نترات امونيا في بلاد العرب


كاظم الموسوي
2020 / 8 / 15 - 15:15     

هزت تفجيرات مرفأ بيروت المشاعر والخواطر وفتحت ابواب حزن والم ودعاء. حصلت يوم 4/8/2020 ومازلنا نقرا عنها الكثير في وسائل الاعلام والاتصال واحاديث الساسة والمنتهزين لمثل هكذا فاجعة، والمؤلم فيها تضارب الاراء والاخبار، مما يؤكد مشاركة غير قليلة فيها، بتعمد او لخلط الاوراق وتضييع الحقيقة، او لجهل وحماس ومباهاة مخجلة. حتى اصبح المنشور عنها اكثر من سرديتها واكبر من وقت حدوثها..
والمعروف العام انها باخرة محملة بنترات الامونيوم حجزت في ميناء بيروت عام 2013 وحفظت محتوياتها في الحاويات/ الصوامع في الميناء وحولها خزنت متفجرات وغيرها، وهي مادة خطيرة قابلة للانفجار اذا توفرت لها عوامل التفجير، وما حصل بعدها في ذلك اليوم بات معلوما، فكيف صمتت كل الدوائر والمؤسسات الحكومية والامنية عليها وانتظرت تفجيرها بهذا الشكل والحجم، هيروشيما اخرى بعد خمس وسبعين عاما، لاحياء ذكراها واعادة تجريبها. هل يمكن تصديق كل ما ينقل وينشر ويسرب ويكشف ويتبادل فيه سرا وعلنا؟.
حصل ما حصل في بيروت، وتشابكت الخيوط فيه وعليه، بين المخطط والمرسوم والمجهول والمعلوم، والكارثة اكبر من اسمها، بشرا وعمرانا واقتصادا واستقرارا وسيادة وامنا.. ونبهت اليها ومنها ينبغي الحذر والحيطة.
في عدن مثلها، حاويات في الميناء فيها ضعف مما في حاويات بيروت، والسؤال واحد، كيف وصلت وخزنت وتركت؟ وقبله وبعده السؤال الاهم؛ من وراء ذلك؟
كتب الصحافي من عدن فتحي بن لزرق (7 آب/ اغسطس 2020 ) منبها ومحذرا، وموضحا، "تتواجد فوق رصيف ميناء عدن للحاويات اكثر من 130حاوية سعة 40 قدم محملة نترات الأمونيوم ومحتجزة منذ 3 سنوات. تم احتجاز هذه الكميات بحجة انها ممنوعة من دخول البلد لكنها تركت في مكانها منذ 3سنوات ودونما اي معالجات حتى اليوم. الكمية الموجودة في ميناء عدن هي تقريبا 4900طن بينما الكمية التي انفجرت في ميناء بيروت 2750 طن فقط. اي بما معناه ان الكمية في عدن ضعف الكمية التي انفجرت في بيروت الامر الذي يعني ان نشوب اي حريق او تفجير فيها سينهي مدينة عدن عن بكرة ابيها.
انقل هذه المعلومات على مسؤوليتي الشخصية واطالب نيابة عن اهالي مدينة عدن بنقل هذه الحاويات الى خارج مدينة عدن على وجه السرعة وقبل ذلك وضع حراسة مشددة على هذه الحاويات ومنع الاقتراب منها. واضاف؛ ترددت كثيرا في الكتابة حول هذا الامر لكن الرياح العاتية التي ضربت عدن مساء امس وتساقط بعض الحاويات من مكانها دفعني للتعجيل بكتابته. لا اقصد من هذا المنشور بث الرعب او اخافة احد لكنني انقله تداركا للأمر ومحاولة لحث المعنيين لمعالجة هذا الامر على وجه السرعة لكي لا نفيق على كارثة."
ونشر مراقب سياسي من العراق، دون ان يكشف عن اسمه، عن مثلها ايضا.. تحت عنوان: *احذروا الكارثة.. بغداد فوق صاعق قنبلة ذرية موقوتة* محددا اماكن الخطر المبيت وشارحا تفاصيل مثيرة، لا تثير الانتباه وحسب وانما تبين ما بعده. فذكر اولا؛ قاعدة فكتوري الامريكية الملاصقة لمطار بغداد الدولي تماما، اي في قلب العاصمة، (11) مستودع ذخيرة تشغل مئات الدونمات، وتضم آلاف أطنان المواد الكيميائية من مادة (سي فور) شديدة الانفجار و(نترات الامونيا) ومواد كيماوية أخرى مجهولة محفوظة بحاويات، بجانب اكداس هائلة من صواريخ الطائرات والقذائف والذخائر المختلفة، ومعظمها مخزنة منذ دخول القوات الامريكية للعراق 2003، واضاف بانه يعتقد ان بعضها قذائف برؤوس كيماوية عثرت عليها القوات الامريكية من مخازن للحرس الخاص والجمهوري قبل 2003.
وحذر من ان كل هذا الخزين- بحسب خبراء- لو تعرض لأي تفجير من شأنه أحداث عصف يوازي قوة قنبلة ذرية، ويتسبب بدمار كامل ل35٪ من بغداد، ودمار جزئي ل40٪ من العاصمة، والتسبب بمقتل مابين 450-500 ألف عراقي، وإصابة اكثر من مليونين، وقد تكون الكارثة أعظم بكثير إذا ما تسبب العصف بانفجار مصفى الدورة الذي يعد أقرب منشأة اقتصادية حيوية للمطار ويحتوي ملايين لترات الوقود.
واشار الى ان أمريكا تحتفظ بكل هذا الخزين في قلب العاصمة دون اكتراث لخطورته الكارثية على حياة سكان بغداد، ورغم مرور 9 أعوام على قرار انسحابها في 2011، لكنها رفضت سحب ترسانتها الكيماوية والتدميرية من جوار مطار بغداد.
واضاف ثانيا؛ قاعدة التاجي المحاطة بمدن سكنية فيها مخازن سلاح وذخيرة هائلة للامريكان، وثالثا ؛ السفارة الأمريكية التي تتوسط قلب العاصمة بغداد، وتعد أكبر سفارة في العالم، تضم مايفوق إمكانيات فرقة عسكرية، وترسانة أسلحة لاتقل خطورة تدميرية عما في قاعدة فكتوري، خاصة بعد نشر منظومة (سي رام) الصاروخية داخل السفارة.
ومهما كانت الارقام والتوقعات والاوصاف لها دقيقة او متقاربة فان هذه المخازن القريبة من السكان، بما تحتويه وباية كميات، ستحدث أضرارا خطيرة وكبيرة في حالات التفجير ولأي سبب، كوارث لا تعد ولا تحصى، او لا يعرف ما تؤول اليه او ما تترك من نتائج وعواقب وتداعيات.
وبالتاكيد، ودون شك، توجد امثالها في اكثر من ميناء او معسكر قرب المدن العربية الاخرى ولم يجر الانتباه له، او التنبيه منه وكأن الجهات المسؤولة في هذه البلدان والاماكن تتنظر يوم الرابع من اب/ اغسطس اللبناني في بلدانها.
ان الوطن العربي في حالة حرب متصاعدة منذ قيام الكيان الاسرائيلي وتأسيسه في قلبه لتمزيقه ووضعه تحت هيمنته واسياده، وكل تاريخ هذا الكيان حروب وتهديدات، وكل استراتيجيات القوى الدولية الكبرى حمايته ونهب البترول والغاز والتحكم في مصيره وحكامه، ولهذا فان ما حصل في بيروت ينبغي ان يكون جرس الانذار الاول والاخير، ولات ندم بعده..