العراق بين الدولة ولا دولة


محمد جواد فارس
2020 / 7 / 25 - 09:42     

تستمد الدولة شكلها من مواطنيها وهي صورة طبق الأصل لمن فيها ومرأت تعكس شكل سكانها . كذلك يجب ان لا نتوقع أيجاد أفضل دول حتى يكون لدينا مواطنون أفضل .

ول ديورانت ( عن قصة الفلسفة )



الدولة كيان سياسي واقتصادي واجتماعي ، والدولة الوطنية تسترد الاصالة عبر مفهوم عقيدة الوطنية مستمدة لمفهوم خدمة المواطن بتوفير الامن والحياة الحرة الكريمة ، التي تتوق الى التوفيق بين التقنية والاصالة و الايدلوجية والتاريخ ، وبشكل اخر فأن الدولة الوطنية ترفع وعي المجتمع داخل الوطن الى مستوى كيانه ، وبهذا تبقى الدولة الوطنية هي شكل من التنظيم السياسي الذي يترجم بفعله وتكوينه ، انه الأفضل والأكثر تطورا من غيره .

ونحن اليوم بصدد تفكيك ما جرى ويجري الان في بلدنا العراق ، فبعد الاحتلال و ما جرى قبله من حصار لشعبه دام أكثر من عقد من الزمن حرم الشعب من الغذاء والدواء والتكنولوجيا لإدامة تطور مصانعه وزراعته والتعليم والصحة ، وكانت هناك خطط ترسم للدولة العراقية في مطابخ الامبريالية والصهيونية و ما سمي بالمعارضة العراقية ، والتي ساقت الأكاذيب على حكومات الغرب بحجة وجود أسلحة دمار شامل لدى النظام ، وفي عام 2003 وكانت الخطة قد وضعت و طبخت من اجل ضرب مقومات الدولة العراقية وفق ما سمي آنذاك بالفوضى الخلاقة (كوندليزا رايس )، ضربت مرا ت المنشأة الحيوية مثل الكهرباء والماء وبعد ان احتلت عاصمة الرشيد جري حل الجيش العراقي والذي أسس ما بعد الثورة العراقية عام 1920 ( ثورة العشرين ) ، وانتهت الأجهزة الأمنية وسادت الفوضى في البلاد وتم النهب لأجهزة الدولة بدفع من قوات الاحتلال وبتشجيع منها ، وتمت سرقة التراث التاريخي لحضارة وادي الرافدين منذ 7000 سنة حضارة سومر واكد و اشور وبابل ، هذه الحضارة التي علمت البشرية القانون واللغة والكتابة ، وجاءوا بنظام جديد وهو تشكيل مجلس الحكم من مجموعة من الذين جاءوا معهم بعد الاحتلال على امل ان يأتوا بنظام ديمقراطي منتخب من قبل الشعب لاختيار ممثليه ، وبدأت فعلا الانتخابات للبرلمان حيث بدء شراء الناخب لقاء مبلغ من المال او حفلة عشاء او ما سمي بالهدية كمكواة او مدفئة او موبابل الخ من الرشاوى لكسب صوت الناخب ووضعت برامج للناخبين بوعد الناخب بالمدارس والمستشفيات و دور السكن وقطع أراضي وغيرها وأثبتت التجارب انهم لم يفوا بوعودهم التي قطعوها للناخبين ، سوى الحصول على المزيد من المكاسب الشخصية والحزبية ، وتعاقبت حكومات على دفة الحكم بعد مجلس الحكم الذي شكله الحاكم المدني بول بريمر ، وجاءت بعده حكومة اياد علاوي وإبراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي و عادل عبد المهدي وأخيرا مصطفى الكاظمي ، كل هذه الحكومات لم تأتي ببرنامج ينتشل العراق من ازماته التي هي كانت مسببة لها وزادت من تعقيدها ، وذلك بتكريس المحاصصة الطائفية بين الأحزاب الدينية ونهب ثروة البلد بحجة ابرام العقود مع شركات وهمية لحل مشاكل الدولة المهمة ومنها ازمة الكهرباء والتي صرفت عليها مليارات الدولارات من موازنة الدولة ولم تحل والان تفكر حكومة الكاظمي ومجلس النواب بالتحقيق مع وزراء الكهرباء السابقين للتحقيق ب الأموال التي هدرت ولم توجد الحلول الناجعة لهذه المشكلة التي أصبحت مزمنة والشعب يكتوي بحرارة الصيف العراقي الشديد الحرارة ، ومشكلة مياه الشرب الصالح للاستخدام البشري والعراق صاحب النهرين دجلة والفرات وعدم الاهتمام بتخزين المياه وإقامة السدود والبحيرات للاستفادة من المياه أيام الجفاف ، اما مشكلة التعليم فقد هدمت الكثير من المدارس على امل انشاء مدارس حضارية ولكن لم نشاهد انهم انجزوا بناء مدرسة او معهد في بغداد او المحافظات بل نجد انهم هدموا المدارس القديمة دون اشادتها وتركوها ، ان التلاميذ اليوم يجلسوا على الأرض لعدم وجود رحلات وكراسي وتزوير الشهادات حدث بدون حرج في التعليم العالي لذلك اصبح التعليم دون المستوى الذي كان فيه ، اما المستشفيات والمراكز الطبية ف الإهمال من نصيبها وهذا يعني هو عدم الاهتمام بصحة المواطن في المجتمع ، فالأدوية غير متوفرة في المستشفيات و الكوادر الطبية قليلة بسبب عدم التعين وهذا يدلل عدم التخطيط في مجالات التعين حسب الحاجة ، اما الأموال فالعراق معتمد على النفط في الموازنة وهذا يعني أن يسير وفق منهج الاقتصاد ريعي ، وتم بيع وتفكيك المعامل والمصانع التي كانت منتجة وتسد الحاجة ومنها يتم التصدير الى دول الجوار سابقا ، اما اليوم فالعكس يعتمد البلد على ايران بتزويده بالكهرباء والأدوية والخضروات والفواكه وعدم تشجيع المنتج الوطني وارضنا ارض السواد تزرع الكثير من المنتجات الزراعية ، ورب سأل يسأل لماذا هذا الإصرار على الاستيراد من ايران ، هكذا تريد المليشيات المسيطرة على المنافذ الحدودية الكي نشتري البضائع بالعملة الصعبة ولهم الكسب المالي من خلال الاتفاق مع المتعاقدين والمستوردين للبضاعة ولم يكن ما يدخل الى الدولة الا ما يقل عن عشرون بالمائة ، إضافة لسيطرتهم أي الأحزاب على المنافذ الأخرى ومنها ميناء البصرة ومنافذ الحدود المتعددة بما فيها ما يوجد في شمال الوطن وهو يقع بيد دولة الإقليم مع تصديرهم للنفط دون الاتفاق مع الحكومة المركزية ، ويطالبون الحكومة بموازنة مالية للرواتب الموظفين و البيش مركة وغيرها .

والان نجد ان السيد الكاظمي يطرح برنامجه امام مجلس النواب متضمنا خطوات من اجل العودة الى الدولة والقضاء على الفساد والمفسدين واليوم عراقنا يعيش في ظل الازمة العالمية في جائحة كرونا ، والتركة الثقيلة لوزارة الصحة وعدم اهليتها بالتصدي للفايروس ف مستشفيات العراق غير مجهزة وبشكل عال على الاوكسجين والاسرة التي تسع لعدد من الحالات المصابة وأجهزة التشخيص وكذللك العلاجات اللازمة . ان المطاليب العادلة لثوار أكتوبر في ساحات التحرير في بغداد ومدن العراق والتي تجسدت في شعارين اريد وطن والوطن هنا يعني الدولة بكل مقوماتها ، والشعار الثاني نازل اخذ حقي ، هذه المطاليب التي قدم الثوار أكثر من 700 شهيد وخمسة و عشرون جريح ومعاق على يد أجهزة عادل عبد المهدي القمعية وبتوجيه منه القائد العام للقوات المسلحة .لكي نذكر الكاظمي اذا كان جاد عليه القيام بالخطوات التالية :

+ تقديم قتلة المتظاهرين والجرحى واعتبار هم شهداء وكذلك الجرحى والمعاقين

. + سيطرة الدولة على منافذ الحدود البرية والبحرية والجوية وقطع الطريق امام مليشيات الأحزاب المهيمن عليها

+نزع سلاح المليشيات والعشائر وان يكون السلاح بيد الدولة الجيش و اجهزته الأمنية وتطبيق القوانين ضد المخالفين .

+محاسبة الفاسدين والمفسدين وسارقي مال الشعب وتقديمهم الى القضاء منذ عام 2003 وعودة الأموال المنهوبة الى خزينة الدولة ، وبذلك لا نحتاج الى الاقتراض من البنك الدولي او صندوق النقد الدولي .

+اعلان الموعد لإجراء انتخابات نيابية والبدء بتشكيل مفوضية مستقلة بعيدة عن المحاصصة الطائفية .

+البدء بإنهاء الاحتلالات و التدخلات من قبل الامريكان ودول حلف شمال الأطلسي وايران وتركيا ، وبهذا تكون الدولة العراقية مستقلة وذات سيادة ويتمتع شعبها بحرية وباختيار النظام الذي يريده في إقامة مجتمع الكفاية والعدل والامن .



طبيب وكاتب