الماوية و نظرية الثورة - مقتطف 3 من - فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية : -الماوية معادية للشيوعية - نموذجا -- الجزء الأوّل من الكتاب الأوّل من ثلاثيّة - حفريّات في الخطّ الإيديولوجي والسياسي التحريفي و الإصلاحي لحزب العمّال [ البرجوازي ] التونسي -


ناظم الماوي
2020 / 8 / 6 - 23:19     

الماوية و نظرية الثورة - مقتطف 3 من " فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية : "الماوية معادية للشيوعية " نموذجا "- الجزء الأوّل من الكتاب الأوّل من ثلاثيّة " حفريّات في الخطّ الإيديولوجي والسياسي التحريفي و الإصلاحي لحزب العمّال [ البرجوازي ] التونسي "

لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
و الروح الثوريّة للماوية المطوَّرة اليوم هي الخلاصة الجديدة للشيوعيّة – الشيوعيّة الجديدة
( عدد 38 - 39 / أفريل 2020 )
ناظم الماوي

ملاحظة : الثلاثيّة بأكملها متوفّرة للتنزيل بنسخة بى دى أف من مكتبة الحوار المتمدّن .

فضائح تزوير الخوجية للوثائق الماوية :
"الماوية معادية للشيوعية " نموذجا

...
كذب و تزوير فى الفصل الرابع :" الماوية و نظرية الثورة "

===============================================

16- فضح الكذب و التزوير بصدد " الماوية تفصل مرحلتي الثورة بسور صيني"

الإستشهاد ( 51) ، بالصفحة 43 :

تفضّل الخوجي بما يلى ذكره : " ماذا تعنى جملة كهذه " فى المستقبل ستتحوّل الثورة الديمقراطية حتما إلى ثورة إشتراكية " بالنسبة لسير الثورة الفعلي ، سوى تأجيل الثورة الإشتراكية إلى موعد غير محدّد ، إلى مئات أو عشرات آلاف السنين ". [ أنور خوجا، صفحة 441]

بلا تأخير، نعود إلى ماو فى الصفحة 188 من المجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الطبعة الفرنسية ، و الصفحة 223 ، الطبعة العربية. و المقال المتضمّن لهذه الجملة هو " حول تكتيك مناهضة الإمبريالية اليابانية " و قد كتبه ماو فى 27 ديسمبر 1935 ما يعنى بوضوح ما بعده وضوح أنّه مكتوب قبل إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة فى الصين بأربعة عشرة سنة و الرجل ( و يا له من مادي تاريخي! ) يريد من القائد البروليتاري العالمي أن يتكلّم عن الثورة الإشتراكية فى الصين بصيغة الماضي أي ألاّ يراها كمهمّة مستقبلية . أيعقل إتّهام ماو بأنّه يؤجّل الثورة الإشتراكية عشرات آلاف السنين و الحال أنّه لم يشر إليها إلاّ بصيغة المستقبل و الأدهى هو أنّ المرحلة الأولى من الثورة آنذاك لم تنجز بعدُ ؟ ربّما أراد الخوجي من ماو أن يدعو فى 1935 إلى ثورة إشتراكية و بعبارة أخرى أن يضع المرحلة الثانية للثورة قبل الأولى. و هذا أكثر بقليل ، بقليل جدّا من التروتسكية التى تتجلّى فى قراءة حزب العمّال الخوجي لطبيعة المجتمع و لطبيعة الثورة فى القطر و بتعبير للمعرّي معناه ليست لنا عقول!

و ما قول التاريخ فى ما حدث بالصين الحديثة ؟ الواقع المعلوم لدى كلّ من له عيون ليرى و لا يغرس رأسه فى الرمل كالنعامة ، يصرخ : بعد إنتهاء المرحلة الأولى من الثورة الصينية ، فى أواسط الخمسينات ، جرى المضيّ قدما فى الثورة الإشتراكية التى أرسيت بعض قواعدها خلال المرحلة الأولى السابقة لها و الممهّدة لها ، المرحلة الديمقراطية الجديدة ( راجعوا نقاش الإستشهاد 60 ،لاحقا ) .


الإستشهاد 58 ، بالصفحة 45 :

" يمكننا إذن أن نؤكّد أنّ السياسة الجديدة للأمّة الصينية هي سياسة الديمقراطية الجديدة و إقتصادها الجديد هو إقتصاد الديمقراطية الجديدة و ثقافتها هي ثقافة الديمقراطية الجديدة ".

ما هي مشكلة الخوجي مع جملة ماو هذه ؟ مشكلته هي أنّها بالنسبة له ، تؤكّد أن " هذا النظام لا هو برجوازي و لا هو للطبقات الكادحة بقيادة البروليتاريا إبتدعه ماو كي تتقاسم فيه البروليتاريا السلطة مع البرجوازية وحدّد له إطاره، ليس فى الواقع إلاّ شكلا من أشكال دكتاتورية البرجوازية لا أكثر و لا أقلّ " .( التسطير مضاف)

الديمقراطية الجديدة هي شكل دولة إقترحه ماو تسى تونغ للصين ثمّ وقع تطبيقه بعد ذلك تماشيا مع خصوصيّات البلاد التى أصبحت ، بعد تحرّرها التام و قبل منتصف الخمسينات، بلاد الديمقراطية الجديدة المختلفة إختلافا جوهريّا و كيفيّا عن النوع القديم من الديمقراطية / الدكتاتورية البرجوازية و تتباين مع النوع الجديد من الديمقراطية البروليتارية/ دكتاتورية البروليتاريا. و دولة الديمقراطية الجديدة - الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية أقيمت إثر نموذج جديد من الثورات ، تحديدا ثورة ديمقراطية جديدة / وطنية ديمقراطية بقيادة البروليتاريا ( و ليست إشتراكية كثورة أكتوبر) شهدتها الصين كأوّل مرّة فى تاريخ العالم ففى الصين المستعمرة و شبه المستعمرة و شبه الإقطاعية ، وجدت برجوازية تختلف عن البرجوازية فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية ، تختلف عنها فى انّ لها طابع وطني و ليست إمبريالية ، وهي تحارب ، فى فترات ، الإمبريالية و عملاءها نظرا لأنّها مضطهَدَة شأنها فى ذلك شأن البرجوازية الصغيرة و الفلاحين و العمّال من طرف دولة الإمبريالية و البرجوازية الكمبرادورية/البيروقراطية و الإقطاع . فى مثل هذه الظروف المتميّزة ، كتب ماو مقاله " حول الديمقراطية الجديدة " فى جانفي 1940 ( المجلّد الثاني ) و منه أخذ الكيلاني الخوجي الجملة أعلاه و لو أنّه ، مغالطة ، وضع فى المراجع أنّها مقتطفة من المجلّد الرابع ، صفحة 366.

لننصت لماو فى إحدى فقراته بالمجلّد الثاني من مؤلفاته المختارة ولندرك جيّدا ما ينطق به هو فعلا و ما ينسب إليه زورا :

" و على الرغم من أنّ مثل هذه الثورة فى البلد المستعمر و شبه المستعمر لا تبرح خلال مرحلتها الأولى أو خطوتها الأولى ثورة ديمقراطية برجوازية بصورة أساسية من حيث طبيعتها الإجتماعية ، و على الرغم من أنّ رسالتها الموضوعية هي تمهيد الطريق لتطوّر رأسمالي ، إلاّ أنّها ليست ثورة من النمط القديم تقودها البرجوازية و تهدف إلى إقامة مجتمع رأسمالي ، و دولة خاضعة للدكتاتورية البرجوازية ، بل هي ثورة جديدة تقودها البروليتاريا و تهدف ، فى مرحلتها الأولى ، إلى إقامة مجتمع للديمقراطية الجديدة و دولة خاضعة للدكتاتورية المشتركة التى تمارسها جميع الطبقات الثورية. و هكذا فإنّ هذه الثورة من ناحية أخرى تقوم ، على وجه التحديد ، بتمهيد طريق أوسع و أرحب من أجل تطوّر الإشتراكية ".

( التسطير مضاف ، المجلّد الثاني من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، صفحة 480 ، الطبعة العربية )

إذا المسألة ليست مسالة بدعة و إبتداع و محاكمة لماو على الطريقة الدينية السلفية و إنّما هي مسألة تطبيق الماركسية على الظروف الخاصّة بالصين كمستعمرة و شبه مستعمرة شبه إقطاعية ( و ليست روسيا الرأسمالية الإمبريالية ) و الثورة الديمقراطية الجديدة لا تقودها البرجوازية و إنّما تقودها البروليتاريا و تقوم بتمهيد طريق أوسع و أرحب من أجل نتطوّر الإشتراكية : " و من المؤكّد أنّ البروليتاريا و الفلاحين و المثقّفين و الفئات الأخرى من البرجوازية الصغيرة فى الصين هي القوى الأساسية التى تقرّر مصير الصين". ( المصدر السابق ، صفحة 487) و" البرجوازية الوطنية الصينية تتحلّى بصفة ثورية خلال فترات معيّنة و إلى حدود معيّنة ، نظرا لكون الصين بلد مستعمر و شبه مستعمر. وواجب البروليتاريا هنا هو ألاّ تهمل هذه الصفة الثورية للبرجوازية الوطنية و أن تقيم معها جبهة متحدة ضد الإمبريالية و حكومات البيروقراطيين و أمراء الحرب ". ( صفحة 486)

و يشدّد ماو على أنّ : " جمهورية الديمقراطية الجديدة هذه تختلف من جهة عن الجمهورية الرأسمالية من النمط الأوروبي الأمريكي القديم و الخاضعة لدكتاتورية البرجوازية ، إذ أنّ الأخيرة هي جمهورية الديمقراطية القديمة التى فات أوانها ؛ و من جهة أخرى فإنّها تختلف أيضا عن الجمهورية الإشتراكية من النمط السوفياتي و الخاضعة لدكتاتورية البروليتاريا " و هذه الأخيرة " خلال فترة تاريخية معيّنة ، لا تصلح للثورات فى البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة ،و لذا فلا بدّ أن يتبنّى خلال تلك الفترة التاريخية المعيّنة شكلا ثالثا للدولة فى ثورات جميع البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة ، ألا وهو جمهورية الديمقراطية الجديدة . و بما أنّ هذا الشكل مناسب خلال الفترة التاريخية المعيّنة ، فهو شكل إنتقالي و لكنّه شكل ضروري لا بديل له ".( صفحة 488 ، التسطير مضاف)
و بالفعل عندئذ دولة الديمقراطية الجديدة - الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية لا تقاسم فيها للسلطة على الطريقة الخوجية بل قيادة البروليتاريا لطبقات مناهضة للإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية الكمبرادورية/البيروقراطية ، قيادة تمهّد طريقا أوسع و أرحب لتطوّر الإشتراكية فهي بالتأكيد ليست شكلا من أشكال دكتاتورية البرجوازية كما يدعى الخوجيون و إنّما شكلا ثالثا من الدول فى ثورات البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة بقيادة البروليتاريا ، شكلا إنتقاليّا و لكنّه ضروري لا بديل عنه. و ما هذا ببدعة و لا إبتداع من منظور ديني بل تطوير خلاّق للماركسية المطبّقة جدليّا وفق الظروف الخاصّة بالصين و البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة.

و ستالين صاغ ذلك نظريّا و إن بصورة عامة فى " آفاق الثورة فى الصين" المذكور آنفا : " السلطة الثورية المستقبلية فى الصين لا يمكن أن تكون سوى سلطة معادية للإمبريالية " و " ستكون سلطة إنتقالية نحو تطوّر غير رأسمالي و بأكثر دقّة ، نحو تطوّر إشتراكي للصين ". ( التسطير من وضعنا ) . كان ذلك سنة 1926 و ما قاله ماو أتى سنة 1940 لا يتعارضان جوهريّا إلاّ انّ ماو عمّق بفضل تطوّر الممارسة العملية و الثورية تلك المقولات العامة لستالين :

1- سلطة معادية للإمبريالية : سلطة الطبقات الثورية المعادية طبعا للإمبريالية و حلفائها المحلّيين وضمن الطبقات الثورية ، لفترات معيّنة ، توجد البرجوازية الوطنية ( و ستالين عينه دعا إلى التحالف معها ) ؛2 - " سلطة إنتقالية " " نحو تطوّر إشتراكي" : " شكل إنتقالي " يقوم فى" المرحلة الأولى " على وجه التحديد ب " تمهيد طريق أوسع و أرحب من أجل تطوّر الإشتراكية " و " تقوده البروليتاريا ".

و إلى لينين و الأفكار التى بسطها فى " تقرير فى المؤتمر الثاني لعامة روسيا للمنظّمات الشيوعية لشعوب الشرق" فى 23 نوفمبر 1919 ( " ضد الجمود العقائدي و الإنعزالية فى الحركة العمّالية" ، دار التقدّم ، موسكو). مقارنا بين ثورة أكتوبر و الثورات فى الشرق مستقبلا ، قال لينين :

" إذا كان قد تيسّر للبلاشفة الروس إحداث صدع فى الإمبريالية القديمة ، و القيام بمهمّة فى منتهى العسر و لكنّها فى منتهى النبل هي مهمّة إحداث طرق جديدة فى الثورة ، ففى إنتظاركم أنتم ممثلى جماهير الكادحين فى الشرق مهمّة أعظم و أكثر جدّة ". ( صفحة 148 ، التسطير مضاف)

ها أنّ لينين من دعاة " البدعة و الإبتداع " أي التجديد و مواجهة المهام الجديدة وهو المنظّر المعلّم البروليتاري يصف مهمّة شعوب الشرق و ثوراتها القادمة بأنّها ، نسبة إلى ثورة أكتوبر ، " أعظم و أكثر جدّة " و بالنتييجة الهجوم على ماو هو هجوم على لينين و ستالين.

و شارحا ذلك و مشدّدا عليه ، كتب لينين بعد صفحتين :" تواجهكم مهمّة لم تواجه الشيوعيين فى العالم كلّه من قبل: ينبغى لكم أن تستندوا فى الميدان النظري و العملي إلى التعاليم الشيوعية العامّة و أن تأخذوا بعين الإعتبار الظروف الخاصّة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية كي يصبح بإمكانكم تطبيق هذه التعاليم فى الميدانين النظري و العملي فى ظروف يؤلف فيها الفلاحون الجمهور الرئيسي و تطرح فيها مهمّة النضال لا ضد رأس المال ، بل ضد بقايا القرون الوسطى ".

ماوتسى تونغ يتبع تعاليم لينين و يتصدّى للمهمّة الجديدة التى لم تواجه الشيوعيين فى العالم كلّه من قبل ، دارسا الظروف الخاصّة غير الموجودة فى البلدان الأوروبية و معمّقا المبادئ الشيوعية العامّة لينتهي إلى شكل ثالث من الدول هو الجمهورية الديمقراطية الجديدة و الخوجيون جميعا مثلهم مثل كافة التحريفيين يعتبرون ذلك التطوير الخلاّق " بدعة " ماوية بما أنّه لا يوجد فى الكتب الشيوعية السابقة و الحال أنّ لينين كان واضحا تماما بهذا الصدد إذ صرّح " هذه هي القضايا التى لا تجدون حلولا لها فى كتاب من كتب الشيوعية ، و لكنكم تجدون حلولها فى النضال العام الذى بدأته روسيا. لا بدّ لكم من وضع هذه القضية و من حلّها بخبرتكم الخاصّة ، و سيساعدكم فى ذلك من جهة التحالف الوثيق مع طليعة جميع الكادحين فى البلدان الأخرى، و من الجهة الأخرى، معرفة التقرّب من شعوب الشرق التى تمثّلونها هنا. لا بدّ لكم أن تستندوا إلى القومية البرجوازية التى تستيقظ و التى لها مبرّر تاريخي " ( التسطير مضاف).

و التحالف مع البرجوازية الوطنية ، فى فترات معيّنة و فى ظروف محدّدة لم يقترحه ستالين فحسب ( مثلما مرّ بنا ) و إنّما أعرب عن ضرورته لينين ذاته و الأممية الثالثة ( راجعوا " مقرّرات الأممية الثالثة " ) فدعا إلى الإستناد إلى القومية البرجوازية التى لها مبرّرها التاريخي . مجدّدا ترون معنا أنّ الخوجيين حين يهاجمون ماو يهاجمون لينين و ستالين ثمّ يروّجون أنّهم ماركسيون- لينينيون و لكن كرّة وراء الأخرى نسقط عنهم قناعهم و نعرّي دغمائيتهم و تحريفيتهم لينال كلّ ذى حقّ حقّه.

هذا هو القول الفصل للتاريخ و المادية التاريخية و المعلمين البروليتاريين و هذه هي المهمّة الجديدة التى تصدّى لها ماو فطوّر الماركسية- اللينينية والخوجيون لا يعترفون بذلك همّهم الوحيد القدح فى ماو تسى تونغ و الماركسية-اللينينية إعتمادا على قوالب جامدة و نبذ الجديد و الخوف منه و خشيته خشية الخفافيش لشمس النهار.


الإستشهاد (59) ، بالصفحة 46 :

" إنّ الصناعة الرأسماليّة الصينية الخاصة التى تحتلّ المرتبة الثانية فى صناعتها المتقدّمة تمثّل قوّة لا يجب تجاهلها ، لقد شاركت البرجوازية الوطنية الصينية وممثلوها فى نضالات الثورة الديمقراطية الشعبية أو بقيت محايدة بحكم الإضطهاد الذى يسلّطه عليها الإمبريالية و الإقطاع و الرأسمال البيروقراطي، والحدود المفروضة على مختلف أنشطتها. ولهذه الأسباب و بحكم أنّ الإقتصاد الصيني ما زال متخلّفا، يصبح من الضروري و على إمتداد مرحلة طويلة نسبيّا ، بعد إنتصار الثورة، إستعمال العوامل الإيجابية للرأسمال الخاص فى المدن و الأرياف لفائدة تنمية الإقتصاد الوطني. و فى هذه المرحلة ،علينا أن نسمح لكلّ العناصر الرأسمالية فى المدينة و الريف النافعة - و ليست الضارّة- للإقتصاد الوطني من الوجود و من النموّ. و هذا أمر لا يمكن تفاديه ، بل هو ضروري إقتصاديّا... إنّه من الضروري و المفيد بالنسبة لنا أن نستعمل شعار سون ياتسان " مراقبة رأس المال " . غير أنّه علينا و لصالح الإقتصاد الرأسمالي الخاص بصفة مجحفة أو بصرامة كبيرة ، بل يجب أن نترك المجال حتى يتمكّن من البقاء و من التطوّر فى إطار السياسة الإقتصادية و التخطيط الإقتصادي للجمهورية الشعبية ".

و التهمة التى يوجّهها الخوجي لماو هي أنّ القائد البروليتاري العالمي وريث لينين و ستالين و مطوّر نظرياتهما على حدّ ما رأينا بدقّة " يقتفى أثر زعماء الأممية الثانية " معتقدا أنّ " الثورة الديمقراطية البرجوازية [ هي حسب ماو ما عادت من النمط القديم كتلك فى البلدان الرأسمالية الإمبريالية ، بل ديمقراطية جديدة تقودها البروليتاريا و تمهّد الطريق لتطوّر الإشتراكية بصورة أوسع و أرحب ] مفصولة عن الإشتراكية بمرحلة طويلة تتطوّر فيها الرأسمالية لتوفّر الظروف الملائمة للإنتقال إلى الإشتراكية ".

وبسرعة ، نمدّكم بما جاء على لسان ماو : " إنّ الصناعة الرأسمالية الخاصّة فى الصين ، التى تحتلّ المرتبة الثانية فى صناعتنا الحديثة ، هي قوّة لا يجوز تجاهلها. فالبرجوازية الوطنية الصينية و ممثلوها غالبا ما يشتركون فى نضالات الثورة الديمقراطية الشعبية أو يقفون موقف الحياد ، و ذلك يرجع إلى معاناتهم من الظلم او القيود المفروضة من قبل الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية. لهذا السبب ، و لأنّ الإقتصاد الصيني ما زال متخلّفا ، فإنّه سيكون من الضروري ، خلال فترة طويلة نسبيّا بعد إنتصار الثورة ، أن نستفيد بقدر الإمكان من الإيجابية لدى الرأسمالية الخاصة فى المدن و الأرياف ، و ذلك لمصلحة تطوير الإقتصاد الوطني. و فى هذه الفترة يجب السماح لجميع العناصر الرأسمالية فى المدن و الأرياف و التى ليست ضارة بل نافعة للإقتصاد الوطني ، أن تبقى و تتطوّر. و هذا ليس أمرا حتميّا فحسب ، بل هو ضروري إقتصاديّا . و لكن لا يمكن أن نترك الرأسمالية تبقى و تتطوّر فى الصين كما هي الحال فى البلدان الرأسمالية حيث تطغى بدون قيود. فإنّ الرأسمالية فى الصين سوف تقيّد من عدّة نواح- من نواحى نطاق نشاطها و السياسة الضريبية و أسعار السوق و ظروف العمل. و سوف نتبع سياسة ملائمة و مرنة لتقييد الرأسمالية من مختلف النواحي وفقا للظروف المحدّدة فى كلّ مكان و كلّ فرع و كلّ فترة. و ما زال من الضروري و المفيد لنا أن نطبّق شعار صون يات صن الداعي على تحديد الرأسمال. و لكن ، من أجل مصلحة الإقتصاد الوطني كله و المصلحة الراهنة و المقبلة للطبقة العاملة و سائر أبناء الشعب الكادح ، لا يجوز أبدا أن نقيّد الإقتصاد الرأسمالي الخاص بصورة متجاوزة الحد و جامدة ، بل ينبغى أن نترك له مجالا ليبقى و يتطوّر ضمن إطار السياسة الإقتصادية و التخطيط الإقتصادي فى الجمهورية الشعبية. إنّ سياسة تقييد الرأسمالية الخاصّة سوف تصطدم حتما بمقاومة البرجوازية على درجات متفاوتة و فى أشكال مختلفة و لا سيما بمقاومة كبار أصحاب المؤسسات الخاصّة أي كبار الرأسماليين. إنّ التقييد و مقاومة التقييد سيكونان الشكل الرئيسي للصراع الطبقي فى داخل دولة الديمقراطية الجديدة. و إذا راى المرء أنّنا لا نحتاج فى الوقت الحاضر إلى تقييد الرأسمالية و أنّه يمكننا ان ننبذ شعار " تحديد الرأسمال" ، فإنّ هذا الرأي خاطئ كلّ الخطإ، وهو رأي إنتهازي يميني. و لكن إذا رأي المرء ،عكس ذلك، أنّه يجب أن نقيّد الرأسمال الخاص بصورة متجاوزة الحدّ و جامدة، أو إعتقد أنّنا نستطيع حتى إزالة الرأسمال الخاص بسرعة فائقة ، فهذا أيضا خاطئ تماما ،وهو رأي إنتهازي " يساري" أو نظرة مغامرة ".

( المجلّد الرابع من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " صفحة 466-467 ، مارس 1949، الطبعة العربية، التسطير مضاف)

و لنشرح لماذا شدّدنا على " تحتلّ المرتبة الثانية " فى الحديث عن الصناعة الرأسمالية الخاّصة فى الصين. من المفيد للغاية وضع النقاط على الأحرف هنا لكشف خلط الأوراق الذي يعمد إليه الخوجيون و من لفّ لفّهم فالصين بلد مستعمر و شبه مستعمر و شبه إقطاعي و ليس روسيا الرأسمالية الإمبريالية و بالتالى لا يمكن الحديث عن الرأسمالية الخاصّة بصورة عامّة دون تعيين عن أي رأسمالية خاصّة يجرى الحديث : فى الصين هي رأسمالية خاصّة تقف وراءها البرجوازية الوطنية ( و ليس الإمبريالية ) و مثلما يقول ماو تسى تونغ " البرجوازية الوطنية الصينية برجوازية فى بلد مستعمر و شبه مستعمر وهي فى غاية الضعف إقتصاديّا و سياسيّا "( المجلّد الثاني ، صفحة 486).

فما حجم الصناعة ككلّ فى الصين آنذاك ، سنة 1949، قبل إنتصار الثورة فى البلاد كافة ؟

" إنّ صناعة الصين الحديثة ممركزة للغاية ، رغم أن قيمة إنتاجها لا تشكّل إلاّ حوالي 10% من مجمل قيمة إنتاج الإقتصاد الوطني ، إذ أنّ القسط الأكبر و الأهمّ من الرأسمال ممركز فى أيدى الإمبرياليين و كلابهم البرجوازيين البيروقراطيين الصينيين. إنّ مصادرة هذا القسط و تحويله إلى ملكية الجمهورية الشعبية التى تقودها البروليتاريا سوف يمكنان هذه الجمهورية من السيطرة على عصب الإقتصاد فى البلاد و يجعل من إقتصاد الدولة القطاع القيادي فى الإقتصاد الوطني كلّه. إنّ هذا القطاع من الإقتصاد ذو طابع إشتراكي لا رأسمالي. و من يهمل هذه النقطة او يقلّل من شأنها ، فإنّه سيرتكب خطأ الإنتهازية اليمينية ." ( المجلّد الرابع ، صفحة 465-466)

إذا كانت الصناعة عموما تساهم ب 10% فى الإقتصاد الصيني و الرأسمالية الخاصة لها مرتبة ثانية فقوّتها بالتأكيد ضعيفة نسبة إلى الرأسمال و الصناعة الذين سيتمّ مصادرتهما و سيصيران تحت سيطرة البروليتاريا و دولتها و عصب الإقتصاد الإشتراكي لا الرأسمالي . هذا هو إطار إقتصاد الجمهورية الديمقراطية الشعبية - الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية وهو ما يتغاضى الخوجيون عنه و عندئذ لا مجال ، و نحن نعلم حقّ العلم هذه المعطيات، لأن ينفذ أي شكّ إلى أنّ إتهام الخوجيين لماو بأنّه يدافع عن " مرحلة طويلة تتطوّر فيها الرأسمالية لتوفّر الظروف الملائمة للإنتقال إلى الإشتراكية " إتّهام باطل فالقطاع الذى سيمهّد للإنتقال إلى الإشتراكية هو " القطاع من الإقتصاد ذو طابع إشتراكي لا رأسمالي" وهو " عصب الإقتصاد فى البلاد و يجعل من إقتصاد الدولة القطاع القيادي فى الإقتصاد الوطني كلّه " و هو " ملكية الجمهورية الشعبية التى تقودها البروليتاريا " و القطاع الرأسمالي الخاص سيكون مقيّدا، محاصرا يعمل فى إطار محدّد تحديدا.

إلى جانب هذا ، نتوقّف عند " بقدر الإمكان " فنسجّل عدم ذكر الخوجي لتلك العبارات و مردّ هذا التشويه هو أنّ العبارات لا تخدم ما سطّر له الخوجي و ما يرنو إليه ، إنّها تكذّب هي الأخرى إطلاقية الحكم على سياسة التعامل مع الرأسمالية الخاصّة فى إطار جمهورية ديمقراطية جديدة تقودها البروليتاريا فالمسألة مشروطة متعلّقة بالصراع الطبقي و قدرة البروليتاريا و حلفائها على كسبه و مثلما يبيّن ذلك المقتطف و بخاصة الكلام الذى حذفه الخوجي :" إنّ سياسة تقييد الرأسمالية الخاصة سوف تصطدم حتما بمقاومة البرجوازية على درجات متفاوتة و فى أشكال مختلفة و لا سيما بمقاومة كبار أصحاب المؤسسات الخاصة إي كبار الرأسماليين . إنّ التقييد و مقاومة التقييد سيكونان الشكل الرئيسي للصراع الطبقي فى داخل دولة الديمقراطية الجديدة ".

و نتوقّف عند " السماح " للعناصر الرأسمالية جميعها أن تبقى و تتطوّر شرط ألاّ تكون ضارة بالإقتصاد الوطني فنسجّل تعويضها لدى الخوجي ب " نقبل " فى جملة ينسبها لماو " على طول المرحلة ( أي الثورة الديمقراطية الوطنية ) ، علينا أن نقبل كلّ العناصر الرأسمالية للمدينة و الريف "( صفحة 45 من " الماوية معادية للشيوعية "). إيراد جملة بصيغة مطلقة دون التلميح حتى إلى الشرط و تعويض يسمح ب " نقبل " أرادهما الخوجي صيغة لأطروحة تعرض على أنّها شعارا لماو تسى تونغ و الحال أنّ ماو يقصد بالضبط الرأسمال البرجوازي الوطني و المعرّض إلى التقييد و المشروط بعدم الضرر بالإقتصاد الوطني كقطاع فى مرتبة ثانية فالسماح بالبقاء و التطوّر المشروطين لا يعنى رفع اليد عنه و إطلاق العنان له و التعويل عليه لبناء الإشتراكية.

و تجدر الملاحظة هنا أنّ ماو ما إستعمل بتاتا هذا المفهوم ،" ديمقراطية وطنية " فهو مفهوم تحريفي يعتمده حزب العمّال الخوجي يسقطه الكيلاني إسقاطا على ماو والذى يضع مرحلة جديدة قبل الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية فهو حزب العمّال الخوجي الذى يروّج لمرحلة الحرّيات السياسية كتكتيك تحوّل إلى إستراتيجيا و الذى يعتبر الآن الإنتفاضة الشعبية فى تونس ثورة شأنه شأن الخوجيين المتستّرين ، " الوطد "، و كذلك حركة الوطنيين الديمقراطيين !!!

و لينين فى المقتبس الذى نظرنا فيه قبلا ، بصريح العبارة إعتبر أنّه فى المرحلة الأولى من الثورة فى أشباه المستعمرات " تطرح مهمّة النضال لا ضد رأس المال بل ضد بقايا القرون الوسطى " .

و أحلّ الكيلاني الخوجي ثلاث نقاط محلّ جمل تعيّن كيفية تقييد هذا القطاع الرأسمالي الخاص. كدغمائي لا يهمّه مطلقا الواقع الملموس و الإجراءات الخاصّة بتقييد الرأسمالية فى الصين ( تقييد النشاط و السياسة الضريبية و أسعار البيع و ظروف العمل ) ، أمّا نحن فيعنينا الأمر إلى أبعد الحدود كيما نصل إلى الحقيقة التى لا تشوبها شائبة لأنّنا كماديين جدليين ندرك أن الحقيقة ثورية مصدرها الواقع الموضوعي لا التلاعب الخوجي بالوقائع.

و فى خاتمة فقرة ماو ثمّة بالضبط نقد للخطإ الذى يدافع عنه الخوجيون " إذا رأي المرء عكس ذلك، أنّه يجب أن نقيّد الرأسمال الخاص بصورة متجاوزة الحدّ و جامدة أو إعتقد أنّنا نستطيع حتى إزالة الرأسمال الخاص بسرعة فائقة ، فهذا أيضا رأي خاطئ تماما، وهو رأي إنتهازي " يساري " أو نظرة مغامرة ".

نؤكّد هنا بناء على ما سبق أنّ الخوجيين فى سعيهم المحموم للنيل من الماوية عمدوا و يعمدون إلى الدفاع عن أخطاء معروفة تاريخيّا لدي الحركة الشيوعية العالمية أو لدي الحركة الشيوعية الصينية. دافعوا عن بعض أخطاء ستالين الماركسي العظيم و دافعوا عن أخطاء تروتسكي و عن أخطاء وانغ مينغ و عن أخطاء لي ليسان و ليوتشاوتشى ... و إستندوا فى ذلك حتى على كتابات و وثائق و آراء التحريفيين السوفيات و التحريفيين الصينيين.

و ماذا أثبت تاريخ الصراع الطبقي فى الصين ؟ يودّ الخوجيون إفهامنا أنّ الصين لم تمرّ أبدا إلى المرحلة الإشتراكية بينما فى الواقع فسحت المرحلة الديمقراطية الجديدة المجال للمرحلة الإشتراكية منذ أواسط الخمسينات و لن نكرّر هنا ما سنتطرّق إليه بالإعتماد على معطيات ثابتة بصدد الإستشهاد 69 بالصفحة 52 من " الماوية معادية للشيوعية " نستقيها من كتاب شارل بتلهايم و جاك شريار و هيلين مرشيسيو :" بناء الإشتراكية فى الصين"- مسبيرو ، باريس 1968.

و هكذا تطفو حقيقة التزوير الخوجي كالزيت مهما يصبّ عليها من ماء الدغمائية و التحريفية.


الإستشهاد 60 ، بالصفحة 47 :

" يقول ماو : " أن تسعى إلى بناء الإشتراكية على أنقاض النظام النظام الإستعماري و نصف الإستعماري و نصف الإقطاعي بدون دولة موحّدة للديمقراطية الجديدة بدون تطوير الإقتصاد الرأسمالي الخاص يكون مجرّد طوباوية ".

بينما جاء فى الصفحة 442-443 من " الإمبريالية و الثورة " : " السعي لبناء الإشتراكية على أنقاض النظام الإستعماري و نصف الإستعماري و نصف الإقطاعي بدون دولة موحّدة للديمقراطية الجديدة... بدون تطوير الإقتصاد الرأسمالي الخاص ... يكون مجرّد طوباوية ". [ أنور خوجا ، صفحة 442-443 ].

لاحظتم و لا شكّ إستعمال خوجا للثلاث نقاط المسترسلة مرّتين و المقصود هو أنّ جزءا من الكلام قد مُحي و الكيلاني الخوجي يعمّق إنتقائية و إنتهازية معلّمه و لمزيد المغالطة ، يشطبها تماما ( النقاط المسترسلة ). إلاّ أنّه رغم إختلافهما الشكلي هذا ، فإنّهما ، الإثنين ، قد حرّفا أقوال ماو و هذا ما يوحّدهما كمعلّم و تلميذ إنتهازيين.

و الآن لنلمّ بأدقّ تفاصيل ما نطق به ماو فعلا و لنعرف حقّ المعرفة ما تفوّه به حتى نتمكّن من فصل الحنطة عن الزؤان.

" من القواعد الماركسية أنّه لا يمكن بلوغ الإشتراكية إلاّ بعد إجتياز مرحلة الديمقراطية و فى الصين لا يزال النضال من أجل تحقيق الديمقراطية يتطلّب مدّة طويلة . و بدون دولة متحدة و موحّدة للديمقراطية الجديدة،و بدون تطور الإقتصاد الحكومي للديمقراطية الجديدة ،و بدون تطوّر الإقتصاد الرأسمالي الخاص و الإقتصاد التعاوني ، و بدون تطور الثقافة الوطنية و العلمية و الجماهيرية أي ثقافة الديمقراطية الجديدة ، و بدون تحرّر و تطوّر المبادرة الفردية لمئات الملايين من أبناء الشعب ، و بإختصار، بدون ثورة ديمقراطية شاملة ، جديدة الطراز ،متسمة بطابع البرجوازية ، يقودها الحزب الشيوعي ، فإنّه وهم خالص ان نحاول بناء مجتمع إشتراكي على أنقاض المستعمر و شبه المستعمر و شبه الإقطاعي".

( " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، المجلّد الثالث ، صفحة 317، الطبعة العربية ؛ الطبعة الفرنسية صفحة 540 من المجلّد الثالث)

نقف مرّة أخرى على بتر فظيع للنصّ الأصلي حيث جرى القفز على أهمّ ما فى الفقرة ألا وهو تفسير الديمقراطية الجديدة و بالخصوص فى جانبها المناهض للإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية/الكمبرادورية و المقيّد للرأسمال الخاص الوطني و الممهّد للبناء الإشتراكي من خلال " تطور الإقتصاد الحكومي" أي القطاع الإشتراكي فى ظلّ قيادة البروليتاريا مثلما مرّ بنا و " تطور الإقتصاد التعاوني " و " تطوّر الثقافة الوطنية و العلمية و الجماهيرية " أي" ثقافة الديمقراطية الجديدة " " التى يقودها الحزب الشيوعي ". ببساطة يقفز الخوجيون على عناصر البنية التحتية و البنية الفوقية للديمقراطية الجديدة التى ستسمح للصين واقعيّا و فعليّا و بالملموس منذ أواسط الخمسينات أن تتحوّل إلى المرحلة الثانية من الثورة و تمسي بلدا إشتراكيّا ، غايتهم من ذلك نكران البناء الإشتراكي فى الصين و جعل الناس يفهمون - خطأ- أن " الماوية تفصل مرحلتي الثورة بجدار صيني . و الحال أنّهم يطمسون عمدا و عامدين الفرق و التكامل بين المرحلة الديمقراطية الجديدة و الثورة الإشتراكية مثلما نظّر لها ماو تسى تونغ و مارسها عمليّا محقّقا نجاحا غير مسبوق و مطوّرا الماركسية-اللينينية فى هذا المضمار كما فى سواه.


17- فضح الكذب و التزوير بصدد " الإصلاح الزراعي على النمط الماوي"

الإستشهاد (63) ، بالصفحة 48 :

فى سياق الفقرة التالية ، ثمة كلام منسوب لماو تسى تونغ : " لقد ضبط ماو للثورة الصينية إطار " الديمقراطية الجديدة ". و لم يعمل على تجاوزه. بل طمأن كلّ " الذين ساهموا فى الحرب الثورية و يساندون الإصلاح الزراعي و يفعلون بالمثل فى البناء الإقتصادي و الثقافي فى السنوات المقبلة " و " أن الشعب لن ينساهم عند تأميم الصناعة و مشركة الفلاحة ( فى المستقبل- ما زال بعيدا [ كلام الكيلاني طبعا ! ] ) و لهم أمامهم آفاق وضّاءة ."

و مرجع الخوجي فى ذلك هو المجلّد الخامس ، الصفحة 215، علما و أنّ المجلّد الخامس يتضمّن مختارات من كتبات ماو تسى تونغ بين سبتمبر 1949 و مارس 1957.

و ليكن فى علم الجميع أنّ الجمل المقتبسة إيّاها لا أثر لها بالمجلّد الخامس . من أين هي إذن ؟ و الجواب من المجلّد الرابع ، أي نعم من المجلّد الرابع و البون شاسع ، ذلك أنّ النص الذى إحتوى تلك الجمل مكتوب فى غرّة مارس 1948 و الثورة الديمقراطية الجديدة / الوطنية الديمقراطية لم تحقّق الظفر بعدُ و دولة الديمقراطية الجديدة لم ترس حينها عبر البلاد كافة و الحرب الأهلية لم تضع أوزارها بل ما زالت على أشدّها ضد أعداء الثورة المسنودين من قبل الإمبريالية و الخوجيّون يهذون بعدم تجاوز " إطار الديمقراطية الجديدة " !!! هل يريدون من ماو و الثورة لم تحقّق الإنتصار الشامل و لم تنجز مهامها بالكامل أن تتجاوز " إطار الديمقراطية الجديدة " الذى لم يرس بعدُ ؟ ( مفردة " الإطار " من عنديّات الخوجي قصد بها حصر الثورة الصينية فى " إطار" من صنعه و كأنّها لم تمرّ البتّة إلى المرحلة الثانية الإشتراكية ) . إنّهم يطالبون ماو بأن يقوم بالثورة الإشتراكية قبل إنهاء الثورة الديمقراطية الجديدة ، بأن ينجز المرحلة الثانية من الثورة قبل إنهاء المرحلة الأولى. أليس هذا فى منتهى الروعة التروتسكية و التحريفية المعادية للينينية ؟!!!

لننتقل بعد هذا إلى نقد الجمل المقدّمة على أنّها جملا لماو عائدين معكم قبل كلّ شيء إلى النصّ الأصلي : " ينبغى لنا ألاّ نتخلّى عن الوجهاء المستنيرين الذين تعاونوا معنا فى الماضي و لا يزالون يتعاونون معنا فى الوقت الحاضر، الذين يؤيدون نضالنا ضد الولايات المتحدة و تشانغ كاي شيك و يؤيدون كذلك الإصلاح الزراعي . فلنأخذ مثلا شخصيّات مثل ليو شاو باي من منطقة حدود شانشى- سوييوان ولي دينغ من منطقة حدود شنسى- قانسو- نينغشيا، لقد قدّموا لنا مساعدة جيّدة فى الظروف الصعبة خلال و بعد حرب المقاومة ضد اليابان و لم يعرقلوا أو يعارضوا الإصلاح الزراعي حينما قمنا به ، و لذلك يجب علينا أن نواصل سياسة الإتحاد إزاءهم. و لكن الإتحاد معهم لا يعنى إعتبارهم قوّة تحدّد طابع الثورة الصينية. إنّ ما يحدّد طابع ثورة هو أعداؤها الرئيسيون من جهة و القوى الثورية الرئيسية من جهة أخرى. و أعداؤنا الرئيسيون الآن هم الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية فى حين أنّ القوى الرئيسية فى نضالنا ضد هؤلاء الأعداء هي جميع الشغيلة اليدويين و الفكريين الذين يشكّلون 80 بالمائة من سكّان البلاد. و هذا يحدّد طبيعة ثورتنا فى مرحلتها الراهنة أن تكون ثورة ديمقراطية جديدة ، ثورة ديمقراطية شعبية تختلف عن ثورة إشتراكية مثل ثورة أكتوبر".

( المجلّد الرابع من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ، صفحة 266، الطبعة العربية )

من كلّ الجمل المقدّمة على أنّها لماو، لم ترد فى النصّ الأصلي سوى كلمتين إثنتين هما " يساندون" و " إصلاح زراعي" أمّا بقيّة الصيغة و المفردات فهي من إختراع و تركيب متمركسنا الخوجي عليه سلام من صدّق دعوته !

مفاد فقرة ماو لا غبار عليه فبإعتبار أنّ المرحلة الأولى للثورة هي مرحلة الثورة الديمقراطية الجديدة المختلفة عن الثورة الإشتراكية وهي لا توجّه مثلما أعرب عن ذلك لينين " ضد رأس المال " لأنّ العدوّ الرئيسي وفق تحديد القائد البروليتاري العالمي ، ماو هو الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية و القوى الرئيسية هي الشغيلة بالساعد و الفكر- بروليتاريا و فلاحين و برجوازية صغيرة بينما تظلّ البرجوازية الوطنية حليفا متذبذبا. و لئن وجد من بين الوجهاء المستنيرين كأفراد من تعاونوا مع الحزب الشيوعي فى تطبيق برنامجه و القضاء على أعداء الثورة أفلا يتعيّن الإتحاد معهم دون إعتبارهم قوّة تحدّد طابع الثورة ؟ لا يجوز ذلك فحسب بل يتعيّن القيام بذلك لصالح الثورة و إنشاء جبهة واسعة قدر الإمكان ضد العدوّ العنيد و الشرس و تحييد من يمكن تحييده لعزل العدوّ و القضاء عليه و بذلك يتحقّق نجاح ثورة الديمقراطية الجديدة بقيادة الطبقة العاملة ما سيمهّد الطريق أمام المرحلة الموالية ، الثانية للثورة و المقصودة هي الإشتراكية التى تكون دولة الديمقراطية الجديدة فى بنيتها التحتية و الفوقية ( قطاعا إشتراكيّا و تعاونيّا و ثقافة علمية و جماهيرية) قد عبّدت الطريق أمامها سيما و أنّ التناقض الرئيسي فى جمهورية الديمقراطية الجديدة فى الصين ، بعد الإنتصار، داخليّا، أصبح بين البروليتاريا و البرجوازية الوطنية التى كانت تنشط مقيّدة فى حدود ترسمها الدولة الديمقراطية الجديدة بقيادة البروليتاريا.

و بالفعل، فى الصين ، شُرع فى التحويل الإشتراكي على نطاق واسع منذ أواسط الخمسينات و تعمّق مذّاك البناء الإشتراكي من خلال عدّة حركات أهمّها حركة الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى 1966-1976 التى حاصرت أكثر علاقات الإنتاج الرأسمالية و ضربتها فى العمق كما و أزاحت من الدولة و الحزب جزءا من أتباع الطريق الرأسمالي و تمّت هكذا " مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا " نظريّا و عمليّا وهي أهمّ إضافات ماو تسى تونغ الخالدة للماركسية-اللينينية إطلاقا. و فى 1976 تمكّنت البرجوازية الجديدة و عناصرها القيادية داخل الحزب المدافعين عن الخطّ التحريفي ،من قلب سلطة البروليتاريا و من ثمّة إعادة تركيز الرأسمالية و الوثائق التى تسجّل تلك الحقائق التاريخية لا تحصى ولا تعدّ ( و على سبيل الذكر لا الحصر " الصين بعد ماو " لشارل بتلهايم ن مسبيرو ، فرنسا ) ، غير أنّ الخوجيين المثاليين و الدغمائيين التحريفيين لا يأبهون لها و يسعون طاقتهم لفرض ما يصنعونه من خيالات على الواقع فيا لبؤس فكرهم!


الإستشهاد 64 ، بالصفحة 49 :

عن الكيلاني الخوجي : " و هكذا بعد أن ضربت الثورة الصينية الإحتكار القديم فتحت الطريق لإحتكار جديد. و هذا يعنى أنّ الإصلاح الزراعي لم يكن ليحدّ من تطوّر رأس المال بل فتح أمامه طريق التطوّر السريع و الواسع. يقول ماو فى هذا الشأن فى أواسط 1955: " هذه الثورة ( أي الثورة الديمقراطية و المعادية للإمبريالية) تنتسب إلى الماضي . لقدإنتهينا مع الملكية الإقطاعية ، و ما تبقى فى الريف هي الملكية الرأسمالية للفلاحين الأغنياء و الملكية الخاصّة لجمهور الفلاحين ، وهي عريضة كالمحيط. و منذ بضع سنوات لاحظنا أن إتجاه التطوّر العفوي للرأسمالية يتثبت كلّ يوم اكثر فى الريف فنرى فى كلّ مكان فلاحين أغنياء جددا يظهرون. فى حين أنّ الكثيرين من الفلاحين المتوسّطين الميسورين يعملون جهدهم من أجل أن يتحوّلوا إلى فلاحين أغنياء بينما العديد من الفلاحين الفقراء الذين لا يملكون وسائل إنتاج كافية ما زالوا يعيشون فى فاقة بعضهم لهم ديون و آخرون باعوا أو أجّروا أراضيهم و إذا تركنا المجال مفتوحا لهذا التطوّر كي يتواصل فإنّ هذا الإستقطاب الثنائي سوف يسير حتما نحو الإحتداد أكثر".

تعليقنا نستهلّه بالملاحظة الأولى المتصلة بأنّ الجملة الأولى من المقتطف غير موجودة فى النصّ الأصلي بتلك الصفة بل هي تبدأ ب " لكن " الإستدراكية التى تفيد فى الإطار الأصلي عكس ما ذهب إليه الخوجي كما سنقرأ معا فى ما يلى . و الجملة ذاتها " هذه الثورة ( ثورة الديمقراطية الجديدة ) " و ليس كما سمّاها الخوجي زورا و بهتانا ( الثورة الديمقراطية و المعادية للإمبريالية ) " تنتسب إلى الماضي" ؛ تعرّي كلّيا إدعاء الكيلاني الخوجي بأنّ ماو " فصل مرحلتي الثورة بجدار صيني" و بأنّه لم يعمل على كسر " إطار" " الديمقراطية الجديدة. فإذا أضحت الثورة الديمقراطية الجديدة تنتسب إلى الماضي، فى أي مرحلة توجد إذا الصين بداية من أواسط الخمسينات؟ أو على الأقلّ ما هي المرحلة التى ستدخلها ؟ لا جواب لدى الخوجي . بيد انّ ماو الذى طرح المسألة على عكس الخوجي الذى إجتزأ الجملة و عرض جزءا من المسألة واضعا جنبا مقترحات ماو لمعالجة المشكل ، أجاب جوابا بروليتاريا ثوريا على النحو التالي، تحت عنوان " حول مشكل التعاونيّات الفلاحية " و ذلك فى 31 جويلية 1955 ، إعدادا للمرحلة الجديدة أي دفع حركة التعاونيّات الفلاحية و حركة مشركة الفلاحة .

فى الصفحة 215 من المجلّد الخامس ، عبّر عن رأيه بأوضح ما يكون الوضوح : " كما يعلم الجميع ، قد حقّقنا تحالفا بين العمّال و الفلاحين على أساس الثورة الديمقراطية البرجوازية الموجّهة ضد الإمبريالية و الإقطاعية ؛ هذه الثورة إنتزعت الأرض من الملاكين العقاريين لتوزّعها على الفلاحين و هكذا حرّرت هؤلاء من سلاسل الملكية الإقطاعية . لكن هذه الثورة تنتمى إلى الماضى و نحن قد قضينا على الملكية الإقطاعية و ما بقي فى الريف هي الملكية الرأسمالية للفلاحين الأغنياء و الملكية الخاصّة للفلاحين المفردين وهي عريضة كالمحيط. و منذ بضع سنوات ، كما يمكن أن يلاحظ، فإنّ الإتجاه العفوي للرأسمالية فى الريف يتثبّت كلّ يوم أكثر ففى كلّ مكان يظهر فلاحون أغنياء و جدد فى حين يحاول كثير من الفلاحين المتوسطين الميسورين جهدهم كي يتحوّلوا إلى فلاحين أغنياء . فى الوقت الذى لا يتمتّع عديد الفلاحين الفقراء بوسائل إنتاج كافية إذ هم لا يزالون فى فاقة و للبعض منهم ديون و البعض الآخر باع أرضه أو أجّرها. إذا تركنا هذا التطوّر يتواصل فإنّ الإستقطاب الثنائي سيسير حتما إلى الإحتداد أكثر".

الإحتداد سيتفاقم شرط ترك التطوّر على حاله دون تدخّل الدولة التى تقودها البروليتاريا، غير أنّ ماو لا يسعى كثوري بروليتاري إلى تطوّر الرأسمالية كما يدعى الخوجيون لذلك إقترح الحلّ ، بعد وصف الواقع العياني، فى الفقرة عينها بالضبط " فى مثل هذه الحال هل يمكن لتحالف العمّال و الفلاحين أن يحافظ عليه بصلابة ؟ طبعا لا. المشكل لا يمكن ان يعالج إلاّ على أساس جديد: فى نفس الوقت الذى نقوم فيه تدريجيّا بالتصنيع الإشتراكي و التحويل الإشتراكي للصناعات التقليدية و كذلك الصناعة و التجارة الرأسماليين ، يجب القيام التدريجي بالتحويل الإشتراكي للفلاحة فى مجملها و نقصد إقامة التعاونيّات [ التى ستغدو معروفة عالميّا بإسم الكمونات حين تتطوّر] و القضاء على الفلاحين الأغنياء و الإقتصاد الفردي فى المناطق الريفية لغاية ضمان الرفاهة لكلّ الشعب فى الأرياف . نعتبر انّ هذا هو السبيل الوحيد لتعزيز التحالف بين العمّال و الفلاحين" ( التسطير مضاف ، صفحة 216).

و بالأرقام المعبّرة و فى الفقرة التالية تحديدا من نفس النصّ : " علينا أن نعي من الآن أنّ التحويل الإشتراكي سيعرف قريبا و حتما قفزة عامة فى أريافنا. فى نهاية المخطّط الأوّل و بداية الثاني ، يعنى فى ربيع 1958، ستعدّ التعاونيّات من النوع نصف الإشتراكي حوالي 250 مليون فلاّح أي 55 مليون عائلة تقريبا ( إن إعتبرنا معدّل أفراد العائلة اربعة أفراد و نصف) ، وهو ما سيمثّل نصف سكّان الريف. حينذاك ، سيكون تحويل الإقتصاد الفلاحي نصف الإشتراكي قد إنتهى بالأساس فى عديد المحافظات و فى بعض المقاطعات ؛ هذا إضافة إلى أنّ فى مناطق مختلفة من البلاد ، سيكون عدد قليل من التعاونيّات من النوع نصف الإشتراكي قد تحوّل إلى تعاونيّات من النوع الإشتراكي كلّيا. و مع منتصف المخطّط الخماسي الثاني ، أي فى 1960 ، يجب أن نكون قد حقّقنا ، بالأساس ، تحويل الإقتصاد نصف الإشتراكي ضمن النصف الآخر من سكّان الريف .عندئذ ، عدد التعاونيّات من النوع نصف الإشتراكي التى تكون قد صارت من النوع الإشتراكي سيكون أكبر". ( صفحة 216) و البقية تاريخ كما يقال و للإطلاع عليه بإمكانكم العودة إلى " بناء الإشتراكية فى الصين " لشارل يتلهايم و آخرون ( ذكر آنفا ) و " الكمونات الشعبية الصينية " لبتريك تيسيى ( بالفرنسية ، الإتحاد العام للنشر ، باريس 1976، ضمن سلسلة 10/18).

هذا ما إقترحه ماو تسى تونغ البروليتاري الثوري و ما طبقه عمليّا وهو فى ذلك يتباين إلى أبعد ما يكون التباين فى فهمه العميق للعلاقات فى الريف و التحالف بين البروليتاريا و الفلاحين عن الفهم الخوجي الذى يعتقد أنّ الإصلاح الزراعي سيحدّ من الرأسمالية : " الإصلاح الزراعي لم يكن ليحدّ من تطوّر الرأسمالية ". إنّما الإصلاح الزراعي إجراء ثوري خلال مرحلة الديمقراطية الجديدة و مع ذلك هو إجراء ديمقراطي برجوازي و ليس إجراءا إشتراكيّا. شعار الإصلاح الزراعي " الأرض لمن يفلحها " ليس شعارا إشتراكيّا كما صدح بذلك لينين و أعاد و كرّر لمرّات لا عدّ لها فى مؤلّفاته. أمّا التحويل الإشتراكي فهو إجراء إشتراكي حقّا وهو ما نظّر له و كرّسه الشيوعيون الصينيون و على رأسهم ماو بإعتباره " السبيل الوحيد لتعزيز التحالف بين العمّال و الفلاحين " .

نخلص هكذا إلى أنّ الصين منذ أواسط الخمسينات دخلت مرحلة جديدة نوعيّا ، مرحلة البناء الإشتراكي و تعزيز التحالف بين العمّال و الفلاحين على أساس " القضاء على الفلاحين الأغنياء والإقتصاد الفردي فى المناطق الريفية " فى نفس الآن الذى يتمّ فيه " التصنيع الإشتراكي و التحويل الإشتراكي للصناعات التقليدية و كذلك الصناعة و التجارة الرأسماليين" ، إلى جانب ما أنجز من محاصرة رأس المال و تقييده و إرساء قطاع إشتراكي فى الصناعة و الفلاحة تشرف عليه الدولة بقيادة البروليتاريا. كلّ ذلك يفسّر أنّ الثورة الديمقراطية الجديدة أصبحت " تنتسب إلى الماضي ". و بعد هذا يتجرّأ الخوجي على قول " الإصلاح الزراعي لم يكن ليحدّ من تطوّر رأس المال بل فتح أمامه طريق التطوّر السريع و الواسع " !!!

كنا سنقتصر على هذا الحدّ من النقاش لهذه النقطة بيد أنّنا رأينا من الضروري التذكير ببعض الوقائع التاريخية الأخرى و لتسمحوا لنا بالعودة إلى مواقف أخرى لماو تسى تونغ موثّقة بالمجلّد الخامس بالذات.

تحت عنوان " نقد الرؤى الإنحرافية - اليمينية التى تبتعد عن الخطّ العام " ، تطرّق ماو إلى الخطّ العام للحزب فيما يخصّ تحويل الثورة الديمقراطية الجديدة إلى ثورة إشتراكية على أرض الواقع. فى تلك المناسبة ، ركّز سوط نقده على الذين " لم يفهموا انّ طابع الثورة تغيّر و يواصلون ممارسة ديمقراطيتهم الجديدة" عوض الإعتناء ب" التحويل الإشتراكي " و " المحافظة بالفعل على الملكية الخاصة " ، مبيّنا أن المقولة الأولى تذرّ الرماد على الصراع القائم بين المظاهر الإشتراكية التى تولد يوميّا و المظاهر الرأسمالية التى تتعيّن محاصرتها كذلك يوميّا وأنّ الثانية تركّز الملكية الفردية عوض المرور التدريجي إلى الإشتراكية. و كان نقده هذا وجها من وجوه صراع داخل الحزب ضد الخطّ التحريفي ،من أجل خطّ بروليتاري تمكّن من الإنتصار ووضع التحويل الإشتراكي فعلا و بالملموس موضع الممارسة العملية فى الصين التابعة للكرة الأرضية و ليس فى الصين التى يتوهّمها و يصوّرها لنا الخوجيون.

و الأسلوب الإنتقائي الإنتهازي التحريفي الذى إتبعه الكيلاني الخوجي فى هذه النقطة نجمله فى أخذ موقف طالما ناضل ضدّه ماو و هزمه و تقديمه على أنّه موقف ماويّ يستحقّ الإدانة و هذا الأسلوب يجعلنا نستحضر نكتة شعبية قديمة قوامها أنّ أحدهم ، و بعد تفتيش طويل ، لم يعثر على أرنب فأمسك بقطّة و أخذ يضربها ضربا مبرّحا آمرا إيّاها أن تقول إنّها أرنب !!!


الإستشهاد (65)، بالصفحة 49 :

" لقد تمّ بعد الإصلاح الزراعي إستقطاب ثنائي بين الفلاحين . و إذا لم نجد عندنا شيئا جديدا نعطيه لهم ، و إذا لم نساعدهم على إنماء قوى إنتاجهم، و على إنماء مداخيلهم ، و على بلوغ إزدهار عام ، فإنّ الذين بقوا فقراء سوف لا يواصلون منحنا ثقتهم و يصبحون يرون أنّه لم يعد من مصلحتهم مواصلة السّير وراء الحزب الشيوعي لأنّهم بقوا دائما فقراء بالرغم من توزيع الأراضي ، لماذا ينبغى عليهم إتباعنا ؟ أمّا الذين يعيشون فى بحبوحة ، يعنى الذين أصبحوا أغنياء ، أو الذين يعيشون فى بحبوحة عالية ، فإنّهم أصبحوا لا يرون ضرورة لمنح ثقتهم فينا معتبرين أنّ سياسة الحزب الشيوعي لم تعد تتماشى و ميولاتهم . و فى النهاية فالفلاحون أغنياء كانوا أم فقراء سوف لن يطمئنّوا لنا ، و هكذا يصبح التحالف بين العمّال و الفلاحين جدّ هشّ."

و ما يعيبه الخوجي على القائد البروليتاري ، إثر ذلك بالضبط ، هو أنّ -1- " الإصلاح الزراعي و الإجراءات التى تمّ إتخاذها ظلّت مقيدة بالحدود التى تفترضها مصلحة الفلاحين الأغنياء" و-2- " سعى إلى كسب ثقة القطبين فى نفس الوقت ".

لعلّ الأسطر المخطوطة فى جدال الإستشهاد السابق كافية شافية لدحض هذه الخزعبلات الخوجية ، إلاّ أنّه لن يزعجنا بل هو مدعاة للبهجة أن نستمرّ فى تعميق المسألة إيضاحا للحقيقة و فى هذا المضمار لدينا تعليق فى نقطتين، عقب التدقيق فى مضمون المصدر الأصلي لماو :

ب " أصبحوا لا يرون ضرورة لمنح ils n’auront …plus confiance أوّلا، علاوة على خطإ فادح فى تعريب
ثقتهم فينا " وهو خطأ متعمّد يعوّض صيغة المضارع الذى يفيد المستقبل المفترض كإمكانية بصيغة ماضى إقرارية كأنّ الأمر واقعا و ماو يدافع عن مصلحة الفلاحين الأغنياء ( و هذا قطعا تشويه خسيس ) ، علاوة على ذلك " n est jamais a leur gout لا تعرّب ب " لم تعد تتماشى مع ميولاتهم" ( الكلام يخصّ الفلاحين الأغنياء). سياسة الحزب
بل يلزم أن يكون التعريب ب " لا تتماشى أبدا مع ميولاتهم". لماذا هذا التحريف ؟ إنّ " لا " إلى جانب " أبدا " تعنى إطلاق النفي فى حين " لم تعد " تفيد أنّها كانت تتماشى مع ميولات الفلاحين الأغنياء . بكلمات أخرى ، يرجو الخوجي منّا أن نعتقد ، لا بل أن نتوهّم أنّ الإصلاح الزراعي كان خدمة لمصلحة الأغنياء من الفلاحين و أنّ الحزب الشيوعي الصيني ذو توجّهات برجوازية و هذا إفتراء واضح على ماو و على الوقائع التاريخية.

ثانيا، هذه بقيّة الفقرة كما هي فى مقال " نقاش حول التعاونيّات الفلاحية و الصراع الطبقي الحالي" ، بتاريخ 11 أكتوبر 1955: " لغاية توطيده [ التحالف بين العمّال و الفلاحين ] ، ينبغى أن نقود الفلاحين على طريق الإشتراكية " ( المجلّد الخامس ، صفحة 227) . هذا هو الحلّ الذى إرتآه ماو و ناضل من أجله و نفّذه الحزب الشيوعي الصيني محقّقا إنتصارات باهرة .

ما العلاقة بين الحركة التعاونية الفلاحية و تحويل الصناعة والتجارة الرأسماليين ؟ أجاب القائد البروليتاري الصيني: " نعتقد أنّه فقط حين سيكون التحالف بين الطبقة العاملة و طبقة الفلاحين قد تعزّز شيئا فشيئا على قاعدة جديدة هي القاعدة الإشتراكية، خلال التحويل الإشتراكية الشامل للفلاحة، فقط حينها سيكون ممكنا الكسر النهائي للعلاقات بين البرجوازية المدينية و الفلاحين و عزل البرجوازية تماما ما سييسّر التحويل الشامل للصناعة و للتجارة الرأسماليين. إنّ التحويل الإشتراكي للفلاحة يهدف إلى إجتثاث جذور الرأسمالية فى الريف الواسع الإمتداد".( المجلّد الخامس، صفحة 226).

و كشيوعي ثوري يربط كلّ ذلك بالهدف النهائي ألا وهو القضاء على الرأسمالية و بلوغ الشيوعية ، أكّد :

" التعاونيّات الفلاحية ستسمح لنا بتوطيد تحالفنا مع الفلاحين على قاعدة الإشتراكية البروليتارية و ليس على قاعدة الديمقراطية البرجوازية الأمر الذى سيعزل نهائيّا البرجوازية و يسهل القضاء النهائي على الرأسمالية. بهذا المضمار، إنّنا حقّا لا نرحم ! نعم ، الماركسية قاسية، بلا رحمة ؛ ما تصبو إليه هو القضاء قضاء مبرما على الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية و كذلك على الإنتاج الصغير...غايتنا هي بالضبط إقتلاع الرأسمالية من الجذور و محوها إلى الأبد من على وجه الأرض و إحالتها إلى متحف التاريخ ". ( المجلّد الخامس، صفحة 229)

و لا نزيد تعليقا إذ ينكشف الخداع الخوجي فحبل الكذب قصير.


الإستشهاد 66 ، بالصفحة 50 :

" يقول ماو : إنكم مدعوون لتجميع آراء الرفاق المسؤولين على مختلف القطاعات المجتمعين حاليا لمناقشة التكتيك الواجب إتباعه حيال الفلاحين الأغنياء و إبلاغنا عن طريق البرقيات الموقف من إقتراحاتنا الداعي إلى أن لا نترك الفلاحين الأغنياء الرأسماليين و شأنهم فقد ، بل ايضا الفلاحين الأغنياء نصف الإقطاعيين فى حركة الإصلاح الزراعي التى ستبدأ فى الشتاء المقبل فى المقاطعات الوسطى و بعض مناطق الشمال الغربي و نؤجّل لبضع سنوات تصفية مسألة الفلاحين الأغنياء نصف الإقطاعيين."

و رأي الخوجي فى ذلك هو أنّ ماو " كان ملويّ العنق فى إتجاه أغنياء الفلاحين الرأسماليين و نصف الإقطاعيين ".

قبل كلّ شيء ، نلفت النظر إلى أنّ كلمات ماو تسى تونغ هنا تكذّب تكذيبا جليّا تهمة الخوجيين لماو بأنّه يتصرّف خارقا مبدأ القيادة الجماعية ( الإستشهاد 47، بالصفحة 39 ) فالقائد البروليتاري العالمي يجمّع آراء الرفاق فى إطار نقاش تكتيك. و بعد ذلك ، نشير إلى أنّ المقتطف هو فقرة من نصّ " طلب إستشارة حول التكتيك تجاه الفلاحين الأغنياء " و المؤرذخ فى 12 مارس 1950 ( المجلّد الخامس ، صفحة 21 ) . و هذا التاريخ له دلالته لأنّ هذا المقترح أتى بعد أقلّ من سنة من إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة فى البلاد بأسرها و سيكون هذا التكتيك ساري المفعول إلى حدود 1955 و ما فكّكناه فى نقاش الإستشهاد السابق يثبت هذه الوقائع المتعلّقة بالثورة الديمقراطية الجديدة و ليس تكتيكا معتمدا فى أثناء الثورة الإشتراكية.

ما ذلك إذا سوى تكتيك إعتمد لمدّة خمس سنوات خلال الثورة الديمقراطية الجديدة و التمهيد للثورة الإشتراكية و التكتيك كما نعرف مرهون بالواقع الملموس لميزان القوى الطبقي فى زمن و مكان معيّنين لعزل و مهاجمة عدوّ رئيسي محدّد بأكثر ما أمكن من القوّة . و تعليل ماو لهذا التكتيك أتى فى نفس الإتجاه

" أوّلا : الإصلاح الزراعي بإعتباره ذو إتساع لم يشهد له مثيل فإنّ إنحرافات " يسارية" يمكن أن تحصل بسهولة. إذا تعرّضنا فقط للملاكين العقّاريين [ المقصود هو القضاء على الملكية الإقطاعية، صفحة 245 من المجلّد الخامس] و أبقينا جانيا الفلاحين الأغنياء ، سنتمكّن بصورة أفضل بكثير من عزل الملاكين العقاريين و حماية الفلاحين المتوسطين و منع أن يتمّ الضرب و القتل دون تمييز؛ و إلآّ سنتعب كثيرا فى منع ظهور مثل هذه الأعمال. ثانيا، الإصلاح الزراعي المقام فى الشمال حصل زمن الحرب، فى جوّ كانت الحرب فيه تغطّى الإصلاح الزراعي. أمّا الآن و قد وضعت الحرب اوزارها تماما، فإنّ الإصلاح الزراعي سيتخذ طابعا خاصا، سوف يُحدث فى المجتمع هزّة قويّة للغاية و صرخات طوارئ الملاكين العقّاريين ستمسى شديدة الحدّة؛ إذا أبقينا جانبا و بصفة مؤقتة الفلاحين الأغنياء ذوى الطابع شبه الإقطاعي لكي نعود لهم بعد بضع سنوات [ و هذا ما وقع فعلا سنة 1955، عادوا لهم ! ؛ راجعوا النقاط أعلاه ] سوف نكون اكثر إستعدادا لنتصرّف ، يعنى أنّه ستكون لنا مبادرة أكبر من وجهة النظر السياسية. ثالثا ، شكّلنا على المستويات السياسية و الإقتصادية و التنظيمية جبهة متحدة مع البرجوازية الوطنية. و بحكم أنّ هذه الأخيرة مرتبطة إرتباطا وثيقا بالمسألة العقارية فحتّى نطمئنها ، ينبغى عدم التعرّض ، فى الوقت الراهن، للفلاحين الأغنياء ذوى الطابع شبه الإقطاعي... ". ( التسطير مضاف؛ المجلّد الخامس ، صفحة 21 -22).

تكتيك " مؤقت " يصدح ماو بأعلى صوته و صالح " للوقت الراهن " ، سنة 1950 و ل" بضع سنوات " لا غير ، غايته عزل الأعداء الرئيسيين آنذاك : الإقطاعيين او الملاكين العقّاريين ، يستحيل لدى الخوجيين الدغمائيين التحريفيين إلى " لوي" العنق فى إتجاه الفلاحين الرأسماليين و نصف الإقطاعيين "، هؤلاء الذين حاربهم ماو ، مثلما لمسنا أعلاه ، بلا هوادة و بلا رحمة الماركسي الساعي إلى قبر الرأسمالية. فى هذا التكتيك يطبّق القائد البروليتاري العالمي ما علّمتنا إيّاه اللينينية من عزل الأعداء ثم الإنقضاض عليهم و " لا يجب أن تحول المنغّصات الصغرى دون اللذّة الكبرى" و الخوجيون يصمّون آذانهم و يغلقون أعينهم و يكرّرون كالقرص المشروخ " مروق عن الماركسية-اللينينية، مروق..." الخطل الخوجي من هذا اللون يمكن توصيفه ك " إنحراف عن الماركسية فيما يتعلّق بمطالبتها بمراعاة ظروف الزمان و المكان ".

( لينين، المختارات 1/3 ، الصفحة 548، ضمن كتابه " مرض " اليسارية " الطفولي فى الشيوعية "، 1920)


الإستشهاد 69، بالصفحة 52 :

" عندما تكون التعاونية قد أنجزت فى الأساس فى المنطقة او المقاطعة ، أي عندما تحصل على 70 % أو 80% من العائلات الفلاحية ، و عندما تتعزّز تبدأ وقتها فى معالجة قبول الملاكين العقّاريين و الفلاحين الأغنياء مجموعات مجموعات ، بصفة تدريجية كلّ حسب سلوكه الخاص. إنّ الذين يتبعون دائما سلوكا جديدا و هم نزهاء و يحترمون القانون يصبحون أعضاء فى التعاونية و آخرون يعملون مع أعضاء التعاونيّات و يتقاضون أجورهم . إلاّ أنّهم لا يتمتعون بالعضوية. فهم مرشّحون لها إذا كان لهم سلوك حسن، و هذا يعنى بالنسبة لهم مسألة إلتزام...و على كلّ فالملاكون العقاريون و الفلاحون الأغنياء الذين يقبلون كأعضاء فى التعاونيات لا يمكن لهم أن يتحمّلوا فيها أيّة مسؤولية ". و يستنتج الخوجي:"إنّ التعاونيّات على النمط الماوي تصبح بحكم النظرة التى تقودها ، و بحكم تركيبتها الطبقية نوعا من التعاونيّات الرأسمالية يساهم فيها كلّ حسب رأسماله كالتعاونيّات التى تقوم بها رأسمالية الدولة ".

جمل ماو تسى تونغ الأصلية مقتبسة من الصفحة 243 من المجلّد الخامس، من " نقاش حول التعاونيّات الفلاحية " وهي فى أوجه كثيرة مغايرة لتلك التى قدّمها الكيلاني الخوجي : محلّ " جيدا " أحلّ المعرّب الخوجي " جديدا " رغم ما لذلك من تأثير على الفهم فماو ما طلب من الإقطاعيين و الفلاّحين الأغنياء ككلّ ، كأفراد سلوكا جديدا نوعيّا و إنّما فقط سلوكا جيّدا ، حسنا تجاه الفلاحين الفقراء و تجاه قوانين الدولة التى تقودها البروليتاريا. و أمّا أن يعرّب " encouragement " و مفاد المفردة التشجيع بكلمة غريبة كلّ الغرابة عن هذا المعنى ، " إلتزام " و أن يحذف
جزء هام من الفقرة وأن يضع ثلاث نقاط و يفرض صيغ فى الماضي على صيغ أفعالها فى المضارع و تفيد المستقبل فذلك بلا ريب ، تزوير واضح يُخلّ بمعنى الفقرة فى كلّيتها و يوحى بأنّ القبول فى التعاونيّات شمل كلّ الفلاحين الأغنياء و كلّ الملاكين العقاريين و الواقع أنّ ماو قسّم الفلاحين الأغنياء و الملاكين العقّاريين حسب المواقف الملموسة للأفراد من حركة التعاونيّات الإشتراكية ، إلى ثلاث فئات تصرّف مع كلّ منها بطريقة خاصّة و هذا ما أراد " نقّاده " بثّ الرماد عليه.

مكان الثلاث نقاط المسترسلة جملة تفضح إنتقائية الإنتهازي" أمّا الذين هم من الفئة الثالثة فلن يسمح لهم ، فى الوقت الراهن، بدخول التعاونيّات ؛ سنرى فيما بعد و سوف نقرّر حسب الحالات ".

النظرة القائدة لماو هي إذا إدماج فئة من الفئات الثلاث و تحويلها ، ضمن التعاونيات شريطة تحوّل عناصر هذه الفئة عن موقفها الطبقية و سلوكها سلوكا جيّدا محترما قوانين الدولة التى تقودها البروليتاريا و الفئة الثانية تعمل كأجراء دون لقب العضويّة و الفئة الثالثة لن تدخل التعاونيات. و التركيبة الطبقيّة للتعاونيّات ستكون 70% أو 80% من العائلات الفلاحية و فى الأساس الفقيرة هي المسؤولة عن التسيير و حين تقبل بعناصر ، أفراد فئة قليلة العدد إجتماعيّا فذلك لن يغيّر تقريبا فى شيء من التمثيلية الطبقية كمّيا و سياسيّا علما و أنّ هذه الفئة التى ستدمج فى التعاونيّات لن تتحمّل مسؤوليّات فيها .

هذه الملاحظات تدحض فى الصميم النقطتين الأولتين من ترّهات الخوجي حول أنّ " التعاونيّات على النمط الماوي تصبح بحكم النظرة التى تقودها و بحكم تركيبتها الطبقية نوعا من التعاونيّات الرأسمالية يساهم فيها كلّ حسب رأسماله كالتعاونيّات التى تقوم بها رأسمالية الدولة ". أمّا الجزء الأخير: " تعاونيّات رأسمالية يساهم فيها كلّ حسب رأسماله " فيكفى لتفنيده العودة إلى كتاب شهود عيان قاموا برحلة دراسية إلى الصين و هم شارل بتلهايم و جاك شريار و هيلين مرشيسيو و الكتاب هو " بناء الإشتراكية فى الصين " ( مسبيرو ، باريس 1968). نقلوا ضمن ما نقلوا من حقائق الحقائق الآتى ذكرها ( الصفحة 34-35 ) :" ... كان الإنتاج الفلاحي ينمو و فى الريف إمتازت سنوات 1953-1957 بتحوّل الأشكال الخاصّة لإستغلال الأرض إلى أشكال جماعية ، من خلال تتابع سريع نسبيّا لمختلف أنواع التعاونيّات، من التعاونيّات من النوع الأدنى أي نوع التعاونيّات الإشتراكية التى تعمّمت فى 1956-1957 و التى إنتهت إلى التحويل الكلّي لأشكال الإنتاج فى الفلاحة إبتداء من 1957".

و عليه ، تنطق الوقائع بأنّ الصين مرّت بعدُ منذ أواسط الخمسينات إلى التعاونيّات الإشتراكية كشكل مهيمن ويعمل حسب مساهمة كلّ عنصر فى العمل و الخوجيون يتشبّثون بأكاذيبهم السافرة حول التعاونيّات الرأسمالية فى الصين الشيء الذى يجعلنا نقطع جدّيا بأنّه قبل خطّ أي سطر ... كان قد قطع عهدا على نفسه بأنّها لن تكون إلاّ " عنزة و لو طارت " !!!


18- فضح الكذب و التزوير بصدد الصينيون و التجربة السوفياتية فى مجال مشركة الفلاحة :

الإستشهاد (7) لا مرجع له !!!


الإستشهاد 74-75 ، بالصفحة 58-59 :

" " أعلن ماو تمسّكه المبدئي ب " أن الصناعة الثقيلة تمثّل العامل الرئيسي فى تشييد بلدنا . يجب علينا أن نطوّر حسب الأولوية إنتاج وسائل الإنتاج ، و هذا الأمر لا رجعة فيه ".

" و فى تنظيم هذه العلاقة ( العلاقة بين الفلاحة و الصناعة) ، نحن لم نرتكب أخطاء مبدئية . لقد تصرّفنا أحسن من الإتحاد السوفياتي و بعض بلدان اوروبا الشرقية. إنّ المشكل المطروح فى الإتحاد السوفياتي يتمثّل فى أنّ إنتاج الحبوب لم يبلغ المستوى الأقصى لما قبل الثورة و هذا لا يوجد عندنا و لا المشاكل الخطيرة التى عرفتها بعض بلدان اوروبا الشرقية تحت فعل عدم توازن كبير بين تطوّر الصناعة الخفيفة و تطوّر الصناعة الثقيلة. كلّ هذه البلدان شدّدت بصورة إحادية الجانب على الصناعة الثقيلة على حساب الفلاحة و الصناعة الخفيفة الشيء الذى إنجرّ عنه نقص فادح فى تزويد السوق بالسلع الضرورية ممّا أدّى إلى عدم توازن فى العملة. لقد أعطينا نحن أهمّية أكبر للفلاحة و الصناعة الخفيفة ".

"ب" مطروح " مع الحذف التام لظرف الزمان - لمدّة طويلة- تعريب أخرق، يشوّش دلالة s’est posé" تعريب
النصّ مثله مثل الإضافة المجانية ل " الضرورية ممّا أدّى " : " النتائج المنجرّة على التشديد الإحادي الجانب على الصناعة الثقيلة على حساب الفلاحة و الصناعة الخفيفة نتيجتان مرتبطتان و عدم توازن العملة ليس نتيجة نقص السلع فى السوق ". والمشكلة المعالجة تحيل على مقارنة الصين آنذاك بماضي الإتحاد السوفياتي لمّا كان إشتراكيّا لا بحاضره و لا بصفة مطلقة و على عكس ذلك ، حين يقارن ماو الصين بحاضر بلدان أوروبا الشرقية مستعملا الحاضر ، يستعمل الخوجي " عرفتها " ، صيغة ماضى عوضا عن " تعرفها " وهو بهذا يريد خلط الأوراق و خلط الماضى بالحاضر حيث لا يجب لتشويش ذهن القرّاء و تمرير إدّعاءاته الكاذبة .

هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى ، حديث ماو المؤرّخ فى 25 أفريل 1956 لا يتصل " بالعلاقة بين الفلاحة و الصناعة " كما قدّم الكيلاني الخوجي ، بل جاء تحت عنوان " العلاقة بين الصناعة الثقيلة من جهة و الصناعة الخفيفة و الفلاحة من جهة ثانية ". و ماذا فى ذلك ؟ يقلّص الخوجي المشاكل المطروحة للنقاش و يقدّمها على هواه ، متفاديا إثارة مسألة الصناعة الخفيفة و معارضا الصناعة ( لا فرق لديه بين الصناعة الثقيلة و الخفيفة ) بالفلاحة ليخلص إلى أنّ ماو " دعا إلى ضرورة إعطاء الأولوية لتطوير الفلاحة..." وهي فكرة من عنديّاته لأنّنا و كلّ من يفهم و لو قليلا اللغة العربية ندرك أن ليس فى الإستشهاد ،على تشويهه ، ما يفيد ذلك أبدا. ماو ينقد التجارب الإشتراكية السابقة على أنّها " شدّدت بصورة إحادية الجانب على الصناعة الثقيلة على حساب الفلاحة و الصناعة الخفيفة " و يقارن ذلك الخطإ ( و هذا النقد صائب تماما بالنسبة لكلّ مادي نزيه له إطلاع و لو أوّلي على تاريخ تلك التجارب الإشتراكية التى لم تعمّر طويلا إذ إغتصبتها البرجوازية الجديدة ) بموقف الصينيين المستفيدين ممّن سبقهم فى الميدان، فيصرّح : " لقد أعطينا نحن أهمّية أكبر للفلاحة و الصناعة الخفيفة " و حسب سياق الحديث " أهمّية أكبر" تعنى تحديدا أهمّية أكبر من تلك التى أعطتها البلدان الإشتراكية الأخرى التى ما عادت إشتراكية منذ أواسط الخمسينات ، للفلاحة و الصناعة الخفيفة عكس ما ذهب إليه الخوجي من أنّها أهمّية أكبر على حساب الصناعة الثقيلة و سندنا فى ذلك جملة لماو أردفها بعد إعلانه المبدئي عن " أولوية تطوير وسائل الإنتاج " وهي جملة أسقطت قصدا من الإستشهاد الأمر الذى يفسّر شطر الإستشهاد ذاته إلى شطرين إثنين 74و75 : " مع ذلك لا يجب إهمال إنتاج وسائل العيش و على رأسها الحبوب " لا أكثر و لا أقلّ . و يمضى ماو فى تحليله فى الصفحة الموالية ( صفحة 308 من المجلّد الخامس) : " هل يعنى ذلك إذا أنّنا لن نشدّد بعدُ على الصناعة الثقيلة؟ التشديد نعم سيبقى دائما على أنّ هذا القطاع يحتلّ مكانة الصدارة فى إستثماراتنا ، لكن يتعيّن علينا الترفيع فى جزء الإستثمارات الموجّهة للفلاحة و الصناعة الخفيفة." ( التسطير مضاف).

" أعطينا اهمّية أكبر للفلاحة و الصناعة الخفيفة " مفاده بالضبط " الترفيع فى جزء الإستثمارات الموجّهة للفلاحة و الصناعة الخفيفة " مع الإبقاء على التشديد على قطاع الصناعة الثقيلة ، " هذا القطاع يحتلّ مكانة الصدارة فى إستثماراتنا " و هذا التوجه الماوي الثوري ترجم فى سياسة/ شعار " أخذ الفلاحة كقاعدة و الصناعة كقيادة " تأمينا " لإنتاج وسائل العيش و على رأسها الحبوب ".( و نحيل من يرغب فى الإطلاع على حقائق الصين الماوية و مكاسكبها بالإحصائيات و المعطيات الدقيقة على كتاب على الأنترنت ، بموقع الحوار المتمدّن ،" الصين الماوية حقائق و مكاسب و دروس " لشادي الشماوي).

يتخطّى ماو بطريقته المادية الجدلية النظرة الإحادية الجانب و يتطرّق للعلاقة المتبادلة بجوانبها و تأثيراتها كافة وهو فى هذا يستفيد من التجارب التى راكمتها البروليتاريا العالمية السلبية منها و الإيجابية ليطوّر الإقتصاد السياسي الماركسي - اللينيني. إنّ ماو المادي الجدلي يبحث طرفي التناقض فى التجارب الإشتراكية و الخوجيون يتبنّون تلك التجارب بحذافرها و لا يرون فعليّا جوانبها السلبية و اخطائها و نواقصها و المنطق عينه يقودهم بالفعل فى تعاملهم مع مسألة ستالين حيث لا نعثر لهم على تقييم مادي جدلي لما نظّر له و مارسه القائد البروليتاري العظيم و نراهم يردّدون زيفا أن ماو لا يدافع عن ستالين لا لشيء إلاّ لأنّ القائد الثوري الصيني إضطلع بمهمّة التقييم العلمي من زاوية النظر البروليتارية لمساهمات ستالين فى الثورة البروليتارية العالمية و لإخفاقاته التى شرحها ماو و عمل على تجاوزها . واقعيّا ، بالنسبة للخوجيين ، ستالين لم يخطإ أبدا، ليست له نواقص، كلّ ما نظّر له و مارسه لا تشوبه شائبة مهما كانت صغيرة أو طفيفة و هذا طرح غير جدلي للقضية أبعد ما يكون عن اللينينية فى منهجها الديالكتيكي القائم على " إنّ إنقسام الشيء الواحد إلى شطرين و إدراك أجزائه المتناقضة هو جوهر الديالكتيك " ( لينين كما ذكره ماو فى المجلّد الأوّل من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " بالصفحة 501 ؛ " حول مسألة الديالكتيك " ) .

مقابل الموقف المثالي غير الجدلي للخوجيين ، أنجز الماركسيّون - اللينينيون - الماويّون - و ما فتئوا ينجزون- تقييمات عميقة لستالين و التجربة السوفياتية من منظور بروليتاري و كان ماو على رأسهم حين كان حيّا و أعلنها بصريح العبارةؤ، بعد دراسة تقييمية علميةؤ، أنّ ستالين ماركسي- لينيني عظيم يجب الإستفادة من كتاباته و إعلاء صوته ، مدافعا عنه فى وجه التحريفيين جميعا، خروتشوفيين و غيرهم. و قد لخّص ماو تقييمه لستالين ، من وجهة نظر مادية جدلية فى أنّه ماركسي- لينيني عظيم قام بأخطاء و أخطاؤه لا تتجاوز ثلاثة من عشرة ممّا قدّمه للحركة الشيوعية العالمية ( لنقاش مستفيض للمسألة ، راجعوا العدد 3 من " لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية ! " ).



19- فضح الكذب و التزوير بصدد " ماو و رأس المال و السياسة الإقتصادية الجديدة"

الإستشهاد (76) ، بالصفحة 61 :

كتب الكيلاني الخوجي : " ...و بالتالى فإنّ هذه الطبقات "المتحالفة " " تتقاسم" فيما بينها النفوذ الإقتصادي بما فى ذلك الإشراف على القطاع " الإشتراكي" و قطاع رأسمالية - الدولة على الصورة التى ترضى الجميع:" ففى [ الآن الكلام لماو حسب الخوجي] كلّ مؤسسة تابعة للدولة على الإدارة و النقابة تكوين هيئة إدارية مشتركة مكلّفة بتحسين التنظيم بهدف رفع الإنتاج و التخفيض فى تكاليفه و مراعاة المصالح العامة و المصالح الخاصة فى نفس الوقت و على المؤسسات الرأسمالية الخاصّة أن تقوم بهذه التجربة حتى ترفع من إنتاجها و تخفض من تكاليفه و تراعى فى نفس الوقت مصالح العمّال و مصالح رأس المال."

توجد هذه الفقرة بالصفحة 190 ( لا 189 كما كتب الكيلاني ) من المجلّد الرّابع من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " ( الطبعة الفرنسية ) ، ضمن " حول بعض المسائل الهامّة فى سياسة الحزب الراهنة " ، 18 جانفي 1948 و الثورة لم تنتصر بعدُ و لم تحقّق بعدُ جميع أهداف الديمقراطية الجديدة على مستوى البلاد بأسرها و لم تنته بعدُ الديمقراطية الجديدة كمرحلة إنتقالية تمهّد للإشتراكية.

و إليكم نصّ الفقرة فى الطبعة العربية ، بالصفحة 237 من المجلّد الرابع :

" و فى كلّ مؤسسة للدولة على الإدارة و النقابة أن تشكّلا لجنة إدارة مشتركة لتقوية الإدارة بهدف تخفيض تكاليف الإنتاج و زيادة الإنتاج و تحقيق المصالح العامّة و الخاصةّ معا. و على المؤسسات الرأسمالية الخاصّة أيضا أن تجرب هذه الطريقة، بغية تخفيض تكاليف الإنتاج و زيادة الإنتاج و تحقيق مصالح العمل و الرأسمال معا. و يجب تحسين ظروف معيشة العمّال فى حدود مناسبة ، و لكن يجب تجنّب الإفراط فى رفع الأجور."

موضوع حديث ماو هو برنامج سياسة الحزب خلال المرحلة الأولى من الثورة ألا وهي المرحلة الديمقراطية الجديدة حيث لم يكن على جدول الأعمال القضاء على الرأسمالية حينذاك بحكم أنّ هدف الثورة كان الإمبريالية و الإقطاعية و الرأسمالية البيروقراطية و ليس البرجوازية الوطنية ولا رأس المال حسب ما مرّ بنا فى كلام للينين. و أمّا إثر تحقيق إنتصار الثورة و حتى قبل نهية المرحلة الديمقراطية الجديدة ، فقد أعلن ماو بجلاء و أوضح أيّما إيضاح أنّ التناقض الرئيسي داخليّا صار فعلا بين البروليتاريا و البرجوازية ( نقاش إستشهاد * فى تقديم كتاب الكيلاني ).

و ليس هناك ، فضلا عن ذلك، فى المقتطف ما يدعو إلى " تقاسم النفوذ الاقتصادي " " على الصورة التى ترضى الجميع" ( لاحظوا " الجميع " فمن جديد تعميمات مثالية مثلها مثل " إرضاء الجميع كصيغة مناهضة للماركسية و مفهوم الصراع الطبقي فلا مجال فى المجتمع الطبقي لتقاسم النفوذ بين طبقات متناقضة و عدائية ذلك أنّ هذه أو تلك منها ستلتهم الأخرى بمعنى ستهيمن عليها و تمارس ضدّها دكتاتوريتها و غير هذا ميتافيزيقية مثالية و تضليل برجوازي معادي للفهم البروليتاري المادي الجدلي للعالم ) و القطاع الصناعي مثلما سبق أن رأينا ، لا يمثّل سوى 10% من الإقتصاد الصيني ، غالبيته بأيدي قطاع تابع للدولة و القطاع الرأسمالي الوطني وضعت له حدود و قيود وأنشأ أثناء المرحلة الديمقراطية الجديدة، قطاع مشترك بين الدولة التى تقودها البروليتاريا و القطاع الرأسمالي الوطني. و مثّل هذا القطاع المشترك درجة معيّنة من تحويل الرأسمال الخاص إلى قطاع إشتراكي. ( أنظروا التعليق على الإستشهاد 82، لاحقا ). و بالتالى كان قطاع الدولة الإشتراكي هو القطاع القائد طوال المرحلة الديمقراطية الجديدة التى إمتدّت إلى أواسط الخمسينات. و ما جمل ماو تلك التى تتنزّل فى إطار النقطة 3 ( من العنصر الثاني " بعض المسائل المحدّدة فى سياستنا الخاصّة بالإصلاح الزراعي و الحركات الجماهيرية"، التى تتناول توجيه " يجب تلافى إتخاذ أية سياسة مغامرة إزاء الصناعيين و التجّار المتوسطين و الصغار"، إلاّ دليل على ذلك وهي جمل نداء غايته أن تتبع المؤسسات الخاصّة طريقة تسيير قطاع الدولة وهذا شكل آخر من أشكال محاصرة الرأسمال الوطني و مؤسساته الخاصّة و تحديدهم و تقييدهم.

و فوق ذلك، نعيد التذكير بالبون الشاسع بين تطوّر الرأسمالية و تطوّرها المقيد فى المرحلة الديمقراطية الجديدة فى الصين " و لكن لا يمكن أن نترك الرأسمالية تبقى و تتطوّر فى الصين كما هي الحال فى البلدان الرأسمالية حيث تطغى بدون قيود . فإنّ الرأسمالية فى الصين سوف تقيد من عدّة نواح- من نواحي نطاق نشاطها و السياسة الضريبية و أسعر السوق و ظروف العمل. و سوف نتبع سياسة ملائمة و مرنة لتقييد الرأسمالية من مختلف النواحي وفقا للظروف المحدّدة فى كلّ مكان و كلّ فرع و كلّ فترة."

( ماو تسى تونغ ، المجلّد الرابع من " مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، صفحة 466، الطبعة العربية ؛ و صفحة 386 ، الطبعة الفرنسية )

و حقائق التحويل الإشتراكي للصين الثورية الماوية و تفاهات الخوجيين بهذا الشأن قد تناولناها بالتفصيل أعلاه و لا فائدة فى تكرارها.


الإستشهاد (77) ، صفحة 62 :

ورد على لسان الكيلاني الخوجي : " إنّ سلطة الديمقراطية الجديدة ليست موجّهة ضد إستثراء البرجوازية الوطنية بل هي تدافع عن مصالحها . يقول ماو فى عام 1957: " إنّ السياسة التى تعتمد على حماية كلّ صناعة و كلّ تجارة خاصّة تخدم الإقتصاد الوطني و على تشجيع نموّها هي سياسة كنّا طبقناها فى المناطق المتحرّرة و تبقى صحيحة. و ينبغى علينا مواصلتها و السياسة المتبعة وقت التخفيض فى إيجار الأرض و نسبة الربح الهادفة إلى تشجيع الملاكين العقاريين و الفلاحين الأغنياء لتوجيه أنشطتهم نحو الصناعة أو التجارة تبقى صحيحة أيضا... إنّ المؤسسات الصناعية و التجارية التابعة للملاكين العقاريين و الملاكين الأغنياء ن ينبغى حمايتها عامة و ينبغى مصادرة المؤسسات الصناعية و التجارية التابعة للرأسمال البيروقراطي و الطغاة المحلّيين و عناصر أخرى شديدة العداء للثورة...لا ينبغى أن تصل الضرائب على رغم المعاملات الصناعية و التجارية النافعة للإقتصاد الوطني إلى حدّ يضايق هذه المؤسسات ".

عكس الإستشهاد السابق ، هذا الإستشهاد ليس موثّقا بالصفحة 190 بل بالصفحة 189 من المجلّد الرابع من" مؤلّفات ماو تسى تونغ المختارة " ، الطبعة الفرنسية و بالصفحة 236 من الطبعة العربية ، و هو ( الإستشهاد ) جزء من النقطة 3 من " بعض المسائل المحدّدة فى سياستنا الخاصّة بالإصلاح الزراعي و الحركات الجماهيرية " و بالنتيجة هو الجزء الموجود قبل الإستشهاد (76) بالضبط. و الخوجي هذه المرّة ، كسابقاتها ، يواصل هوايته المفضّلة التى أمسينا نعرف جيّدا إذ كتب " يقول ماو فى عام 1957" و الواقع الدامغ أنّ النصّ مؤرّخ فى 18 جانفي 1948 و لا شيء فى ذلك!!! بالضبط كما لو قلنا كتب لينين " خطّتا الإشتراكية الديمقراطية فى الثورة الديمقراطية " سنة1923، عوض سنة 1905.

بالبساطة كلّها ، يقفز المتمركس الخوجي الدغمائي التحريفي على أهمّية المكان و الزمان فى تحديد مدى صحّة المواقف ، و بمثالية يقفز على الفرق بين المرحلتين الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية ، غرضه إيهامنا أنّ ماو يسلك سياسات ديمقراطية جديدة فى المرحلة الإشتراكية وهذا مجرّد لغو لا غير.

نعيدها ، لا ضرر فى ذلك إن أبلغنا أنّ ماو يمارس و يواصل ممارسة سياسة إنتهجها قبل تسع سنوات ، فى أثناء مرحلة قال عنها على الملإ بعد تجاوزها إنّها " أصبحت تنتسب إلى الماضي " ( نقاش الإستشهاد 64 ) ، يواصل إنتهاجها فى مرحلة الثورة الإشتراكية التى شهدت منعرجا غاية فى الأهمّية منذ 1956-1957؛ حقّا لا ضرر فالأمر يضاهي أن يقول الخوجي إنّ ثورة أكتوبر حصلت سنة 1926 أو أنّ ستالين توفّي سنة 1962 و ما إلى ذلك ،لا ضرر... يظلّ الكيلاني الخوجي " رفيق " يبحث عن تخليص الخوجيين من الماوية و لا يهمّ إن ادخل تحويرات طفيفة و طفيفة جدّا على النصّ الأصلي إطارا و شكلا و مضمونا، لا يهمّ إطلاقا، لا يهمّ !!!


20- فضح الكذب والتزوير بصدد" التحوّل الإشتراكي للرأسمال الخاص: ماو يقتفي أثر بوخارين"

الإستشهاد (82) ، بالصفحة 66 :

جاء على لسان الكيلاني : " و يقول [ماو] فى مقال آخر تحت عنوان " حول الأسلوب الصحيح لمعالجة التناقضات فى صلب الشعب " : " هنالك من الرأسماليين من يبدون تردّدا كبيرا إزاء الدولة لأنّ شغفهم بالربح لم يغادرهم بعدُ ، و من جهة أخرى هنالك بعض العمّال يحرقون المراحل إذ لا يسمحون لرأس المال بأدنى ربح ".

لم ترد هذه الجمل الماوية كما يدعى الخوجي فى مقال بعنوان " حول الأسلوب الصحيح لمعالجة التناقضات فى صلب الشعب " و المؤرّخ فى 27 فيفري 1957 ، بل أفصح عنها القائد البروليتاري الصيني فى مقال بعنوان " الطريق الوحيد لتحويل الصناعة و التجارة الرأسماليين " كتبه فى 7 سبتمبر 1953 ( نعم سنة 1953) ، بالصفحة 119/120 من المجلّد الخامس من " مؤلفات ماو تسى تونغ المختارة " . للمرّة الألف شعارات الخوجي هي : - لا للتفريق بين المرحلتين الديمقراطية الجديدة و الإشتراكية ! – ليسقط التاريخ و لتعلو الأوهام ! - نعم لإغتصاب الوقائع !

أوّل جملة من المرجع الأصلي لماو هي " تحقيق تحويل الإقتصاد الرأسمالي إلى إقتصاد إشتراكي مرورا برأسمالية الدولة "، كفكرة محورية للمقال. ما لم يرغب الخوجي فى أن نعرفه هو أنّ الماركسيين - اللينينيين و على رأسهم ماو شرعوا ، خاصة منذ 1953، فى إعداد أرضية التحويل الثوري للرأسمالية و لم يعملوا إطلاقا و أبدا على تأبيدها. لقد بذلوا قصارى جهدهم لبناء الإشتراكية و نجحوا فى ذلك إلى حدود أكتوبر 1976 وهو تاريخ الإنقلاب المعادي للثورة لجماعة دنك سياو بينغ - هواو كوفينغ على القيادة الثورية البروليتارية و مذّاك تحوّل لون الحزب الشيوعي الصيني و الدولة من حزب و دولة بروليتاريين إلى حزب و دولة برجوازيين ونفّذت هذه الجماعة التحريفية البرجوازية الجديدة مخطّطها فى إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين .

و إلى نقطة جوهرية : ما المقصود ب" رأسمالية الدولة ؟ " يجيب ماو شارحا ، بالصفحة 120 من المجلّد الخامس : " مؤسسة مختلطة ذات رأسمال خاص و تابع للدولة ؛ مؤسسة تطبّق مطالب أو عمل تحويل لصالح الدولة التى تتولّى مدّها بكلّ المواد الأوّلية الضرورية و تتولّى شراء كلّ إنتاجها، مؤسسة تكتفى الدولة بشراء جزء كبير من إنتاجها- هذه هي الأشكال الثلاثة التى تتخذها رأسمالية الدولة فى الصناعة الخاصّة ".

و كيفية توزيع المرابيح التى تحقّقها مؤسسات رأسمالية الدولة هي كالآتى ذكره ( الصفحة 120 من المجلّد الخامس):

"- أداءات على المداخيل 34.5%.
- صندوق الرفاهة 15%.
- صناديق المراكمة 30 %.
- أسهم تعطى للأعراف 20.5% ".

من هنا ندرك كيف أنّ الرأسمالية محاصرة و مقيّدة و موجّهة فى خدمة الشعب ( محاصرة و مقيّدة بطرق أخرى عرضناها عند نقاش الإستشهاد 64 ) و الصين التى تمّ فيها تطبيق هذه السياسة الثورية أثناء المرحلة الديمقراطية الجديدة هي على الكرة الأرضية ،الصين الماوية ، لا الصين الخيالية الخوجية المفبركة خصّيصا و حسب المقاس لتشويه مكاسب الثورة الماوية فى الصين و المساهمات الخالدة لماو تسى تونغ فى تطوير علم الثورة البروليتارية العالمية إلى مرحلة ثالثة ، جديدة و أرقى هي الماركسية-اللينينية-الماوية.

مفيد فى هذا المجال كتاب " الصين الماوية : حقائق و مكاسب و دروس " المشار إليه أعلاه.


الإستشهاد (83) ، بالصفحة 66 :

كتب الكيلاني : " و لإيهام الشعب الصيني بأنّ الثورة تتقدّم بإستمرار ولكي يتمكّن ماو من حماية أغلب الرأسماليين صنّف المؤسسات الصناعية و التجارية على خمسة أقسام: التى تحترم القانون و التى تحترمه فى الأساس و التى توليه نصف الإحترام و تخرقه بالنصف أيضا، و التى تخرق القانون فى الأساس و التى تخترقه كلّيا. و إذا إكتفينا بالمدن الكبرى فالثلاثة أصناف الأولى تمثّل حوالي 95% . أمّا الصنفان الباقيان فيمثّلان حوالي 5% . " ثمّ ستساءل الخوجي " فما هي الإجراءات الحازمة التى يعتزم ماو إتخاذها ضدّها ؟ " و يجيب : " كلّ ما فى الأمر أنّ ممثّل الصنف الأوّل من ال5% له الحقّ فى التواجد فى مراكز الإشراف فى التنظيمات المهنية البرجوازية و يطرد ممثلو الصنف الثاني من هذه المنظّمات و على الأخصّ إذا كان سلوكهم فى حركة " الووفان" غير مرضى. و هكذا تكون النتيجة النهائية لحركتي " السان فان " و "الووفان " ليست تقليص نفوذ البرجوازية بل تركه على حاله مع فتح الباب أمام المشاريع المشتركة مع السلطة ".

لعلّ أوّل ما يتبادر إلى الذهن هو سؤال ما هي " السان فان " و " الووفان " ؟ فى الصفحة 72 من المجلّد الخامس أي فى المقال نفسه المعنون " حول حركتي " السان فان " و " الووفان " ، تعريف بالمفهومين. كلمة " سانفان" تستعمل للدلالة على حركة نضالية خاضها الشيوعيون بقيادة ماو تسى تونغ فى نهاية 1951، ضمن العاملين فى أجهزة الدولة و مؤسساتها، ضد الفساد و التبذير و البيروقراطية. و مفردة " ووفان " تدلّ على الحركة التى إندلعت أوائل 1952 ،فى المؤسسات الخاصّة، ضد " العيوب الخمسة " التى يقترفها صناعيون و تجّار: الرشوة و التهرّب من دفع الضرائب و سرقة ممتلكات الدولة و عدم تنفيذ العقود المبرمة مع الدولة بشرف و سرقة المعلومات الإقتصادية . ( علما و أنّ الخوجي لا يذكر بالصفحة 66 من كتابه سوى إسم الحركة الثانية و يغيّب محتواها تغييبا تاما).

هاتان الحركتان لوحدهما تبيّنان بما لا يدع مجالا للشكّ أنّ الماوية حاصرت و قيّدت البرجوازية الوطنية و الرأسمال الوطني فى ظلّ الديمقراطية الجديدة و صارعتهما ميدانيّا كأدقّ ما يكون الصراع و لم تكتف بذلك و إنّما حاربت حتى السلوكات البرجوازية فى صفوف العاملين فى قطاع الدولة التى تقودها البروليتاريا ، معبّئة الجماهير ضد الفساد و التبذير و البيروقراطية.

إنّ شيخنا المتمرّس على الإنتقائية إتخذ بنظرة إحادية الجانب من الدعوة لإعادة تنظيم المنظمات المهنيّة للبرجوازية الوطنية على أساس قيادة من إحترموا قانون الدولة الديمقراطية الجديدة التى تقودها البروليتاريا و طرد من عارضوه من تلك المنظّمات ( و الشيوعيون الماوين الصينيون محقّون فى هذا الإجراء الثوري) ، لرمي ماو جزافا بما يعنّ له. فالجانب التنظيمي لم يأت إلاّ تتويجا للإجراءات النضالية الأخرى و منها ما ذكرنا و ما مصدره المجلّد الخامس عينه، بالصفحة 67 ، ضمن المقال نفسه، بتاريخ نوفمبر 1951 أي خلال مرحلة الديمقراطية الجديدة ، لا بعدها :

" بالنسبة للحالات القليلة الأهمّية سيربّى المذنبون عبر النقد ، أمّا المذنبون الكبار فسيعزلون و يعاقبون أو يحاكمون بالسجن ( لتربتهم عبر العمل الشاق ) و عدد معيّن من المختلسين الذين تكون حالتهم من أخطر الأحوال سيقع حتّى إعدامهم ". و فى الصفحة 68 التى منها إقتطف الإستشهاد (83) ، نقرأ : " ...الرأسماليون الرجعيون الذين قاموا بالجرائم الأكثر خطورة سيقع عزلهم و الدولة ستكون مستعدّة لإصدار العقوبات المفروضة دون أن تلقى معارضة كبيرة ، مثلا، غرامات مالية ، مصادرة ، إيقاف ، حكم بالسجن أو الإعدام ".

على هذا النحو ، إلى جانب إجراءات تقييد و محاصرة رأس المال الوطني فى نشاطه و تطوّره فى الصين ، جرى تطبيق الدكتاتورية الديمقراطية الشعبية بقيادة البروليتاريا ضد اعداء الشعب من الإمبرياليين و الإقطاعيين و الرأسماليين البيروقراطيين/الكمبرادوريين و حتى ضد الرأسماليين الوطنيين العاملين على تجاوز قانون الدولة الديمقراطية الجديدة سنوات 1951 و 1952 ، قبل المرور إلى المرحلة الإشتراكية. فأين المفرّ يا أيها الخوجيون الدغمائيون التحريفيون و الحقائق التاريخية الفاقعة أمامكم و القراء و قد عرفوا ما تبطنون من كذب و تزوير و خداع من ورائكم ؟