بين هيمنة وهيمنة الأقربون أولى بالمعروف!


مشعل يسار
2020 / 8 / 13 - 01:14     

======
عندما حل علينا المرحوم رفيق الحريري رئيسا للوزراء مع الرز والعدس منذ حوالى ثلاثة عقود كنا نزرع الحشيشة بصورة غير شرعية في سهل البقاع وخاصة شماله الفقير بالماء. فهي لا تحتاج إلى ماء وغذاء، ولا إلى كثير اعتناء بها كما يقول العارفون. تنمو على القليل ويستفيد منها المزارع هناك أقل، ولكنها مصدر عيشه المتواضع فيما يغتني من بيعها التجار كارتيل المخدرات. هذا علماً أنها يمكن أن تفيد في مجالات عديدة "شرعية" كالطب مثلا.

فجاء اليانكي وكان قد استولى آنذاك على أفغانستان واستأثر بكل تجارة المخدرات الرائجة - وفرض على دولتنا النيوليبرالية حرق مزروعات الحشيشة مروجاً لاعتماد زراعات بديلة، لكن الأخيرة تحتاج ماء. فصرنا بلا حشيشة ولا زراعات بديلة، واحتار ابن البقاع من أين يأتي برزقه وأكله وباقي المتاع.

الآن الوضع شبيه بالنسبة إلى المقاومة التي يقودها حالياً حزب الله تساعده ظروف جغراسياسية مؤاتية افتقدناها، وفي الماضي كنا نحن الشيوعيين المبادرين إليها وقادتها. اليانكي وماكرون نيابة عن إسرائيل يطالباننا بنزع سلاح المقاومة ويقولان إنها سلاح وميليشيا غير شرعية ودولة ضمن الدولة وإنها تضر بلبنان وأمنه وسلامته وإنها مشروع إيراني (لو كانت "جمول" لقالوا إنها مشروع سوفياتي ثم مشروع إلحادي... هم أخبر منا!).

حسناً! تخلصنا من سلاح المقاومة، علماً أنه لم يكن دائما فعالا ما دامت الحكومة اللبنانية قد أحصت عن بُعد (أونلاين) مئات الطلعات الجوية الإسرائيلية لقصف الشقيقة سوريا ومثلها من الغزوات البرية، ولم تلق إسرائيل رداً وردعاً لا من الجيش اللبناني ولا من المقاومة. وبيّن التفجير الكارثي للمرفأ وتهديم ثلث بيروت وقتل المئات من أبنائها الأبرياء وجرح الألوف وإبقاء مئات الألوف بلا مأوى عورات هذا النظام الرأسمالي الطائفي الزبائني الفاسد.

الجيش ليواجه يجب أن يسلحوه تسليحاً يوازي التسلح الإسرائيلي وأن تتأمن له عقيدة قتالية واضحة تجاه العدو، علما أن السلطة السياسية نفسها لم تعرف حتى الآن أن تستقر على مثل هذه العقيدة. وهذا لا برجوازيتنا الكومبرادورية تريده نظراً لبخلها من جهة ولخيانتها من جهة أخرى، ولا الأميركي يريده لأن إسرائيل يجب أن تبقى برأيه العصا الضاربة في كل الاتجاهات.

المقاومة لتواجه يجب أن تحظى بإجماع اللبنانيين وإلا اتهمت باستفزاز إسرائيل لحرب جديدة على لبنان وتدميره علماً أن إسرائيل ليست بحاجة لذريعة يقدمها أحد ما، فهي رب من اخترع الذرائع. والمقاومة مرتهنة من جهة لاستراتيجية إيران في قضايا الحرب والسلام لأنها السند المادي والعسكري لها، ومن جهة أخرى للطبقة البرجوازية الحاكمة في لبنان المرتبطة بها بألف رباط طبقي وسياسي رغم أن حلفاءها هؤلاء جهدوا لبيعها للعدو غير مرة "بثلاثين من الفضة".

لذلك، منطقياً، لتنفيذ ما يطلبه الأميركي والإسرائيلي والماكروني من إصلاحات!!! على رأسها طلب رأس حزب الله، يجب على لبنان أن يتخلى كليا عن سيادته لا لحزب الله، بل لإسرائيل وكل طامع بالهيمنة علينا وبتلقيننا دروسا من خلال ضربات دولارية قاسية هيهات لنا أن ننساها!