سؤال في مقهى بلميرا: لماذا لم يتوحد اليسار التونسي المتحزب المعاصر؟


محمد كشكار
2020 / 9 / 4 - 11:06     

جواب في مقهى بلسان فيلسوف حمام الشط وصياغة مواطن العالَم:
أكثر المحللين يرون أن العائق الأكبر للوحدة يتجسم في حب "الزعاماتية" لدى الأمناء العامين للأحزاب اليسارية، أما أنا فأرى أن العائق الحقيقي أعمق من ذلك بكثير ويتمثل في اختلاف البرامج والأهداف بين يسار راديكالي و يسار ليبرالي:
1. اليسار الراديكالي المتكون من حزب العمال، حزب الموحد، حزب الوطد الثوري، أحزاب ماركسية تطمح استراتيجيا إلى إقامة دولة اشتراكية على المنوال اللينيني-الستاليني، لكنها تكتيكيا تتعامل مع الواقع بِـخطابٍ مُزْدَوَجٍ وبديل جاهز.
2. اليسار الليبرالي المتكون من حزب العمل الوطني الديمقراطي، حزب المسار، حزب التكتل (اشتراكي ديمقراطي)، حزب الجمهوري (يسار وسط)، أحزاب يسارية تطمح استراتيجيا إلى إقامة دولة ديمقراطية (قطاع عام+قطاع خاص) على المنوال الاشتراكي الفرنسي أو الألماني أو الأسكندنافي وتتعامل مع الواقع بشفافية تامة دون خطاب مُزْدَوَجٍ ودون بديلٍ جاهزٍ.

مواطن العالَم: أضيفُ إلى ما سبق تيارًا يساريًّا ثالثًا غير موجود في تونس وموجود بقلة في فرنسا وأبرز مفكريه الفيلسوف ميشيل أونفري الذي يعرّف نفسه كالآتي: يساري غير ماركسي، غير ليبرالي (Anti-libéral, Anti-capitaliste, Anti-impérialiste, Anti-Mitterrand, Anti-Macron, Anti-Mélenchon, Anti-Le Pen )، فوضوي تحرّري (ni Dieu ni Maître, Libertaire, Anarchiste Proudhonien)، يؤمن بالنظام (L`ordre est le but suprême de l`anarchie) والتسيير الذاتي (Auto-gestion) والتعاضد والتضامن والدولة الفدرالية (Solidarité, coopératisme à but social non lucratif, fédéralisme )، يَقبلُ باقتصاد السوق في خدمة المجتمع ويرفضُ سيطرة السوق على المجتمع.

إمضائي:
يطلب الداعية السياسي أو الفكري من قرائه أن يصدقوه ويثقوا في خطابه أما أنا واقتداء بالمنهج العلمي فأرجو من قرائي الشك في كل ما أطرح من إشكاليات وأنتظر منهم النقدَ المفيدَ.
لا أقصد فرض رأيي عليكم بالأمثلة والبراهين بل أدعوكم بكل تواضع إلى تجريب وجهة نظر أخرى وعلى كل مقال يصدر عَنِّي قد يبدو لكم ناقصا أو سيئا نرد بمقال كامل أو جيد، لا بالعنف اللفظي.
"وإذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران)