النضال، من خلال التنظيمات الجماهيرية، من أجل التخفيف من حدة الاستغلال، عن طريق فرض الاستجابة للمطالب المطروحة.

2) خطورة انتشار الفكر الإقطاعي الجديد، الذي يلعب دوره، كذلك، في تضليل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين ينخدعون بمختلف الخطابات الرائجة، نظرا لطبيعة تكوينهم، أصلا، خاصة، وأن ثقافة الإقطاع الجديد، تحاول أن تؤلف بين الأصالة، والمعاصرة، في فكره، وفي ممارسته، حتى يبعد عنه صفة التخلف، التي تلتصق، أصلا، بالإقطاع المحافظ، الذي يتمسك بالأصالة، وينبذ المعاصرة؛ لأنه لا يستطيع أن يتعاطى معها: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا. والإقطاع الجديد، كالإقطاع القديم، من صناعة الاحتلال الأجنبي، قبل الاستقلال الشكلي، وبعده يستمر الحكم المخزني، في دعم، وفي صناعة الإقطاع الجديد، الذي يتم تمكينه من المنح، التي تساعده على إنجاز المشاريع الزراعية العصرية، ذات البعد التقليدي، والعصري، في نفس الوقت، حتى يصير في خدمة الدولة المغربية، ومن أجل العمل على جعل الإقطاعيين الجدد، يتصدرون المشاهد المختلفة: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

3) خطورة انتشار الفكر البورجوازي التابع، الذي يشكل ذيلا للفكر الاستعماري من جهة، لأنه لا يستطيع نكران الدور، الذي قام به الاحتلال الأجنبي، في صناعة بورجوازية هجينة، ومتخلفة، ولا تستطيع إلا أن تكون تابعة، حتى بعد الاستقلال الشكلي، الذي استمر فيه الحكم المخزني في المغرب، في صناعة هذه البورجوازية، التي صارت ترتبط ارتباطا عضويا، وجدليا، بالحكم، حتى تعتبر في عملية التشريع، والتنفيذ، الذي لا يكون إلا لصالح الطبقات المستغلة، على مستوى التشريع، وعلى مستوى التنفيذ، ولصالح الحكم، في نفس الوقت، لتصير الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في خبر كان، على مستوى الاستفادة، وتعميق هضم الحقوق.

4) خطورة انتشار الفكر الإقطاعي / البورجوازي المتخلف، الذي صار يسيطر في الأفق، لجمعه بين مرجعيات مختلفة، بما فيها المرجعية الدينية، والمرجعية الغربية، على المستوى العالمي، لكونه يختزل تجربة الشرق، وتجربة الغرب، على مستوى الفكر، وعلى مستوى الممارسة، وهذا التحالف، لا يعني اجتماع طبقتين: طبقة بورجوازية، وطبقة إقطاعية، ليتحالفا فيما بينهما؛ بل لأن الشروط الموضوعية، التي ساقت الإقطاع إلى الاشتغال على التجارة، أو الخدمات، أو الصناعة، أو ساقت البورجوازية المدينية، إلى الاشتغال على الزراعة، وتربية المواشي، ليلتقيا معا على نفس المصالح: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لتكون بذلك تحالفا طبقيا، بورجوازيا / إقطاعيا، أو إقطاعيا / بورجوازيا؛ لأنه تجمع بين أفراده نفس المصالح، ويسعى إلى تحقيق نفس الأهداف، ويسعى إلى العمل على تأليف التنظيمات الجماهيرية، والسياسية، التي تجمع بينها، بمرجعية الدين، والغرب الداعم، والمغذي للمصالح، ليجمع، بذلك، في بنيته، بين الأصالة، والمعاصرة.

5) خطورة انتشار الفكر البورجوازي الصغير، الذي لا يتجاوز، في أهدافه القريبة المدى، والمتوسطة المدى، والبعيدة المدى، تحقيق التطلعات الطبقية، خاصة، وأن فكر هذه الطبقة، فكر لقيط، لا أصل له، ولا فصل محكوم ب: (خذ من هنا، ومن هنا، وقل هذا لنا)، على أساس التوليف بين مختلف الأفكار، ومختلف الممارسات، ومختلف الأيديولوجيات، ومختلف المواقف السياسية، وحبكها بإتقان، وجعلها أفكارا، وممارسات، وأيديولوجيات، ومواقف سياسية، لأحزاب البورجوازية الصغرى، التي تظهر خلاف ما تخفي: تظهر ادعاء النضال من أجل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتخفي سعيها، عن طريق ذلك النضال، إلى تحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى، التي لا تكون واضحة في خطابها للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

ونحن عندما ندرس هذا الخطاب البورجوازي الصغير ونتمعن فيه، سنجد أنه يحمل من التضليل، أكثر مما يحمل من الوضوح، وهو ما يعني: أن البورجوازية الصغرى، ذات طبيعة حربائية. والحربائية لا تعني إلا التلون، حسب الشروط التي تختلف من زمن إلى زمن، ومن مكان إلى مكان، وفي ذلك التلون، عمق التضليل، الذي لا يدرك كنهه، وعمقه، إلا البورجوازية الصغرى. فهي ضد الإقطاع، وضد الإقطاع الجديد، وضد البورجوازية، وضد التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، ولكنها تخفي أنها كذلك ضد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وفي نفس الوقت، فإن البورجوازية الصغرى مع الإقطاع، ومع الإقطاع الجديد، ومع البورجوازية، ومع التحالف البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، ومن منطلق: أن البورجوازية الصغرى، تستفيد من هذه الطبقات، على المستوى الأيديولوجي، والسياسي، وعلى مستوى اعتبارها مطية لتحقيق التطلعات الطبقية. ويمكن أن تدعي البورجوازية الصغرى، في شروط معينة، أنها تقتنع بالاشتراكية العلمية، وأن أيديولوجيتها هي أيديولوجية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وأن مصلحتها هي مصلحة الكادحين، ولكن البورجوازية الصغرى، عندما تدعي ذلك، تخفي: أن هدفها من كل ذلك، هو وصولها إلى قيادة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى تمتلك القدرة على توظيف قيادتهم، في أفق المساومة مع الحكم، من أجل تحقيق التطلعات الطبقية، على ظهر الكادحين، وعلى حسابهم. وهو أمر يجب كشفه، والتصدي له، تنظيميا، وفكريا، وأيديولوجيا، وسياسيا، وصولا إلى اعتبار البورجوازية الصغرى، عدوة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وهو أمر، يجب توضيحه للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يكونوا على بينة منهم، وحتى يتتبعوا فكرهم، وممارستهم، مع مختلف الجهات.

6) خطورة الفكر المؤدلج للدين الإسلامي، الذي يعتبر، بسبب إنتاجه، مؤدلجو الدين الإسلامي، من أعدى أعداء الفكر الاشتراكي العلمي، ومن أكبر أعداء العقل النقدي / الفلسفي، ومن أكبر أعداء الفكر الفلسفي بصفة عامة، حتى يتأتى جعل الشباب، الذي يتفاعل مع أدلجة الدين الإسلامي، من منطلق: أن الأدلجة، فكر، وممارسة، وتحول في اتجاه اكتساب عداوة الإنسان المطلقة، من خلال اكتساب عداوة حقوق الإنسان، وعداوة الديمقراطية، فكرا، وممارسة، وعداوة التحرر، والاشتراكية.

فالإنسان في نظر مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين يجب أن يوصفوا بالظلاميين، نظرا لنكرانهم لشيء اسمه التنوير، الذي يجعل العقول تنفتح على الواقع، في تجلياته المختلفة، ولا يقولون، أبدا، بوجود الإنسان، والإنسان المنعدم، في نظرهم، هو العبد المجبول على الخضوع المطلق، إلى الله المعبود، الذين، يعتبرون أنفسهم، ينوبون عنه في الأرض، ليصبح الخضوع لهم، وعبادتهم، جزءا لا ييتجزأ من عبادة الله، والخضوع المطلق لهم، وله. وما هم عليه، وما يفرضونه في صفوف أتباعهم، يتناقض مع ما جاء في القرءان، وما جاء في القرءان، يوحي بأن الإنسان، يختار من بين المعتقدات، ما يشاء، كما يختار ما بين الاعتقاد بمعتقد ما، وعدمه.

ولذلك، اعتبرنا أن الفكر المؤدلج للدين الإسلامي، من أعدى أعداء الإنسان، والعقل، والفكر العلمي، والعقل النقدي، والديمقراطية، والتحرر، والاشتراكية.

ويعتقد مؤدلجو الدين الإسلامي، أن لا شيء يعدلهم في هذا الكون. فهم الذين يقررون، في هذه الحياة، من يذهب إلى الجنة، ومن يذهب إلى النار، ومن يستمر في الحياة، ومن يجب مصادرة حقه في الحياة، ومن يحسب من أهل الجنة. وهم (من يمتلك مفاتيح الجنة).

وهذا الاعتقاد عند مؤدلجي الدين الإسلامي، هو الذي يعتمدونه في تجييش الأتباع، الذين يتكاثرون، بلا عد، ولا عدد محدد. الأمر الذي يقتضي تشكيل جبهة فكرية / معتقدية دينية، عقلية، إنسانية، فلسفية، ضدهم، من أجل كسر شوكتهم، واعتبارهم مجرد فقاعات العصر، التي يجب أن ينتهي مفعولها، ويبقى الدين الإسلامي فيه، من اختيار الإنسان، دون توظيفه أيديولوجيا، وسياسيا، ليصير كالمعتقدات الأخرى، ومتى يختار الناس الإيمان بها، ليصيروا ممارسين للطقوس المعبرة عن تلك المعتقدات.

والحزب الثوري، عندما يضع برنامجه الذي يوضح، بما فيه الكفاية، خطورة ما تمت الإشارة إليه، فيما يتعلق بخطورة انتشار، وتجذر الفكر الإقطاعي المتخلف، وخطورة انتشار الفكر الإقطاعي الجديد، والمتخلف بدوره، وخطورة الفكر البورجوازي التابع، وخطورة انتشار الفكر البورجوازي / الإقطاعي المتخلف، وخطورة انتشار الفكر البورجوازي الصغير، بالإضافة إلى خطورة الفكر الظلامي، المؤدلج للدين الإسلامين حتى يستطيع البرنامج الثوري أن يؤدي دوره، كما يجب، تجاه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين ينتظر منهم أن يتخلصوا من هذه الأشكال، من الفكر، التي تشدهم إلى التخلف، وتحول بينهم، وبين التحريرن والديمقراطية، والاشتراكية.

أما الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها البرنامج الثوري، فتتمثل في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، التي تعتبر، بفعل تحقيقها، انتقالا من واقع، إلى واقع مختلف.

فالتحرير، يقتضي تحرير الإنسان، والأرض: تحرير الإنسان من العبودية، ومن كل تبعاتها، وبكل أشكالها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن الاستبداد، بكل تبعاته، وسواء كانت طبيعته اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية، ومن الاستغلال، مهما كانت طبيعته، التي تجعله سائدا في مجتمع معين، سواء كان استغلالا اقتصاديا، أو اجتماعيا، أو ثقافيا، أو سياسيا، نظرا لدوره في إنهاك العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، مهما كانت الشروط التي يعملون فيها، أو يقدمون الخدمات في إطارها، أو يكدحون في خضمها، ما لم يتحرروا من الاستغلال.

وتحرير الأرض من الاحتلال الأجنبي المباشر، وغير المباشر، وفي إطار التبعية، أو من فسح المجال أمام الأجانب، من أجل امتلاك الأرض، ليصيروا من أصحاب الأرض. ذلك أن الأرض مغربية، ويجب أن تبقى مغربية، قولا، وعملا.

والديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تختلف جملة، وتفصيلا، عن ديمقراطية الواجهة. فالديمقراطية، بالمضامين المذكورة، في حالة تحققها، تساعد، كثيرا، في تحقيق التحرير، أو دعم تحقيقه، على الأقل، كما تساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يمهد الطريق، أمام تحقق الاشتراكية، التي هي الهدف الأسمى، لتجاوز كل الوضعيات، التي يعاني منها الإنسان، في واقعه، في مختلف العصور، والتي عاشها، سواء تعلق الأمر بالتشكيلة العبودية، أو التشكيلة الإقطاعية، وحتى في التشكيلة الرأسمالية، التي تبرهن، باستمرار، على أنها لا تختلف عن التشكيلات السابقة، في التنكيل بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

أما ديمقراطية الواجهة، فلا تتجاوز أن تكون مجرد انتخابات غير حرة، وغير نزيهة، وغالبا ما تكون فاسدة إداريا، وسياسيا، ولا وجود لشيء فيها اسمه الديمقراطية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. بالإضافة إلى كونها مجالا لإعادة إنتاج الاستبداد، بكل مظاهره المشينة.

أما الاشتراكية، فهي استجابة لطموحات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والشعب المغربي، الذي لا يمكن أن تتحقق العدالة الاجتماعية لجميع أفراده، إلا بالتحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، ولا تتحقق، أبدا، في ظل النظام العبودي، أو في ظل النظام الإقطاعي، أو في ظل النظام الرأسمالي.

فالأنظمة السابقة، على النظام الاشتراكي، هي أنظمة، لا يشعر فيها الإنسان بالتحرير أبدا، كما لا يشعر بالديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بقدر ما يتعرض للاستغلال العبودي، أو الإقطاعي، أو الرأسمالي الهمجي.

والنظام الوحيد الذي تتحقق فيه إنسانية الإنسان، بكل أبعادها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، هو النظام التحرري، الديمقراطي، الاشتراكي.

ولذلك فالاشتراكية، التي تتداخل مع التحرر، والديمقراطية، هي الإطار المناسب، الذي يعد الإنسان، كإنسان، له نفس الحقوق، وعليه نفس الواجبات، وبدون استثناء، وطيلة تحمله لمسؤولية العمل، على أن تتحقق المدة، التي يصبح فيها مؤهلا، للتمتع بكافة الحقوق، بعد أن استوفى واجب العطاء، بدون حدود، أثناء مدة العمل الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

أما الغاية من وراء تحقيق أهداف البرنامج الاشتراكي الثوري، هي جعل العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، هي السائدة في المجتمع، وقطع كل الطرق التي تقود إلى اللا عدالة، في مختلف المجالات، وفي مختلف القطاعات، حتى تصير اللا عدالة في ذمة التاريخ، الذي لا يتكرر أبدا، ويصير التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، حسب المفهوم الاشتراكي العلمي، هي السبب، وهي النتيجة، في وجود واقع جديد، منتج للتحرر، والديمقراطية، والاشتراكية، في أفق التحول إلى التشكيلة الشيوعية، التي هي الهدف الأسمى للإنسانية، من منطلق انتفاء السلطة، وحكم الشعب نفسه بنفسه.