النظام الأكبر هجنة في التاريخ ..محنة الإنسان في العراق


كامل الدلفي
2020 / 8 / 6 - 15:02     

الخروج من مسقط الرأس بحثا عن الحرية والكرامة والعيش، اساس الفوضى والتشتت في ميزان الهوية ، في ظروف المزاحمة وغياب آليات الاندماج الوطني يصبح الوافدين أعداء تاريخيين للمستقرين السابقين لهم بعهود ، وكانت محافظة ميسان للمثال أكثر المدن الطاردة لأبنائها فيمموا عذاباتهم شطر بغداد، التي منحتهم الشقاء إضعاف.
بغداد الجميلة الشوكولاته الطرية البيضاء..بغداد المدرسة والجامعة و البيت الثقافي ..لم تستطع أن تنجب فكرا وطنيا يؤمن بوحدة الأدمية العراقية انما خضعت لسيطرة الفكر القومي الشوفيني العروبي المعشعش في صفوف العوائل المترسبة من بقايا الجركس والترك و اليهود الحاملين لاضغان الصراع الفارسي العثماني ، و مرئيات التعاقب على احتلال بغداد ، وإشاعة الخراب فيها طيلة أربعة قرون من الحروب والتنافس بينهما، الفكر القومي صرعة أوروبية لزراعة وكلاء أعمال جدد في الشرق الأوسط، فكانت الجماعات القومية في المنطقة والعراق محط اهتمام ودعم من الانجليز والحلفاء بفكرة الاستقلال القومي من السلطان العثماني ، فتاسس الشكل الاول للدولة على طابع عروبي وفكر قومي يمتاز بشوفينية ظاهرة. خاصة في النظر إلى عرب الجنوب معتبر ا أن كل شيعي فارسي ، وبذلك خسر العراق عرب الجنوب بقتلهم بقنابل الفقر والحرمان والتمييز والعزلة ، وتستمر القوانين الطبقية التي سنها الفكر القومي والبعثي العازلة لأهل الجنوب فاعلة إلى الان.
ليسكن الجنوبي في بغداد في مدن الصفيح و العشوائيات في الشيشان وسبع قصور والحميدية و النهروان وجسر ديالى وحي طارق والمعامل و الحسينية والشعلة و جكوك من دون أية خدمات و تذوي جذوات الشباب في ربع قطعة اي 36 مترا مربعا في مدينة الصدر الأكثر كثافة سكانية والأكثر حرمانا بين المدن العراقية.
النظام السياسي القائم الان على المشاركة العامة ومنح الاغلبية حق الحكومة كخيار دستوري يستند الى فقه ديمقراطي لم يتمكن من حل الازمة المذكورة بسبب من شكلانيته وسطحية رموزه، انما هو تكريس لخروج العراق من مشهد التاريخ ، على يدي نظام يعاني من هجنة تلفيقية غريبة ، كأكبر نظام هجين يجمع الثوري المهادن والديمقراطي المستبد و المتدين الكافر و الأكاديمي الأمي..و البعثي المجتث للبعث والاشتراكي المؤمن بالملكية الخاصة والإسلامي المتهاون مع المعاصي. في مشهد لا قبل لأحد به.
أنها محنة الإنسان في العراق.