نقد مسلّمات تروتسكي الأساسية حول الثورة الدائمة

نهويل مورينو
2020 / 8 / 11 - 09:54     


تروتسكي اشتق مادة لينين السياسية (الحزب الثوري) في صياغته للعام 1927 حول الثورة الدائمة، حيث يتسنى لك أن تقرأ المسلمات الأساسية للثورة الدائمة، والتي تفيد بأن الطبقة العاملة يجب أن تقود الثورة، وأن تكون، في الوقت ذته، تحت قيادة الحزب الشيوعي الثوري.

صياغة تروتسكي الثانية تفترض أن الثورة الإشتراكية عالمية. إنها تفترض شيئاً مماثلا لما كان قد افترضه حول الثورة الروسية. نظريته الأولى تتعلق بالثورة الروسية، أو غالبا، البلدان “المتخلفة” ذات البروليتاريا الأقوى، دون أن تشمل تلك المتخلفة للغاية.

ومن ثم أضاف مادة سياسية: لقد دمج كلا الموضوعين –الاجتماعي والسياسي- (وقام بوضعهما) في دائرة الفعل.

رفيق: إنه يضيف الموضوع السياسي كما طرحه لينين.

مورينو: تماما. حزب شيوعي ثوري بإرادة الاستيلاء على السلطة هو ما نحتاجه لقيادة الجماهير.

هذا يؤصل لنقاش واسع مع بريوبراجينسكي، بريوبراجينسكي قال: “أنت تقيم بنية كاملة، وأنت لا تفعل هذا كماركسي جيد. ستربح النقاش لأنك تكتب أفضل بكثير مما أفعل، ولكن التاريخ سيثبت أنني على حق، لهذا أريد أن أناقشك. أنت حددت سمة الثورة استنادا إلى من يقوم بصنعها، أية طبقة، أي عبر العامل الإجتماعي، بينما يبدو أنك تولي أهمية ثانوية للمحتوى الاجتماعي الموضوعي للعملية. ليست كل الظروف ستكون شبيهة بالوضع الروسي. ثم إنه إذا كانت الثورة في الصين برجوازية ديمقراطية، فإن ظهور حزب برجوازي صغير (الذي يمكن أن يقود الثورة) أمر لا يمكن استبعاده. بين الفلاحين الروس هذا لم يحدث، ولكن لا يمكن إهماله في الصين. “الواقع” يتغير. لماذا أنت على يقين بأن هذا (الطبقة العاملة) هي الفاعل؟ فقد تكون هي أو لا تكون. لا تغلق الباب أمام إمكانية وجود عامل آخر. هذا منطق ذاتي للغاية، عوضا عن كونه موضوعيا. إذا كانت الثورة الديمقراطية البرجوازية ممكنة، فإن بزوغ تيار (برجوازي صغير) للمضي بها، وإقصاء الإمبرياليين.. الخ، لا يمكن تجاهله. إذا حدث هذا فإن نظريتك لن تقدم لنا أي توجه سياسي. إنّها نظرية متطرفة: إنها تعمم ثورة أوكتوبر بينما نحن ندخل للتو إلى العالم الشرقي ولا نعلم كيف تسير الأمور. فدعنا لا نتسرع”. هذا هو النقد.

بعدها، تروتسكي في رده، الذي سبق وأن ذكرته، غير وجهة نظره، وقال شيئاً أساسيا بالنسبة لنا، ولكن للأسف لم يقم بتطويره أكثر. تروتسكي قال لبريوبراجينسكي: “سوف آخذ حجتك بعين الاعتبار. دعنا نفترض أننا سوف نطرد الإمبريالية، ونعطي الأرض للفلاحين الصينيين. في الصين، طرد الإمبريالية ومنح الأرض للفلاحين هو اشتراكية، إنه ثورة اشتراكية. في الصين لا يوجد نبلاء أرض: تجار الشعب المرابون يقومون باستغلال الفلاحين.

ثم إن الثورة الزراعية في الصين تستهدف البرجوازية الحضرية والريفية. بخلاف ذلك لا يوجد مخرج. بعبارة أخرى، إنها الصيرورة الموضوعية تماما. إذا كانت هنالك صيرورة لثورة ديمقراطية، فإن هذه الثورة ستكون اشتراكية تماما في مضمونها. الشيء ذاته سيحدث إذا ما أقصت الإمبريالية: إذا ما جردت ملكية المصانع، يعني هذا تجريد ملكية المصانع الرأسمالية الأكبر، والموانئ، وكل ما له علاقة بجوهر البنية الاجتماعية- الاقتصادية الصينية. بعد هذا، لا يهمني من هو الفاعل. أيا يكن الفاعل فإن النتيجة هي الثورة الإشتراكية”.

على أية حال، رغم هذه الإجابة، واصل تروتسكي القتال من أجل تفسيره (استنادا إلى) الفاعل: الثورة في الدول المتخلفة يمكنها أن تحدث فقط إذا ما تولت الطبقة العاملة إلى جانب حزب شيوعي ثوري قيادتها.

نعتقد أن الحقائق بينت أن هنالك خطأ كبيرا في نص المسلمات الأساسية لنظرية الثورة الدائمة. لأننا سبق وأن رأينا أن الطبقة العاملة المنظمة والحزب الثوري لم يقوما بقيادة الثورات في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. فقط الرجل الأعمى من سيحافظ عليها (المسلمات)، رجل متعصب لتروتسكي، رجل يؤمن بتروتسكي إلى أبعد الحدود، وتروتسكي سيكون أكثر من يعارضه.

ولكن، مازلنا متعصبين لنظرية الثورة الدائمة. لماذا؟ لأننا نعتقد أنها النظرية الوحيدة التي، رغم هذا الخطأ الهائل، تتناسب مع الواقع.

كان هناك عمليات ثورة دائمة جردت ملكية البرجوازية، حيث مضت في ثورة عمالية واشتراكية دون قيادة الطبقة العاملة أو الحزب الشيوعي الثوري. بكلمات أخرى، فإن العاملَين الخاصين بتروتسكي، العامل الاجتماعي والعامل السياسي، فشلا بالنسبة للحظة التاريخية، حيث لم يبلغانها في الوقت المناسب. ولكن، رغم الفشل في اللحظة التاريخية، مازلنا نعتقد أن نظرية الثورة الدائمة هي أعظم اكتشاف لهذا القرن من الناحية النظرية. وكوننا القلة التروتسكية التي تُصرّ دائما على أن تروتسكي العظيم كان مخطئاً، فإنني أتساءل لماذا لانزال متعصبين لهذه النظرية!

رفيق: لأنها لم تكن خاطئة في هدفها.

مورينو: جيد جدا. ومع ذلك، فإن هناك شيء آخر أكثر أهمية، الأكثر أهمية، والذي لا يجعل أي شخص آخر يضاهى تروتسكي كمنظّر: أنه كان محقاً في أن الثورة عالمية؛ ستكون هنالك ثورات في كافة البلدان.

هنا تدخل الثورة المضادة. لأن تروتسكي قال إنه إما أن تتعمق هذه الثورات، وتمتد حول العالم، وتصبح أكثر اشتراكية، أو أنها ستتوقف أو تتراجع، وستتقدم الثورة المضادة. بكلمات أخرى، لا توجد إمكانية للحفاظ على الوضع الراهن، على مستوى عالمي، بين الثورة والثورة المضادة. هذا الجزء من المسلمات الأساسية قد تحقق بالكامل. لدرجة أن العامل السياسي، أي الأحزاب التي لم تمتلك الإرادة لصنع الثورة الاشتراكية، قد اضطرت إلى فعل هذا بسبب الظرف الموضوعي.

بعبارة أخرى، نعتقد أن تروتسكي لم يطور إجابته لبريوبراجينسكي حول كيف أن العملية الموضوعية تدفع بالثورة الإشتراكية. لا توجد إمكانية للركود، بكلمات أخرى، للتوازن، والحفاظ على الوضع. إما أن تتقدم الثورة، أو الثورة المضادة.

وبالتالي، فإن هذا هو الاكتشاف العظيم لتروتسكي! النظرية الموضوعية الحقيقية للثورة الاشتراكية العالمية. ضمن الثورة الإشتراكية العالمية، فإن كل ثورة قومية هي جزء من الثورة الإشتراكية العالمية. هي ليست مجموع من الأجزاء، ولكن كل ثورة قومية هي جزء منها.

ترجمة تامر خورما