المعارضة السورية و أحرارها و ثوارها


مازن كم الماز
2020 / 8 / 9 - 13:37     

لا يمكن اعتبار المعارضة السورية مجرد معارضة كما كانت قبل 2011 , لقد حكمت و تحكم أجزاءا من سوريا تلك التي تسميها بالمحررة و التي تسيطر عليها النصرة و فرقة الحمزات و أحرار الشرقية و غيرهم ممن تطلق عليهم هي أوصافا كالثوار و الفصائل و بالتأكيد : الأحرار الخ .. هذا لسوء حظنا و لسوء حظ هذه المعارضة الحاكمة يجعلها كسلطة قائمة مستحقة للمحاسبة بنفس العين الناقدة التي اعتادت أن تنظر هي من خلالها لخصمها الأسدي و للعين العادية جدا لأي محكوم تجاه سجون و شرطة و كروش و سيارات ساداته الفارهة , أن يمارس السوريون الذي تحكمهم هذه المعارضة و أحرارها و ثوراها التساؤل عن سجونها و سياساتها الاقتصادية و أجهزة مخابراتها و شرطتها و كروش قادتها و حراسهم و سياراتهم الفارهة بنفس الطريقة التي اعتادوا أن يتأملوا بها شرطة الأسد و موظفيه و سجونه و أجهزة مخابراته الخ الخ .. لسوء حظنا و سوء حظ هذه المعارضة الحاكمة أن انتخابات الأسد الكاريكاتورية لا تعفيها من إنجاز انتخابات ما , أكثر هزلية أو أكثر جدية , تحت أو بدون تدخل أو رقابة أجنبية , مباشرة أو غير مباشرة أو نصف مباشرة , اعتمادا على القوائم أو بدون قوائم انتخابية أو بدون أي من هذا أو بدون اي شيء , اي انتخابات , اي شيء أي كاريكاتور , سواء في ادلبها المحررة أو داخل قواها و فصائلها الثورية الحرة و التي تفرض و تحرس حرية السوريين من جبهة النصرة و فرقة الحمزات و أحرار الشرقية إلى جيش الإسلام و حراس الدين و جيش المهاجرين و الأنصار و غيرهم من ثوار و أحرار الداخل إلى أحزابها الثورية الأكثر ليبرالية لكن التي لا تقل تمسكا و إيمانا بالهوية المنتشرة في أوروبا و أميركا الاستشراقية ما بعد الاستعمارية و الما بعد حداثية , يا ويحي , و العنصرية الخ , أو في مؤسساتها السياسية القاطنة في استانبول أو مؤسساتها الفكرية و الثقافية القاطنة في عواصم قطر و تركيا و أوروبا الكبرى الما بعد .... لسوء حظنا و لسوء حظ هذه المعارضة الحاكمة أن ما يجري في سجون الأسد لا يعفيها من التساؤلات عما يجري في سجونها , سجون ثوارها و أحرارها من النصرة و الحمزات و أحرار الشرقية , و لا أن فساد الأسد و آله يعفيها من التساؤلات عن فساد أحرارها و ثوارها و لا أن طائفية الأسد و حلفائه و أسياده يعفوها من التساؤلات عن طائفيتها و طائفية حلفائها و أسيادها .. يجمع جميع الثوار و الأحرار دون استثناء , و هم أدرى منا بذلك , على أن ما يجري في ادلب و ما وجد من قبل في درعا و دوما و الرستن و القصير و مخيم اليرموك ليست إلا الحرية بأرقى صورها , حرية سيتعلم العالم منها و ستغيره بأكثر مما فعلته الثورة الفرنسية أو الروسية , أو و العياذ بالله , الأميركية .. حرية طالما انتظرها السوريون و استحقوها أخيرا بعد "نضال و تضحيات مريرة" .. أولا أنا أتمنى أن تعم نسائم هذه الحرية إلى كل الأماكن التي يختبأ فيها أبطال سوريا و العالم في الحرية و التعايش و الثورة و اللاطائفية , أن تغمر هذه الحرية العالم بأسره و تصل إلى استانبول و برلين و استوكهولم و أوتاوا و باريس و أمستردام كي تعيشوها و تتمتعوا بها أيضا كإخوتكم السوريين في الداخل السوري المحرر و معهم كل البشر الذين لم يعرفوا يوما سوى أشكال منقوصة استشراقية ما بعد حداثية , و العياذ بالله , من الحرية و الذين طالما تحدثونهم عنها دون أن يفهمومها أو يقدروها .. غريب كيف أن الحرية تبعكم تشبه الاستبداد كثيرا و أن هذه الأسئلة و التساؤلات عن سجونكم أو سجون أحراركم و ثوراكم و كروشهم و سياراتهم الفارهة و نهبهم و استغفالهم و سحلهم و تنكيلهم بمحكوميهم السوريين ممنوعة في ظل حريتكم كما هي في ظل استبداد الأسد و لنفس الأسباب تقريبا , أنها تهدد الثورة و الحرية تماما كما كانت مضرة و مؤذية لمشاعر الأمة الأسدية و توهن من عزيمتها , كيف أن السوريين في الحالتين و في كل الأحوال يبقون مجرد خونة محتملين يجب حمايتهم من أنفسهم و من الأعداء لا يفقهون شيئا عن مصلحتهم و دائما بحاجة لتوجيه و بكل تأكيد لتشبيح من يعرف مصلحتهم و مصلحة الوطن أكثر منهم و لذلك لا يحق لهم أن ينبسوا بنصف كلمة خاصة إذا تعلق الموضوع بحياتهم و مصيرهم , غريبة هذه البلاد التي تنتج فيها الحرية و الاستبداد نفس الشيء , الثورة و الثورة المضادة , الشيعة و السنة , الليبراليون و القوميون و الاسلاميون , و بكل تأكيد اليساريون الغاثبون عن الساحة لكن الذين قد تمنحهم الظروف و فشل الآخرين و الجميع فرصة جديدة لإخضاعنا لتجربة اجتماعية جديدة تحت شعاراتهم و مسدساتهم و سجونهم و معسكرات غولاغهم الخاصة , غريبة هذه البلاد حيث يتشابه و يتماثل فيها الجميع رغم خصوماتهم و معاركهم و مذابحهم التي يدفع الناس ثمنها غاليا و التي يتحدث فيها الجميع عن الناس بينما يعنون في الواقع أنفسهم فقط .. السؤال المتعب و المرعب هنا : هل تشبه المعارضات العربية نظيرتها السورية , و هل الحرية كما تفهمها و تمارسها لا تختلف كثيرا عن الحرية كما تؤمن بها و مارستها و تمارسها نظيرتها السورية .. السؤال هو أنكم تعدون الناس بالمن و السلوى , بآفاق لم يعرفوها في ظل الاستبداد أو البرجوازية الطفيلية أو النخبة المستغربة الكافرة , هل تعرفون بالفعل ما الذي تتحدثون عنه , و أولا هل تؤمنون به , أم أن آخر فضائلكم علينا و أول و آخر إنجازاتكم هو أن تحكمونا كما فعل كل من سبقكم