قصيدة : ساقية تسير من حلب الى الكرمل


احمد صالح سلوم
2020 / 7 / 29 - 00:40     

هنا على ساقية في سهل الشمال
يسكن جدي أبو صبري في ذكريات الطيرة
فيخبرني عن سحر تلك البلدة
جنوب حيفا
يتحسس مفتاح قلبه
فيرنو اليها..
ما الساقية
ما الجنة الصغيرة
التي اراها امامي
الا ظلال الطيرة عند جدي
فبركسات المخيم التي في سهل النيرب
كانت سياجا لجنود فرنسا المحتلين
واليوم انام مع اهلي
تحت سقف قصديرها
نتكوم في الشتاء على شوك البرد
و ترن دقات المطر في طناجر واوعية
تذكرنا ان جهات الاحتلال سواسية ..
ثقوب في الذاكرة
وندوب في إيقاع الأيام
...........................
ههنا قرب ساقية المخيم
يبحث جدي عن نفسه بنفسه
ويكدس الانتباه
تجاه فرنه في الطيرة
وامتداد البحر المنتصب ابدا
على دفتر الكرمل..
شيء ما يضيئ خيمة جدي
فينتقي المشهد الحريري الذي نراه
قبل شجيرات التوت
وبعد سهوب الورد الجوري
فيلتفت صوب خيط شقي في الغياب
....................................
ينسل الزمان
رقراقا
حاملا خلاء أشجار الخروب
ووحشة كروم عنب طيرة الكرمل
فيقول لي: هناك كل شيء اجمل..
نايات جدي احمد أبو عيسى
تحث الخطى
فيشب في طرقها
اثر الخطى في وادي أبو الجاع
وكأن نوافذ ابصاره
لم تغلق على الطيرة
منذ عقود ثلاث
......................................
امي عليا أبو عيسى
تحمل طفولتها في الكرمل
وصباها في دوما
تقول لي : شو جاب لجاب
فدوما مرايا الجنة وغوطتها
وفلسطين شظايا لصورة سورية الكبرى
التي لا تنكسر
الغوطة مس اصابني
فشغل مني كل زمان ومكان..
كأن امي تتدبر تاريخها وعاداتها
مسرعة نحو اكتمال الصورة
امي عليا تتحرر من الذكريات
وتعد زيتوناتها صباحا
و تعلق كرات لبناتها
بملح دورتها الدموية
فتسرع الى تاريخ لا يعض الغرباء
....................................
يرم سيدي احمد أبو عيسى
حفنة قضامة مطحونة
وتصل من البعيد رائحة ما
خزنت نفسها في عباءة اللجوء
فكما تولد الأسماء الأولى على المنفيين
تطير روائح في جرار سيدي أبو صبري العتيقة
كالحمام
فهناك ملكوت الأبدية
وفي ظهيرة الكرمل الفة
فمن يخطف عزف قيثارة
او ربابات الجاذبية البكر
في حرارة تلافيف دماغ سيدي..
..........................
نحن رغبة تشم عنب الكرمل
ولا ترى صبوة ابعد منه
على ركبتيها تسجد رغبة
لتبلغنا دمعة عن حيفا
وتروي لنا سيرة العابرين
الى وجع الشتات
........................................
امي تخطفها خزائن التطريز
ومنمناته الاسرة
لمستها الفنية اقوى من تشابه الأيام
واختلاف اشغالها اليدوية
فلا تومئ الا لهرمونيا اليمامات
التي تدل على سمرها
وشغفها بالوان عجيبة تملأ فراغ المكان
فهي تجيء مع هندسة الحياة
وفنونها السورية العائدة
الى تلك الفضاءات الصغيرة
التي تندس في كل ركن منا
......................................
جدي رتب ايقوناته
التي تقطر من شجر الخروب البحري
ومن سنونو لازورد بحر حيفا
يندف لغة
ويدون نداء في الفيافي
ويؤثث لطفل يولد
ويمتد من السهل الحلبي
الى سفوح طيرة الكرمل
و فناء الدار

.................................
بقلم الشاعر الشيوعي احمد صالح سلوم
..............................................
غيمان - لييج
من اصدارات مؤسسة "بيت الثقافة البلجيكي العربي" - غيمان - لييج - بلجيكا
La Maison de la Culture Belgo Arabe-Flémalle- Liège- Belgique
مؤسسة بلجيكية .. علمانية ..مستقلة
مواقع المؤسسة على اليوتوب:
https://www.youtube.com/channel/UCXKwEXrjOXf8vazfgfYobqA
https://www.youtube.com/channel/UCxEjaQPr2nZNbt2ZrE7cRBg
شعارنا "البديل نحو عالم اشتراكي"
– بلجيكا..تموز جويليه - 2020
.........................................