أخيراً...الحلم العربي بالصلاة في الأقصى يتحقق...‏ ولكن عبر مطار أبو ظبي حصراً والدفع بالشيكل الإسرائيلي...‏


موسى فرج
2020 / 8 / 14 - 21:05     

منذ إن تمنى المغفور له ملك السعودية فيصل بن عبد العزيز على كيسنجر وزير الخارجية ‏الأمريكي الذي زاره في مطلع السبعينيات من القرن الماضي أن يمكنه من الصلاة ركعتين في ‏المسجد الأقصى قبل أن يموت ...وقد تعددت الأمنيات في هذا الجانب فأحمد حسن البكر تمنى له ‏أنصاره أن يخطب بالقدس عندما هتفوا قائلين: باچر بالقدس يخطب أبو هيثم ...وأيضاً تعددت ‏طرق الوصول إلى القدس فبينما رأى الإيرانيون أن ذلك يمر عبر كربلاء أثناء حرب الثمان ‏سنوات التي استعرت بين العراق وإيران رأى أغلبية القادة العرب إن الطريق يمر من خلال ‏الولايات المتحدة الأمريكية وعبر معاهدات التطبيع المنفردة بينهم وبين إسرائيل...‏
‏ -ووحده أنور السادات اختصر الطريق ليحط مباشرة في تل أبيب في 17 أيلول1978 ليوقع مع ‏رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن معاهدة السلام الشهيرة بين مصر وإسرائيل عام ‏‏1979...التي كانت تمضي تحت لافتة:‏
استرداد سيناء، وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي ينص على انسحاب إسرائيل إلى ‏حدودها قبل 5 حزيران عام 1967، والبدء بمفاوضات لإنشاء منطقة حكم ذاتي للفلسطينيين في ‏الضفة وقطاع غزة تطبيقاً للقرار المذكور...‏
لكن في اليوم التالي أبلغ بيغن الإدارة الأمريكية بموقفه المتمسك بعدم قيام دولة للفلسطينيين، ‏وأقسم أنه لن يترك أي جزء من الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان والقدس وباشر ‏رسميا بتطبيق سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية. ‏
‏-وفي عام 1994، تم التوقيع على معاهدة السلام بين الأردن وإسرائيل في حفل أقيم ‏في وادي ‏عربة في إسرائيل، ‏وقع رئيسا الوزراء إسحاق رابين وعبد السلام المجالي المعاهدة فيما ‏ظهر ‏عزرا وايزمان والملك حسين بمصافحة تاريخية. ‏هذه المعاهدة طبّعت العلاقات بين البلدين ‏وتضمنت "السيادة الكاملة" على منطقتي الباقورة والغمر لكن إسرائيل امتنعت عن إعادة ‏الباقورة والغمر إلى الأردن إلا بعد إن مضى على المعاهدة 25 سنة ولم توقف الضم بل باتت ‏تهدد الآن بضم الأغوار الأردنية...‏
‏-صدام الذي رافقه إلى نهاية حياته هتافه العتيد الذي كان يذيل به كل خطاباته "عاشت فلسطين ‏حره عربيه ..." ذهب ولم يحقق خطوة على هذا السبيل باستثناء بضعة صواريخ سكود أطلقها ‏على إسرائيل عام 1991 استحق عليها بجدارة تمثال له في احدى ساحات غزه...‏
‏-حكام الأمارات بنوا كل إعلانهم ليلة البارحة على أن التطبيع مع إسرائيل يحقق وقف الضم ‏الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ...لكن نتنياهو قال في صباح اليوم أن إسرائيل لن تتوقف عن ‏الضم ...‏
صحيح أنه يقال إن في العقيدة اليهودية نصوص لا تلتزم اليهودي بالإيفاء بتعهداته مع الغير ‏ولكن الهاجس الأمني الذي بنيت عليه استراتيجية إسرائيل العسكرية والسياسية يقول بتغليب هذا ‏الجانب على كل ما عداه من قيم ومواثيق ... وأنا لا أتكلم هنا عن إسرائيل لكني أتكلم عن حكام ‏الأمارات الذين سيوقعون على المعاهدة رسميا في واشنطن الأسبوع القادم ...هل أن تخلي ‏نتنياهو عن وقف الضم سيدفع بهم إلى رفض التوقيع على الاتفاقية على تطبيع العلاقات مع ‏إسرائيل...؟؟
لا طبعاً...لأن تطبيعهم للعلاقات مع إسرائيل لا علاقة له البته مع وقف الضم ولا لأنهم شغوفون ‏مثل فيصل بن عبد العزيز للصلاة ركعتين في الأقصى وإنما هدفهم جلب نتنياهو إلى أبو ظبي ‏ليكون قبالة خامنئي ورفع نجمة داوود على برج خليفة لتحجب مثل الكسوف رؤية الكعبة عن ‏المصلين الإيرانيين وعندما يرتفع علم إسرائيل على مرتفعات جبل علي المقابلة لبندر عباس ‏ينتظرون من كَوكَوش الجميلة أن تتطلع من الشباك لتغني: يمه القمر ع الباب لطلع وانادي لو ‏يمه...‏
هذا هو مراد محمد بن زايد ومحمد بن راشد ...فدولتهما ليست دولة مواجهة أو تماس مع ‏إسرائيل ولا يخشيان منها وهما لا يتحسران على ركعتين يؤديانها في الأقصى وإنما يشغلهما جداً ‏أن يقولا للسيد خامنئي كف عنا لا نريد تشيعك وفي غضون أسبوع أو نحوه يتبعهما ملك البحرين ‏المعظم وسلطان عمان المبجل ...‏
‏ - فقهاء الشيعة ذهب بعضهم للنظر إلى الموضوع من زاويته الشرعية فقال جواد الخالصي " ‏أن أرض فلسطين "قضية شرعية" ولا يمكن لأحد "التلاعب بها". ‏ ‏
‏-السيد الخامنئي وحده من بين فقهاء الشيعة شخص القضية وقرأها قراءة سليمة فقال بيانه: ‏‏"الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتبر خطوة العار هذه التي أقدمت عليها أبو ظبي لتطبيع ‏العلاقات مع الكيان الصهيوني المزيف واللاشرعي والمعادي للإنسانية خطوة خطيرة، وإذ تحذر ‏من أي تدخل من قبل الكيان الصهيوني في معادلات منطقة الخليج..." ‏
هذه هي القراءة الصحيحة لموضوع تطبيع العلاقات مع إسرائيل "تغيير المعادلات في منطقة ‏الخليج" ...ومادام الأمر يقوم على قاعدة إذا عرف السبب بطل العجب ...ليش ما نبطل السبب ‏الدافع للتطبيع حتى يروح العجب ...‏
فإذن لا توجد قضية اسمها وقف الضم للأراضي الفلسطينية، ولكن هذا لا يجعلنا ننظر بسوداوية ‏للأمر فقد تعهدت إسرائيل بتمكين كل من يتمنى أداء ركعتين في الأقصى أن يذهب إلى مطار أبو ‏ظبي ويحجز على الخطوط الإماراتية أو طيران شركة العال الإسرائيلية على أن يدفع بالشيكل ‏الإسرائيلي...‏
وقريباً ستعلن عن امتيازات لترويج السفر إلى إسرائيل من بين ذلك الآتي:‏
‏1.الذين يتسبب لهم ختم جوازاتهم من قبل السلطات الإسرائيلية بالحرج فإنها ستوفر لهم فيزا ‏خارجية يتم ختم الدخول والخروج عليها وليس على جواز السفر...‏
‏2.الحج للأقصى غير محدد بشهر معين أو يوم معين كما هو عند المسلمين مثل ذي الحجة ‏وعاشور فعندهم كل الأيام تصلح لأن تكون عرفات...‏
‏3.المسافرين لا يشترط فيهم السفر للأقصى بل يمكن تغيير الوجهة إلى شواطئ تل أبيب الذهبية ‏‏...وسيجدون كل اللحم الحلال بانتظارهم على أن يكون الدفع بالشيكل... ‏