التضاد المطلق بين القضية الريفية ومشكل الصحراء المصطنع


كوسلا ابشن
2020 / 8 / 31 - 20:42     

الملاحظ أن مؤدلج العروبة لا ينظر الى قضية الريف إلا من خلال بنيته الفكرية العرقية المعادية لما هو تحرري في السيكولوجية الريفية, ومن منطلق هذه العداوة تتشكل لدى مؤدلج العروبة مفاهيمه الهجومية مثل الانفصال ومعاداة الوحدة "الوطنية" وخليط من المفاهيم الغير المفهومة لديه, أما مشكل الصحراء رغم توجه البوليساريو الانفصالي المعادي لوحدة المروك, فينظر الى المنظمة الانفصالية العروبية العرقية من الزاوية الحقوقية, ولا ينظر الى بوليساريو بأنها حركة إنفصالية أو حركة شوفينية, بل حركة تحررية, والسبب الرئيسي في العداء للريف والتسامح مع البوليساريو, يتجلى في البنية العرقية المعادية لما هو ريفي و امازيغي, والتسامح مع العرق العروبي (البوليساريو), حتى و إن كان إنفصاليا فهو مبرر , وإن كانت التبريرات واهية و مضحكة ( المسألة على طاولة الامم المتحدة).
التيار الشوفيني العروبي في شمال افريقيا عموما و المروك خصوصا لم يستطيع التحرر حتى الان من البنية العرقية الموجهة لأفكاره, رغم القفزة النوعية الحاصلة في حقوق الانسان و حقوقات الشعوب الاصلية على المستوى العالمي, و بسبب التحجر والانغلاق والعرقية لم تأثر الثقافة الحقوقية المدنية على البنية العرقية العروبية لتفكيك مركزيتها التاريخية (أحسن أمة أخرجت للناس), فحتى العامة من الناس المتأثرين بالثقافة السطحية, تنطلق من هذه الخرافة في التعامل مع الآخرين من غير العرب.
عدالة القضية الريفية التحررية:
منطقة الريف في الزمن التاريخي منذ الاحتلال الروماني وهو يتمتع بالحكم الذاتي للقبائل الريفية, وعرفت المنطقة بالجدار التصدي للهجمات الاستعمارية والمقاومة الباسلة للريفيين في مواجهة الاحتلال بكل أنواعه وكل على حدة في زمانه التاريخي, التصدي النوعي كان الفعل الفاعل في حفاظ المنطقة على استقلاليتها الذاتية وتركيبتها السسيو- ثقافية.
الانتصارات العظيمة للريفيين وخصوصا ضد الإحتلال الأعرابي توج بالإعلان عن الدولة المستقلة (إمارة ناكور) سنة 710 م. إستمرت إستقلالية الإمارة, الى أن إنهارت بضربات الدولة المورابطية الامازيغية سنة 1094م. نزعة الاستقلالية السياسية لدى أمازيغ الريف تتمثل في سيكولوجية التحرر وعقيدة الحرية والإمتناع للإمتثال لقوانين الاجنبي, هذا ما تأكد مرة آخرى بإعلان إمراة إعرصن بين (1636-1666), التي لم تعمر كثيرا بسبب الحملة العسكرية الوحشية الاستعمارية للتحالف الرباعي (بريطانيا و فرنسا وإسبانيا وبيدقه العروبي أل علوي). سيكولوجية التحرر حفزت دائما أهل الريف للكفاح ضد الوجود الأجنبي والاستقلال السياسي, الفعل الذي تحقق بطلوع فجر جمهورية الريف بمؤسساتها الحداثية سنة 1921, الحدث الذي زعزع أركان الانظمة الاستعمارية في العالم, وإجتمعت كل القوى الامبريالية العالمية للقضاء على وجودها بكل الاساليب الوحشية وبأسلحة جديدية ( السلاح الكيماوي) جربت لأول مرة في الريف, لإبادة الريفيين و تمكنت الإمبريالية العالمية و بيادقها في الداخل في القضاء على جمهورية الريف سنة 1926 بإستسلام رئيس الجمهورية ع.الكريم الخطابي و نفي أعضاء حكومته وإبادة جيشه و شعبه. سيكولوجية التحرر أعلنت عن حياتها الابدية بإنتفاضة الريف 1958-1959 التي قمعت بشكل وحشي مأساوي بإنتهاك أبسط حقوق الانسان, تدمير الاحياء, إستهدف كل شيئ حي,إستهدفت حتى الاجنة ببقر بطون النساء الحوامل.
الريف الذي يهاجمه العرقيون, هو الريف الحر الذي دافع ويدافع عن حريته وإستقلاليته عبر الزمن التاريخي الذي رسمه الريفيون بدمائهم ومعاناتهم ومأسيهم وأفراحهم وإنتصاراتهم وحريتهم الابدية. هذا هو الريف الذي يقدم الشهداء و المعتقلين ويواجه بالقمع البوليسي والملاحقات في كل محطاته النضالية, و الريف هو المنطقة الأكثر تعرضا للتمييز العنصري والتهميش الاقتصادي والاجتماعي والإقصاء الثقافي والاستبداد السياسي.
الظروف المأساوية والقهرية و المؤامرات الخيانية, التي عرفها تاريخ الريف, مهدها النظام اللقيط بالمؤامرة على إسقاط إمارة إعرصن (1666), و طريق المؤامرات معبد بدماء الامازيغ وخيانة المخزن العروبي الذي إعترف في إلاتفاقية المبرمة بينه وإسابانيا سنة1860 بإسبانية مليلية وسبته و الجزر المحتلة في المتوسط, بالإضافة الى بند التعاون العسكري في الحرب على الريف وتمكين إسبانيا من التوغل داخل أراضي الريف,النظام آل العلوي كان يدرك أنه سلطة استعمارية, ولا يهمه وحدة المروك ولا التخلي عم جزء من أرضه, وتنفيذا لهذه الاتفاقية شن المخزن العروبي عدة حملات تطهير عرقي من بينها الحملة الوحشية لبوشتى البغدادي سنة (1898), كانت الحملة المشتركة المخزنية الاسبانية والفرنسية أكثر مأساوية في تاريخ الريف المعاصر بإستخدام السلاح الكيماوي (الحرب الريفية 1923-1926). محطات المؤامرات و الحروب ضد الريف هي عديدة ووحشية راح ضحيتها آلاف من أمازيغ الريف من 1958 الى 2016 والتاريخ سيشهد في المستقبل عن الكثير من المحطات الإبادية والمأساوية والكفاحية ولا يتوقف التاريخ النضالي الريفي الا في محطة التحرر والاستقلالية الذاتية.
ما ذكر عن الريف عبر التاريخ من الاستقلالية والكفاح والمأساة الانسانية, شكل الشرعية الطبيعية والتاريخية والسياسية لترسيخ مشروعية النضال التحرري والاستقلالية الذاتية. فشل مشروع جمهورية الريف لأنه آتى في زمن أسبق من زمان التحرر الوطني-القومي, آتى مشروع الجمهوري في أعز الحملات الاستعمارية وهيمنة القوة العسكرية لهذه الانظمة وتحالفها وتعاونها المهيكل داخل إطارها المنظم (عصبة الأمم), في جو تقسيم "العالم الثالث" بين القوى الاستعمارية في العالم, لم تكن أية قوة مستعدة للإعتراف بجمهورية الريف أو تبني دولة مستقلة عن قوة إستعمارية, وعضو في المحفل الاستعماري (عصبة الامم), فشل مشروع الجمهورية, لكن مشروع الاستقلالية هو حالة سيكولوجية وشرعنة طبيعية وشرعية تاريخية, قد يخمد المشروع في فترة تاريخية وينفجر في زمن تاريخي آتي , إرادة الشعوب لن تفهر.
الاستقلالية الذاتية عند الريفيين لا تعني الانفصال الجغرافي, فالريف جزء من المروك الامازيغي وجزء من تامازغا (أرض الامازيغ), في كل تاريخية الاستقلالية الذاتية كان الريف مرتبط بالجغرافية المروكية, الانفصال الذي حدث هو الانفصال السياسي, عدم التبعية للأنظمة الاستعمارية, وهو نفس الموقف السائد في الريف حتى الآن تبني مشروع الانفصال السياسي عن النظام الكولونيالي العروبي, والانفصال السياسي في المرحلة النضالية هي حالة ضرورية وتاريخية في مشروع استقلال الأمة الامازيغية عن الكولونيالية العروبية.
الإستقلالية الذاتية من حيث المبدأ حل وسطي في فترة من المراحل التاريخ للحفاظ على الوجود والإستمرارية وتجاوز مراحل النكسات التاريخية, وإحقاق الحق بالممارسة الطبيعية في تسيير الشؤون الداخلية للريف بعقول ريفية لإمكانية تنمية المنطقة و ترسيخ الإرث الحضاري والثقافي واللغوي للمنطقة, وهذا الشكل من الاستقلالية لا يتعارض مع قرارات الهيئات الاممية ومن بينها قرار الجمعية العامة في سبتمبر 2007 ( اعلان الامم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الاصلية ), المادة 4 " للشعوب الاصلية الحق في ممارسة حقها في تقرير المصير , الحق في الاستقلال الذاتي او الحكم الذاتي في المسائل المتصلة بشؤونها الداخلية والمحلية ".
خصوصية الريف التاريخية والثقافية وعلاقة التضاد التاريخي مع الاستعمار الاستطاني حافزان للمطالبة ليس بالحكم الذاتي فحسب بل اكثر من ذلك المطالبة بالاستقلال التام في الظروف القهرية للمرحلة الراهنة من السيطرة المطلقة للنظام الاستطاني الشوفيني , والحالة الريفية لا تتعارض لا مع الحق الطبيعي في حرية الشعوب في تقرير مصيرها ولا تتعارض الحق التاريخي ( نكور , اعراصن وجمهورية الريف ) ولا تتعارض كذلك مع القوانين الوضعية الاممية في التحرر من الاستعمار كيفما كان شكله وعرقه ودينه.
التاريخ يشهد أن الريف لم تكن منطقة تابعة للسلطة العلوية طيلة السيطرة السلطانية العروبية, ولم يعترف الريفيون بالسلطة العلوية الأجنبية ولهذا إمتنعوا عن إداء الضرائب للمخزن العلوي و خاضوا حروبا دفاعا عن أراضي الريف وإستقلاليتها, ولم يتسنى للنظام العروبي السيطرة على الريف والقضاء على إستقلاليته الا بفضل التدخل العسكري الفرنكو-إسباني و لم يخضع الريف للكولونيالية بعد المجزرة الوحشية (1958-1959).
خلافا لمشكل الصحراء المصطنع فالريف تاريخيا كان منطقة ذي سيادة سقط تحت الاحتلال و تعرض للاضطهاد السوسيو- اقتصادي والثقافي والسياسي و اللغوي وللتمييز العرقي وللقمع الممنهج , فحالة الريف من حيث المبدأ القانوني تشمله القرارات الدولية الداعية للتحررمن الاستعمار والمطالبة بالاستقلالية لضمان استمرارية كيانه الاثنو- ثقافي واللغوي وضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, كما سبق وان أقرت الجمعية العمومية للامم المتحدة استقلالية دول وشعوب, أنظلاقا من نفس المبدأ.
مشروع الاستقلالية ينبع من الذات الامازيغية ولا يرى النور الا بقوة النضال الريفي الامازيغي الفكري و السياسي والميداني و التحرك حسب الظروف الموضوعية والذاتية المناسبة, ونستبعد أي دور للمجتمع الدولي الرسمي في تحقيق هذا المشروع الطبيعي والقانوني, بكون هذا المجتمع الرسمي (الامبريالي) لا يسمح للمشاريع الامازيغية الاستقلالية المتحررة من التبعية للامبريالية وللاستعمار, بكون العروبة الاستعمارية العنصر الوحيد القادر على تنفيذ أجندة و مخططات الامبريالية في منطقة شمال إفريقيا وفي منطقة الصحراء والساحل.
خلافا للقضية الريفية فإن مشكل الصحراء المصطنع في مصنع المخابرات الاسبانية والذي تبنته البعثية العرقية لتمزيق الارض الامازيغية بخلق كيان عروبي جديدة ليضاف الى عدد الكيانات المصطنعة, إلا أن رغم عددها فهي بلا حولة ولا قوة, لا تملك أي وزن إقليمي أو دولي ( التخلف لا يصنع القوة).
مشكل الصحراء طرح على طاولة البحث في اروقة الامم المتحدة, بمبادرة الدولة الاستعمارية اسبانيا 1966, الموقف الاسباني الاستعماري من تقرير مصير الصحراويين اعتمد على تصور خلق كيان اصطناعي كرتوني يسيره المركز الاستعماري من مدريد وتتحكم الشركات الاسبانية في ثرواته الطبيعية الهائلة, الا ان الفشل كان حليف المشروع الفرنكوي وهو طبيعي.
ما لم تستطيع الدولة الاستعمارية الاسبانية تحقيقه, فتح الباب على مصرعيه للسلطة العروبية الناصرية في الجزائر, المهووسة بمرض الزعامة و القيادة, والطامحة لقيادة المشروع العروبي في شمال افريقيا, لاثبات الذات القيادية الزعامية من جهة ومن جهة اخرى البحث عن موقع جيو- استراتيجية قريب لمواقعها النفطية, بألإضافة الى فكرة الانتقام من حرب الرمال1963, دفعها لتبني فكرة خلق كيان عروبي جديد تبعي ضعيف يلبي مطامحها واطماعها. وعلى الصعيد الافريقي, فأموال الشعب الجزائري ودبلوماسية السلطة النشيطة استطاعتا شراء ذمم بعض ( القادة ) الافارقة الجاهلين كل الجهل لمشكل الصحراء. وادى التأثير على قرارات منظمة الوحدة الافريقية بالاعتراف بالعضوية الكاملة للكيان الوهمي في المنظمة اثناء المؤتمر 20 المنعقد في اديس ابابا سنة 1984, وعلى الصعيد العالمي ادى صراع الاستقطابات الى انحياز بعض الدول لاطروحة الجزائر " الثورة" المحسوبة على الدول "التقدمية " الداعمة" للقضايا العادلة للشعوب, ضد مطامح السلطة المروكية الرجعية المعادية للشعوب وخصوصا أنذاك التدخل العلوي في الصراع في زيير, هذا الانحياز الايديولوجي والصراع المصلحي سيؤثر على موقف الامم المتحدة الصادر في 1975, القاضي لتقسيم الصحراء بين المروك و موريتانيا, هذه الاسباب عمقت من مشكل الصحراء واطالة امده.
اوهام الشعب الصحراوي واحقية تقرير المصير والانفصال, صناعة استعمارية خطط لها الإسبان وتبنته البعثية العرقية, لزيادة في عدد الانظمة العروبية العرقية.
مشكل الصحراء يتحمل آل العلوي مسؤوليته, فالنظام الكولونيالي آل علوي لم يهتم أثناء مفاوضات إنسحاب دول الحماية من المروك بمساحة البلد ولا بالحدود التاريخية للمروك, همه الوحيد كان الاعتراف له بأرض يحكمه, وبهذا أتت إتفاقية مدريد سنة 1956 لصالح دولة الحماية وبرضى آل العلوي وحلفاءه من الكتلة اللاوطنية العرقية بزعامة علال الفاشي و المهدي بن بركة.
احتلت اسبانيا الصحراء الامازيغية 1884 وضمتها الى ادارتها الترابية وقوانينها 1958 بعد خيانة المخزن العربي بتوقيعه معاهدة مدريد 1956 التي كشفت عن التنازل و التخلي عن اجزاء من راضي المروك لصالح اسبانيا ومنها الصحراء, ما شجع الاسبان عن ضم إدارتها الترابية وقواننها 1958, سنتين بعد إتفاقية مدريد, وأكثر من ذلك قام آل علوي والكتلة اللاوطنية بتصفية جيش التحرير في الجنوب الذي كان يقاتل في الصحراء, وذلك مقابل اعتراف اسبانيا بالنظام الاستطاني العروبي في ارض ايمازيغن.
النظام الاستطاني العروبي في المروك هو المسؤول الاول عن بقايا الثغور المحتلة من طرف الاسبان , وكذا استمرار ملف مشكل الصحراء المصطنع من دون حل , فالنظام الكولونيالي اللاوطني لا تهمه وحدة الوطن ولا القضايا الوطنية ولا قضايا الشعب الاساسية , فهو يتفاعل مع الاحداث من موقع المصالح الاقتصادية للفئة الكولونيالية المسيطرة , فهو لم يطالب باسترجاع مناطق الجنوب الشرقي التي ضمتها فرنسا بعد هزيمة ايسلي الى مستعمرتها ( الجزائر ), ولم تطالب باسترجاع الصحراء حتى بادرت اسبانيا بتقديم مشروع الاستفتاء حول تقرير مصير الصحراء, حتى تيقنت من قبضتها الحديدية على ما هو تحت رحمتها بعدها, وتخلي إسبانيا عن الصحراء, أنذاك قررت إحالت ملف الصحراء لمحكمة العدل الدولية و التي اصدرت استشارة في يونيو 1975 تعترف بان الصحراء لم تكن ارض بلا سيادة , بل كانت لها علاقات تاريخية وروابط ثقافية بين المروك من جهة وموريتانيا من جهة ثانية , الاستنتاجات التي اودت الى توقيع اتفاقية مدريد 1975 , وهذا ما لم تكن الجزائر تراهن عليه, جزائر التأمر ونكران الجميل التي بقيت حتى 1974لم تهتم بمشكل الصحراء ولا بوجود ( شعب صحراوي ) ولم تراهن على البوليساريو في بدايته, واكثر من ذلك اعلن الرئيس الجزائري انذاك البربري بوخروبة محمد (هواري بومدين ) خلال مؤتمر العرقي (القمة الجامعة العربية ) سنة 1974 قال: " ان القضية تهم من الان فصاعدا موريتانيا والمغرب , اقول انني متفق ولا ارى اي اشكال " ويضيف " أود ان يفهم اخواني جلالة الملك والرئيس الموريتاني نوايا الجزائر وبصفة نهائية, اننا نساند المغرب وموريتانيا من اجل تحرير كل جزء من الارض, ليس فقط الصحراء الغربية او الصحراء المحتلة من طرف اسبانيا بل ايضا سبتة ومليلية وكل الجزر التي لا تزال تحت السيطرة الاسبانية ", هذا الموقف النفاقي والتضليلي لحكام الجزائر , رفع عنه اللثام انسحاب اسبانيا من الصحراء و إطلاق المفاوضات المباشرة بين الرباط ومدريد من جهة ومدريد ونواكشوط من جهة ثانية وخصوصا بعد اصدار تقرير محكمة العدل الدولية سنة 1975 يقر بالترابط الثقافي والتاريخي بين الصحراء من جهة والماروك وموريتانيا من جهة ثانية ( ثبوت الانتماء الواحد للمنطقة) ودخول الجيشين اراضي الصحراء المروكي من الشمال في 11 ديسمبر1976 والموريتاني من الجنوب في 20 ديسمبر من نفس السنة , ليتغير الموقف الجزائري رأسا على عقب من الموقف المساند الى الموقف المعادي وليكتشف القادة في الجزائر لوجود ( الشعب الصحراوي ) وممثله البوليساريو , وخلق كيان من اللاشيْ سمي ب " الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية " خلق كيان مصطنع عرقي عروبي في ارض ايمازيغن لازدياد عدد الدويلات الى رقم 6 , هكذا اعلنت الجزائر الحرب العسكرية والدبلوماسية ضد ارادة الشعب المروكي في وحدة اراضيه , ونيابة عن البوليساريو سيتواجه الجند الجزائري والمروكي في امغالا 26 يناير 1976 . تبنت الجزائر مشكل الصحراء و دعم الجماعة الارتزاقية البوليساريو صنيعة ليبيا التي احتضنت مصطفى الوالي ودعمته لتأسيس البوليساريو سنة 1973, واقحامها في حروب العصابات بتمويل مالي ليبي وتسليح جزائري , ليتفرغ حكام الجزائر لحملة ديبلوماسية نشيطة تصرف عليها ملايين الدولارات من اموال الشعب الجزائري الرازخ في غياهب الفقر المدقع . اموال الجزائر ودبلوماسيتها النشيطة استطاعتا شراء ذمم بعض ( القادة ) الافارقة الجاهلين كل الجهل لمشكل الصحراء , والتأثير على قرارات منظمة الوحدة الافريقية , توجت بالاعتراف بالعضوية الكاملة للكيان الوهمي في المنظمة اثناء المؤتمر 20 المنعقد في اديس ابابا سنة 1984 وعلى الصعيد الدولي ستنحاز بعض الدول لاطروحة الجزائر " الاشتراكية ", المحسوبة على الدول الداعمة للقضايا العادلة للشعوب.
الصراع حول الصحراء بين سلطات في الجزائر وفي المروك وكذا الدوائر المخفية يظهر جليا اهمية العامل الاقتصادي والايديولوجي في النزاع المصطنع , فالسلطة في المروك اللاوطنية واللاشعبية , لم تهتم طيلة استحواذها على الحكم بوحدة البلاد ولا بقضايا الشعب , فلم يكن البلد والشعب في قاموسها إلا أداة للاستغلال والنهب والاستبداد , ونفس السلطة من تنازلت للاستعمار على اجزاء من البلد , ولم تفكر ابدا في استكمال الوحدة الترابية واسترجاع ما تبقى من الاراضي المحتلة ولم يكن همها سوى البطش بالشعب ونهب ثرواته , ولم تنظرالى الصحراء الا بصفتها غنيمة اضافية لخزينة ال علوي وبيادقه, مما جعلها تعيد نفس السياسة المنتهجة في التفرد في القرارات المصيرية وتهميش اصحاب القضية الرئيسيين المواطنين الصحراويين واعتمدت على سياسة استمالة الشيوخ بشراء ولائهم, كما فشلت السلطة اللقيطة على الصعيد الدولي في إقناع الدول بالإعراف بصحرائية المروك, بسبب السياسة اللاوطنية للسلطة الكولونيالية في المروك و مواقفها الغير المشرفة من قضايا دولية ومساندتها للقوى الرجعية والامبريالية, هذا ما خدم حملة الجزائر الدبلوماسية ( المتحدث الرسمي باسم جبهة البوليساريو ) على الصعيد الدولي في الحصول على اعتراف عشرات الدول ومنها اعتراف منظمة الوحدة الافريقية ( الاتحاد الافريقي ) بالكيان الورقي, وأطال ملف الصحراء في أروقة الامم المتحدة.
ملف الصحراء تتكلف به القوى العروبية العرقية وحلفاءها سواء من بائعي الاسلحة أو من المقتاتين من مساعدات الجزائرية, أما قضية الريف العادلة فهي في أيدي الريفيين في نضالاتهم الميدانية والسياسية والفكرية, لا ترعيها, لا الامبريالية العالمية ولا الصهيونية و لا الاستعمار ( كلهم أسياد العروبة وداعميها) وأعداء للقضية التحررية الامازيغية.
القضية الريفية, قضية شعبية, تحررية, تقدمية, معادية للاستعمار وللامبريالية, خلافا لمشكل الصحراء التآمري والرجعي والعرقي في خدمة الاجندة الاستعمارية في المنطقة.