حان الوقت لنتجنب الأوهام


عادل احمد
2020 / 8 / 31 - 14:38     

أستلام مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء في الحكومة العراقية، تمت بموافقة الأطراف المتصارعة الدولية والإقليمية والمحلية وتحديدا أمريكا وإيران. حكومة الكاظمي لا تحمل شيئا جديدا وليس في جعبتها غير ابقاء توازن الصراع الموجود بين أمريكا وإيران وأعادة الوضع في العراق الى مرحلة ماقبل انتفاضة أكتوبر. ومحاولة السيطرة على الأوضاع وعدم خروجها من تحت يد الطرفين المتصارعين اللذين نالوا ضربة موجعة أدت الى أسقاط حكومة عبد المهدي. ان استياء جماهير العمال والكادحين والمحرومين من سلطة المليشيات الطائفية في العراق وصلت الى ذروتها فثارت في أكتوبر من العام الماضي وقدمت مئات الضحايا من المناضلين من الشباب والشابات اثناء الاشتباكات والمواجهات مع المليشيات والقوات الأمنية المسلحة، الأنتفاضة الجماهيرية لم تخرج بنتائج تلبي مطالبهم المشروعة والمتمثلة بالقضاء على الفقر والجوع وتوفير فرص العمل وانهاء الفساد السياسي والإداري ونهب الأموال العامة والقضاء على المليشيات والصراع الطائفي... جاءت حكومة الكاظمي جائت ليس من أجل تلبية مطالب الجماهير فليس لها بوادر عملية من أجل القضاء على الأوضاع المأساوية التي خلقتها الحكومات المتعاقبة. وأنما من أجل أطفاء المد الأحتجاجي للجماهير من جهة وأبقاء توازن يرضي طرفي الصراع أيران وأمريكا..
ان أمريكا لم ولن تفعل شيئا قد يصب لصالح الجماهير المحرومة مهما تحاول الخداع وذرف الدموع الكاذبة على جرائم حكومة الجمهورية الإسلامية في ايران ومليشياتها الرجعية والطائفية والإرهابية في ايران والعراق. ولن تلتقي مصالحها وسياساتها أبداً مع مصالح الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في المنطقة، لذا تعليق الآمال على سياسات أمريكا، يعني استمرار معانات الجماهير ومواجهة مستقبل مظلم خاصة وأن أمريكا بدأت تفقد أمبراطوريتها تدريجيا ويوم بعد يوم تفقد دورها.. فهي حين تساند حكومة الكاظمي لا تتعدى سوى تقوية جناحها امام الجناح الإيراني وإزاحته من صنع القرار في العراق وتشديد الخناق عليه اكثر لقطع أظافره امام سياساتها في الشرق الأوسط .
اما فيما يخص ايران، فان استعمال لعبة الدور الإقليمي في الشرق الأوسط ومكانتها، تعني الإبقاء والحفاظ على سلطة الملالي لفترة أطول وخاصة مع تفاقم الفقر والغلاء والجوع في عموم مناطق ايران وأزدياد الاحتجاجات والتظاهرات وتنامي استياء الطبقات المحرومة وخاصة العمال والكادحين بالضد من الجمهورية الإسلامية. أن تدخلها في أوضاع عدد من الدول الأقليمية كسوريا والعراق ولبنان واليمن من خلال اللعب على الأوتار الطائفية في هذه الدول وأستخدامها لتثبيت مصالحها عن طريق الأحزاب والحركات الموالية لها. كحزب اللـه في لبنان والحوثيين في اليمن وأحزاب وتنظيمات الأسلام السياسي الشيعي في العراق، كل هذا لخدمة قضية واحدة وهي للعب دور أساسي في منطقة الشرق الأوسط بمواجهة المصالح الأمريكية. أن مواجهة حكومة الملالي لأمريكا ليس من أجل مصالح المستضعفين كما تدعي، وأنما هي مواجهة من أجل مصالح طبقة الملالي ومصالح رأسمالها في المنطقة والعالم. أيران اليوم تكمل حلقة مصالح روسيا والصين في المنطقة.. فموافقة أيران على حكومة الكاظمي جائت من أجل أبقاء التوازن الحالي خاصة من تعاظم المطلب الجماهيري في العراق بخروج أيران من العراق والذي تبنته أنتفاضة أكتوبر بهجومها وتدميرها مقار الأحزاب والتنظيمات التابعة لأيران.
ان التوهم بحكومة مصطفى الكاظمي هو وهم قاتل ولن يجلب شيئا غير القضاء على أمل التغيير الذي تحمله الجماهير العمالية والكادحية من اجل حياة أفضل. ان تعليق الآمال على حكومة عمادها الأصلي الصراع الطائفي والمليشيات والفساد والقتل والنهب، مهما تحاول تصوير نفسها بانها حكومة منقذة فهي فخ وكذبة كبرى بحق الجماهير في العراق. ان الكاظمي هو خريج مدرسة العملية السياسية واحد مهندسيها بعد الاحتلال ولعب دوره في إكمال هذه العملية الرجعية، ولا يفرق شيئا اذا وقف بجانب ايران ام بجانب أمريكا فهو له دور في إضفاء الشرعية على الاوضاع الحالية. ان أي توهم بحكومة الكاظمي لا يفرق عن وهم الجماهير بحكومة شيعية منذ عام ٢٠٠٣ وحتى يومنا هذا.. ان الحكم بين اللصوص لا يفصله عن هذين اللصين وانما ينخزط في شراكتهما..
حان الوقت لنفصل آفاقنا وأهدافنا عن كل المشاركين فيما يسمى بالعملية السياسية في العراق ما بعد الاحتلال ومن ضمنها المحتل الأمريكي. علينا ان نوضح ما نريده وما تعنيه مصالحنا الإنسانية وما نريده من تدخلنا العملي والواقعي لمصيرنا، وما نحتاجه من اجل الرفاه الاجتماعي والاستقرار والأمن والحياة الكريمة، وان نحصد ما قدمناه من التضحيات بمئات وآلاف من خيرة شبابنا واعز ما كان بيننا من اجل حياة أفضل.. علينا ان نفكر بجدية من اجل توحيد قوتنا وصفوفنا وتنظيمها تنظيما جماهيريا واجتماعياً.. ان كل ما فعلناه في الماضي بدون التنظيم نفقده بسرعة ولن يوصلنا الى اهدافنا وهذا كان خطئنا القاتل في الماضي ولا نزال نعاني منه، وهذا فقط هو الضعف الذي أدى الى إدامة عمر سلطة الفاسدين ومليشياتهم على رؤوسنا.. اذا حقا نريد ان نكون واعين ولا نستغل من قبل أطراف الصراع على السلطة والمال، علينا ان نفكر بجدية في تنظيم صفوفنا في الشبكات الاجتماعية المتنوعة وفي الحلقات والمجالس والهيئات أينما نتواجد. وان تكون كل هذه التنظيمات من اجل مجموعة أهداف واضحة وصريحة وواقعية. وعلينا ان لا ننخدع لا بالمالكيين ولا بالصدريين ولا بالكاضميين ولا بالمرجعيين.. وانما نعتمد على قوتنا ووحدة صفوفنا وأهدافنا الصريحة والواضحة وهي القضاء على الطائفيين والقوميين والفاسدين وحكوماتهم ومليشياتهم بإرادتنا الموحدة والمنظمة في القوة الاجتماعية في الشبكات التضامنية المتنوعة في كل مكان. الحل يكمن في توحيد قوتنا.