رجعت حليمة...!!!


مشعل يسار
2020 / 8 / 21 - 02:40     

-----
السلطة في لبنان عجزت عن حل أي من المشاكل التي اصطدمت بها بسبب سياساتها النيوليبرالية التي كانت فخاً أوقعتها فيه الإمبريالية الأميركية الصهيونية المهيمنة على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من خلال المليارات الكثيرة التي شجعتها على اقتراضها منها باسم الشعب اللبناني المخدوع برفاهية مصطنعة تشبه رفاهية الخروف المعلوف المعدّ للذبح.
فكل اقتصاد لا ينتج مكتوب عليه الانهيار في أية لحظة. ومن يعش على الدَين يأتِ يوم يواجه فيه الإفلاس والعوز وعدم القدرة على السداد. وهذا ما حصل لنا في لبنان.
في هذه السياسة تساوى الخصمان السياسيان لا الطبقيان تكتلا 8 و14 آذار ولم يختلفا في شيء. كلاهما فسد وأفسد. كلاهما أساء الإدارة فأهدر. كلاهما خصخص ولصلص وإن سمى الخصخصة شراكة واللصلصة تهمة زور.
اليانكي أعطى مهلة لجماعة 8 آذار في الحكم ليفرغ جعبتهم من كل رصيد شعبي بعد أن فرغت جعبة من كانوا مهيمنين قبلهم على السلطة من جماعة 14 آذار ونهبوا برضاهم وتقاسموا الغنيمة كل حسب موقعه. وقد أمضى هؤلاء جميعا كل الفترة السابقة منذ حقبة الحريري الأب إلى اليوم معاً في عرس شرقي طويل ولم يتميز أي منهما بغير الفساد ومراكمة المشاكل على البلاد والعباد. فمنذ كتاب "الإبراء المستحيل" الذي أصدره التيار الوطني الحر حين كان لا يزال يشبّه بالتسونامي لم يأت الخلف بأي شيء يخالف إرث السلف. لا السياسة النيوليبرالية الطفيلية تغيرت، ولا التوجه إلى الخارج غيّر شيئا سوى الانتماء إلى محاور لا طائل فيها. لا السرقات من المال العام تقلصت، ولا البطالة بين الشباب خفت، ولا مشكلة الكهرباء حُلّت، ولا الإنتاج زاد نظرا لإغراق السوق الليبرالية بالبضائع المستوردة، ولا الزراعات البديلة زرعت، ولا السدود نفذت ولا السياحة استعيدت، لا البيئة حُسنت ولا الآثار رُممت. ولا استعاد البلد ككل عافيته بعد الحرب الطائفية التي أوقعته الأصابع الأجنبية فيها وهو "موضوع قابل".
واليوم، بعد أن أعلن اليانكي ساعة الصفر، وطلب من جماعته "اللزَم" الخروج من الحكومة (لا من السلطة في كل مستوياتها)، أي من واجهة الأحداث ليبقى في السلطة عون وحزب الله وحلفاؤهما، وطلب من الشعب أن يثور على الفساد الذي هو نفسه نشّأه ورعرعه مدى الثلاثين سنة النيوليبرالية العجاف على الأقل، وأمر البنوك بتهريب كل العملة الصعبة من البلاد وحجبِ المال عن المودعين وخلقِ "جوع نقدي" في السوق أجهز على قيمة الليرة التي بها يعيش معظم اللبنانيين، وكل ذلك تحت غطاء "الثورة" التي كان هو قبطان سفينتها من خلال ما هب ودب من الداخلين عليها وهم أعداؤها الألداء من "حزب 7" والمنظمات غير الحكومية الممولة من صندوق النصاب العالمي جورج سوروس وإدارة الجامعة الأميركية في بيروت وغيرهم. الثورة على فساد الحكم حيث حزب الله وسلاحه وحلفاؤه. ولن يُعدَم مريد الشر الحجة والذريعة ما دام هو القاضي والحكَم والشرطي الدولي. كل هذه المآسي التي حلت على الشعب لم يقبل رعاة مطلِق وباء الكورونا لترهيب البشر في أرجاء المعمورة وتطعيمهم إلزاميا على طريق إفناء أكثر من ثمانين بالمائة منهم لاحقا من خلال لقاح إجرامي يضعف مناعتهم، إلا أن يتوجوها بتفجير مرفإ العاصمة بيروت ربما على أيدي العدو الإسرائيلي الذي يرعاه هذا اليانكي المبهور به وبنظامه الرأسمالي الحر كلا الفريقين السياسيين، وبتدمير قسم كبير من العاصمة بما يشبه قنبلة هيروشيما حتى أنها استحقت اسم بيروت-شيما. والآن نرى أن الحكومة كما يقال "عادت حليمة إلى عادتها القديمة": عادت إلى "وباء الكورونا" تستنجد به من التحركات الشعبية المناهضة للطقم الحاكم كله حتى قبل أن يجف دم الشهداء بالمئات والجرحى بالألوف وهم قتلى وجرحى حقيقيون وغير مفترضين، وقبل أن يعاد بناء وسط بيروت الذي تهدم جراء التفجير الغادر.
والكورونا هذه كناية عن حرب عالمية ثالثة هجينة ضمت عناصر ثلاثة على الأقل:
1) السلاح الجرثومي وفي حالتنا الفيروس الشبيه بمسبب الأنفلونزا المعتادة كما يقول نطس الأطباء العالميي الشهرة غير الملتزمين بإرضاء السادة السياسيين، وهو واحد من بين حوالى مائتي فيروس يتعايش معها الإنسان، فتارة تقتله وطورا يقتلها أو يمنعها من ارتكاب المعصية. هذا الفيروس قد يكون طبيعيا وقد يكون معدلا من طبيعي والأمر الثاني مرجح نظرا لتوقيت حصول "الوباء المذكور.
2) سلاح إبادة الوعي الجماعي المتمثل في وسائل الإعلام المأجورة المتحولة بفضل الرأسمالية الطفيلية إلى صحائف صفر رغم ارتدائها ثوب الجلالة والجدية. فكل وسائل الإعلام الكبرى في العالم اليوم تابعة لرأس المال الكبير، ومعظم العاملين فيها مرتزقة كما العاهرات في سوق البغاء. ولذا تسمى الصحافة ثاني أقدم مهنة في التاريخ.
3) سلاح الرشوة والضغوط والعقوبات. فقد لجأت منظمة الصحة العالمية التي يصح في تسميتها أكثر اسم منظمة الجوائح العالمية والتي يمولها رأس المال المتمثل بالفاشي الجديد بيل غيتس إلى إصدار القرارات التي طالما انتقدها كبار العلماء. وقد لجأ غيتس من خلالها إلى رشوة كل رؤساء وقادة الدول في العالم أجمع أو ممارسة الضغوط عليهم لجعلهم مثابة العملاء له ينفذون غاياته بحجة الحرص على شعوبهم من الكورونا. وقد بدأ التحدث عن قرب تصنيع لقاح ضد الفيروس والتنافس على صنعه منذ اليوم الأول لاعتباره وباء بل جائحة عالمية. ودفعت المليارات على هذا الغرض ولم ينج من لوثتها إلا قلائل كالرئيس البيلوروسي لوكاشنكو، وها هو يعاقَب اليوم بـثورة مخملية أميركية على "سقطته" وعدم التزام بلاده الإغلاق والتكميم والتباعد الاجتماعي. وهذه الأقانيم الثلاثة ما هي إلا العناصر الرئيسية في جعل الناس خائبين خانعين متشتتين لا يقوون على مجابهة العدو المستجد.

إن سلطتنا الحالية متهمة اليوم بأنها تفرض الكورونا على المجتمع للتستير على فشلها الذريع في اتخاذ الإجراءات اللازمة الحقيقية لإخراج البلاد من أزمتها. وهي تحارب لا الكورونا بل شعبها ورفاهيته وهنأة عيشه. وقد تبين أن تهديد بعضهم باتخاذ مثل هذه الإجراءات وعلى رأسها التوجه شرقا لم يكن سوى تحريك للهواء وعنتريات دونكيشوتية لا أكثر.
لكن السلطة إياه تسهم في الوقت نفسه في خطة التآمر على حياة شعبها والبشرية جمعاء من خلال التزامها بقرارات منظمة أظهرت أن قراراتها إجرامية مدمرة تحول الطب إلى مهنة إجرام لا مهنة إنسانية كما عهدناها منذ إيبوقراط وابن سينا والكندي وغيرهم. فالاختباء وراء ممثلة هذه المنظمة الشريرة في لبنان لتطبيق إغلاق جديد يدمر الاقتصاد اللبناني المدمَّر أصلا يزيد الجريمة المرتكبة حدة ويضع السلطة في قفص الاتهام. ومعروف أن كل جريمة سيلقى مرتكبها العقاب، عاجلا أم آجلاً.

بناء عليه، نطالب السلطة بوقف كل أنشطة الإغلاق والحجر والكمّ والعزل الاجتماعي والفجور الكوروني الهادفة إلى منع الشعب من التحرك معاً ضد هذا الفجور. ومن بينها
1) وقف أي اختبارات PCR في المطار وعند أبواب المستشفيات لأنها، أولاً، غير آمنة ولا نثق بها أبداً لأن ألاعيب الصهاينة لم تترك حجرا على حجر من الثقة بالطب وأهله. ولأنها، ثانياً، طريقة إضافية لنهب الشعب اللبناني المنهوب أصلا بودائعه وليرته وشغله...
2) التركيز فقط على تقوية المناعة طبيعيا لدى الناس واقتصار الأمر على معالجة من مناعتهم ضعيفة حماية لهم من مضاعفات العدوى على صحتهم "الواقفة أصلا على شوار". والأعمار تبقى، كما يقال، بيد الله!
3) منع أي حديث وأي مشاركة وأي تلميح إلى احتمال فرض تلقيح إجباري على الناس، كما يجري الحديث في الخارج، لأن هذا سيجعل السلطة اللبنانية متهمة جنائياً كغيرها من الحكومات في تنفيذ المشروع الفاشي لروكفلر وروتشيلد وغيتس وسوروس ومن شد مشدهم من ناهبي ثروات العالم الصهايين. وستمثل يوماً أمام محكمة تشبه تلك التي حوكم فيها الفاشست النازيون في نورنبرغ.
4) إعادة البلاد إلى السكة الطبيعية في ممارسة الأعمال والتدريس والراحة والتلاقي والصلاة والسفر إلخ.

إذا لم تأخذ السلطة هذه المطالب كحد أدنى بعين الاعتبار فإن المرحلة الثانية من صراعنا ضد الشر الذي تريد سلطتنا أن تجلبه علينا وعلى عوائلنا ستكون تحريض الناس على العصيان المدني وغير المدني وعدم الامتثال لأي من قراراتها الغبية أو السيئة النية أسوة بما يقوم به حاليا ممثلو القطاع الخاص وصولا إلى إسقاطها وإقامة سلطة شعبية ديمقراطية ذات نزعة إنسانية تقاوم الفاشية في الداخل وعلى الصعيد العالمي.
لقد وجدنا أنفسنا، نحن المواطنين العاديين اليوم، أمام فاشية من نوع جديد. وقد تعرّفنا وجهها الكريه رغم تسترها رياء ونفاقاً بالاهتمام بصحتنا. فالرأسمالية في زمن خرفها جنّت وبات جنونها مخيفا بحيث نتذكر أسطورة شمشون الذي هدد حماة الهيكل من جنونه بالقول: عليّ وعلى أعدائي، يا ربّ!
الفاشية الجديدة لن تمر! وسنقاتلها حتى آخر رمق!