العولمة المتوحشة وعصر الفقر العالمي


خليل اندراوس
2020 / 8 / 1 - 11:41     


بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، شهد الاقتصاد العالمي تحولات كثيرة أهمها تراكم وتركيز رأس المال العالمي واتساع نشاط الشركات متعددة الجنسيات والعابرة للقارات، وكذلك أدى سقوط الاتحاد السوفييتي إلى تداعي العديد من حركات التحرر القومي، وكل هذا نقلنا إلى مرحلة أحادية، هيمنة وسيطرة وتسيّد الولايات المتحدة في المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي العالمي، وجرى تهميش وإضعاف البنية الايديولوجية والفكرية للأحزاب الشيوعية والاشتراكية والليبرالية، وتعمق وتوسع دور اليمين الأيديولوجي لطبقة رأس المال وسيطرته على الحكم وخاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا، وهذه التطورات ادت إلى تحرر التجارة العالمية بكل جوانبها.

وفي العقود الأخيرة ونتيجة اندماج الاقتصادات المتقدمة مع الاقتصادات الأقل تقدمًا والفقيرة والاقل تطورًا ونموًا، وخفض الحواجز التجارية فيما بينها، وفرض تعرفة جمركية قليلة، وكبح الدعم الحكومي للسلع المصنعة محليًا، وزيادة الاستثمار الأجنبي الرأسمالي المتطور المباشر في الدول الفقيرة، بهدف الاستفادة من وفرة اليد العاملة الرخيصة في دول الجنوب، تعمل الدول الإمبريالية وخاصّة الولايات المتحدة على استخدام المؤسسات المالية الدولية والاتفاقات التجارية الإقليمية والبنك العالمي الدولي، واتفاقيات التجارة العالمية، وإرغام الدول الفقيرة على الاندماج في السوق العالمية الحرة، حرية رأس المال، عولمة السوق الحرة، من خلال خفضها للرسوم الجمركية وخصخصة الشركات المملوكة للدولة، وتحويلها إلى ملكية خاصة وتحقيق المعايير المرتبطة بظروف العمل والبيئة والصحة، وهذا أدى إلى تعظيم أرباح رأس المال العالمي – الإمبريالي – على حساب الطبقة العاملة وعلى حساب الدولة الفقيرة والشعوب المضطهَدة، وكل هذه الترتيبات تتم بين الدول في إطار "الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة GATT، والتي شكلت عام 1947 وتطورت لتصبح ما يعرف اليوم بـ: "منظمة التجارة العالمية – WTO" الوجه الآخر لعولمة السوق الحرة المتوحشة والتي تزيد من رأس مال الدول الامبريالية – دول الشمال – على حساب دول وشعوب الجنوب الفقيرة.



طبقة رأس المال العالمي بسبب التطور النوعي الضخم في التكنولوجيا والمعلومات والاتصال، والإعلام أدت إلى تحرر هذه الطبقة من قيود الانتشار والتوسع، وترافق مع هذه التغييرات هيمنة هذه الطبقة اقتصاديًا وسياسيًا، وعزّزت سيطرة وهيمنة نظام عالمي جديد أحادي القطب، وهذا النظام العالمي الامبريالي أحادي القطب أدى إلى تعميق وانتشار الفقر ليس فقط في البلدان الفقيرة بل أيضًا داخل الدول الرأسمالية نفسها.

كتب ماركس حول هذا الموضوع ما يلي:

"هكذا هو النظام الاقتصادي لكل مجتمعنا الحالي: فإن الطبقة العاملة وحدها هي التي تنتج جميع القيم لأن القيمة ليست سوى شكل آخر للعمل. ليست سوى التعبير الذي يعين به في مجتمعنا الحالي كمية العمل الضروري اجتماعيًا المتجسدة في بضاعة معينة، ولكن هذه القيم التي ينتجها العمال لا تخص العمال انما تخص مالكي المواد الأولية والآلات والأدوات والسلفيات المالية التي تتيح لهم شراء قوة عمل الطبقة العاملة. وهكذا لا يعود إلى الطبقة العاملة من مجمل المنتجات التي تبدعها سوى قسم فقط. ان القسم الثاني الذي تحتفظ به الطبقة الرأسمالية والذي يترتب عليها على الأكثر ان تتقاسمه ايضا مع طبقة الملاكين العقاريين، يزداد أكثر فأكثر، كما سبق ورأينا، لدى كل اكتشاف واختراع جديد في حين ان القسم العائد إلى الطبقة العاملة (محسوبا بالنسبة لكل فرد من افرادها) إما انه لا يزداد الا ببطء شديد وبصورة طفيفة لا يؤبه لها، وإما ان يجمد على حاله وإما أيضًا انه ينقص في بعض الاحوال".

وهذا ما يجري في عصرنا الحالي من تركيز لرأس المال على حساب العمال في حين القسم العائد للعمال إما أنه لا يزداد إلا ببطء وإما ان يجمد على حاله أو ينقص، هذا بالإضافة إلى أنّ أي أزمة اقتصادية في المجتمع الرأسمالي تؤدي إلى البطالة والفقر، لأن في المجتمع الرأسمالي الفظ والعفوي "عندما يوجد العامل من أجل عملية الانتاج وليس عملية الانتاج من أجل العامل، مصدرا موبوءا للهلاك والعبودية، يجب ان يتحول على العكس، في ظل الظروف المناسبة إلى مصدر للتطور الانساني" (ماركس رأس المال – المجلد الاول الجزء الاول ص 707). وهذا ممكن ان يحدث في مجتمع المستقبل عندما تصبح وسائل الانتاج ملك المجتمع وعندها سيتحول العمل إلى مصدر للتطور الانساني، ففي النهاية نضج الشروط المادية والتركيب الاجتماعي لعملية الانتاج، سيؤدي إلى نضج تناقضات وتناحرات شكلها الرأسمالي، وهذا سيؤدي بالتالي وفي الوقت نفسه إلى نضج العناصر لتكوين مجتمع جديد وعناصر قلب المجتمع القديم، أي المجتمع الرأسمالي.



ولكن ما نشاهده في المجتمع الرأسمالي الامبريالي في عصرنا الحالي، تُنظم قواعد السوق الحرة التي تمليها عولمة رأس المال طريقة عمل الفقراء من أجل ان يبقوا معتمدين على غيرهم، بينما يتلقى الأغنياء المساعدات والدعم من طبقة رأس المال من أجل أن يحافظوا على أرباحهم وعلى زيادة تراكم رأس المال بيد طبقة رأس المال. وهذا يؤدي أكثر فأكثر إلى زيادة نسبة الفقر وزيادة معاناة الناس الفقيرة يوميًا من عواقب قواعد الاقتصاد الرأسمالي العالمي التي تصوغها البلدان الغنية.

فما يجري من تطورات في عالمنا الامبريالي الحالي هو استعمار اقتصادي وسياسي وثقافي واعلامي من قبل العالم الامبريالي خاصة الولايات المتحدة، لدول العالم الفقيرة وهذا الأمر يُملى عليها املاء، وذلك بسبب ضعفها الاقتصادي وبسبب تبعيتها السياسية وبسبب تواطؤ وتآمر طبقة رأس المال الكومبرادوري (الوسيط) في الدول الفقيرة، وأكبر مثال على ذلك الدول العربية الرجعية.



ولقد سخرت الولايات المتحدة نادي الدول السبع الغنية لهذه الغاية وأخذت تفرض شروطها على دول العالم من خلالها، وحتى الصين تحاول الولايات المتحدة وضعها كرهينة للتجارة العالمية حسب الشروط الأمريكية، وهذه السياسة تمارس بكل وقاحة الآن من قبل إدارة المأفون اليميني ترامب. فالولايات المتحدة تمارس سياسة السوق الحرة بشكل يهدف إلى تحويل العالم كله نهبًا لها وبصورة قانونية وأيضًا بأساليب ارهابية وحشية مثل فرض الحصار الاقتصادي على الدول التي تعارض سياساتها السياسية والاقتصادية مثل فنزويلا وكوبا وإيران وسوريا والصين وروسيا، فالولايات المتحدة تريد أن تخلق نوعًا جديدًا من الاستعمار، وبدعم الصهيونية العالمية، وطبقة رأس المال الكومبرادوري (الوسيط) العربي في السعودية ودول الخليج العربي بل الأمريكي، في عصرنا.

الولايات المتحدة تُسخر كل شيء من أجل فتح العالم أمامها اقتصاديًا سواء كان ذلك عن طريق الارهاب أو الترغيب أو عن طريق ثقلها الاقتصادي والسياسي وتحكمها بالعملة العالمية الدولار. وكذلك سخرت صندوق النقد الدولي لفكرة وسياسات هيمنتها على العالم، وذلك عن طريق المساعدات والقروض التي تملي خلالها شروطها في الخصخصة وفرض سياساتها على هذه الدول، كما تحاول أن تفعل الآن في لبنان. وهي أيضًا تسخر هيمنتها على العملات العالمية عن طريق هيمنة الدولار بكونه غطاء عالميا للنقد، وحتى الآن لا يوجد منافس حقيقي للدولار يلغي سيطرته وتحكمه العالمي.

نتمنى أن تسعى الصين ودول أخرى لخلق بديل للدولار الأمريكي وكذلك تسعى الولايات المتحدة لا بل كل العالم الامبريالي إلى فرض سياسات خصخصة ملكيات الدول الفقيرة بهدف كسر الحواجز التي تقف في وجه الشركات الغربية التي تسعى إلى نهب ثروات الدول الفقيرة، عن طريق السيطرة ونهب المؤسسات العامة، والشركات الوطنية التي تعود إلى ملكية الدول الفقيرة، والتي ترعى الأمور الحيوية داخل هذه الدول، مثل البترول والمعادن والماء والكهرباء والملاحة والبحرية وغير ذلك من شركات تملكها الدول الفقيرة، وتقف على إدارتها ورعايتها من أجل المصلحة العامة لشعوب تلك الدول.



وأخذت هذه السياسات مسميات مختلفة منها إعادة الهيكلة الاقتصادية، أو وضع برامج اقتصادية لإنقاذ هذه الدولة أو تلك، ويتبنى صندوق النقد الدولي هذه السياسة، خاصة بحق الدول التي تقع في أزمات اقتصادية اجتماعية حادة منها الفقر والبطالة، والهدف لهذه البرامج هو استيفاء ديون هذه الدول للبنك الدولي، وليس دعم اقتصاد هذه الدول.

وفي النهاية، عملية الخصخصة أدت وتؤدي إلى زيادة العبء الاقتصادي على عامة الشعب وخاصة الطبقة العاملة والهدف من هذه البرامج ونقصد الخصخصة، أو سداد الديون أو إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني لهذه الدولة أو تلك، إنّما هو فرض سيطرة طبقة رأس المال العالمي والتي تتركز أكثر في أيدي أفراد أكثرهم ثراء – 26 شخصًا يسيطرون على الاقتصاد العالمي.

وهذه السياسات الارهابية الرسمية المتوحشة نخرت وضربت الاقتصاد الوطني لعشرات الدول حول العالم ومنها الدول العربية، فمثلًا في السعودية تتولى شركات خاصة مشاريع تحلية المياه وتوليد الكهرباء، وسكك الحديد وبعض الخطوط الجوية، وهذه السياسة لم تقف عند السعودية بل نخرت معظم الدول العربية مثل الكويت وقطر والإمارات والأردن والبحرين، وهكذا ستصبح هذه الدول في النهاية فقط نظام لخدمة الشركات الرأسمالية العالمية العابرة للقارات ونفس كيان الدول كدولة سيتحول إلى مؤسسة تخدم هذه الشركات طبقة رأس المال العالمي الامبريالي والصهيوني، وما يبقى من الدولة كدولة سوى رعاية الأمن الداخلي والخارجي وتنظيم الأمور اليومية العادية ومعالجة القضايا الطارئة داخل هذا المجتمع أو ذاك، وغير قادرة على معالجة قضية الفقر والبطالة.

ففي الفترة الأخيرة، حكم القضاء الجزائري على 15 من رجال أعمال ومسؤولين كبار من عهد بوتفليقة بينهم رئيس حكومة سابق ووزراء ومسؤولون سابقون بالسجن لفترات تتراوح بين عامين و20 عامًا بتهم فساد منها تبييض الأموال والارتشاء واستغلال النفوذ، وبعض هؤلاء يقبع في السجن في قضايا اخرى.



في عصرنا الحالي نعيش فترة الامبريالية العالمية المتوحشة والتي تقف على رأسها الولايات المتحدة، والتي تسعى وتعمل من أجل تفردها وسيطرتها على الاقتصاد العالمي والتحكم فيه، ومن هذا المنطلق تعمل الولايات المتحدة بكل الطرق الاقتصادية والسياسية والاعلامية والتحالفات ضد الصين وروسيا وضد إيران وسوريا وفنزويلا وكوبا والعديد من دول العالم.

ولكن طبقة رأس المال العالمي المتوحش لا تنظر بجدية وموضوعية إلى حقيقة بانه اذا حرمت اغلبية السكان في الدول النامية من الفرص لتصبح مكتفية ذاتيًا او لتنظيم إلى الاقتصاد العالمي من خلال مصلحة هذه الدول، فسوف تكون النتيجة سلبية بل تراجيدية في كل دول العالم حتى دول رأس المال العالمي وما يفعله الاتحاد الاوروبي الآن من تقديم مئات مليارات اليورو لدعم اقتصاد دولهم في حين يتوجه صندوق النقد الدولي بطلب فقط 10 مليار دولار لدعم اقتصاد الدول الفقيرة في أمريكا اللاتينية وافريقيا وآسيا انما هو عمل اجرامي متوحش قد يؤدي إلى زيادة الفقر عالميًا بنسبة كبيرة بل وقد يؤدي إلى موت الملايين جوعًا، وستكون النتائج كارثية بالنسبة لكامل الجنس البشري.

وعندها سيحاول الملايين من الدول الفقيرة الهجرة إلى دول رأس المال، وترك أعداد ضخمة من الناس في حالة فقر سوف يزيد من احتمال إصابتها بالأمراض التي ربما ستنتقل إلى جميع أنحاء العالم والتجربة التي تمر بها الانسانية مع وباء كورونا ستكون قضية بسيطة بالنسبة لمأساة وكارثة ما قد يحصل مستقبلًا.

ففي عالمنا المعاصر، العالم الامبريالي المتوحش، 20% من سكان العالم الاغنياء يستهلكون 86% من السلع والخدمات ووسائل الراحة، في حين أن الـ 20% الافقر من سكان العالم يستهلكون 1.3% من السلع والخدمات ووسائل الراحة، (عن مجلة نيوزويك 27/9/1989) والوضع العالمي الآن اسوأ بكثير والمساعدات الخارجية التي تقدمها الدول الرأسمالية لا تتعدى حاليًا 0.25% من إجمالي الناتج المحلي فيها، فالإنسان الفقير يعيش حياة الحرمان والمعاناة والمرض والاغتراب وكذلك حياة الفقير قصيرة، فمثلًا في دول كزيمبابوي او رواندا او مالاوي او زامبيا او سيراليون عمر الإنسان قد يكون اقل من 40 سنة.

والفقر يفرض على الإنسان قيودًا في الإدراك، ويفرض رؤية يائسة منكمشة، لما يمكن ان يكون عليه الفرد، خصوصا إذا استُغل الدين أي دين لتبرير ظاهرة الفقر وكأن هذه الظاهرة ارادة الهية.

فالتوكل الديني من قبل أولئك الذين يمسكون بزمام السلطة وخاصة في عالمنا العربي بهدف إبقاء الفقراء راضين بالأمر الواقع، خدمة لمصالح طبقة رأس المال الكومبرادوري في العالم العربي هو جريمة ضد الدين كل دين وضد الانسانية. والوضع الاقتصادي العالمي خاصة الآن في فترة وباء الكورونا سيدفع ملايين الناس لهاوية الفقر والبطالة والأمراض.



ومن الآثار الاقتصادية لعولمة رأس المال المتوحش في هذا العصر الامبريالي بالإضافة إلى اتساع تفاوت الثروة بين الدول الغنية والفقيرة، وبين السكان داخل دول رأس المال نفسها، هو هروب رؤوس الأموال الوطنية للخارج خاصة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا، وأكثر رؤوس الأموال التي تُهرب إلى الخارج هي اموال طبقة رأس المال الكومبرادوري العربي، هذا بالإضافة إلى الأموال القذرة التي تتولد من مصادر غير شرعية مثل تجارة المخدرات وغسيل الأموال والتهريب بأنواعه المختلفة، وهذه الظاهرة تزداد عندما تزيد الطبقة الحاكمة من تحكمها بالثروة إلى جانب السلطة. وهذا ما يحدث مع بعض أمراء آل سعود وبشكل عام هذا ما تقوم به طبقة رأس المال الوسيط في العالم العربي وعالميًا.

تركيز رأس المال العالمي بيد الدول الامبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة يؤدي إلى زيادة وتعميق الفقر، فعولمة رأس المال المتوحش عولمة السوق الحرة أدّت إلى عولمة الفقر، ففي عالمنا المعاصر هناك مجاعات وفقر مدقع وسوء تغذية على نطاق واسع والعديد من دول افريقيا وكذلك اليمن أكبر مثل على ذلك. حول العالم 20% من سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر، ومعدلات الفقر في ازدياد دائم وهذا دليل على فشل النظام الرأسمالي الذي يعولم الفقر ويزيد من حدته ومآسيه، ودليل على فشل المنظمات الدولية في خططها لمحاربة وكبح الفقر، وذلك لأن كبح الفقر لا يمكن أن ينجح إلا بالنضال والكفاح الثوري بقيادة الطبقة العاملة داخل دول رأس المال والدول الفقيرة – دول الجنوب – ضد طبقة رأس المال العالمي والكومبرادوري (الوسيط) في الدول الفقيرة خاصة الدول العربية.

التحذيرات الأممية من تضاعف أعداد الجياع عالميا بسبب وباء الكورونا تهدد بوقوع كوارث انسانية، فالتحذيرات الأممية تثير المخاوف من تضاعف عدد الجوعى في العالم نتيجة انتشار جائحة كورونا، والتغييرات المناخية والنزاعات والحروب الأهلية. وكان التقرير العالمي حول الازمات الغذائية للعام 2020 والذي اصدرته الامم المتحدة قد حذر من أن وباء كوفيد – 19 يمكن ان يؤدي بسبب انعكاساته الاقتصادية المدمرة إلى تضاعف عدد المهددين بالمجاعة ليبلغ أكثر من 250 مليونا في 55 بلدًا نهاية 2020 ما يهدد بحدوث كارثة انسانية ذات بُعد عالمي.

جائحة كورونا نقطة التقاء عولمة السوق الحرة المتوحشة مع الفقر وبين الدول المهددة بالجوع على المدى المنظور، جنوب السودان (61% من السكان)، اليمن (53% من السكان)، افغانستان (37% من السكان)، اضافة إلى هاييتي وفنزويلا واثيوبيا والكونغو والسودان، فالإنسانية بالإضافة إلى مواجهة جائحة كورونا، تواجه كارثة مجاعة عالمية. الفقراء خسروا رهان عولمة السوق الحرة منذ البداية لأن عولمة السوق الحرة تقيد حرية قوة العمل بدلًا من إطلاقها.

وللأسف الغالبية الساحقة بل كل حكومات الدول تطيع عولمة السوق الحرة المتوحشة بدلا من الوقوف ضد قوانينها وتبعاتها اللا إنسانية، فالمطلوب التحكم بالاقتصاد والسوق عالميا وعلى مستوى الدول بحيث يكونان في خدمة المجتمع وليس المجتمع في خدمتهما، وخدمة طبقة رأس المال العالمي.



كل هذه التطورات تؤكد على فشل النظام الرأسمالي العالمي وعلى حتمية وموضوعية فشله التاريخي مستقبلًا.