شذرات من مذكراتي مع التاريخ- 2 - على جدار ثورتنا المغدورة رقم : 286


جريس الهامس
2020 / 8 / 2 - 20:41     

شذرات من مذكراتي مع التاريخ -2 -على جدار ثورتنا المغدورة رقم : 286
قبل جريمة ترسيبنا عمداً في الصف الثالث من كلية الحقوق عام 1955 لوضع صفر لنا في مادة - التجارة البرية - في الإمتحان الكتابي والشفهي أيضاً لم أكن أصدق أن أستاذاً متخرجاً من ( السوربون ) أرقى جامعات العالم كالدكتور (رزق الله أنطاكي ) يحمل حقد الإنتقام على تلاميذه بهذا الشكل في العالم كله...
... جاء موعدالإمتحان في حزيران وكنا ستة من بين الطلاب الذين دخلوا مكتب الوزير الأنطاكي إحتجاجاً على تصديره القمح السوري لفرانسا المستعمرة التي كانت يومها تقتل الشعب الجزائري الثائر طلباً لإستقلاله.الوطني وحريته... كنا ملزمين حضور إمتحان مادة ( التجارة البرية )خطياً وشفهيا في الصف الثالث من كلية الحقوق وكان الوزير الأنطاكي نفسه أستاذ هذه المادة ..وكان الطلاب الستة ضحايا إنتقامه ولؤمه وهم السادة :
محمود الجيوش -- سمير الأسعد -- توفيق آستور -- خالد الكردي -- عدنان عرابي - جريس الهامس . وبقية الطلاب كانوا من صفوف أخرى أ وكليات أخرى لم يتعرضوا لأي إعتداء أو أذى ..
كان علينابعد الإمتحان الخطي أن نجتاز إمتحانا شفهياً أمامه وكان الإمتحان الشفهي في مادته فقط ( التجارة البرية )
كانت القائمة بأسمائنا أمامه: كان يقف أحدنا أمامه يسأله فقط عن إسمه . ثم يقول له: مع السلامة . وكان لايرد على أي سؤال أو إحتجاج لماذا .؟؟؟؟؟؟...
جاء دوري دخلت مستعداً لأي سؤال. عندما قال لي مع السلامة .قلت له لماذا تفضل إسألني نحن في إمتحان يا أستاذ ..قال : أنت من صيدنايا ؟ قلت له نعم ..قال بتعرفوا أن طلاب فرانسا أشرف منكم مع السلامة ..ترددت في صفعه وإتجهت نحو الباب قائلاً: بتعرف يا أستاذ أن في العالم كله لايوجدأستاذ ينتقم من طلابه مثلك .. وخرجت ....وأذكر يومها أن المرحوم سمير الأسعد شتمه بعد إخراجه من مكتبه دون إمتحان ..أما الزميل محمود الجيوش فبصق عليه وخرج ..والآخرون لم يقصروا في مجابهته .
وضع لنا أصفاراً ورسّبنا عمداً.......وهكذا أضاع لنا هذا المربي- المتخرّج من ( السوربون ) في باريس عاصمة النور وحقوق الإنسان - رزق الله إنطاكي - وزير الزراعة وعضو حزب الشعب الحلبي -- أضاع لنا عاماً دراسياً ليؤكد نزعة الثأرالوحشية والإستبدادالشرقي في دمه وعقله لم يحرره العلم منها سواء كان مسلماً أو مسيحياً.....كما أضاع لنا الديكتاتور أديب الشيشكلي عاما دراسياّعام 1953في سجن تدمر - لكنه إعتذر منا قبل إطلاق سراحنا في مكتبه في الأركان العامة...وواصلنا النضال ضده حتى إسقاطه في 25شباط 1954 ..وإعادة بناء جمهوريتنا البرلمانية الديمقراطية السورية عبر صندوق الإقتراع الحر والنزيه والحريات العامة التي نطمح إليها اليوم ......
أنجدتني الذاكرة الكريمةبذكرى هذه الأحداث الأليمة التي مرّ بها جيلنا والتي تعتبر جنح بسيطة أمام مايتعرض له شعبنا اليوم.من حرب إبادة ودمار شامل لشعبنا ووطننا ....عندماسمعنا مطلع عام 2013 نبأ رفض حكومة ( بوتفليقة ) في الجزائر الشقيقة منح العائلات السورية المشردة من وطنها حق اللجوء في الجزائر ,وأعادتهم إلى بيروت - أو طردتهم إلى صحراء المغرب دون خجل .. والشعب السوري قدم الغالي والرخيص لدعم الثورة الجزائرية وإنتصارها ..- 2 / 8 -- لاهاي