المتثاقفون وأحكامهم المسبقة عند ناصية - ثورة التجديد الشعري- مع الشاعر والصحفي مكي النزال - الحلقة العاشرة من – لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا- في بؤرة ضوء


فاطمة الفلاحي
2020 / 8 / 31 - 19:59     

17.هل صدمك يومًا بمن لديهم أحكام مسبقة- المتثاقفون- وعلاقتهم بالنقد والأدب والكتابة والفكر آيلة للحقد ،ودخل ليناكفك من باب الشقاق والنفاق وإيغال المواجع؟

يجيبنا الشاعر النزال:

لنكون واضحين نقول: إن هنالك مزيفين ومزورين للإبداع يحسبهم الجاهل مبدعين وهؤلاء يتربصون بكل ذي موهبة لكي ينتقصوا منه ويقصروا من قامته لأنهم يعرفون قيمتهم الحقيقية (الصِّفريَّة) ويريدون تعويض النقص فيهم بالانتقاص من الآخرين. بعضهم يرتدي عباءة الناقد ليضفي على نفسه ما يمكِّنه من رقاب الأعمال الرائعة فيفتش عن خطأ هنا وهنة هناك وفي يده سوط يجلد به ظهور المبدعين بانتشاء غريب! هؤلاء أصبُّ عليهم جام غضبي انتصارًا لمن ظلموهم قبلي، فأفنِّد حججهم الواهية وأدحض أقوالهم الكاذبة وأهدم صروحهم التي شادوا من رمال جافة بائسة. نعم، جرَّب بعضهم حظَّه وناله مني ما جعله يتمنى لو صمتَ وصمتُّ، فأنا بفضل الله قويّ الحجّة ثابت الموقف لا أجامل في الحق ولا أتردد في نصرة المظلوم سيما إن كان شابًّا لم يبْنِ أسواره بعد. ولقد انتصرت للعديد من المبدعين بظهر الغيب حتى جعلت من هاجموهم يقولون: لماذا تقف مع (الصغار) وأجبتهم: أنتم الصغار بسوء أفعالكم وكان أحرى بكم أن تشجعوا هؤلاء وتمدونهم بما يرقى بإبداعاتهم، ولكن كيف تمدونهم بخير لا تملكونه؟


(انضح بما فيك)، هذا أنتَ تنكشفُ = ودون قصدٍ بما أسلفت تعترفُ
تمزقت عنك أستارٌ وأقنعةٌ = وبتّ من آسنٍ تدنو وتغترفُ
عرّيتَ نفسكَ إذ أوغلتَ في كذبٍ = لم تُبقِ ريحكَ زيفًا كنت تلتحفُ
أهذرْ ولا تُخفِ مما فيك غائلةً = عربدْ فقد عافكَ التبجيل والشرفُ
لأنتَ أسوأُ مما قيل في تترٍ = وفي مجوسٍ وفي رومٍ وما وُصِفوا
يا بائع الدين والنهرين في سفهٍ = أراكَ تفخرُ فيما كنت تقترفُ
من بايعوكَ على عِجْلٍ صنعتَ لهم = غثاءُ سيلٍ بأوهى دافقٍ جُرفوا
سيسلمونكَ، تدري أن جحفلهم = مشتّتٌ في مهبّ الريح يرتجفُ
يا بائعَ الوهمِ قد تبقى إلى أمدٍ = يُلقى إليك رغيد العيش والترفُ
أرى النهاية تدنو كلّما زأرت = أُسدُ العراق وجاء الحقّ ينتصفُ
بقلبِ كلّ كريمٍ جمرةٌ زفرت = مما جنيتَ، فكم عانوا وكم نزفوا
طوفانهم قادمٌ لا بُدّ محتدمًا = فيه العزيمةُ والإخلاص والشغفُ
لتُصرعنّ ذليلاً حائرًا وجلاً = مسائلاً نفسك الرعناء: "ما الهدفُ؟!
لمَ انتهيتُ على حبلٍ يؤرجحني = آسى؟ ولن ينفعَ التسآل والأسفُ"
بنو العراق وإن ناموا على مضضٍ = فإنهم بتجلي صحوهم عُرِفوا
سينفضون غبار الضيمِ عن ألقٍ = ويقلعونك من قرنيك إن عصفوا


أرى الشعر من اللسانيات الأنثروبولوجية، يبعث الروح في جمود الكلمات فتنطق وتتحرك برشاقة وفتنة، يحاكي كل اللغات والثقافات؛ فتنسل منه موسيقا داخلية تجذب القارئ إليه.
و جوزيف برودسكي يقول:" إن الشعر شكل من أشكال المقاومة. "