ترامب ينسّق إعتراف الإمارات العربيّة المتّحد بإسرائيل : ضوء أخضر لإبادة جماعيّة ضد الشعب الفلسطيني و مخاطر تنذر بالشؤم للشرق الأوسط و العالم


شادي الشماوي
2020 / 8 / 18 - 00:56     

جريدة " الثورة " عدد 661 ، 17 أوت 2020
https://revcom.us/a/661/green-light-for-genocide-against-the-palestinian-people-en.html

في 13 أوت ، أعلنت إسرائيل و الإمارات العربيّة المتّحدة تركيز علاقات دبلوماسيّة تامة ضمن إتّفاق توسّط يه ترامب. و لهذا الحدث تبعات مباشرة و تنذر بالشؤم بالنسبة للشعب الفلسطيني و للإنسانيّة .
لم تكن دولة إسرائيل أبدا " أرضا بلا شعب لشعب بلا أرض " كما يدّعى أنصار إسرائيل . فقد أقام هذه الدولة مستعمرون أوروبيّين يهود على أرض كان يسكنها لقرون الشعب العربي الفلسطيني . و بين 1948 و 1949 ، جرى ترحيل عنيف لما يناهز المليون فلسطيني من أراضيهم و قراهم و ديارهم بواسطة الإغتصاب و التعذيب و الإرهاب المنهجيين ( للتوثيق بما في ذلك إحالات على روايات لهذه الفظائع فى مصادر موالية لإسرائيل ، أنظروا " حصن تنوير ...أم فارض الإمبريالية: حال إسرائيل " Bastion of Enlightenment...´-or-Enforcer for Imperialism: The Case of ISRAEL. و الفلسطينيّون الذين ظلوا ضمن ما يسمّى دولة إسرائيل ما إنفكّوا يتعرّون إلى الميز العنصريّ السافر و المصادرة الإعتباطيّة لأراضيهم و للقمع الوحشيّ .
في منطقة غزّة الفلسطينيّة ، يحشد مليوني إنسان أسرى سجن جماعي مفتوح ، ب 70 بالمائة من الشباب يعرفون البطالة و بنقص في الحاجيات الأساسيّة كالماء الصالح للشراب و نظام رعابة صحّية ، فقد حطّم ذلك الحصار الإسرائيلي . و قد شنّت إسرائيل " حروبا " إحاديّة الجانب بصفة متكرّرة على غزّة طوال ال12 سنة الماضية ، و تسبّبت عمدا في مجازر راح ضحيّتها مئات الأطفال و غيرهم من المدنيّين .
و في منطقة الضفّة الغربيّة من فلسطين ، تشهد " المستعمرات " الإسرائيليّة تصاعدا في البناء ضواحي سكنيّة محاطة بجدران و تربط بينها طرق سريعة ممنوع على الفلسطينيّين ؛ وهي تشمل معسكرات عالية التسليح لأصوليين يهود متميّزين بالعنف و بإقتراف الإبادة الجماعيّة و قد أعلنوا تصميمهم على طرد الفلسطينيّين من فلسطين . و في 28 ماي 2020 ، صرّح الوزير الأوّل لإسرائيل ، نتنياهو ، بدعم من ترامب ، بأنّه سيُلحق بإسرائيل المستعمرات و المناطق التي تربط بينها . و قد يساوى هذا 30 بالمائة من الضفّة الغربيّة ن موطن 2.8 مليون فلسطيني وهي منطقة تعتبرها رسميّا قرارات الأمم المتّحدة أنّها نواة الدولة الفلسطينيّة المستقبليّة .
طعنة في الظهر
على نطاق واسع و بصورة صحيحة ، تعدّ إسرائيل في العالم العربي مركز شرطة متقدّم للهيمنة الغربيّة على المنطقة التي لها تاريخ مديد من تكالب الإستعمار و الإمبريالية عليها . و لهذا السبب ، معظم الأنظمة الرجعيّة في الشرق الأوسط ، حتّى تلك التي لها علاقات وثيقة للغاية مع الولايات المتّحدة و إسرائيل على غرار السعودية ، وجدت من الضروري أن لا تقيم علاقات دبلوماسيّة رسميّة مع إسرائيل و أن تتّخذ مواقفا في المنظّمات العالميّة كالأمم المتّحدة تندّد بجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيّين.
بينما كان هذا العزل الديبلوماسي لإسرائيل من طرف الأنظمة في العلم العربي واهيا و رمزيّا لعقود ، فإنّ الإعتراف الرسميّ بإسرائيل من قبل الإمارات العربيّة المتّحدة هو بمثابة ضوء أخضر لإسرئيل لتشدّد من إضطهاد الشعب الفلسطيني. و قد يمهّد الإعتراف بإسرائيل الطريق للعربيّة السعوديّة ، أغنى دولة عربيّة ، لتعترف بدورها بإسرائيل . و قد قال ترامب عقب الإعلان إيّاه ، " الآن ، كُسر الجليد و أتوقّع أنّ تحذو المزيد من البلدان العربيّة و الإسلامية حذو الإمارات العربيّة المتّحدة " .
و كورقة تين لتغطية خيانة الشعب الفلسطيني ، لفّت الولايات المتحدة و إسرائيل و الإمارات العربيّة المتّحدة صفقة الإعتراف بإسرائيل بمزاعم أنّ إسرائيل تسحب مخطّطات الإلحاق الرسمي لمستعمرات الضفّة الغربيّة . إلاّ أن نتنياهو أعرب عن أنّه لو يوافق سوى على تأجيل تنفيذ مخطّطات الإلحاق كجزء من عقد الإتّفاق مع الإمارات العربيّة المتّحدة ، و أنّ إلحاق تلك المستعمرات حقّ لإسرائيل و يظلّ مسألة مسألة مطروحة " على طاولة البحث ".
خليط معقّد من التناقضات و الأخطار
إنّ تنسيق ترامب للصفقة بين الإمارات العربيّة المتّحدة و إسرائيل يهدف إلى دعم مصالح الولايات المتّحدة بإعتبارها القرش الأكبر في المنطقة الإستراتيجيّة التي يسرى فيها قانون الغاب العالمي للإستغلال و الإضطهاد الإمبرياليين . لكن الحركة تحمل أيضا تبعات إنفجاريّة محتملة لكلّ ما تشمله .
1- في إسرائيل ، نتنياهو ، الذى يمكن أن يُقال إنّه أقرب حليف عالمي لترامب ، تحطّمه بحوث و أزمات فضيحة جدّية . و إعتراف الإمارات العربيّة المتّحدة يعزّز موقعه صلب الطبقة الحاكمة في إسرائيل و يعزّز موقع الصهاينة الأعنف و المتزمّتين الذين يقفون إلى جانبه.
2- في المنطقة ، تواجه إسرائيل شأنها شأن الدول العربيّة حليفة الولايات المتّحدة الـتاثير المتصاعد لإيران و القوى الحليفة لها . و عديد الدول العربيّة المالية للولايات المتحدة و الكثير منها تملك مخزونا نفطيّا ضخما ، يحكمها عملاء فاسدون بفحش يبقون في السلطة بالإعتماد على الشنق و التعذيب و الترويج للأصوليّة الإسلاميّة المتزمّتة . و يوفّر الاتفاق بين الإمارات العربية المتّحدة و إسرائيل مزيد الفرص لتتقدّم إيران بطموحاتها الخاصة الإفتراسيّة تحت قناع المناصرة البطوليّة لقضيّة الفلسطينيين ؛ و قد صرّح وزير خارجيّة إيران بأنّ الإتّفاق بين إسرائيل و الإمارات العربيّة المتّحدة " سيعزّز بلا شكّ محور المقاومة [ القوى الحليفة لإيران ] في المنطقة ."
3- و تحو فوق هذا الخليط القابل للإنفجار تحدّيات عالميّة أمام إمبراطوريّة الولايات المتّحدة الناجمة عن صعود الصين الرأسماليّة – الإمبرياليّة المعتمدة على الشرق الأوسط في معظم نفطها وهي تتنازع إقتصاديّا و دبلوماسيّا مع الولايات المتّحدة في المنطقة و حول العالم . في هذا الوضع ، يتصرّف حكّام الولايات المتّحدة ، بخاصة ترامب ، كرؤساء عصابة يشدّدون تحالفاتهم بعلاقات أساسيّة مع التابعين لهم في وقت يواجهون فيه منافسين كبار و صغار يمتلكون جرأة ، و هم ربّما يعدّون لحرب شاملة . و قد مزّق نظام ترامب / بانس مزاعم ابحث عن مصالح الشعب الفلسطيني و ضغط على الدول العربيّة كي تتعاون بشكل سافر أكثر مع إسرائيل و تصبغ عليها الشرعيّة .
4- و فضلا عن كلّ هذا الواقع ، هناك مجنون فاشيّ في البيت الأبيض و إصبعه على زرّ نوويّ ، وهو يتحرّك بشكل محموم ليعالج أو حتّى يؤخّر الانتخابات القادمة بتعلاّت قد تتضمّن حربا ضد إيران أو إنفجار في النزاع مع الصين . و لئن إندلعت حرب ، مهما كان قادحها أو تعليلها من قبل الولايات المتحدة ، يحتاج الناس إلى معرفة أنّ هذه حرب غير عادلة من طرف الولايات المتّحدة هدفها تعزيز موقع القرش الكبر في الإضطهاد الوحشي العالمي .
و بالتالى كيف يمكن للناس أن يتصرّفوا خدمة لمصلحة الإنسانيّة هنا ؟
لأكثر من سبعين سنة ، كان نضال الشعب الفلسطيني بمثابة شوكة في حلق الرأسماليّة – الإمبرياليّة و كانت مقاومته تلهم المضطهدين في كلّ مكان . و الوم من الأهمّية الحيويّة و الناس يتحدون هذا النظام في الشوارع و الطلبة بوجه خاص ( و آخرون أيضا ) أخذوا يتعرّفون على واقع الجرائم التي يقترفها هذا النظام هنا و حل العالم ، فإنّ التاريخ الحقيقي للإضطهاد الإسرائيلي للشعب الفلسطيني و دور الولايات المتحدة في تمكين إسرائيل من القيام بذلك يحتاج إلى أن نفضحه و أن نعارضه كجزء من تنظيم القوى من أجل ثورة فعليّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------