خواطر مُبعثرة


يحيى علوان
2020 / 8 / 28 - 14:36     

ربما يكون قد قيلَ ما سأقول ..
وقد يكونُ "تناصاً" مع ما لا أعرفه !

رأيتُ في منامي أنّي أحلمُ ...
يافطاتٌ تزحمُ بعضَها ،
تَخنقُ الشوارعَ والساحات ..
بَشرٌ يقفُ تحتها أو أمامها يرفعون شارات نصرٍ ...
لا أدري على مَنْ ؟
علَيَّ ؟!
أنا ما إستسلمتُ قَطْ ...!!
قد يكون المقصود غيري !
يافطاتٌ تعاكس الزمن السريع .. تستحثُّ موتى الماضي العتيق ،
يافطاتٌ باردة "الدمِ" ، لا تأبه بالمستقبل ،
بنَولِ الجهالةِ الصَدِىء تَنسجُ خرافاتٍ لتسويقِ "حكاية " اليوم الملفَّقة ..
...................
يَلتمُّ حولي قومٌ يصرخون : لماذا تَرمُقُ اليافطاتِ بطرفٍ ساخر ...؟!!
أخافُ أنْ يَستفرِدوا بي ..أهربُ ، فأصحو من الحلمِ لاهثاً ، مفزوعاً ..
أُسائلُ نفسي ، ما هذا الزائرُ الثقيل ، الذي لا يُجَسُّ ولا يُمَسُّ ..
هذا الذي نزَعَ قِشرَته فتَجلَى ؟!
لماذا لا يتركني الحلم ، ويحلمُ لحاله ؟!
ما أَسأتُ لمَنامي ، لماذا يُناكدني في رَقدَتي ؟!
أي إيقاعٍ نَشازٍ ينشأُ عن لقاءِ الواقعِ مع وَهمٍ أَخرقٍ ، عَنيد ؟!
تُرى أَنكونُ وضعنا مِلحاً زائداً أو ناقصاً في الشعارِ ، فأختَلَّتْ معادلةُ كيمياء الواقعْ ؟!!
سننظرُ صوبَ ما فعَلَ الزمانُ بنا ، وما فَعلنا به ..
أتُرانا نَتَذرَّعُ بنسيانٍ ضروريٍّ لحماية بقايا ذاكرة يُسوِّسُها الزمان ؟!
سأرجِعُ إلى منامي .. فلا شيءَ ضامن للمستقبل !!
وأَترُكُ حِمارَ الحكمةِ مَنسيّاً فوق التَلَّةِ ،
يسخرُ من تَناسُلِ خُرافةِ الثنائيات ...
لأنَّ ساعةُ " الحصاد " لم تَحُنْ بَعْدُ !!

* * *

كُنّا ألِفْنا الطريقَ الدائريَّ .. لا أمامَ فيه ولا خلف ،
لا شمالَ ولا جنوب ،
حتى طَوَّحتْ بنا قُوَّتُه الطاردةٌ ...
دونَ أن نتركَ وصيَّةً للأهل أو للدارِ ، نُهاجر كالسنونو ،
نحمِلُ نُعوشَنا .. ما خفَّ من أحمال ، أشياءَ الغيابِ ..
بعضُ صورٍ ستشحَبُ ، وخواطِرَ ،
سَتَصفَرُّ رسائلَ ، لَم تُرسلْ لحبيبةٍ .
لكنْ لا مَهرَبَ من لَعنَةِ الذكرى !
نَلوذُ بمَلاكِ النومِ من أَرَقٍ .. يُعاكسُ النسيان !
حياتُنا هي أنْ نكونَ كما نُريدُ ،
نَحيا قليلاً ،
لا نخافُ الموتَ ..
لا نِسيانَ يَجمعُنا ولا ذِكرى تُفَرِّقُنا ..
قَتلى أو مجهولونَ ،
نكونُ فلا يكون ..
وإنْ كانَ فلا نكون !
لكننا سننامُ أو نموتُ واقفينَ ، أَليفَاً !!
نَطيرُ مع فَراشاتِ أحلامٍ لصُبحِ رضيعِ ، فوقَ سياجِ خُرافةِ هَشَّةٍ ..
لا تُظلِّلُ عاشقَيْنِ ، أو مؤمِنَيْنِ شكَّاكَيْنْ .. !
إلاّ إذا إنكسَرَتْ "سِدرَةُ المُنتَهى"!!
.......................
بوضوحٍ أو غُموضٍ .. ستنكسِرُ " السِدرَة " !
فماذا عَسانا فاعلين ، حينَ ننتَبِهُ إلى الغيابِ فجأةً ؟!
ونجدُ أنفُسنَا حاضرينَ مِلْءَ الغياب ..؟
كيفَ سنُكمِلُ الحياةَ في المنامِ ..؟!
وهل نتذكَّرْ حينها إنْ كُنّا أسأنا الحُلمَ !
.........................
على مَهلٍ سنَصحو ..
وَنطردُ كابوسَ السباخ ،
فكُلُّ نهرٍ سيشربُه بحرٌ يجدِلُ موجَه لاهياً عَنّا ..!
سنزرعُ الريحانَ والنعناعَ وشقائقَ النُعمان !!
لا نُغيّر إلاّ إيقاعَنا ، كي نسمعَ صوتَ القلب جهورياً !
............................
وإنْ مُتْنَا ، سنَبكي الأحياءَ ،
حينها سيكونُ لدينا كفاية من الماضي ،
لا يَنقُصُنا سوى غَدٍ ..!
نتصالحُ فيه مع مَنْ إنتظرَ عودتنا طويلاً ، حَدَّ اليأس !
وَقتها سنُحرِّرُ أنفُسَنا من سجنِ الحنين !!

* * *

سُقوفٌ ، سُقوفٌ .. سُقوفْ ..
سقفُ الأرضِ سماءْ ..
أتكونُ الأرضُ سقفَاً مقلوباً للسماء ؟!
وماذا يُنجَبُ إنْ تَزوَّجتِ الأرضُ السماء ؟!
......................
للدارِ سقفٌ ، إنْ أُهمِلَتْ صيانَتُه ، سَقَطَ على رؤوسِ أَهله .
وللحبِّ سقفٌ يَقوى باللطافة والرقّة ،
لكن يَنخَره النَقُّ والتَطَلُّبُ الزائد والغيرةُ !
.....................
للإصطبار سقفٌ ، تُحدِّدُه قُدُراتكَ على التَحَمُّل .
للأحزانِ والرغباتِ سقوفٌ مُتفاوتةُ الإرتفاع !
للأسعارِ سقفٌ ، يُحدّده ما في الجيب !
للزمان سقفٌ ، يتحدَّدُ بإرادة الحريةِ والإنعتاق ..
.....................
للزنزانةِ سقفٌ ، تَثقبُه أحلامُ السجين .
للحريةِ سقفٌ مرهونٌ بعقدٍ إجتماعيٍّ مُصاغٍ بقوانينَ نافذة !!
وللغَضَبِ سقفٌ تُحدِّده جيوشُ النَملِ تَضِجُّ في عروقِك إزاءَ فَظاعَةِ القَهْر ،
فقد ساوى الرصاصُ ما بينَ الجبانِ والشُجاع !!


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فنياً لايمكن تغيير النص