دين بلا عذاب


عباس علي العلي
2020 / 8 / 15 - 02:43     

يدور في خلدي وفي عقل الكثير من الناس أفتراض عبارة عن سؤال ربما لا يمكن القبول به من الكثيرين والأسباب معرفة ومتعلقة بطبيعة الإنسان الضعيف، هذا السؤال هو هل يمكن أن يكون لنا دين بلا عذاب؟ دين بلا جنة ولا نار؟ دين أخلاقي يعتمد المنطق العقلي وتحفيز العقل على أن يتوجه للجانب الروحي من خلال الإحساس بالجمال والحرية وطبيعة الإنسان في جانبها الإيجابي؟ الخوف لا يجر إلا إلى الاختلال في جانب النفس الفضولية والضعيفة والشكاكة للتجريب، بينما الحرية التي تتعقل وفق قوانين الدين نفسها أن الإنسان سيكون هو وحده من يخسر لأنه لا يفهم معنى الحرية، أظن أننا يمكن أن نتصور مجتمع إنساني قائم على الفضيلة لو نجحنا فعلا في أعتماد المنطق العقلي والأخلاقي أولا في تحفيز عوامل الخير والحق والنور بعيدا عن التهديد والتخويف.
الدين الذي بين أيدينا وحسب ما يصرح به المشتغلون عليه أنه يعتمد في بسطه إنسانيا من ضمن منهج التبشير به على جانبين، جانب الوعد وجانب الوعيد، فهو يتعامل مع إنسان لا يستحي ولكنه يخاف، كائن لا ينساق للطريق إلا إذا كان هناك شرطي في عقله وشرطي أمامه وشرطي خلفه حتى يلتزم بقواعد المسير، ومع ذلك فهو يحاول الأحتيال على كل هؤلاء ويخالف وهو يعلم أن فرصته للنجاة من العقاب معدومة، مع هذا كله لم ينجح الدين إلا بأقل من القليل أن يسحب الإنسان إلى الجانب المضيء من الدين طوعا، هذا هو منطق رجل الدين المؤمن، ويصر أن لا مجال للأخلاقيات الذاتية في حياة الإنسان وحدها طالما أن هناك شيطان يرافقه ويحرضه على الأنتهاك، مما يولد فيه قلق دائم من أنه قد لا ينجح في بناء علاقة سليمة مع الله فيذهب للأمر الأسهل والميسر أن لا يلتزم قليلا ثم تكبر المسافة التي في قليلا ليجد نفسه وقد حالف الشيطان وأنصاع له.
علميا ومن خلال الدراسات النفسية التي تجعل من الوعيد والتهديد وتكرار التحذيرات من العقاب أنه يزرع قلقا نفسيا شموليا دائما مع الإنسان، يؤثر في مجمل سلوكه ويجعله مستفزا من كل تصرف فيه نوع من الشك مدعاة للقلق والحيرة، فالتهديد المستمر والوعيد المتكرر ينجح فقط عندما يكون الإنسان في وضع مستريح ليس فيه دواع ولا أدوات أستفزاز له، وهي حالة مثالية لا يمكن حتى تصورها في وجود الإنسان الذي يصارع طبيعيا وبدون دوافع أحيانا قضيتين، الأولى وجوده والثاني خوفه من الخطأ من أي كان مصدره وخاصة مع تذكيره الدائم بأن الشيطان عدوه ومرافقه الذي لا ينفك عن جره للخطيئة، أما غير ذلك فالإنسان بوجوده كائن قلق الموت أمامه والطبيعة تحاصره والمجهول يدفعه هستيريا للبحث حتى عن الحلول الوهمية، وهذا وحده يجعله قريبا من القلق الجنوني أو جنون القلق كما يصفها علماء السلوك.
إذا القلق مرض أخر يصنعه الخوف المستمر ليس من النتائج النهائية التي يذكرها الدين له تفصليا، الجحيم وعذاب القبر والألم الذي لا ينتهي ناهيك عن العار الأجتماعي والخزي في الدنيا كما يقول الدين، هذا القلق يكون أشبه بالقنبلة الموقوتة في حياة الإنسان (يعتبر "ستاك سوليفان" أن القلق أحد المحركات الأولية في حياة الفرد. فهو شعور بنّاء وهدام في الوقت نفسه، إذ أنه بقدر بسيط، يمكنه تغيير حياة الإنسان وإبعاده عن الخطر، أما القلق الشامل الكلي فإنه يؤدي إلى اضطراب كامل في الشخصية، ويجعل الشخص عاجزًا عن التفكير السليم أو القيام بأي عمل عقلي) , نصوص الوعيد والعذاب والموت والجحيم والخزي ووو تنتشر في النصوص الدينية بشكل غير طبيعي تحولت معها من أداء وظيفة التنبيه إلى وظيفة التعذيب والتأنيب والشعور بالقيود الغير مرئية التي تكبل الإنسان حتى من فعل الخير خوفا من أن يقع في المحذور.
السؤال هل كان الدين عامدا على زرع هذه الروح السلبية القلقة الخائفة في نفس الإنسان ليدفعه لفعل العكس وتحدي الدين طالما أن النتيجة المتوقعة أن قلة قليلة من الناس ستنجو (لأملئن جهنم من الجنة والناس أجمعين) أو قليلا من الأولين وثلة من الأخرين) فالنتيجة المعلنة سلفا لمحكمة الله الأخروية ستكون لصالح الفئة التي تحبس نفسها فقط في دائرة صغيرة من الأوامر الصعبة والنتيجة أنك مهما علمت فأنت غير متأكد بشكل ما أنك تفوز، وعلى قاعدة حشر مع الناس عيد فالخروج من هذه الدائرة يشكل حلا وإن لم يكن مريحا لكنه خيار عام مطروح للتخلص من تلك الأوهام القلقية التي لا أنتهاء لها.
يقول علماء النفي في تعريفهم الغالب عن معنى القلق هو (يمكن تعريف حالة القلق بأنها خبرة انفعالية غير سارة، يعاني منها المرء عند شعوره بخوف أو تهديد من شيء لا يمكن تحديده على وضع الدقة، في حين تشير سمة القلق إلى استعداد أو قابلية الشخص الثابتة نسبيًا والتي تدفعه للاستجابة للمواقف المُدركة باعتبارها مواقف خطرة ومهددة)، من التعريف هذا يمكننا أن نشير للنقاط التالية والمتعلقة بمتلازمة الخوف والقلق:.
1. أولا القلق خبرة وليست حالة طبيعية أصلية في النفس الإنسانية، فهي مكتسبة وتفاعلية وخارجية مصنوعة ومدعومة من حالة فطرية شعورية أصلية، فكلما زادت دوافع القلق ومصنعاته زادت الخبرة في أثرها على السلوم، مما يعني أن الترديد والإكثار من مهيجات القلق النفسي تجعل الإنسان يكتسب القدرة على أن يقلق أكثر.
2. كونها غير سارة يعني أنها لا تساعد في جعل الإنسان طبيعيا إن لم نقل سعيدا، وبما أنها غير سارة يعني أنها حارمة ومحرمة من الشعور بالأستقرار، لأن الحرمان من شيء يجعله حزينا وما بعد الحزن من أنفعالات وتداعيات، لذا لا نستغرب السوداوية التي يتعامل بها المؤمن والمتدين الأكثر ألتصقا في الدين، وحتى النص الديني يدعوا لذلك (وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ) النجم60.
3. القلق حالة شعورية ناتجة من الخوف طبيعيا، والخوف الموصوف بالتعريق هو الخوف اللا محدد اللا معروف واللا محدد، فالعذاب المذكور في النص الديني متعدد من الحرق بالنار وأنتهاء بالعذاب الدنيوي من المسخ لقلب عاليها سافلها أو لإغراق الارض ومن فيها ووو الكثير من المفاهيم، رافق ذلك قضية مهمة أن العذاب موقوت باللا وقت، يعني جعله مفتوح على جميع الأحتمالات الوقتية والحالية، مما يجعل الإنسان في حالة قلق وحذر لا ينقطع ولا ينتهي لأنه لا يعلم متى وكيف وأين أضافة لماذا يعذب أصلا.
4. هذا الإكثار والتردد المستمر والغرق في حالة التخويف تجعل من الإنسان أن تكون له قابلية الأستعداد له، بمعنى أن التخويف يهيئ الإنسان أصلا لقبول ما يخوف به لأنه رسخ في ضميره وأصبح جزء من هوية التفكير الذاتي، وبالتالي يخضعه جبرا للمزيد من حالات القبول بالعذاب والانحطاط النفسي الذي يولده في الوعي اللا شعوري أو في العقل الباطن.
5. نتيجة ما جاء في 4 يتحول الإنسان بهذا القلق الشامل إلى كائن متحسس من أي موقف له صلة بالدين على أنه خطر محدق ووشيك ولا بد من مواجهته، هذا التحفز والتهيئة تفسر لماذا غالبا يكون المتدين أو المؤمن أكثر أنفعالا وأستفزازا مع المواقف التي فيها نوع من مما يفسره أنه مس بالمحرمات أو المقدسات ليتحول بعدها إلى كائن عدواني شديد ومتشدد في ردة الفعل ومما يظنه دفاعا عن الدين.
الإصرار على منهج التخويف كموقف ثابت في حياة الإنسان أما خطأ بطبيعته أو خطأ في تطبيقه أو حتى خطأ في فهمه وتوظيفه، وما يتبعه من قلق يتحول مع إنفعاليته ورسوخه إلى وجه من الوجوه الأضطرابية السلوكية كالكأبة أو الإنعزال والعيش في جو الخيالات التوهمية، أما نتيجة الفعل العكسي أو الأستجابة الذهنية التسليمية مما يخلق شخصية تتنازعها العقد النفسية الناشئة من الخوف والقلق، فكل موقف أو حدث "يكتسب معنىً خاصًا، يحدد استجابة الفرد الانفعالية تجاهه، وتتوقف طبيعة الاستجابة الانفعالية أو الاضطراب الانفعالي لدى الفرد على إدراكه لذلك الموقف أو الحدث"، ولهذا تقود الأفكار الخاطئة لدى الفرد عن حياته وتصوراته إلى سلوكيات خاطئة، مما يترتب على ذلك ظهور القلق الذي يوجد لديه، وبالنتيجة خسرنا إنسان كان من الممكن أن نوجهه بطري أخر ليتخلص من عقدة الذنب ومتلازمة الخوف والقلق.
في علم الأجتماع وعلم النفس حتى في الفلسفة هناك عملية تشخيص وعملية تدقيق للنتائج الهدف من ليس فقط تأشير الحالة المدروسة، ولكن البحث في دراسة لاحقة وبمناهج وأساليب بحثية متعددة الهدف منها الحل، قد نصل وتصل البحوث إلى مقاربات إن لم تكن حلول كاملة تخضع للتجربة والتنظير وتخضع أيضا للأثبات والنفي، من هذه النتائج التي نتحدث عنها هناك ما يسمى بأساليب التدعيم وهناك مدرسة مخصصة للبحث في إصلاح وتعديل السلوك وهناك نظريات التلافي أو تعديل النتائج من خلال التغلب على أصل المشكلة بما يعرف علميا أستبدال المثير، في عام 1966م، قام عالم النفس وخبير أبحاث الضغط النفسي "سبيلبرغر" بتتبع مجموعة من الطلاب الجامعيين لمدة ثلاثة سنوات متتالية، ليجد أن أكثر من 20% من الطلاب ذوي القلق المرتفع صُنِّفوا على أنهم فاشلون أكاديميًا مما أدى لفصلهم، في مقابل 6% من الطلبة ذوي القلق المنخفض، الأمر الذي خلص منه "سبيلبرغر" إلى (وجود معاناة صحية وعقلية لدى الطلاب ذوي القلق المرتفع، بالإضافة لتأثرهم بصورة نفسية جسمية تؤثر في أدائهم العلمي)، فالقلق الناتج من الخوف لا يؤثر فقط في إمكانية أن تؤدي إلى ممارسات خاطئة بل إلى الفشل والخروج من دائرة الباعث، وهنا الباعث على الخوف والقلق هو الدين.
إذا علينا البحث عن حل عن علاج حقيقي بدل التركيز على النصح والإرشاد مقابل بقاء الباعث الأساسي للخوف، طبعا مع قداسة النص الديني وعدم إمكانية التغيير والتبديل والحذف الغير ممكنة، علينا أن نبعد إشاعة جو الخوف أولا في المجموعة الإنسانية الأقل تقديرا للخطأ، وهم الأطفال والشباب والكثير من التركيبات الإنسانية الضعيفة التي لا تستوعب مفهوم التحصين السلوكي، ويضع الكاتب "مارسيل شوانتيس" مجموعة من النصائح التي قد تساعد في التغلب على هذا الشعور، أو التعامل معه بصورة نافعة، تبدأ من التركيز على حقيقة القلق العصابي الأولى: لا شيء مخيف يحدث بالفعل، وأن ما تشعر به إما لسبب كامن في اللاشعور، أو هو استجابة شرطية لمؤثر ما غير حقيقي، أو نتاج اضطراب معرفي.. أو أي ما كان صحيحًا من النماذج المفسرة للقلق، المهم هو أن ما أنت فيه لا يدعو بالفعل للخوف" .
هنا نلجأ إلى ما يعرف بالتحصين العملي من الخوف ومن إثارة المخاوف والتهديد وتقديم الدين بشكل إيجابي طالما نحن غير قادرين على الإنفلات من سطوته النفسية والروحية على الإنسان من خلال منهج التدعيم النفسي والسلوكي الذي يختلف تماما عن نظرية التوافق النفسي، فالأخيرة تمثل قهر وأسلوب نفسي لجعل الإنسان مرغما للتوافق مع المثيرات السلوكية التي تزرع أمراضا نفسية أو أضطرابات سلوكية ناشئة من البيئة أو المجتمع أو حتى من المعرفة التي يتلقاها وتساهم في رسم شخصيته على النحو التي تظهر للخارج فتمثل جزء كبير من هويته.
أما نظرية التدعيم فهي ترفض التوافق وتحاول أن تصحح المسارات الحسية والسلوكية لدى الإنسان من خلال دعم وتقوية الركائز الإيجابية التي تساعد الإنسان للتغلب على إشكاليات القلق والخوف، هناك حالات لا ينجح بها التوافق في حل المشكلة وهذا راجع لطريقة المعالجة أو مدى أستعداد الإنسان للتوافق وفق موازنة المعقول والمفهوم، تسمى هذه الحالة بأضطراب التوافق وهي على مستويات عدة، منها ما يشكل أمراضا نفسية تتدرج في خطورتها حسب تصنيفات علماء وأطباء النفس، ولكن فيما يتعلق بموضوعنا هناك ما يسمى اضطراب العواطف والسلوكيات، (في هذا النوع من الاضطراب يكون الشخص يُعاني من اضطرابات العواطف مثل الاكتئاب والقلق فضلا عن السلوكيات غير المقبولة في المجتمع، عند تشخيص امرئ بأنه يُعاني من اضطراب التوافق يجب الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المجتمع والثقافة السائدة في المجتمع الذي يعيش فيه الشخص، ومدى توقّع الشخص من المجتمع المحيط به وكيفية تعامل المجتمع معه في الضغوط النفسية التي حدثت له والتي قادته إلى أن يُصاب بأضطراب التوافق) .
التدعيم أو التعزيز في علم النفس السلوكي هو عملية تصحيح أختلالات ظاهرة تمثل السلوك الغير مناسب أو وقف زيادة احتمالات تكرارها في المستقبل، بإضافة مثيرات إيجابية حميدة أو إزالة مثيرات سلبية مرفوضة بعد حدوثه، فهي لا تقتصر كوظيفة علاجية على زيادة احتمالات تكرار السلوك المختل في المستقبل بأثر إيجابي من الناحية الانفعالية،ً حيث يؤدي التعزيز إلى تحسين مفهوم الذات وأسترداد التوازن المهزوز نتيجة عوامل باعثة مثل الخوق والقلق والمرض والشكوك الهوسية، وهو أيضا يستثير الدافعية الإيجابية للتعامل مع تلك البواعث ويقدم تغذية راجعة بناءة قادرة على خلق بديل إيجابي مع التكرار والتعود، وللتعزيز أهمية كبرى في تيسير التعلم وتحسين مخرجات التدريس وفي مجال الفكر والثقافة والمعرفة.
ويأخذ التعزيز أشكالاً عديدة، فهو قد يكون أولياً أو ثانوياً وقد يكون إيجابياً أو سلبياً، كما قد يكون التعزيز طبيعياً (أي أن علاقته بالسلوك منطقية ومألوفة) أو اصطناعياً (أي أن علاقته بالسلوك غير مألوفة) وقد يكون خارجياً (بمعنى أن شخصا ما يقدم التعزيز) أو داخلياً (بمعنى أن الشخص يعزز سلوكه ذاتيا)، وبالرغم من أن التعزيز من أكثر أساليب تعديل السلوك الإنساني فاعلية في معالجات الظواهر النفسية التي لا تصل إلى مسمى المرض النفسي، فالتعزيز الفاعل هو التعزيز المشروط الذي يتوقف على طبيعة السلوك. وذلك يعني ضرورة تعزيز السلوك المناسب وعدم تعزيز السلوك غير المناسب.
هنا نجد أن من المحتم علينا مؤمنين متدينين أو ملحدين أن نتعامل مع الواقع بعقلانية علمية نحاول أن لا نتجاوز الحقائق وننكر الواقع، وعلينا أيضا أن نفهم أن أفكارنا ومعتقداتنا يجب أن تكون عامل دعم وتعزيز للواقع الإنساني كمسئولية كبرى لتحسين شروط الحياة، سواء بقي الدين أو تغير أو تبدل، المهم أن نحاول بقدر الإمكان التخفيف من أثار الخوف الذي تثيره نصوص الموت والعذاب والعقاب والوعيد وتحويل الفكرة الدينية أيضا إلى معزز سلوكي بتقديم فكرة أنا الخوف حقيقة ليس جادا ولا حقيقيا طالما أننا أسوياء أو على طريق الحياة نمارس دورنا بإيجابية، أو كما يرى "شوانتيس" أن تغيير الأجواء المحيطة بالذات قد يساعد في خفض حالة القلق الحادثة، وأن القلق قد يحدث أحيانًا لمحاولة السيطرة على الأشخاص والأشياء والمواقف التي قد تكون خارجة عن السيطرة الذاتية للمرء، لذا يرى أن "إدراك أنك غير قادر ولا يجب عليك السيطرة على كل شيء وإطلاق سراح مخاوفك سيساعدك على التحكم في عواطفك بشكل أفضل" ويضيف "مات تيني" في كتابه "حافة العقلانية" قائلًا: "إننا ندرب وعينا لنصبح أقل تشتتًا بسبب تفكيرنا، ما يسمح لنا بأن نستمتع بحياتنا أكثر، وأن نكون أكثر حضورًا مع الناس، وأن نَرى العالم، الداخلي والخارجي، بوضوح أكثر" .
نصل من كل ذلك أن نستطيع الإجابة على السؤال الذي قدمنا به البحث، نعم نستطيع أن نعيش بدين من غير خوف ومن غير قلق ونتجاوز كل الإشكاليات النفسية والسلوكية الناشئة عن الوعيد وإثارة الخوف وذكر العذاب والتعذيب، ولكن نحتاج لطبقة دينية منفتحة لديها خلفية علمية تدير المعلومة والفكرة الدينية وتوصلها إلى الإنسان دون أثارة قلقه وخوفه متدرجة في عرض الأفكار الأخرى وفق مستويات النضج والقدرة على التقدير، وهذا مهم جدا للحفاظ أولا على الإنسان المتدين سليما من الناحية النفسية والدين من الرفض والتمرد وتحويل الكثير من الناس من طبقة المتململين أو المتمردين إلى حالة أقل رغبة في ذلك وأقل تطرفا في الفهم والرفض للدين.