أمواج الجحيم


عبد الرحيم التوراني
2020 / 8 / 13 - 14:16     

إلى بيروت

كان سين سائق تاكسي، وذاك النهار ساقه قدره إلى منطقة الكرنتينا، أوصل رجلا يقطن قرب المرفأ.
أتصور أنهما في الطريق تبادلا كلاما حول وضع البلد والأزمة الاقتصادية. نحن في بلد لا يكاد يلتقي فيه اثنان إلا وكانت سورة الوجع ثالثهما.
نزل الرجل ولوح بيده للسائق.
لم تصل التلويحة.
ولم يكتمل مشروع التقاطها من المرسلة إليه.

في الغد وجد هولندي من فرقة بحث عن المفقودين يدا مرفوعة صوب السماء، وعينين مفتوحين باتجاه البحر.
أحتفظ بالتلويحة في كيس. وبالنظرة في قارورة. وأضيفا إلى حساب "مجهولي الهوية".
قرأت مذيعة حزينة بيان توقف البحث. ضاع الأمل في وجود أحياء.

عانقت فرق البحث كلابها المدربة، وسمعت أصوات صراخ وعويل أشلاء آتية من أمواج البحر. فيما كان عواء ذئاب وثعالب يتمدد في أوصال المدينة.
أسكت سائق تاكسي الراديو وتكلم مع راكب حول كارثة المرفأ.
صار كلما اجتمع اثنان غرقا معا في جحيم المرفأ.

(بيروت)